عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-10-2008, 07:25 AM   #12
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

إقتباس:
وكان (عصمت) يسمعُ ونفسُه تعتز بإحساسِها، كالورقةِ الخضراءِ عليها طَل الندى، وأخذَ قلبُه يتفتح في شعاعِ الكلامِ كالزهرةِ

في الشمس، وسَكِرَ بما يسكَرُ بهِ الأطفالُ حين تُقدمُ لهمُ الطبيعةُ مكانَ اللهوِ مُعَدا مهيَّا، كالحانةِ ليسَ فيها إلا أسبابُ السكرِ

والنَّشوة، وتمامُ لذتها أن الزمنَ فيها منسي، وأن العقلَ فيها مُهمَل..ْ.

وأحس ابنُ المديرِ أنَّ هذه الطبيعةَ حين ينطلقُ فيها جماعة الأطفالِ على سَجيّتهِم وسجيَّتِها - إنما هي المدرسةُ التي لا جُدرانَ

لها، وهي تربيةُ الوجودِ للطفلِ تربيةً تتناوَلُهُ من أدق أعصابهِ فتُبَددُ قواهُ ثم تجمعُها له أقوى ما كانت، وتُفْرِغُهُ منها ثم تملؤُهُ بما

هو أتمّ وأَزيدُ وبذلكَ تكسِبهُ نموَ نشاطِه، وتُعلّمُهُ كيف ينبعِثُ لتحقيقِ هذا النشاط، فتَهديهِ إلى أن يُبدعَ بنفسِه ولا ينتظرَ مَنْ يُبدعُ

له، وتجعلُ خُطاه دائماَ وراءَ أشياءَ جديدة، فتُسددُهُ من هذا كلهِ إلى سر الإبداع والابتكار، وتُلقيه العِلمَ الأعظمَ في هذه الحياة،

عِلمَ نَضْرةِ نفِسهِ وسرورِها ومرَحِها، وتطبعُه على المزاجِ المتطَلقِ المتهلّلِ المتفائل، وتَتدَفقُ به على دنياه كالفَيَضَانِ في النهر،

تفورُ الحياةُ فيهِ وتفورُ به، لا كأطفالِ المدارسِ الخامدينَ، تعرفُ للواحدِ منهم شكلَ الطفل وليسَ له وجودُهُ ولا عالَمُه، فيكونُ

المسكينُ في الحياةِ ولا يجدُها، ثم تراهُ طفلأَ صغيراً، وقد جمعوا له همومَ رجلِ كامل!
إقتباس:
قالت مارية: ما أجملَ هذه الفطرةَ الفلسفية! لقد تَعِبَت الكتبُ لتجعلَ أهلَ الدنيا يستقرّون ساعةَ في سكينةِ اللّه عليهم فما أفلحتْ،

وجاءت الكنيسة فهَوّلت على المُصلين بالزخارف والبخوَر والتماثيل والألوان، لتُوحِيَ إلى نفوسهم ضرباَ من الشعور بسكينة

الجمال وتقديسِ المعنى الدّيني، وهي بذلك تحتال في نقلهم من جوّهم إلى جوّها; فكانت كساقي الخمر; إن لم يُعطك الخمرَ

عَجَزَ عن إعطائك النشْوة. ومن ذا الذي يستطيع أن يحملَ معه كنيسة على جواد أو حمار؟



قالت أرمانوسة: نعم إن الكنيسةَ كالحديقة; هي حديقة في مكانها، وقلما تُوحي شياَ إلا في موضعها; فالكنيسةُ هي الجدرانُ

الأربعة، أما هوّلاء فمعبدهم بين جهات الأرض الأربع
.

ومضات رائعة لكاتب هو من أكثر الكتاب قوة فى الأسلوب وقدرة على الوصف بدقة مذهلة فكأن الوصف يتجاوز الحروف والكلمات إلى الحركات والصور ..

مصطفى صادق الرافعى صرح عملاق فى فضاء الأدب المصرى المعاصر ..

فهو يحمل إلى جانب قوة الأسلوب فكرا متأملا هى أشبه بروح مصرية فى مشاعرها وتصوراتها وافكارها ..

ففى قصة عصمت ابن الباشا يصف بمنتهى الروعة أفكار وأحلام البسطاء من الصغار فى اللهو وينتقل بنا بين حاضرهم الطفولى ومستقبلهم فى هذا الكون الواسع .. فلسفة متعمقة جدا وهى وحدها مدرسة من التجارب ووصف لبيئة أكاد أحسها واراها فى كل حرف من أحرفه ..

أما حديث مارية ، فهو إبحار فى فضاء الزمان والمكان ..

مارية المصرية رمزا تحمل بشكل عجيب مشاعر كل قبطى (مصرى) تجاه هذا القادم الجديد ..

كل مصرى بشكل خاص يحمل مشاعرا خاصة لعمرو بن العاص .. هى فى حيرتها ما بين متأمل ومحاذر ، مقبل بروحه على هذا المغامر وهذا الدين بلا سبب واضح ، أو لكل ما رسمه من مشاعر ترقى عن الوصف ، حتى تكبيرة الصلاة وفلسفة الجهاد فى الإسلام ، تمكن من وصفها ببراعة لا توصف ..

ومضات ومقتطفات أكثر من رائعة .. صدقا ما استطعت المرور بإيجاز إلا ووجدتنى أتنقل من سطر لآخر إلى آخر قطرة فيها وإن كنت تمنيت لو كان ثمة مزيد فما زلت ظامىء الروح ..

رائعة يا ياسمين هذه القطوف كروعة ذائقتك وكل إختياراتك ..

تقديرى
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس