جواب الأديب ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر
سألت ولم تعرف وكم من مباحث ** جرت من أهيل العلم في ذي الحقيقة
وما أنت يا ذمي مبتكر كما ** توهمته من دون ماضي البرية
نعم كل شيء كائن بقضائه ** وتقديره حتما بأوضح حجة
وهل واقع ما لا يشاء بملكه ** لقد ضل من ذا رأيه في القضية
وإن الرضا غير القضاء فلا تكن ** تنازع فيما شاءه من مشيئة
له المحو والإثبات جل جلاله ** فلا تعترض في حكمه وتثبت
وكن بجوابي مسلما ومسلما ** وكن باتباع الحق من خير أمة
جواب الشيخ شمس الدين بن اللبان
ألا بعد حمد الله باري البرية ** على ما هدانا من كتاب وسنة
بأفضل مبعوث إلى خير أمة ** عليه من الرحمن أزكى تحية
فإن صحيحا كون ما شاء ربنا ** ونفي سوى ما شاءه من مشيئة
ولم يرض كفر العبد أي لا يحبه ** له لا ولا يثني عليه بمدحه
وحيلة من لم يهده الله أنه ** يلاحظ وجه العجز في كل لحظة
وينفي القذى عن عين فكرته ولا ** يميل بأسباب الحجى عن محجة
ويجهد كل الجهد في قصد ربه ** بصدق وعزم وابتهال وحرقة
وحينئذ يرجى له فتح كل ما ** غدا مرتجا من باب فضل ورحمة
فإن قضاء الله يطلق تارة ** بكفر وإيمان فيحفى لحكمة
وآونة يجري تعلقه بنا ** على سبب نعتاده كالشريطة
كسم لموت أو دواء لصحة ** وطوع وعصيان لسعد وشقوة
وقد جعل الله الحكيم لعبده اختيارا ** لأسباب الرضا والقطيعة
ويسره من بعد هذا لما قضى ** عليه ليمضي فيه حكم المشيئة
وقطع لسان الإعتراض ونفي لم ** ولبس جميل الصبر عند المصيبة
وأما رضانا بالقضاء فواجب ** ومعناه تسليم لحكم المشيئة
وكونك ترضى بالشقاء شقاوة ** لأنك لا تدري القضاء بأية
وآيته أن تخلي القلب من هوى ** وترضى بإيمان صحيح العقيدة
وترضى بما يرضى الله وبالذي ** قضاه وتلغي حيرة بعد حيرة
وقولك ربي إن يشا الكفر شئته ** صحيح كذا إن شئت إحداث توبة
وثبت تثبيتا مشيئته لها ** كما بان بالمعلول تأثير علة
وأنت فعاص حين خالفت أمره ** وإن كنت قد وافقت حكم الإرادة
وللعبد لا شك اختيار فقائل ** بتأثيره مع قدرة أزلية
وآخر قال الفعل مشتمل على ** خصوص صفات مثل حج وزنية
للفاعل التأثير في كونه زنا ** وحجا وأصل الفعل فعل القديمة
ومذهب أهل الحق والأشعر أنه ** ليس بتأثير بحادث قدرة
ولله خلق الفعل والقدرة التي ** تقارنه للعبد كالسبيبة
وهذا اختيار ماله أثر به ** علينا غدا لله أعظم حجة
وجملة ما فصلته لك راجع ** إلى أننا ملك لباري البرية
|