عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-11-2008, 12:34 AM   #13
ياسمين
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
 
الصورة الرمزية لـ ياسمين
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
إفتراضي




هذا عن التعليلات العامة لأصول العبادات، أما عن التعليلات الجزئية لتفاصيل العبادات، بما فيها من مواقيت زمانية ومكانية،

ومن مقادير وكيفيات وشروط... فهذه يطول الكلام فيها ويصعب. وأكثرها ليس فيه تنصيص على العلل والمقاصد، ولكني في

هذه العجالة أسجل الملحوظات التالية:

1 ـ الأحكام العامة والكلية تسري على جزئياتها، ولا يكون الحكم الكلي صحيحا إلا حين يصدق على جزئياته كلها أو معظمها

على الأقل. فإذا كانت العبادات معللة ـ في أصولها وعموميتها ـ بتعليلات مصلحية متعددة ومتنوعة، دنيوية وأخروية، فإن

تفاصيلها وأحكامها الجزئية واقعة على هذا المنوال، سواء ظهرت أو خفيت، علمت أو جهلت.

2 ـ كثير من الأحكام الجزئية التطبيقية قد لا تكون مقصودة لذاتها على وجه التحديد، ولكنها ترمي إلى تحقيق الانضباط

وسهولة التنفيذ للمكلفين. ذلك أن التفصيل والتحديد والضبط عناصر ضرورية لتنفيذ التكاليف والتشريعات. وحتى في القوانين

الوضعية نجد ما لا يحصى من التحديدات الزمانية والمكانية والمالية التي رسمت وقدرت على نحو ليس له معنى في ذاته

وبتمام حده، ولكن التحديد ـ من حيث المبدأ ـ هو المقصود، إذ به ينضبط الخلق ويتوحدون في تطبيق الأحكام. على أن القصد

التعبدي قائم ومعتبر في جميع الأحكام الشرعية، سواء تعلقت بالعبادات أو بغيرها، وسواء في ذلك ما عقلنا معناه وما لم نعقله.

وهو مقصد يضفي على الأفعال، وعلى الحياة المشكلة منها، المعنى الحقيقي والمعقولية الحقيقية التي بدونها تصير الحياة

أقرب إلى العبث والتيه.


3 ـ وبالإضافة إلى ما جاء في الفقرتين السالفتين، فإن عددا من فطاحل الفقهاء المجتهدين يقتحمون مجال التعليلات التفصيلية

للأحكام، ويغوصون وراء أسرارها وحكمها. وما ذلك إلا ليقينهم واطمئنانهم بأن وراء كل حكم حكمة ومصلحة. وأنقل فيما

يلي نموذجا لذلك النظر التعليلي والفقه المقاصدي الاستصلاحي.



يقول الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله في باب التيمم من ذخيرته: ً وهو من خصائص هذه الأمة لطفا من الله تعالى بها

وإحسانا إليها، وليجمع لها في عبادتها بين التراب الذي هو مبدأ إيجادها، والماء الذي هو سبب استمرار حياتها، إشعارا بأن

هذه العبادة سبب الحياة الأبدية والسعادة السرمدية، جعلنا الله تعالى من أهلها من غير محنة...

وأوجبه لتحصيل مصالح أوقات الصلوات قبل فواتها، ولولا ذلك لأمر عادم الماء بتأخير الصلاة حتى يجد الماء. وهذا يدل

على أن اهتمام الشرع بمصالح الأوقات أعظم من اهتمامه بمصالح الطهارة.

فإن قلت: فأي مصلحة في إيقاع الصلاة في وقتها دون ما قبله وبعده مع جزم العقل باستواء أفراد الأزمان؟

قلت: اعتمد العلماء رضوان الله عليهم في ذلك على حرف واحد، وهو: أننا استقرأنا عادة الله تعالى في شرعه، فوجدناه جالبا

للمصالح ودارئا للمفاسد. وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: إذا سمعت نداء الله تعالى فارفع رأسك، فتجده إما يدعوك إلى

خير أو يصرفك عن شر.

فمن ذلك إيجاب الزكوات والنفقات لسد الخلات، وأروش الجنايات جبرا للمتلفات، وتحريم القتل والزنا والمسكر والسرقة

والقذف صونا للنفوس والأنساب والعقول والأموال، وإعراضا عن المفسدات، وغير ذلك من المصالح الدنيويات

والأخرويات. ونحن نعلم بالضرورة أن الملك إذا كان من عادته إكرام العلماء وإهانة الجهلاء، ثم رأيناه خصص شخصا

بالإكرام ونحن لا نعرف حاله، فإنه يغلب على ظننا أنه عالم، على جريان العادة. وكذلك ما تسميه الفقهاء بالتعبد: معناه أننا لا

نطلع على حكمته وإن كنا نعتقد أن له حكمة، وليس معناه أنه لا حكمة له ً. الذخيرة 334 ـ 335 .

يتبع

__________________



" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,

وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,

* * *

دعــهــم يتــقــاولــون

فـلــن يـخــرج الـبحــر

عــن صمته!!!

ياسمين غير متصل   الرد مع إقتباس