عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-01-2009, 12:33 PM   #1
بنت اسكندريه
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
الإقامة: قطر
المشاركات: 19
إفتراضي OOOooo وتبقي ساعة مدينتنا تدور oooOOO

1-1-2008الساعة الثانيـة عشـرة ليلاً..:

"عُـلا يا شقيقة حرفي وقلبي.. الثمانيـة رقم يُغري بالأحـلام.. دعينا نتفاءل بـهذا العام ونعلق الأمنيات على وريقاتٍ خضراء"..
أمحـو التثاؤب عن هاتفي المحمـول: "هديل يا صديقتي.. سأصـافح الثمانيـة بابتسامـة كبيـرة.. وسأبقـى أنتظـر ما تحمـله غيماتها من مطـر".

1-1-2009.. الساعـة الثانيـة عشـرة ليلاً..:

"عُـلا.. فقط كـل الدعـوات أن تكـون "التسـعة" أفضـل حالاً لنـا ولـ"غزتنا".
حقيبـة حـروفي فـارغـة ولغـة الضاد عاجزة عن منحي ولو جمـلة واحدة أُرتب بها نفسي.. عامٌ مـر على رسالـة الثمانيـة الحالمـة.. يدي على خيار "مسـح" أود التخلص من وجع أمتعتها الثقيلة.. وفجـأة: "بـوووف" يدوي الانفجـار القوي يهز أرجاء المنزل تتحـرك الجدران كما لو كانت مصنوعة من الكرتون.


أفقـد ذاكرتي

"البطارية ضعيفة" يُخبـرني المحمـول.. "وأنا أيضاً يا هاتفي العزيز ضعيفة".. الانفجارات تتوالى والصـوت الرهيب سيد الموقف.


أندس في الفـراش.. في آذاني شاش.. أسحب الأغطيـة و.."بووووم".. مـرة أخـرى النـوافذ تكـاد تنخلع من مكانها, أقفـز من الفراش وأصيـح في وجـه "التسـعة" والعام الجديد: "غيـماتك تجلس عـلى العنـوان.. شـكرا".


أمي يرتفع صـوتها بالدعاء وشقيقتي تهـزأ بي: "نمـوت وأنتِ تتحدثين بلغة الأدب".. أنظـر إليها وأتمتم: "حقـاً سنمـوت؟؟".


صاروخٌ أول فثان فعاشـر.. أنظـر إلى مكتبتي وتفاصيلها الصغيـرة.. لدفترٍ أسود وعدته بحبـرٍ أدبي جميـل.. لكتبٍ وروايات تنتظـر مني توديع الكسـل.. لكـومة أحلامٍ تغفـو تحت الوسـادة وأخرى تختـزنها الذاكرة.


"ليس الرحيـل ما أخشاه"؛ فأقسـى أنواع المـوت وأشدّها وجعـا أن تنسـى اسمـك, وتفقـد ذاكرتك وأنتَ على قيد الحيـاة.


ليـل غـزة طوووويل.. دقيقته بألف عام, وهذه الـ"مجنونة" إسرائيل تشن حـربا تحـرق لحم الأطفـال تقطـع رءوس النساء, تغتـال الـورد وبساتين البرتقال.

كيف حالكم؟؟


نهارات المدينة ومساءاتها شـاحبة لا تقوى على الحراك، تبدو كعجوزٍ أضاعت مشط ضفائرها.


في الساعات الأولى من صباح الجمعة 2-1-2009، وبعد ستة أيام من النوم بعيـونٍ مفتوحة عن آخرها، وبينما أُحاول أن أقنـع السيد "نعاس" بالبقاء ولو قليـلاً.. هـز بيتنا انفجار قوي.. خـلع الأبواب والنـوافذ وخـلع قلبي.. الزجاج يطيـر.. وسحابات الدخان الأسـود والغبار الكثيف تدخل لكل ركن ومكان.


صغار المنزل أصابهم الشلل.. لا دماء في وجوههم.. ولا دموع في عيونهم.. صرخاتهم جافة كأوراق الخريف.


"كيف حـالكم" -تنهمر الاتصالات كما المطر الذي لا يستريح-.. "لا زلنا أحياء.. قصفوا مزرعة دواجن بالقرب منا".


"دجـاج ؟!!" يستنكـر السائلون؟ شقيقي يمـزح :"يُريدون إطعامنا دجاجا مشويا ومُحمـرا".




مسكينةٌ دواجن جارنا "أبو وليـد", ومسكينة أشجار دارنا, وقطتنا الخائفـة, ومسكينة هي غـزتنا بشجـرها وحجـرها.. ببحـرها وطيـرها.



والجُرح كبير


"تعالوا نكتب وصايانا" أقترح فيضحكون: "وأين ستكتبينها؟؟".



"إمممم.. الهاتف المحمول قد يحترق, جهاز الحاسوب ربما يتحطـم..

لتكن في ذاكرة أحدكم؛ سنموت جميعا.. إذن تعالوا نكتبـها في قارورة ونقذفها للبحر..

فقط سنرسم "أسطرا فارغة وسنرسلها لمن يُجيد قراءة صمت الحروف".


عشـرات المـرات تـركتُ هذا "النـزف" رُعبـا مـن قنابل وشظايا مـوتهم.. حربهم تكسـر كـل شيء وتُحطـم كـل ما تلمحـه بدمٍ بـارد ودون رفـة عيـن.


اتصالٌ من قطر: "دمـوعنا.. أرواحنا معكم.. هل ثمـة ما نُقدمـه لكم".. "لا شكرا".. إيه يا قطـر ويا قاهـرة ويا عمان ودمشق ويا كل الأخوات.. غــزة وحييييييدة, مجـروووحـة, يزيد وجعها "فُرقة العواصم ودهاليز السياسة العربية".. أتعبتها "نُدين.. نستنكر وبشدة نشجب.. وندوة تغدو وخطبة تروح"؛ فالجرح يا هؤلاء كبييييير... أكبر مما تتخيلون وتُشاهدون.


"هـل التسـعة ستشـبه الثمـانية؟؟"

؛ يُباغتني السـؤال برسـالة قصيـرة حـزينـة, وبأناملٍ بدأت تستيقـظ: "يا صديقتي: حـربهم القـذرة ستنتهي.. نعـم سنبكـي أحبـةً رحـلوا.. وسنقلب صفحـات الحكـاية الدامعـة, ولكـن ستكـون التسـعة أجمـل.. فزهـر الياسمين يهزم الانكسار.. ونورس غــزة يُتقـن فـن البقـاء.. وعصـا الراعي تغمـز للـربيـع الأخضـر.. أيامنا -بإذن الله- يا صديقـة أحـلى لأنّ سـاعة مدينتنا ستبقـى تدور..".
بنت اسكندريه غير متصل   الرد مع إقتباس