عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-08-2008, 10:25 PM   #1
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي منظومة الكلمة الطيبة

[COLOR="Blue"

الحمد لله القائل في كتابه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما)، والصلاة والسلام على رسوله القائل :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ".
أما بعد ،
فإن الكلمة قضية شأنها عظيم وخطرها جسيم ، بها يدخل المرء في دين الله فيحرم ماله وعرضه بالنطق بالشهادتين ، وبمثلها يباح دمه، فما انتشر الإسلام وما عرفناه إلا بكلمة (اقرأ)، وما انتشرت دعوة الحق ووحي السماء إلا بكلمات القرآن المجيد، من آيات الخير والهدى..
وما أقيمت دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة إلا بكلمة التوحيد التي آخى بها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار .
وبالكلمة عقدت الأحلاف بين المسلمين وغيرهم ، وبالكلمة دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الملوك وزعماء القبائل والاكاسرة والقياصرة إلى الإسلام .. وبالكلمة بعث السرايا واستقبل الوفود.. وأتم تبليغ هذا الدين ..ورسخ الإيمان بكلمة التوحيد ونبذ الكفر وما جره من القول على الله بغير علم .
ولا يكون الزواج والطلاق والبيع والتجارة بين الناس إلا بكلمة ..
وفي المقابل ما غزانا العدو ابتداء إلا بكلمة ، وما رُوَّج للفساد الفكري والأدبي والثقافي إلا بكلمة، وما تنافر الخلق وانتشر الحسد والبغض إلا بكلمة !!
ومن هنا تبرز أهمية الكلمة ودورها في حياة الفرد والمجتمع ..
وما هذه الحلقات إلا دعوة لتستعيد الأمة دورها الحضاري بنشر الخير اللفظي وبث الوعي للإنسانية جمعاء بالكلمة الطيبة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) حتى تبنى الأمة بناء يتفق مع الشخصية الاسلامية، وحتى تدرك قيمة الكلمة وتربى الاجيال على كلمة الاسلام من جديد .
و حتى نرقى بأسلوب حياتنا وتعاملنا وننأى بأنفسنا وألسنتنا وأقلامنا ووسائل إعلامنا عن التراشق برديء الكلام، وسيئ القول وليس معنى هذا أن نستسلم فلا ندافع عن أنفسنا ، فالمدافعة تكون أحيانا بالسكوت، والإعراض عن الجاهلين. (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً ) [الفرقان:63] معنى الكلمة :
ولو تأملنا في معنى الكلمة لوجدناها في اللغة : تطلق على الجمل المفيدة ويراد بها الكلام، كقولهم في كلمة الإخلاص :" لا إله الا الله ".ومثل هذا قول النبي عليه الصلاة السلام : (أصدق كلمة قالها لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل).
وفي اصطلاح النحاة : هي اللفظة الواحدة التي تتركب من بعض الحروف الهجائية وتدل على معنى مفرد ، والكلمة : بفتح الكاف وكسر اللام هذا هو الأفصح ، ويجوز فيها فتح الكاف وكسرها مع سكون اللام "كَتَمْرَة" و "سِدْرَة" .
والكلـمة ثلاثـة أقـسام : اسم دل على مسمى مثل (كتاب) أوفعل (كتب) أوحرف (واو القسم في قولك : والله ) .
وجاء في التنزيل قوله تعالى : ( وألزمهم كلمة التقوى ) وقوله سبحانه: ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) وقوله سبحانه : ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) .
وكل كلمة في القرآن الكريم لا تغني عنها رفيقتها ومرادفتها وهذا من إعجاز القرآن الكريم كما قال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {23}) فما تأتي من كلمة إلا في مكانها أو موضعها وتأخذ معنى خاصاً بها لا تشاركها فيه كلمة أخرى : (ومن أصدق من الله حديثا) .. (ومن أصدق من الله قيلا).

مكانة الكلمة :
الكلمة مفردة التخاطب والإعلام.. وبريد القلب والإحساس.. ونبض النفس والمشاعر.. وشاهد الضمير.. ولسان القضاء.. وأداة العلم ورسول المعرفة وسفير الحضارة ..وثـمرة اللسان.. وأداة البيان .. ودليل الصدق.. ومؤنق الأسماع ..
وقد ترقى إلى عنان السماء عندما تكون آية في كتاب الله أو حديثا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أودعاء مظلوم أو دعوة خير أوشفاعة بالمعروف (( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ))..
ولا يستخفن أحد بالكلمة فإنها أمانة ورسالة ومسؤولية ..ويكفي أن تكون شعار قائلها وسر خلوده ومناط ثوابه وعقابه .. وقد تتحول إلى صرخة استغاثة أو بارقة أمل أو لمسة حانية أو خطاب شكر وشهادة وفاء أوعبارة اعتذار أولبنة بناء ومبعث فخر ..
وأحيانا تكون عكس ذلك كله ..
فعجبا لتلك لكلمة تكون برحمة الله سبب رضوانه وبسخطه سبب عذابه ونيرانه ففي حديث أبي هريرة المتفق عليه: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ،وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم)).
فالكلمة نعمة ميز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات بالكلمة المفهومة ، وأمرنا بحسن انتقائها واستخدامها : [وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً] ـ الإسراء ـ 53. وقوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
وجعلها الله سبحانه ضابط الحسنات والسيئات إلى جانب الفعل والإرادة وجعل عليها رقيبا (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ليميز بها المصلح من المفسد .
وقد منحنا الله هذه نعمة النطق بالكلمات من أجل أن نستعملها فيما يرضيه عز وجل وأن نسخرها في طاعته وأن نؤثر الكلمة الطيبة على ما سواها ، وجعل سبحانه النطق بالكلمة الطيبة وتحريرها من علامة رضوانه و امتن بها على عباده المؤمنين بقوله سبحانه : ((وهدوا إلى الطيب من القول )).
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس