عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-09-2008, 04:16 AM   #69
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي

حسن د.علي لن أثقل عليك ولن أورطك أكثر.
لقد قرأت ردك، ولن أعلق على ما جاء فيه حول العلمانية لأنني أعلم أنها بمثابة الجريمة في بلادكم وإنني أود أن أحررك من الرد والتعليق حول هذا الموضوع لحساسيته المفرطة أولا، ثم لأنني لست صاحب ميول قومية وأممية، بل إن اهتماماتي الثقافية والسياسية لا تتعدى حدود بلدي.. وإني وددت فقط أن أعلق على مقولة "الله والشيطان وجهان لعملة واحدة".. وأظنني أعرف قائلها والذي فضلت ان لا تذكر اسمه، إنه الروائي تركي الحمد، وهنا أريد أن أشير إلى أنني قرأت جميع أعماله الروائية، وهذه العبارة التي ذكرتها، وردت في مجموعة أطياف الأزقة المهجورة، في الصفحة 137 من الجزء الأخير بعنوان الكراديب. وفي ذلك الفصل التي يمتد على صفحات، تأتي العبارة كتتويج لهواجس بطل الرواية، هشام يحيى العابر، الذي يمضي عقوبة في السجن، بسبب انتمائه لتنظيم سياسي محظور. أظن لو أنك قرأت الرواية فسوف تعذر الكاتب تركي الحمد، لأن المناسبة كانت مؤاتية ليفصل البطل مع هلوساته وفتوحاته الفكرية وهو في سن الشباب، سن التمرد والوهج الإنساني والانفتاح على تجارب الآخرين، هشام يحيى العابر سقط مريضا في السجن، مر من حصص للتعذيب النفسي والجسدي، وفي لحظة تهاوى فيها مشروعه الفكري، وسقطت كل المثل التي كبر عليها، يجد نفسه في مواجهة الفناء، بالطبع كان لابد من طرح هذه القضايا، ولو عشنا التجربة أنا وأنت لأنكرنا وجود الله، وليس فقط دمجه مع الشيطان في عملة واحدة.
كان الحديث في تلك الفقرة التي ضمت بين أسطرها عبارة الله والشيطان وجهان لعملة واحدة، تتحدث عن العبث والقدر، وكان يتساءل هشام العابر عن مصيره، هل هذا العذاب وهذا الهوان مقدر له، أم أنه ضحية عبث العالم والناس به، فما معنى أن ينتهي طالب مثله في السجن، كأنه مجرم وقاتل، وهو الذي لم يكن يسعى سوى لخدمة وطنه وشعبه، هاهو في السجن بين حصص التعذيب والتحقيق والمرض الذي أقعده فراش زنزانته، أهذا قدر أم عبث، أهذه إرادة إلهية أم عبث الانسان بالانسان.. ربما كلاهما، فهذا المصاب الذي نزل به، قدر من الله، وعبث البشر بالبشر.. قدر وعبث، إله وشيطان.. القدر والعبث وجهان لعملة واحدة، الله والشيطان وجهان لعملة واحدة.
هذه خلاصتي وخاطرتي حول رواية الكراديب حول تلك المقولة باختصار شديد، في الجزء الثالث من ثلاثيه تركي الحمد أطياف الأزقة المهجورة.
أنا تحدثت إليك حديث القارئ الملم، لا حديث السامع الناقل، وكما صرحت قبلا، فأنا قرأت كل أعمال هذا الكاتب والروائي، وإني لا أرى فيه ذلك الكافر أو المفسد أو الملحد.
هذا روائي ولكم أن تشكروا له تواجده وإني أغبطكم عليه، ولكم أتمنى لو أنه كان مغربيا، لاحتفيت ولاحتفينا به في كل وقت.
تحياتي.



أو الضغط هنا
http://img147.imageshack.us/my.php?image=aaaaud7.jpg
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"

آخر تعديل بواسطة سيدي حرازم يطرونس ، 06-09-2008 الساعة 04:25 AM.
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس