عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-02-2009, 11:34 PM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

والإجابة عن هذا السؤال هي في تحكيم إرادة شعبنا في سلوك المنظمة ووضعها وتوجهاتها،كما سأبين لاحقا،طبعا لا يفوتني أن أبا مازن قد اشترط على من يريد الدخول في المنظمة أن يلتزم ببرنامجها(الحالي طبعا) وبالتزاماتها واتفاقاتها،بل قصر الأمر على حركتي حماس والجهاد الإسلامي،ولم يأت على ذكر المبادرة الوطنية ولا لجان المقاومة الشعبية والمستقلين الوطنيين والإسلاميين وغيرهم،على كل هذا أمر سيكون محل نقاش وأخذ ورد،ولكنه يقودنا إلى تساؤل آخر وهو أن المنظمة تحظى باعتراف دولي وتمثيل في مختلف المحافل الرسمية الدولية والعربية،وهذا تحقق بناء على التزام المنظمة «بنهج السلام» فلو أعادت المنظمة إلى ميثاقها البنود التي ألغيت أو عدلت وانتهجت نهجا مختلفا أو حتى شبه مختلف عن نهجها طوال السنوات الماضية،فإنها ستدمغ بـ«الإرهاب» وستسحب العديد من القوى الدولية اعترافها بالمنظمة ،وهذا سيسهم بضرر كبير للإنجازات التي تحققت و.....!

والرد على هذا التساؤل بأن رمز المنظمة وزعيمها ياسر عرفات رغم حصوله على جائزة نوبل ودخوله إلى البيت الأبيض مرات عديدة ،قد اتهم بدعم «الإرهاب» وحوصر وعزل وحيكت ضده المؤامرات ،إلى أن تم تسميمه ،كما تؤكد شواهد قوية،فمتهمون نحن بالإرهاب،حسب تعبير الشاعر الكبير الراحل نزار قباني،وهي تهمة يتم التلويح بها وندمغ بها كلما رفضنا الرضوخ لجميع الاشتراطات بلا نقاش،فليس مقبولا منا أقل من الخروج من وطننا ،لننضم إلى الملايين الذين شردوا قبلنا وتقديم اعتذار للمحتل على أننا أقمنا فيها قرونا طويلة،بل ربما يطلبون منا تفسيرا جديدا لآيات سورة الإسراء ،نظرا لأنه يستحيل تحريف القرآن الكريم،وهنا أنا لا أبالغ أو أثير العواطف بل أطرح حقائق يدركها من يفاوض ومن يؤمن بالتفاوض أكثر ممن هو ضده،فقد يصبح «الشريك» « لا » شريك بين عشية وضحاها!

ثم هل التزم الاحتلال بما وقعه من اتفاقات مع المنظمة؟طبعا لا ،علما بأن كل الاتفاقيات والتفاهمات مجحفة بحقنا في عمومياتها وتفصيلاتها الدقيقة،فلماذا نتقاتل ونختلف لنلزم بعضنا بما لا يلتزم به المحتل؟والواجب هنا أن تعاد القضية للنقطة الأولى،لا سيما بعد الحرب الأخيرة على غزة،وأن يكون الخطاب موحدا،وأن تكون المنظمة بعد إعادة بنائها معبرة عن اسمها فهي منظمة التحرير الفلسطينية،وليست منظمة إدارة وضع الاحتلال من خلال السلطة،مثلما يريد الاحتلال ومن خلفه أمريكا وأوروبا وغيرهما.

فالخطاب الصادر عن المنظمة الموجه للأمة العربية والإسلامية على المستوى الرسمي والشعبي،وأيضا لكل شعوب وحكومات العالم ،يجب أن يركز على لب القضية وجوهرها وهذا يعني بمنتهى التبسيط والاختصار بأن هناك أرضا اسمها فلسطين وهي مقدسة للمسلمين والمسيحيين كان يقطنها شعب أصيل عريق هو الشعب الفلسطيني،قامت العصابات الصهيونية مدعومة من القوى الاستعمارية بقتل وتشريد أبنائه وأقامت على أنقاضه دولتها وكيانها الاستيطاني العنصري،وأن من حق شعب فلسطين أن يسعى بكل الوسائل وعلى رأسها المقاومة بكل أشكالها بما فيها الكفاح المسلح لاستعادة حقوقه...وأنا على ثقة بأن منظمة تنضوي تحتها مختلف الفصائل تتبنى هذا الخطاب تستطيع انتزاع ولو الحد الأدنى من الحقوق،وقد علمنا وتيقنا بأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى،وهناك وثائق وتفاهمات بين مختلف الفصائل على أرضيات ونقاط التقاء؛كوثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكة وما يمكن أن يتم التلاقي عليه لاحقا،وعلى قيادة المنظمة الحالية أن تعيد النظر في نهجها السابق ولو من باب حسابات الربح والخسارة،ولو حتى ردّا على اتجاه المجتمع الصهيوني نحو التطرف ،وما يقوم به الاحتلال على الأرض من إجراءات تستهدف القدس وتبتلع معظم أراضي الضفة الغربية وتمزقها بالحواجز والكتل الاستيطانية،وطبعا العدوان والحصار على قطاع غزة الصامد.

لوم حماس على ما طلب منها مرارا!

لطالما قيل بأن حركة حماس منغلقة،ولا تبدي انفتاحا على الآخر،ولا تتقبل من يخالفها أيديولوجيا ،ولطالما خاطب العديد من أهل الفكر والرأي ومن حمل راية النصح لحماس بأن هناك أناس كثر ممن يحبون حماس ويعجبون بمقاومتها ويحترمونها ويجلّون قادتها وعناصرها ؛ولكن لأسباب شخصية أو نفسية أو فكرية لا يمكن أن ينضموا لصفوفها وإطارها التنظيمي ،لأن نمط حياتهم مختلف،بل لأن بعضهم من المسيحيين ،والبعض من القوميين أو اليساريين،بل حتى إسلاميين لا يقتنعون عموما بطرح حركة الإخوان المسلمين،وعليه فإنه مطلوب من حركة حماس أن توسع قاعدة تعاطيها مع هؤلاء ،وهم كثيرون، في إطار النقاط المشتركة،وأن تثبت أنها حركة وطنية وليست أممية،وقد لاموا حماس لأنها لم تنخرط في القيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الأولى،والتي كانت تضم أربعة فصائل(فتح والشعبية والديموقراطية وحزب الشعب) ولم يكن الجهاد الإسلامي أيضا منضويا تحت لواء القيادة الموحدة،وهذا أمر يطول النقاش حوله ويتشعب،ولكن عندما استجابت حماس ومعها الجهاد للناصحين والمنتقدين وغيرهم وأبدت رغبة جدية في الانضواء تحت لواء منظمة التحرير وهو ما عبر عنه اتفاق القاهرة عام 2005 ،بدأت تظهر مطالب تستهدف في جوهرها تحويل حماس إلى صدى لبرنامج الفصيل المنافس وهو حركة فتح،وقلت وقال غيري مرارا وتكرارا بأنه ليس مطلوبا من فتح أن تتبنى برنامج حماس،وليس العكس مطلوبا بطبيعة الحال،وإنما المطلوب هو البرنامج المشترك نحو انتزاع الحقوق والحفاظ على الثوابت،ومع الأسف بقيت أبواب المنظمة موصدة؛وهذا يعود لأسباب عدة نعرف بعضها وقد يخفى علينا البعض الآخر؛ومنها وجود ضغوط و«فيتوهات» إقليمية ودولية،ووجود شخصيات ترى بأن امتيازاتها المالية والإدارية ومواقعها الحالية ستسحب منها فيما لو أعيد بناء منظمة التحرير لتضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي،وشعورا عاما بأن المنظمة ستحاصر كما حوصرت السلطة فيما لو انخرطت بها حركة مثل حماس...إلخ

وحين طرحت حماس على لسان رئيس مكتبها السياسي مؤخرا فكرة المرجعية الخاصة بالمقاومة،ثارت ثائرة السلطة والمنظمة،وشُغّلت اسطوانة محور طهران-دمشق-الدوحة (وربما أنقرة!) ،وها هي حماس تلام ويشهر بها على أمر لطالما طولبت به وكان يعطى القائلين به مساحات في المنابر الإعلامية،وكما قلت فإن هذه التصريحات قد حركت المياه الراكدة ،ودفعت شخصيات قيادية مثل أحمد قريع ونبيل شعث وغيرهما للحديث عن ضرورة إعادة بناء المنظمة وإشراك الجميع في مؤسساتها،وهذا أمر جيد ،وأتمنى ألا يكون مجرد ردة فعل احتوائية أو زوبعة في فنجان .

ومن حق حماس أن يكون لها ائتلاف ،ولا أريد استخدام كلمة مرجعية لأنها تثير حساسية البعض وغضبهم ،يجمعها مع من تلتقي معهم،ولكن بما أن هذا الأمر،قد تفاعل وبات الجدل حوله مطروحا بقوة في الشارع الفلسطيني في الوطن والمنافي،فلنستغل الفرصة لبناء منظمة التحرير بناء على انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني....

انتخابات....كيف؟!

تضمن الانتخابات لجموع شعبنا في الوطن والشتات إحياء قضيتهم التي جرى ويجري التآمر عليها،وتضمن لهم ممثلين يختارونهم بأنفسهم يقررون برنامج عمل استراتيجي ومرحلي للتحرك نحو تحرير الأرض وتقرير المصير،وتشعر كل فرد خاصة ممن هم في الشتات بأنه شريك في القرار،وتلقائيا تنهي الجمود والتكلس الذي أصاب المنظمة بإقرار الجميع.

المجلس الوطني الفلسطيني لا نعرف بالضبط كم عدد أعضائه ونقرأ عن 400-800 عضو،وهناك من نكتشف أنهم أعضاء في هذا المجلس عندما نقرأ نعيهم في الصحف،وهنا يجب تحديد عدد الأعضاء بعدد معقول،وتحديد مواصفاتهم وفق أسس ديموقراطية ومهنية ووطنية عبر طاقم أو لجنة متخصصة ،هذا أولا،وثانيا يجب الفصل التام بين منصب رئاسة السلطة وقيادة المنظمة بنص صريح ،لمنع التداخل،كما يجب على المجلس الوطني المنتخب تحديد علاقته بالسلطة الفلسطينية بشكل لا لبس فيه،ويجب دراسة فكرة حل السلطة بجدية أو أن تكون خيارا مطروحا على الطاولة،لأننا يجب ألا نبقي رقابنا تحت سيف قطع الرواتب،التي يهددون بقطعها ،وقد فعلوا ذلك،إلا إذا تنازلنا عن حقوقنا وثوابتنا،أما بخصوص أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين،فهم أعضاء أيضا في المجلس الوطني الفلسطيني ،وهذا أمر يجب الحفاظ عليه،ولكن حصة الضفة والقطاع في المجلس الوطني الفلسطيني يجب ألا تقتصر على هؤلاء ،وهنا يجب إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في الضفة والقطاع ،وأعلم بأن الاحتلال قد يحول دون ذلك لا سيما في مدينة القدس،ولا ننسى فلسطينيي 48 ،حيث سترفض سلطات الاحتلال بشكل مطلق إجراء الانتخابات عندهم ،وبالنسبة للفلسطينيين في الأردن ،فلهم وضع خاص وحساس،ويجب التفاهم مع الحكومة الأردنية حول هذه المسألة،ويمكن تجنب الحرج في هذه النقطة ،بإيجاد «كوتات مؤقتة» للمناطق التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها،المهم ألا يكون هناك تراجع عن فكرة الانتخابات،بل إصرار عليها والبدء منذ اللحظة في التحضير لها،أما في سوريا ولبنان ودول الخليج ودول المغرب وأوروبا والأمريكيتين وبقية أماكن تواجد أبناء شعبنا فلن يكون هناك مشكلة في إجراء الانتخابات بمشيئة الله،أما عن نظام الانتخابات هل هو نسبي أم مختلط أم مباشر للمرشحين،فهذا أمر يمكن الاتفاق بسرعة عليه،المهم أن تجرى الانتخابات بأسرع وقت ،لأن الاستحقاقات كثيرة والمخاطر كبيرة،وبعد الانتخابات يقرر من انتخبهم شعبنا المسيرة والتوجه،هذا هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية،وإقفال الجدل الدائر،وهذا يضمن لنا الخروج بقرار يشارك فيه الجميع ،وبناء مؤسسة تحترم نفسها وتجبر الآخرين على احترامها،وليتهمنا من يشاء بالإرهاب!

وليس آخرا....
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس