عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-06-2008, 12:52 PM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

6ـ تدني البحث العلمي، وانقطاع هيئاته العاملة عن التواصل شعبيا مع المزارعين والمنتجين المحليين.

البحث بحد ذاته، هو إعمال العقل لإيجاد مخرج من ورطة أو مشكلة ما. في العراق يطلق الأهالي هناك على الدجاج البلدي اسم (بحاث) أي الذي يجتهد للعثور على رزقه، وهناك من يقول : لا، إن الأصل في البحث هو (البحش) أي نبش التربة لالتقاط الرزق من تحتها، على العموم لا فرق بين المنحيين.

في القطاع الاقتصادي، يكتشف من يقوم بالإنتاج أن هناك انخفاضا في مبيعاته، نتيجة وجود سلع مشابهة يطرحها آخرون بسعر أقل، فيقبل المشترون على تلك السلع ويمتنعون عن السلع التي ترتفع أسعارها.

تتركز مهمة بحث المنتجين الصغار، على تقليل الكلفة في إنتاج السلعة، مع تحسين مواصفاتها، من حيث الاستساغة والتغليف والقيمة الغذائية (في منتجات الغذاء). وهذا يتطلب البحث في كل عنصر من عناصر إنتاج السلعة، المواد الخام العمالة، النقل، الخ.

أما بالنسبة للدول، فالبحث يأخذ منحى أكثر شمولا من البحث الذي يقوم به الأفراد أو الشركات الخاصة. فهو يعني الأمن بالدرجة الأولى، فتحقيق الأمن الغذائي، يقلل من المعاناة المرضية الناتجة من نقص الغذاء، ويقلل من الجنوح الى الجريمة التي تكون أحد مسبباتها ضيق الرزق. وتسمى الدول المتخلفة بذاك الاسم، عندما تقل قدرتها على تأمين الغذاء لأبنائها، وتعتبر متخلفة حتى لو كانت غنية إذا ما جاء دخلها من نوع معين من النشاط الاقتصادي، فإن كانت تعتمد على القمح وحده أو الفوسفات وحدها أو النفط وحده أو الألماس وحده، فهي متخلفة. فالتنوع بالاقتصاد والحضور الاقتصادي في مجالات مختلفة عالميا، هو ما يعطي الدولة صفة التقدم والريادة.

هل نحن بحاجة الى البحث العلمي الزراعي؟

قد يستغرب البعض من طرح هذا السؤال، ولكن ما دفعني الى طرحه هما سببان:

الأول: أن هناك من السياسيين والمسئولين في البلدان العربية من طرح مثل هذا السؤال وآمن به، ودفع من يؤمن به ليؤثر على الأداء الحكومي في المجال الزراعي وحجة هؤلاء تنبع من اعتقادين:
أ ـ أن عمومية العلم (مشاعيته العالمية) تجعلنا نستفيد ممن قطعوا شأوا بعيدا في هذا المجال، وليس بإمكاننا اللحاق بهم لضعف كوادرنا وإمكانياتنا، فلماذا نصرف أموالا طائلة في مجالات لسنا في وضع يسمح لنا بها، إضافة الى أن المجال الزراعي هو من المجالات التي يمكن تغطيتها بالاستيراد، خصوصا أن مردود الإنتاج في بلادنا أضعف من أنه يبقي العاملين متشبثين فيه، إضافة الى أن كلفته هي أكثر من الناتج المحصل عليه.

لقد واجه الذين أطلقوا شعار (الزراعة بديل النفط) في العراق أواسط السبعينات من القرن الماضي، حملات انتقاد كبيرة، حيث قيل في وقتها أن إنتاج ثلاثة أيام من النفط كفيل لأن نحضر القمح من أستراليا للعراقيين بما يكفيهم طوال العام. واكتشف هؤلاء أنهم كانوا على خطأ عندما أثيرت عملية منع توريد القمح للعراق، التي رافقت الحملة الغربية ضد ما أسموه (المدفع العملاق) وأسلحة الدمار الشامل (في الثلث الأول من عام 1990 أي قبل غزو الكويت!)

ب ـ إن البحث العلمي، لن يكون ذا فائدة، في بلد لم يستكمل أسس بناءه العام على مختلف الأصعدة، وهذا نراه في الأقسام المخصصة للدراسات النووية خصوصا في بلدان المغرب العربي، حيث يعاني الخريجون من انعدام فرص العمل، فيضطرون للهجرة، فما فائدة أن تصرف دولة نامية على تهيئة كوادرها لتصدرهم أخيرا (مجانا) الى الدول المتقدمة؟

هل هناك أبحاث في الدول العربية؟

نعم هناك أبحاث، لكنها لا ترتقي الى درجة تغطية الحاجة الى البحث. فما الفائدة من أن يخرج علينا أحدهم ويقول : (لقد اكتشفت الجوارب أو معجون الأسنان؟) والعالم اكتشفها منذ أمد. فالبحث النافع هو كإشارة المرور، يجب أن يكون قريبا من النقطة الواجب التحذير منها، ويسبقها، لا يتبعها، (أمامك منعطف، أمامك منحدر، ممنوع المرور)، ولن يكون من تلك الإشارات فائدة إذا كان وجودها بعد المنعطف أو المنحدر أو بمنتصف الطريق الممنوع المرور من خلاله.

حاولت الأمم المتحدة، من خلال منظمة الزراعة والغذاء الدولية FAO أن تلزم (أدبيا) الدول بتخصيص 2% من ميزانياتها للبحث العلمي، ولكن في بلادنا لم تصل هذه النسبة عشر هذا التخصيص المنصوح فيه. وحتى تلك النسبة الضئيلة لا يستفاد منها تلك الاستفادة الموازية لما خصص لها من أموال.

ولو ألقينا نظرة على الأرقام التالية المأخوذة قبل انهيار الاتحاد السوفييتي والمجموعة الشرقية، لتبين لنا فداحة الأوضاع المتخلفة لدينا:*1


صرفت البلدان المتقدمة 81 مليار دولار للبحث العلمي، بمعدل111دولار/مواطن
صرفت دول أوروبا الشرقية 40مليار دولار، بمعدل 114دولار/مواطن
صرفت كل الدول النامية 2مليار دولار بمعدل 1دولار/مواطن.
أستراليا 880 مليون دولار بمعدل 76 دولار/مواطن
كندا 1.350 مليار دولار بمعدل 61 دولار /مواطن
الولايات المتحدة 31 مليار بمعدل 146 دولار/مواطن
السودان 9 ملايين دولار بمعدل نصف دولار /مواطن
العراق 25 مليون دولار بمعدل 2.3 دولار/مواطن
مصر 47 مليون دولار بمعدل 1.5دولار/مواطن

عناصر العلوم والتكنولوجيا تتمثل في :

1ـ مكانة العلوم والتكنولوجيا في جميع مراحل التعليم وأنواعه في المجتمع. وهذه تبدأ عادة بالمرحلة الدراسية المتوسطة وتستمر حتى التخصص في أعلى المعاهد والجامعات.

2ـ البحوث العلمية وعمليات التطوير. وتناط مهامها بكليات الزراعة ومعاهدها ومراكز البحث العلمي بوزارات الزراعة. كما يمكن للاتحادات الزراعية النوعية (اتحاد منتجي الدواجن، الأسماك، الأشتال، الخ) القيام بتلك البحوث وتمويلها بالتعاون مع النقابات المهنية والدولة.


3ـ تسخير نتائج البحوث وتطبيقها فورا. وهذا يتم عبر محطات البحث العلمي ونقل التجارب من خلال فرق الإرشاد المتدربة على النقلات العلمية النوعية.

4ـ الخدمات العلمية والتكنولوجية: وهذا ممكن أن يكون بشكل مختبرات تلحق بالكليات ومعاهد الزراعة العالية تكون على صلة بالجمهور لترشده وتحل مشاكله.




هوامش
*1ـ جدول ذكره غانم سعد الله/ ورد في المؤتمر الفني الدوري السادس لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب/صفحة 631
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس