حقوق الوالدين
لا ينكر أحد فضل الوالدين على أولادهما، فالوالدان سبب وجود الولد ولهما عليه حق كبير، فقد ربياه صغيراً وتعبا من أجل راحته وسهرا من أجل منامه، تحملك أمك في بطنها وتعيش على حساب غذائها وصحتها لمدة تسعة شهور غالباً، كما أشار الله إلى ذلك في قوله: "حملته أمه وهناً على وهن" (سورة لقمان، الآية:14) ثم بعد ذلك حضانة ورضاع لمدة سنتين مع التعب والعناء والصعوبة.. والأب كذلك يسعى لعيشك وقوتك من حين الصغر حتى تبلغ أن تقوم بنفسك، ويسعى بتربيتك وتوجيهك وأنت لا تملك لنفسك ضراً ولا نفعاً؛ ولذلك أمر الله الولد الإحسان بوالديه إحساناً وشكراً. فقال تعالى "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" (سورة لقمان، الآية: 14) وقال تعالى "وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" (سورة الإسراء، الآيتان:23،24) إن حق الوالدين عليك أن تبرهما، وذلك بالإحسان إليهما قولاً وفعلاً بالمال والبدن، تتمثل أمرهما في غير معصية الله، وفي غير ما فيه ضرر عليك، تلين لهما القول، وتبسط لهما الوجه، وتقوم بخدمتهما على الوجه اللائق بهما، ولا تتضجر منهما عند الكبر والمرض والضعف، ولا تستثقل ذلك منهما فإنك سوف تكون بمنزلتهما، سوف تكون أباً كما كانا أبوين، وسوف تبلغ الكبر عند أولادك -إن قدر لك البقاء- كما بلغاه عندك، وسوف تحتاج إلى بر أولادك كما احتاجا إلى برك، فإن كنت قد قمت ببرهما فأبشر بالأجر الجزيل والمجازاة بالمثل، فمن بر والديه بره أولاده، ومن عق والديه عقه أولاده، والجزاء من جنس العمل فكما تدين تدان. ولقد جعل الله مرتبة حق الوالدين مرتبة كبيرة عالية حيث جعل حقهما بعد حقه المتضمن لحقه وحق رسوله، فقال تعالى "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" (سورة النساء، الآية 36) وقال تعالى "أن اشكر لي ولوالديك" (سورة لقمان، الآية:14) وقدم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها" قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين" قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" (رواه البخاري ومسلم) وهذا يدل على أهمية حق الوالدين الذي أضاعه كثير من الناس وصاروا إلى العقوق والقطيعة، فترى الواحد منهم لا يرى لأبيه ولا لأمه حقاً، وربما احتقرهما وازدراهما وترفع عليهما، وسيلقي مثل هذا جزاءه العاجل أو الآجل
|