الموضوع: مناظرات شعرية
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-11-2008, 04:24 PM   #2
ياسر الهلالي
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
المشاركات: 186
إفتراضي

جواب الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي (ت728هـ)


سؤالك يا هذا سؤال معاند ** يخاصم رب العرش باري البرية


وهذا سؤال خاصم الملأ العلي ** قديما به إبليس أصل البلية


وأصل ضلال الخلق من كل فرقة ** هو الخوض في فعل الإله بعلة


فإن جميع الكون أوجب فعله ** مشيئة رب العرش باري الخليقة


وذات إله الخلق واجبة بما ** لها من صفات واجبات قديمة


فقولك لي قد شاء مثل سؤال من ** يقول فلم قد كان في الأزلية


وذاك سؤال يبطل العقل وجهه ** وتحريمه قد جاء في كل شرعة


وفي الكون تخصيص كثير يدل من ** له نوع عقل أنه بإرادة


وإصداره عن واحد بعد واحد ** إذ القول بالتجويز رمية حيرة


ولا ريب في تعليق كل مسبب ** بما قبله من علة موجبية


بل الشأن في الأسباب أسباب ما ترى ** وإصدارها عن حكم محض المشيئة


وقولك لم شاء الإله هو الذي ** أضل عقول الخلق في قعر حفرة


فإن المجوس القائلين بخالق ** لنفع ورب مبدع للمضرة


سؤالهم عن علة السر أوقعت ** أوائلهم في شبهة الثنوية


وإن ملاحيد الفلاسفة الألى ** يقولون بالعقل القديم لعلة


بغوا علة للكون بعد انعدامه ** فلم يجدوا ذاكم فضلوا بضلة


وإن مبادي الشر في كل أمة ** ذوي ملة ميمونة نبوية


تخوضهم في ذاكم صار شركهم ** وجاء دروس البينات لفترة


ويكفيك نقضا أن ما قد سألته ** من العذر مردود لدى كل فطرة


وهبك كففت اللوم عن كل كافر ** وكل غوي خارج عن محجة


فيلزمك الإعراض عن كل ظالم ** من الناس في نفس ومال وحرمة


ولا تغضبن يوما على سافك دما ** ولا سارق مالا لصاحب فاقة


ولا شاتم عرضا مصونا وإن علا ** ولا ناكح فرجا على وجه زنية


ولا قاطع للناس نهج سبيلهم ** ولا مفسد في الأرض من كل وجهة


ولا شاهد بالزور إفكا وفرية ** ولا قاذف للمحصنات بريبة


ولا مهلك للحرث والنسل عامدا ** ولا حاكم للعالمين برشوة


وكف لسان اللوم عن كل مفسد ** ولا تأخذن ذا جرمة بعقوبة


وسهل سبيل الكاذبين تعمدا ** على ربهم من كل جاء بفرية


وهل في عقول الناس أو في طباعهم ** قبول لقول النذل ما وجه حيلتي


كآكل سم أوجب الموت أكله ** وكل بتقدير لرب المشيئة


فكفرك يا هذا كسم أكلته ** وتعذيب نار بعد جرعة غصة


ألست ترى في هذه الدار من جنى ** يعاقب إما بالقضا أو بشرعة


ولا عذر للجاني بتقدير خالق ** كذلك في الأخرى بلا مثنوية


فإن كنت ترجو أن تجاب بما عسى ** ينجيك من نار الإله العظيمة


فدونك رب الخلق فاقصده ضارعا ** مريدا لأن يهديك نحو الحقيقة


وذلل قياد النفس للحق واسمعن ** ولا تعص من يدعو لأقوم رفعة


وما بان من حق فلا تتركنه ** ولا تعرضن عن فكرة مستقيمة


وأما رضانا بالقضاء فإنما ** أمرنا بأن نرضى بمثل المصيبة


كسقم وفقر ثم ذل وغربة ** وما كان من مؤذ بدون جريمة


وأما الأفاعيل التي كرهت لنا ** فلاهن مأتي في رضاها بطاعة


وقد قال قوم من أولى العلم لا رضا ** بفعل المعاصي والذنوب الكريهة


وقال فريق نرتضي بقضائه ** ولا نرتضي المقضي لأقبح خلة


وقال فريق نرتضي بإضافة ** إليه وما فينا فيلقى بسخطه


فنرضى من الوجه الذي هو خلقه ** ونسخطه من وجه اكتساب بحيلة
ياسر الهلالي غير متصل   الرد مع إقتباس