الموضوع: مناظرات شعرية
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-11-2008, 04:32 PM   #4
ياسر الهلالي
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
المشاركات: 186
إفتراضي

جواب الشيخ نجم الدين أحمد بن محمد الطوسي تغمده الله برحمته


ألا أصغ يا ذمي إن كنت سامعا ** جواب سؤال رمته بالأدلة


ودبر بعقل مدرك سر ما بدا ** بإنشاء رب الكون في كل حالة


فأوجد كل الكائنات بعلمه ** وقدرته جبرا لمحض الإرادة


تصرف في مخلوقه بمراده ** لما شاء لا يدري خفي النهاية


فأبدع كل الكون من حيث لم يكن ** له صورة موجودة في البداية


سؤالك يا هذا فليس بوارد ** لإيراثه إظهار كل قبيحة


تصرف مملوك بإنشاء مالك ** على فعله بالنفع ثم المضرة


وإقداره فهم الحقائق كلها ** وتمييزه بين العطاء ومنحة


وتشريكه في ملكه ومراده ** ونسبته بالقبح في بعض خلقة


وإبدائه منع التصرف في الورى ** وإلزامه إبداء كل صنيعة


على وفق معلوم الخليقة كلها ** وذا شقوة تبدي خلائل زلة


وكل الذي قلنا مساخط ربنا ** كرد عبيد فعل مولاه بالتي


فما لم نشاهد نفعه ليس منكرا ** كموت خليل عند تلسيع حية


ولا ظلم عند السلب قدرة خلقه ** وإلزامه ما لم يدع في الجبلة


لإيجاده أشياء من غيب علمه ** وأحيا بها جودا وجودا برأفة


فيفعل في مخلوقه ما مراده ** وإن خفت من ذا ظواهر حكمة


فلولا يقول الله بالكسب معلنا ** لما جاء تخصيص لفعل بنسبة


إذا ذات مخلوق مجازا وغيره ** لتنصيصه جزما بنفي المشيئة


فلا ينظر الراؤون إلا بعقلهم ** قياسات وهم عاهدوها بعادة


كقيد غلام ثم أمر بمشية ** قبيح وذا من ملحقات السفاهة


وهذا قيسا باطل في فعاله ** إذ الكل موجود بحكم الإرادة


ولو قيل هذا قيل لم أوجد الورى ** فأعدمه من بعد حين بذلة


تنزه عن نفع وضر بفعله ** وذا قول من يجري بضرب بدرة


هو الخالق الرحمن كلا وجملة ** وبين في المنشا بعين حصيفة


بما شاء من أنواره وحياته ** وتسيير بعض في حنادس ظلمة


ورتب أجزاء الوجود محققا ** من الفعل والأرواح في بدو فطرة


وأبدى محلا ثالثا في انتهائها ** لإظهار أسرار الغيوب الغريبة


وأبدع بعد الكل مظهر وصفه ** وكمله فهما وعلما بعزة


وعرفه ما شاء من كونه له ** وطاعته في أمره المستديمة


وذاك هو الإنسان أفخر خلقه ** على كل كون بارتفاع وزلفة


فأعطاه عقلا يفهم الخير والتقى ** ويثبت باريه بأوضح حجة


وعلما وسمعا ثم نورا به يرى ** مراتب أشكال بدت في الشهادة


وخيره فيما يريد لنفسه ** بما احتاج إصلاحا لقومه صورة


ومكنه فيما يروم تكسبا ** بآثار فضل من نتائج نفحة


وركب فيه قوة غضبية ** لدفع الأذى من موبقات البلية


وتمم فيه شهوة سبعية ** لجلب مرادات له في الغريزة


فيثبت ما محبوبه لمراده ** ويدفع ما مبغوضه لشكيمة


فكلفه الرحمن بالشرع بعدما ** نفى عنه كل النقص في أصل خلقة


فلما سرى في مهمه النفس والهوى ** وخاض بحار الجهل من غير ريبة


أنت رسل من عند باريه معلنا ** مناهج ما أبدى لنفس منيرة


وأوجب إتباع الرسول على الورى ** وكلفهم إثبات فرض وسنة


وبين أن الكل من عنده بدا ** وطاعته حتم لكل البرية


قضى أزلا بالكفر والجهل والنوى ** لبعض فلا ينفعه قفوى الشريعة


وآخر مفطور صفى معارض ** إجازة كل المدركات بقوة


ولم يعلم المقتضي علم قضائه ** ليتبعه فيما أراد برأفة


ولكن لما مال نفس خسيسة ** إلى عدم الإسلام والتبعية


أضاف إلى الباري إرادة فعله ** وليس له علم بذا في الحقيقة


وأبقاؤها في الكفر ليس أمارة ** على أنها من بابه بطريدة


فقد عاش شخص كافرا طول عمره ** فأدركه سبق له بالسعادة


فأسلم ثم أمحى جلائل ذنبه ** فصار بفضل الله من أهل جنة


وآخر في الإسلام أذهب عمره ** بورد وأذكار وإكثار حجة


فأدركه سبق الكتاب بعلمه ** فصيره من أهل ذل وشقوة


وهذا هو الحكم المحقق دائما ** خفي على الألباب والألمعية


بيان وقوع الحكم من أول الدنا ** إلى آخر الأعصار في كل ذروة


فيا أيها الذمي هل أنت عارف ** بكفرك حتما عند أهل الشريعة


لتحكم أن الله بالكفر قاضيا ** ولم يرضه حاشاه في كل ملة


إذا كان قاضي الكفر في بدء خلقه ** فليس له تغيير حكم الإرادة


لقول نبي الله ما جف سابقا ** لتحقيق ما أبدى بحكم المشيئة


فليس لنا جزم بأنك كافر ** ولا حتم بالإسلام في كل حقبة


ولكن يبين الحكم قرب انتقاله ** بآية خير أو بسوء الأمارة


فإن كنت من أهل السعادة آخرا ** فما ضرك التهويد قبل الإنابة


وإن كنت من أهل الشقاوة واللظى ** فلا لك نفع إن أتيت بتوبة


فليس بمعلوم قضا الحكم جازما ** ولا عدم الرضوان حتما لشقوة


بل أعطاك عقلا ثم فهما محققا ** وأعلن منهاجا حوى كل خصلة


تشهد وجز تحت الشريعة مؤمنا ** بقدرتك الخيرية المستخيمة


كما أنت مختار لنفسك كل ما ** تحاوليه من مشبهات وشهوة


فإن لم تقل بالنسخ كنت مكذبا ** بما جاء موسى من بيان وشرعة


لرفعهما أحكام من كان قبله ** كتزويج بعض بين أخت بإخوة


وإن كنت بالنسخ المحقق قائلا ** فتابع لشرع حاز كل مليحة


وإن قلت بالنسخ المخصص واقعا ** فذا هو ترجيح بغير الأدلة


فهل أنت ساع إن أتتك خصاصة ** بوسعك حوبيا لاتقاء جوعة


وهل أنت إن فاجاك فعل منافر ** بقتل ونهب أو بشر وفتنة


تكون مضيفا كل ذاك حقيقة ** إلى الخالق الرحمن في كل لحظة


وإن كنت مختارا لنفسك عزها ** فبشر لها حتما بقول الشهادة


إذ الخاص ملزوم من العام مطلقا ** يبين هذا في دلائل حكمة


وإن كنت تسعى في بلائك مسرعا ** وتدفع ما لاقاك من كل هفوة


فلبست حينئذ بافك ولم تكن ** بفعل إله راضيا بالحقيقة


دعاك ولم ينسد دونك بابه ** فلج فيه واطلب منه خير الطريقة


فلو كنت مخلوقا لإسعار ناره ** فلا نفع في إقفاء كل شريعة


رضاؤك في هذا كلا شيء هاهنا ** لأنك مقبوض على شر قبضة


فأوجب رب الكائنات الرضا بما ** قضاه وأبداه بعلم وقدرة


ولم يرض أن ترضى بمقضيه كذا ** نهاك عن الفحشاء في كل لمحة


فليس الرضا عما نهاك رضاؤه ** ولكن رضاه في اتباع الإرادة


لما لاح بعد الكون عند وجوده ** لرؤية مكنون سرى في السجية


إذا شاء منك الكفر كنت معاندا ** ولم تقبل الشرع الجليل بخشية


وجود الرضا حسب القضا منك لا رضا ** فلا صدق في إقفاء حكم المشيئة


تناولك العمر القديم بصورة ** لإمضاء حكم بل لتركيب حجة


فليس اختيار في خلاف قضائه ** ولا عدل عن أحكامه لعزيمة


بل أعطاك حولا ثم كسبا محققا ** وجاد بأنعام الفهوم العميمة


فما قلت يا ذمي قول مسفسط ** فليس له عند العقول بعبرة


فلا دخل في قول الإله وفعله ** فيختار ما يختار من كل فعلة


ولا نجح فيما رمت إذ هو حسرة ** حوتها نفوس قسطها من شقاوة


جوابك يا ذمي أعداد ستة ** وتسعين بيتا من جواهر صنعتي


تروم دحاض الحق ويحك طامعا ** بأبياتك المدحوضة المستحيلة


إلهي تعطف وارحم العبد أحمدا ** بطوس بدت فيها له من ولادة


يخوض بحار العلم والحكم التي ** هي الغاية القصوى بنور العناية


بما نال من أحوال رفعة شيخه ** من الوجد والإجلال وقت الإنابة


أحاط بما أبدى من العلم والهدى ** بتعريفه ذا من جلائل نعمة


فمن مال صدقا نحو حضرته التي ** هي الملجأ الأقصى لكل سريرة


يحيط بأسرار وجل معارف ** يكون سراها روح روح قريرة


أيا ناظرا في ذا الجواب لفهمه ** تدبر بعلم لا تكن متفوت


وطبق معاني اللفظ من كل موطن ** لإدراجنا فيه فضائل جمة


فلا تك ممن واخذ الغير قبل أن ** يحقق ما أنشا بحسن الروية


تكون مسيئا عند من أوجد النهى ** وخصصها بالفهم في كل ساعة


على سيد الكونين منا صلاته ** نفوز بها يوم الجزاء بزلقة
ياسر الهلالي غير متصل   الرد مع إقتباس