منع التداوي بالمحرمات
الحمد لله الذي سير بقدرته الفلك والفلك وادار بعظمته الملك والملك اختار ادم فحسده الشيطان وغبطه الملك وافتخروا بالتسبيح والتقديس فاما ابليس فهلك{ قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}
تعالي عن وزير،وتنزه عن نظير،تقبل من خلقه اليسير ،واعطي من رزقه الكثير، فالجماد ينطق بلسان حاله ،والنبات يتكلم بحركاته واشكاله ،والكل الي التوحيد يشير{ ليس كمثله شي وهو السميع البصير} احمده تعالي وهو بالحمد جدير واقر بانه مالك التصويروالتصيير واصلي واسلم علي رسوله البشير النذير صلي الله عليه وعلي اله وصحبه صلاة وتسليما كثيرا
فصل في هدي النبي صلي الله عليه وسلم في المنع من التداوي بالمحرمات من الطب النبوي
في السنن عن ابي هريرة قال (نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث).
وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الجعفي انه سال النبي صلي الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه اوكره ان يصنعها فقال: انما اصنعها للدواء فقال:" انه ليس بدواء ولكنه داء"
وفي السنن انه صلي الله عايه وسلم سئل عن الخمر يجعل في الدواء فقال:" انها داء وليست بالدواء ".رواه ابو داود والترمذي
وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الحضرمي قال: قلت: يارسول الله ان بارضنا اعنابا نعتصرها فنشرب منها قال:" لا " .فراجعته قلت :انا نستشفي للمريض .قال :"ان ذلك ليس بشفاء ولكنه داء".
وفي سنن النسائي ان طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند رسول الله صلي الله عايه وسلم
(فنهاه عن قتلها).
المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا.
اما الشرع:فما ذكرنا من هذه الاحاديث وغيرها اما العقل فهو ان الله سبحانه انما حرمه لخبثه فانه لم يحرم علي هذه الامة طيبا عقوبة لها كما حرمه علي بني اسرائيل بقوله{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم }.
وانما حرم علي هذه الامة ماحرم لخبثه وتحريمه له حمية لهم وصيانة عن تناوله فلا يناسب ان يطلب به الشفاءمن الاسقام والعلل فانه وان اثر في ازالتها لكنه يعقب سقما اعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه فيكون المداوي به قد سعي في ازالة سقم البدن بسقم القلب وايضا فان تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق وفي اتخاذه دواء حض
علي الترغيب فيه وملابسته وهذا ضد مقصود الشارع وايضا فانه داء كما نص عليه صاحب الشريعة فلا يجوز ان يتخذ دواء
وايضا: فاءنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث لان الطبيعة تنفعل عن كيفية الدعاء انفعالا بينا فاذا كانت كيفيته خبيثة اكتسبت الطبيعة منه خبثا فكيف اذا كان خبيثا في ذاته ولهذا حرم الله سبحانه علي عباده الاغذية والاشربةوالملابس الخبيثة لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته.
وايضا: فان في ابحة التداوي به ولاسيما اذا كانت النفوس تميل اليه ذريعة الي تناوله للشهوة واللذةلاسيما اذا عرفت النفوس انه نافع لها مزيل لأسقامها جالب لشفائها فهذا أحب شئ اليها والشارع سد الذريعة الي تناوله بكل ممكن ولا ريب ان بين سد الذريعة الي تناوله وفتح الذريعة الي تناوله تناقضا وتعارضا.
وأيضا: فاءن في هذا الدواء المحرم من الأدواء مايزيد علي مايظن فيه من الشفاء ولنفرض الكلام في أم الخبائث ،التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط فاءنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء وكثير من الفقهاء والمتكلمين
قال ابوقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة: ضرر الخمر بالرأس شديد ،لأنه يسرع الارتفاع اليه ويرتفع بارتفاعه الاخلاط التي تعلو في البدن وهو كذلك يضر بالذهن
قال صاحب (الكامل): ان خاصية الشراب الاضرار بالدماغ والعصب واما غيره من الادوية المحرمة .نوعان احدهما :تعافه النفس ولاتنبعث لمساعدته الطبيعة علي دفع المرض به كالسموم ولحوم الافاعي وغيرها من المستقذرات فيبقي كلا علي الطبيعة مثقلا لها فيصير حينئذ داء لا دواء .
والثاني: مالا تعافه النفس كالشراب الذي تستعمله الحوامل مثلا فهذا ضرره اكثر من نفعه والعقل يقضي بتحريم ذلك فالعقل والفطرة مطابق للشرع في تحريم ذلك. وها هنا سر لطيف في كون المحرمات لا يستشفي بها فاءن شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء فاءن النافع هو المبارك وانفع الأشياء أبركها والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حل ،ومعلوم ان اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها وبين حسن ظنه بها وتلقي طبعه بها بالقبول بل كلما كان العبد اعظم ايمانا كان اكره لها واسوا اعتقادا فيها ،وطبعه اكره شئ لها
فاءذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لادواء الا أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة وهذا ينافي الايمان فلا يتناولها المؤمن قط الا علي وجه داء والله أعلم.
|