عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-07-2008, 10:43 AM   #6
القوس
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,839
إفتراضي

عندما نرجع للأصل . . نجد أن الله تعالى خلق الناس ( مختلفين ) اختلافاًُ في أصل الخلقة ( ذكر وأنثى ) واختلافاً في الطبائع والأفكار والميول ، واختلافاً في الصنعة والمكانة ، واختلافاً في الدّين والعمل .
قال تعالى : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين . إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم "
ثم في آيات أخرى بيّن لنا حِكماً من حِكم هذا الإختلاف ، والتي منها :
- تجلية الصابرين عن غيرهم ، قال تعالى " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً " .
- ليتخذ بعضهم بعضا سخريّاً : " ورفعنا بعضكم فوق بعض ليتخذ بعضكم بعضا سخريّاً "
- ولتتحقّق سنة المدافعة " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا " . إلى غير ذلك من حكم هذا الاختلاف .

ثم بيّن لنا كيف نتعامل مع هذا الإختلاف بما يقتضيه نوع الاختلاف وحالته ، وهذا له مبحث مهمّ وتفاصيل دقيقة قد لا يكون مجالها في مثل هذه الكلمات البسيطة .. .
لكن يهمّنا أن نعرف أنه جل وتعالى علّمنا أصولاً ثابتة للتعامل مع كل من يختلف عنّا ومعنا . . .
هذه الأصول أستطيع أن اتلمّسها في بعض آيات القرآن على ما يلي - باختصار - :
الأولى : قول الله تعالى : " والعصر . إن الإنسان لفي خسر . إلاّ الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر " .
وهذه سورة عظيمة ، قال عنها الشافعي - رحمه الله - ( لو ما أنزل الله على خلقه غير هذه السورة لكفتهم ) . .
ويهمّنا أن نتلمّس من آيات هذه السورة أهم قاعدتين وأصلين من اصول العلاقة والتعامل مع ( طبيعة الاختلاف ) بين الخَلق ، وهما :
القاعدة الأولى :
- التواصي بالحق .
( الدعوة وما يتبع ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم والتوجيه والإرشاد ) .

القاعدة الثانية :
- التواصي بالصبر .
على الدعوة وتبعات ذلك .
وهاتين القاعدتين أصلين من أصول التعامل والعلاقة مع الخَلق ، وقد تظافرت نصوص الوحي بذكر معالم هذين الأصلين العظيمين ( الدعوة والصبر ) يهمّني هنا أن أذكّر بمعلمين مهمّين :

الأول : التعاون .
قال تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان " .
الثاني : التراحم .
قال تعالى : " وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة " .
فالمعْلم الأول : محفّز للإتقان .
والمعلم الثاني : محفّز للثبات والاستمرار .

وهنا نقف عند سياق الآيات التي تؤكّد على أهمية الجماعة والاجتماع .
فنجد أن الآية في سورة العصر " إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات " هكذا بصيغة الجماعة ، الأمر الذي يعطينا دلالة أن الناجين من الخُسر والخسران - من جنس الانسان - هم الجماعة المؤمنة .

وهكذا نجد القرآن يؤكّد على قضيّة ( التعاون الاجتماعي ) في الإصلاح والتغيير .
و ( الصبر ) على هذا التعاون " وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصّابرين "
فالآية تؤكّد ان هناك اختلاف ربما يقع معه تنازع ، وتجاذب في الجماعة المؤمنة ، ثم يعقّب الله تعالى بذكر الحل " واصبروا إن الله مع الله الصابرين " .. الحل المرتبط بالنتيجة التي هي ( معيّة الله ) . .
معيّة الله هي الخيريّة التي أفهمها في قوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم " .

المقصود :
أن إدراك : أن الجماعة الواحدة أقرب إلى معيّة الله .
- وأن طبيعة البشر هي الاختلاف .
- وأن البشر كل البشر - إلاّ من عصم الله من أنبيائه - في قلوبهم نوازع ( سيئة ) كالحقد والغل ، فلا نتخيّل عندما نتعامل مع ( طائقة ) من الناس - ولو كانوا صفوة - أنهم مبرؤون من هذا ( الدّخن ) .. إننا نقرأ في منّة الله على أهل الجنة قوله : " ونزعنا ما في صدورهم من غلّ " !
إنه يحدّثنا عن أهل الجنة ، وأنه كان في قلوبهم مثل هذه النوازع . .
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كلام معناه : الحسد لا يخلو منه قلب إنسان ، لكن الكريم يكتمه واللئيم يظهره .!

عندما ندرك هذه الأمور بإيمان وواقعيّة .. نستطيع حينها أن نمنح أنفسنا طاقة من الصّبر ودعماً للتعاون مع الآخرين ( على البر والتقوى ) .

______________________________________________
للأمانة ذلك كلام اعجبني فنقلت منه بتصرف
__________________
مأساتي معاك تزيد

واتم بعيد .. وتتم بعيد
وأتم مثل الحزن ..

أنطر سحابة عيد
أجي ملهوف ..
عطش تحت المطر ملهوف
وقتي يطوف .. لوني ضايع ومخطوف
القوس غير متصل   الرد مع إقتباس