الموضوع
:
صحة تناول الدين المعاملة!!!
عرض مشاركة مفردة
04-08-2008, 10:58 PM
#
4
الجارف
عضو جديد
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
الإقامة: الحجاز..
المشاركات: 33
يرفض الإسلام الإتكالية المنهزمة التي نراها في قول أصحاب موسى له: (فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ههنا قاعدون)، ولكن يريد الإيجابية الفعالة التي تتمثل في قول أصحاب محمد: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون".
لم يكتف الإسلام من المسلم أن يكون مستقيما في نفسه، حتى يعمل على استقامة غيره، ولم يقبل المرء في عداد الفضلاء الصالحين إذا صلح هو، ولم يأبه لفساد المجتمع من حوله، بل فرض على كل مسلم ـ بقدر كفايته واستطاعته ـ الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر والمرحمة، والنصيحة في الدين،
والاهتمام بأمر المسلمين: (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله)، (والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، "الدين النصيحة"، "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
بهذا رفض الإسلام السلبية أمام الفساد الاجتماعي والسياسي، والتحلل الخلقي والديني، وطلب إلى المسلم أن يغير المنكر بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والتغيير بالقلب ليس سلبيا كما يظن، ولكنه تعبئة نفسية وشعورية ضد الفساد، لا بد أن تتجسد يوما في عمل ملموس.
ومن خصائص الأخلاق الإسلامية أنها أخلاق شاملة مستوعبة، فإذا ظن بعض الناس أن الأخلاق في الأديان تنحصر في أداء الشعائر التعبدية ونحو ذلك، فهذا إن صح في أخلاق دين ما، لا يصح أن يوصف به قانون الأخلاق في الإسلام. فإن هذا القانون لم يدع للنشاط الإنساني من ناحيتيه: الفردية والاجتماعية مجالا حيويا، أو فكريا، أو أدبيا، أو روحيا، إلا رسم له منهجا للسلوك وفق قاعدة معينة، بل تخطى علاقة الإنسان بنفسه علاقته ببني جنسه، فشمل علاقته بالكون في جملته وتفصيله، ووضع لذلك كله ما شاء الله من الآداب الراقية، والتعاليم السامية، وهكذا جمع ما فرقه الناس باسم الدين، وباسم الفلسفة، ثم كان له عليهما المزيد.
لقد شاء الله للإسلام أن يكون الرسالة العامة الخالدة، فهو هداية الله للناس كافة، من كل الأمم، وكل الطبقات، وكل الأفراد، وكل الأجيال.
والناس تختلف مواهبهم وطاقاتهم الروحية والعقلية والوجدانية، وتتفاوت مطامحهم وآمالهم، ودرجات اهتمامهم، ولهذا جمعت الفكرة الأخلاقية في الإسلام، ما فرقته الطوائف الدينية، والمذاهب الفلسفية ـ مثالية وواقعية ـ في نظرتها إلى الأخلاق وتفسيرها لمصدر الإلزام الخلقي، فلم يكن كل ما قالته هذه المذاهب والنظريات باطلا، كما لم يكن كله حقا، إنما كان عيب كل نظرية أنها نظرت من زاوية، وأغفلت أخرى، واهتمت بجانب على حساب جانب آخر، وهو أمر لازم لتفكير البشر، الذي يستحيل عليه أن ينظر في قضية ما نظرا يستوعب كل الأزمنة والأمكنة، وكل الأجناس والأشخاص، وكل الأحوال والجوانب، فهذا يحتاج إلى إحاطة إله عليم حكيم.
فلا غرو إذا كانت نظرة الإسلام، جامعة محيطة مستوعبة، لأنها ليست نظرية بشر، بل وحي من أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا.
لهذا أودع الله في هذا الدين ما يشبع كل نهمة معتدلة، وما يقنع كل ذي وجهة، ويلائم كل تطور، فمن كان مثاليا ينزع إلى الخير لذات الخير، وجد في أخلاقية الإسلام ما يرضى مثاليته، ومن كان يؤمن بمقياس السعادة، وجد في الفكرة الإسلامية ما يحقق سعادته وسعادة المجموع معه، ومن كان يؤمن بمقياس المنفعة ـ فردية أو اجتماعية ـ وجد في الإسلام ما يرضى نفعيته، ومن كان يؤمن بالترقي إلى الكمال، وجد فيه ما يحقق طلبته، ومن كان همه التكيف مع المجتمع، وجد فيه ما يلائم اجتماعيته، حتى الذي يؤمن بأهمية اللذة الحسية يستطيع أن يجدها فيما أعد الله للمؤمنين في الجنة من نعيم مادي، ومتاع حسي (فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين).
وبهذا تسمع كل أذن الأنشودة التي تحبها، وتجد كل نفس الأمنية التي تهفو إليها.
هناك أصناف ثلاثة لا مكان لها في الأخلاقية الإسلامية:
الأول: من لا يؤمن إلا باللذة الحسية الحاضرة، أو بالمنفعة الدنيوية الشخصية العاجلة، ولا يقيم وزنا لما هو مدخر له من لذائذ أكبر، ومنافع أعظم في حياة هي خير وأبقى، شعاره قول الشاعر:
ما مضى فات، والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
والثاني: الفرد الذي يرفض جميع القيم، حبا لذاته، واتباعا لهواه، أو يزعم أن القيم الأخلاقية من وضع لاستغلال طبقة أخرى، وما شابه ذلك من لغو القول.
والثالث: المغرور المتعصب الذي يصر على ألا ينظر إلى الحياة والأحياء، إلا من زاوية واحدة، وأفق ضيق، فهو سجين مذهب معين، أو سجين نظرة خاصة، لا يستطيع أن يخلص منها إلى الأفق الفسيح الذي جاءته به رسالة الإسلام.
المصدر..
رابط صورة آخر له علاقة بالموضوع هام جدا
روابط صور قيمة للاستفادة بأمر الله عز وجل.
__________________
الجارف
عرض الملف الشخصي الخاص بالعضو
إيجاد المزيد من المشاركات لـ الجارف