كلما نظرت إلى مؤشر الساعة تمنيت أن يقف مكانه
وكلما ألتفت إلى أمي تمنيت أن تمر الدقائق والساعات
بأسرع مايمكن ويأتي الموعد ..
بين هذا وذاك وبين الليات التي شبكت في يدي أمي
وبين فترات دخول الأطباء والممرضين على أمي
وبعد انتهاء الزيارة وذهاب الأحبة ..
وفي منتصف الليل أجلس مع الغالية
حديث الروح للروح .. فيا الله ما أعظمها وما أجملها من لحظات
استأذنت الغالية بكتابة كل مادار فوافقت ( عافاها الله ومتعنا بصحتها )
ثم إذا جاء الموعد .. الساعة العاشرة صباحاً ..
كل الفحوصات والاستعدادت جاهزة ولله الحمد ..
تمر الساعة والساعتين والثلاث بانتظار الذهاب إلى هناك ..
حتى الساعة الثالثة عصراً ..
يتصل الطبيب .. من غرفة العمليات ..
الأخ خالد .. أكلمك الآن من غرفة العمليات ومازلنا لم ننهي العملية الثانية
فعذرا سنؤجل عملية والدتك إلى السبت !!
أسكت برهة .. أفكاروخواطر سريعة بين الفرح والضيق ..
أعانكم الله يا دكتور والأهم الآن هي المخدرة بين أيديكم
على أنكم جوعتوا أمي .. يضحك الطبيب
ويقول كل تأخيره فيها خيرة وهي على أجر إن شاء الله .. إن شاء الله
أعود في اليوم التالي لعملي
والكل يسأل ويدعو الله أن يسهل أمورها ..
يوم السبت الساعة العاشرة بعد التأكد من كل شيء
نذهب إلى هناك وفي غرفة ماقبل العملية
أمي تذكر الله وتستغفره وأنا عند رأسها ..
ربع ساعة ثم يأخذونها إلى غرفة العمليات
قبلات على رأسها وكقيها وضمة من صدرها الحنون
أمي ستخرجين بأحسن حال بإذن الله
أدع لي ياولدي ..
دخلت أمي الساعة العاشرة والنصف ..
يخرج الطبيب .. ويشير إلى أن هناك استراحة وتابع حالة والدتك عن طريق هذه الشاشة وبإذن الله تكون بخير وادعو الله لها ..
مسكت يد الطبيب وقلت بالله عليك يادكتور أرفق عليها
وابذل ما تستطيع .. ووفقك الله وأعانك
ابتسم وهو يقول أسأل الله أن يشفيها ويعافيها ويخرجها سالمة ..
جلست هناك ..
الدقائق تحولت إلى ساعات والوقت لا يكاد يمضي ..
الساعة الحادية عشرة ثم الثانية عشرة
على الشاشة : رقم المريض .. قادم من : ج / د 3 ..
غرفة : واحد .. الاستشاري : هاني .. العملية لم تنتهي ..
مابين ذكر الله واستغفار ودعاء تأتيني فكرة ..
( السلام عليكم .. أمي الآن في غرفة العمليات
أرجوك ارفع يديك وادع لها .. وجزاك الله خيرا )
هذه رسالة جوال أرسلتها في تلك اللحظات
لكثير من الأحبة
فانهالت الدعوات والاتصالات
مما خفف وكان كالماء الزلال على أرض قفر ..
الساعة الواحدة تليها الثانية ثم الثالثة ..
الساعة الرابعة .. انتهت العملية ..
أمام غرفة العمليات يخرج الدكتور
وكان في يدي كوب شاي ساخن
رحمة من الله تمالكت نفسي قبل أن يسقط من يدي
بشر يادكتور !!
الحمد لله هي بخير الآن وبعد ربع إلى نصف ساعة بإمكانك الدخول عليها
الله يبشرك بالخير .. وش سويتوا ؟؟!!
شرح لي ما عمله بالضبط ..
وقلت بارك الله فيك يادكتور وأكثر من خمس ساعات
لا أظن إلا أنك بذلك قصارى جهدك لإنقاذ أمي بعد الله
الحمد لله بذلنا والفريق الطبي ما نعتقد أنه الأنسب لها
وبإذن الله ستتحسن حالتها في الأيام القادمة ..
شكراً من قلبي لك يادكتور وجزاك الله خيرا ..
حاولت أن أدخل على أمي لكن قالوا لي ليس من صالحها الآن
انتظر فتأثير البنج مازال ..
نصف ساعة أو تزيد بعدها أتو بأمي ..
الحمد لله ..الحمد لله .. الحمد لله ..
كنا جميعاَ نردد ذلك ..
تمر الساعات واليوم الأول .. بعده الثاني وبحمد الواحد الأحد
تتماثل أمي للشفاء
أجلس مع مساعد الطبيب ..
ويقول لي بأمانة أنتو شو عملتوا للدكتور هاني ؟!!
قلت ليه ؟
قال : والله لم يترك استشاري في أي تخصص إلا استشاره
في عملية والدتك وكان حريصاً جداً .
قلت والله يادكتور إنها دعوات الأحبة بعد توفيق الله ..
أسأل الله الذي جل في علاه .. ولم يخيب عبداَ دعاه
أسأل الواحد الأحد الفرد الصمد الذي إذا أراد شيئاً
قال له كن فيكون
الذي قال ( إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا )
أسأله أن يمن على والدتي بالشفاء العاجل
ويخرجها من المستشفى وقد زال عنها كل ألم وضيق
كما أسأله أن يجزي كل من سأل أو دعا أن يجزيه خير الجزاء
ويعلي منزلته في الدارين ويرحمنا الله وإياه ووالدينا ..
والحمد لله رب العالمين ..
__________________
الحياة قصيرة فلا تقصرها بالهم والأكدار الشيخ /ابن سعدي
|