عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-02-2009, 11:22 PM   #2
WALEED HAMZA
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2009
الإقامة: من هنا نبدأ وفي الأقصى نلتقي
المشاركات: 61
إفتراضي

علاقته بأنصار السنة

لعل مشكلة الجيش الإسلامي تكمن في التضارب الحاصل بين ما يعلن عنه وما يلتزم به ، أو بلغة الجماعات الجهادية بين القول والعمل. والحقيقة أن مشكلة أنصار السنة مع الجيش لم تعد طي الكتمان منذ الإعلان عن تشكيل جبهة الجهاد والإصلاح خاصة فيما يتعلق بمحاولات الوحدة بينهما أو بينه والجماعات الجهادية الأخرى ، وهو سعي طبيعي ومحمود بين جماعات من المفترض أن فلسفتها تتقارب من بعضها. غير أن المشكلة واقعة كلما بدأت مفاوضات بين الجماعتين على التوحد. ومن المعروف أن أنصار السنة جماعة سلفية جهادية في الصميم ، فإذا كان الجيش بوارد التوحد معها فعلاً فمن المؤكد أن تحظى مسألة تحديد المفاهيم والتصورات والسياسة الشرعية بنصيب الأسد من الاهتمام باعتبارها الفيصل في تحقيق أي تقدم ، إلا أن المشروع فشل بالرغم من الاتفاق بصعوبة على الجانب الإداري ذاك المتعلق بوضع هيكلية إدارية للعمل أثناء تطبيق المنهج الشرعي. إذ ثبت أن الجماعات الجهادية ظلت مختلفة على مسائل عدة مثل: (1) الدخول في العملية السياسية إذا اقتضى الأمر أو (2) في سلك الجيش والشرطة بحجة توفير الحماية لأهل السنة في مناطقهم أو (3) تعيين بعض الأفراد من أجل حماية أنابيب النفط والطاقة الكهربائية لتمويل العمل الجهادي أو حتى (4) بعض السياسات التي تخص الخارجية والإعلام ، وهي مسائل من شأنها أن تنسف أي اتفاق مع أية جماعة سلفية بما أنها تتناقض مع السياسة الشرعية ، فماذا يبقى من السياسة الشرعية إذا ما أقدم الجيش ، مثلاً ، على حماية أنابيب النفط وخطوط الكهرباء [وهو الأمر الذي اتهم به الجيش واضطر الدكتور إبراهيم الشمري إلى نفيه في لقائه مع "الجزيرة" عبر برنامج "بلا حدود"]؟ أو إذا استعمل مصطلح المقاومة إعلامياً كبديل عن مصطلح الجهاد وهو ما تضمنه بيان المجلس الجديد كتابياً هذه المرة؟ أو إذا أفتى سياسياً أو شرعياً بالاستفتاء على الدستور بـ (لا) أو (كلا) فإذا بالناس يقولون (نعم)؟ وما الذي سيحول حينها بين قيادة الجيش والدخول في العملية السياسية بحيث يكونوا أشبه بجبهة التوافق فيشاركون ، سراً أو علانية ، في لجان الانتخابات والاستفتاء ويرشحون هذا ويزكون ذاك؟ فهل من المنطقي أن تتم الدعوة إلى وحدة بين متناقضين؟ وهل يمكن الحديث بعدْ عن ثقة بين الجانبين حتى يمكن القول باستمرار الأمل في توحد الجماعتين؟
في الحقيقة تصعب الإجابة على المراقب وهو يبحث عن تفسير لسياسة الجيش تجاه أنصار السنة على الأقل ، لكن بحسب الأحداث اللاحقة وما تمخض عنها من مصادمات مع دولة العراق الإسلامية وتحالفات غير مفهومة وتصريحات متناقضة بدا أن الجيش أقرب إلى الرغبة في اختراق جدار السلفية الجهادية من رغبته في التوحد معها أو مع إحدى مكوناتها عبر جماعة عريقة ومحلية المنشأ كي تكون نداً للقاعدة ومن بعدها دولة العراق الإسلامية ، إذ لو نجح في مسعاه لأمكن مواجهة القاعدة بيسر بما أنه سيكون محصناً بمشروعية اجتماعية من جانب وبمشروعية عقدية من جانب آخر ، وبهذه الطريقة سيكسر ما يراه احتكاراً لهيمنة الدولة على التيار السلفي الجهادي وتقاسم الشرعية معه ، أما أنه وقد فشل حتى الآن فلأنه تعجل الأمر ، ولأن سعيه بدا مستحيلاً على جماعة تقف في أطروحاتها على النقيض من أطروحاته ناهيك عن عدم الثقة بخلفية مؤسسيه كبعثيين علمانيين إن صحت اكتشافات الزميل ميسر الشمري.
ومع ذلك فلم تعدم قيادة الجيش الحيلة. وهذه المرة كان الطعم قد ألقي إليها عبر سجن بوكا. فبالنسبة لوزير الدفاع الأمريكي الجديد روبرت غيتس ، فمن غير الممكن تخفيض درجة العنف تمهيداً لاحتوائه والقضاء عليه ما لم يتم استرضاء أهل السنة ، أما الوسيلة الأنجع في إغرائهم ، ولكن بإشراف أمريكي ، فهي التحول من إطلاق يد الشيعة إلى إطلاق يد السنة وإدخالهم في العملية السياسية وكذا الإفراج عمن يرتضون الإفراج عنه كي ينقل رسائلهم ويهدئ من غضب أهل السنة. وغني عن القول أن القوات الأمريكية تعتقل عدداً من قادة المجاهدين بينهم أمراء ، لكن الاختيار الأمريكي وقع على شخصيتين من أنصار السنة هما أبو وائل وأبو سجاد اللذان يبدو أن التفاوض معهما على البرنامج السياسي الأمريكي قد أثمر بما يكفي لإطلاق سراحهما.
بالتأكيد فإن أبا عبد الله الشافعي أمير الأنصار اطلع على فحوى الرسائل التي نقلها الاثنان إليه ، وبعد مرور قرابة أربعة أشهر على واقعة الإفراج عنهما ، لا يهم أكثر قليلاً أو أقل ، فمن المؤكد أيضاً أن الشافعي رفض أطروحاتهما وإلا كنا سنلاحظ تغيراً في موقف أنصار السنة فضلاً عن حرب البيانات التي اندلعت بين جبهة الإصلاح والأنصار فيما بعد.
في خضم الاتصالات والتوتر الذي ساد الساحة الجهادية في العراق تناقلت وسائل الإعلام نبأ اشتراك أبو سجاد وأبو وائل في لقاء جمع بعض من أفراد الجماعات الجهادية وبعض الشخصيات من المقاومة ومن أطياف أخرى بعضها موضع ثقة المجاهدين وبعضها متأرجح في مواقفه ، ومن المسلمات أن يجري في اللقاء بحث الأوضاع الراهنة والدعوة إلى تجميع الطاقات الموجودة في الساحة بغض النظر عن توجهاتها وأيديولوجياتها وقضايا متنوعة لا شك أن العملية السياسية من بينها. لكن ما ظهر ، فيما بعد ، وكان لافتاً للانتباه أن الشخصيتين المذكورتين أعلاه قد تحدثتا باسم أنصار السنة ووافقتا على ما تم تداوله ، فما كان من قيادة الأنصار إلا أن أعلنت في بيان مستقل عن رفضها لما تم التوصل إليه مشيرة إلى أن الشخصيتن المذكورتين تحدثتا باسمهما وليس باسم الجماعة. وبدا الخلاف عميقاً بينهما إلى حد أن أعلنت الشخصيتان استقالتهما من الجماعة.
لكن المسألة لم تكن استقالة بقدر ما كانت نوع من إحداث انشقاق مصطنع باسم "الهيئة الشرعية - أنصار السنة"! ولو إعلامياً ، ذلك أن الجماعة ردت ببيان ينفي وجود هذه التسمية في بنيتها التنظيمية مؤكدة أن المقصود شخصيتين وليس الهيئة فضلاً عن أن مؤسسات الجماعة لا تحمل تسميات من هذا النوع وأن الهيئة واقعة ضمن ما تسميه بـ "ديوان القضاء والشرع" الذي ما زال يعمل بتشكيلته المعروفة. لكن إصرار أبو سجاد وأبو وائل على التوحد مع الجيش الإسلامي في جبهة واحدة أو الدخول في جبهة مشتركة مع القوى السنية كافة جعلهما يمضيان قدماً فيما ينويان فعله ، وفعلاً فقد أسفرت اتصالاتهما عن تكوين جبهة الجهاد والإصلاح ليدخلا هذه المرة باسم "كتائب الهيئة الشرعية - أنصار السنة" ، فاضطرت الجماعة إلى إصدار بيان جديد حددت فيه موقفها وحقيقة الأمر منتظرة تصحيح الخطأ إلا أنها لم تتلق جواباً حتى الآن!
السؤال: ألم تكن قيادة الجيش الإسلامي تعلم بحقيقة الأمر؟ وأن المسألة ليست على هذا النحو فعلاً ؟ وأنه أخلاقياً لا يجوز التعدي على الهيكلية التنظيمية لجماعة جهادية وتشويهها بزعم الانشقاقات في بنيتها ؟ وأن الإصرار على الخطأ من شأنه خلق عداوات لا مبرر لها ؟ ثم ما هو المقصود بإنشاء جبهة تدشن انطلاقتها باستعداء جماعة جهادية كل ما ارتكبته من ذنب بحق الجيش الإسلامي أنها اختلفت مع قيادته على شروط التوحد وأهدافه ولم تقبل بأطروحاته السياسية والشرعية ؟ وهل كانت قيادة الجيش سترضى عن الأنصار لو استجاب الشافعي لعروض أبو وائل وأبو سجاد بالانضمام إلى الجبهة بهدف الوقوف ، فرضاً ، بوجه القاعدة في العراق ؟ ولما تكون القوات الأمريكية تعتقل قادة للمجاهدين ثم تفرج عنهم ، ألم يكن أولى بالجيش أن يتساءل: لماذا ؟ وبأي حق يتجول هذان الشخصان في أنحاء العراق دون أن يتعرضا لمخاطر؟ خاصة وأن السكان المدنيين يصعب عليهم التجول زمن الحرب دون بطاقة هوية أو تصريح رسمي يجنبهما الاعتقال والأذى ؟ ثم لماذا تفرج القوات الأمريكية عن قادة من المفترض أنهم خصوم فيما هي ترتكب الجرائم ضد الأبرياء من الأطفال والنساء وحتى الشيوخ المسنين داخل السجون وغيرها ؟ أسئلة كثيرة لم تجب عليها قيادة الجيش ، وبيانات غاضبة من أنصار السنة لم تجب عليها جبهة الجهاد والإصلاح ، وأسئلة أخرى لأبي سجاد وأبي وائل عن الخروج من الجماعة بمسمى هيكلي غير موجود أصلاً والإصرار عليه. لكن متى ستكون هناك إجابات ؟ لا أحد يدري. ولماذا هذا التجاهل للأنصار ؟ حتى الآن لا جواب. ثم يقولون لك أنت تسأل كثيراً! وهل هناك من إجابة فيها قدر من الحقيقة بحيث تلجم السائل وتوقف السؤال عند حده؟

WALEED HAMZA غير متصل   الرد مع إقتباس