الأخت الفاضلة اليمامة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك سؤال لم يجب عليه أحد، وهو هل رديف الوحدة العربية هي الوحدة الإسلامية؟ فإن كانت الأقطار الحالية تعاني من عدم تمكنها من بقاء وحدة أقطارها كالسودان ولبنان والعراق والصومال، فكيف ستكون هذه مهيأة لوحدة عربية شاملة، وإن كان هذا حالها، فكيف سيكون شعار وحدة إسلامية قابلا للتطبيق.
ليس هناك تناقض بين المناداة بالوحدة العربية مع المناداة بالوحدة الإسلامية، ولكن المناداة بالوحدة العربية أو بأشكال متواضعة لها، يكون أسهل جغرافيا، ولتجنب الحساسية الإثنية أي تلك التي تخلق استفزازا لمن ليسوا عربا، كما هي الحال في بلدان المغرب والعراق والسودان، فإن إعطاء اسم البلدان الناطقة بالعربية سيكون حلا تصالحيا في الخطاب الثقافي.
أما لماذا فشل أصحاب المناداة بهذا الشعار؟ فليس الفشل دليلا على سوء الأيديولوجية أو العقيدة، ألم تفشل الدولة الإسلامية وتتشرذم قبل ظهور الأفكار القومية، فظهرت في عهد الرشيد دولا على هامش (الدولة الإسلامية) مثل دولة الأمويين في الأندلس، ودولة الصفارين في إيران واليعافرة في اليمن ثم تلت تلك الشرذمات عشرات الدول؟ وهذا لا يعني فشل العقيدة الإسلامية، بل سوء تنفيذ إدارتها. وهذا ما حدث مع دول حديثة أيضا، يوغسلافيا، الاتحاد السوفييتي الخ.
في كل الظروف، التي مر بها الحكم العربي، بقيت وحدة الثقافة العربية ماثلة، فلم يستنكف ابن المغرب عن ترديد أشعار ابن المشرق، وإن زالت سطوة الحكم العرقي فيه، كذلك الحال عندما يتناول باحث إماراتي ما كتبه باحث من تونس أو الجزائر أو اليمن.
إن الحدود المشتركة واللغة المشتركة والآمال المشتركة التي تربط أبناء الأقطار العربية هي أقوى منها بين 550 عرق في دولة الهند ودياناتها فوق المائة، وهي أقوى من تلك الموجودة بين دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وغيرها.
بالمقابل، فإنه ليس هناك أمة إسلامية، هناك أمم إسلامية، أكبر تجمع للمسلمين (عددا) هم الموجودون في الهند، ولا يقلقهم كثيرا ما يعاني منه النيجيري أو السنغالي المسلم، وكذلك هي الحال بالنسبة للإيراني والتركي.
أما تلك الدعوات التي تحرم علينا كعرب التوقف عن التفكير بمصيرنا المشترك، فروافعها معروفة، منها الفطرية البسيطة التي تتوق لوحدة إسلامية أكبر، ومنها من تنعم بقطريتها الضيقة، فلا تريد مزاحمة غير مأمونة العواقب في حالة الوحدة، فترفع شعار الوحدة الإسلامية من باب (رفع العتب) وهي تعرف استحالة قيام مثل تلك الوحدة، فتدفع عن ظهرها خطر الوحدة العربية.
على أي حال سبق وتكلمنا في موضوع الوحدة عن كل التفاصيل
تقبلوا احترامنا وتقديرنا
__________________
ابن حوران
|