الموضوع
:
الوجيز في تأويل الكتاب العزيز
عرض مشاركة مفردة
27-05-2008, 12:49 PM
#
15
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
السلام عليكم
تأويل سورة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
:
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
(1)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
(2)
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
(3)
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
(4)
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
(5)
.
قال الطبري رحمه الله"
يقول تعالى ذكره: إنا أنـزلنا هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القَدْر، وهي ليلة الحُكْم التي يقضي الله فيها قضاء السنة؛ وهو مصدر من قولهم: قَدَرَ الله عليّ هذا الأمر، فهو يَقْدُر قَدْرا.
----------------------------------
*
ثمّ ذكر من قال ذلك: والأقوال هي
#
عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن كله مرة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئًا أنـزله منه حتى جمعه.
# عن ابن عباس، قال: أنـزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، وكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه، فهو قوله: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .
# عن الشعبيّ، أنه قال في قول الله:
( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
) قال: نـزل أول القرآن في ليلة القدر.
# عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن في ليلة من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فُرِّق في السنين، وتلا ابن عباس هذه الآية:
فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
قال: نـزل متفرّقا.
# عن الشعبيّ، في قوله:
( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )
قال: بلغنا أن القرآن نـزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
# عن سعيد بن جُبير: أنـزل القرآن جملة واحدة، ثم أنـزل ربنا في ليلة القدر:
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
.
# عن ابن عباس، في قوله
( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
) قال: أنـزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر، إلى السماء الدنيا، فكان بموقع النجوم، فكان الله ينـزله على رسوله، بعضه في أثر بعض، ثم قرأ:
وقالوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا
.
# عن مجاهد ( ليلة القدر) : ليلة الحكم
# عن سعيد بن جُبير: يؤذن للحجاج في ليلة القدر، فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادر منهم أحد، ولا يُزاد فيهم، ولا ينقص منهم.
# ربيعة بن كلثوم، قال: قال رجل للحسن وأنا أسمع: رأيت ليلة القدر في كلّ رمضان هي؟ قال: نعم، والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي كلّ رمضان، وإنها لليلة القدر،
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
فيها يقضي الله كلّ أجل وعمل ورزق، إلى مثلها.
# عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر. قال: ليلة القدر في كلّ رمضان.
------------------------------------------
ثمّ قال--
وقوله:
( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
) يقول: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء ليلة القدر خير من ألف شهر.
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير منَ العمل في غيرها ألف شهر.
-----------------------------
ثمّ قال"
وقال آخرون: معنى ذلك أن ليلة القدر خير من ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر.
----------------------------------
ثمّ قال"
عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتى يُمْسِيَ، ففعل ذلك ألف شهر، فأنـزل الله هذه الآية:
( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.
----------------------------
ثمّ قال"
وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنـزيل قول من قال: عملٌ في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر. وأما الأقوال الأخر، فدعاوى معان باطلة، لا دلالة عليها من خبر ولا عقل، ولا هي موجودة في التنـزيل.
--------------------------------------------------------------
ثمّ قال"
وقوله:
( تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ )
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: تنـزل الملائكة وجبريل معهم، وهو الروح في ليلة القدر (
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
) يعني بإذن ربهم، من كلّ أمر قضاه الله في تلك السنة، من رزق وأجل وغير ذلك.
----------------------------------------
*ثمّ ذكر من قال ذلك:
عن قتادة، في قوله: (
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
) قال: يقضى فيها ما يكون في السنة إلى مثلها.
فقال معقبا"
فعلى هذا القول منتهى الخبر، وموضع الوقف من كلّ أمر.
----------------------------
ثمّ قال"
وقال آخرون: (
تَنـزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ
) لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلَّموا عليه.
# عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: "
من كل امرئ سلام
----------------------------
مناقشة قراءة " من كل امرئ سلام "
وهذه القراءة من قرأ بها وجَّه معنى من كلّ امرئ: من كلّ ملَك؛ كان معناه عنده: تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلّ ملك يسلم على المؤمنين والمؤمنات؛ ولا أرى القراءة بها جائزة، لإجماع الحجة من القرّاء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين، وذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله " أمر " ياء، وإذا قُرِئت:
( مِنْ كُلّ امْرِئ )
لحقتها همزة، تصير في الخطّ ياء.
--------------------------------------------
ثمّ رجّح فقال"
والصواب من القول في ذلك: القول الأوّل الذي ذكرناه قبل، على ما تأوّله قتادة.
--------------------------------------------
ثمّ قال"--
وقوله:
( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها.
------------------------------------------
ثمّ قال "
وعُنِي بقوله:
( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
: إلى مطلع الفجر.
----------------------------------------
ثمّ ناقش قراءة
"( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )"
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:
( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار، سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي (
مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
بفتح اللام، بمعنى: حتى طلوع الفجر؛ تقول العرب: طلعت الشمس طلوعا ومطلعا. وقرأ ذلك يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي: (
حتى مَطْلِعِ الْفَجْرِ )
بكسر اللام، توجيها منهم ذلك إلى الاكتفاء بالاسم من المصدر، وهم ينوون بذلك المصدر.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا: فتح اللام لصحة معناه في العربية، وذلك أن المطلع بالفتح هو الطلوع، والمطلع بالكسر: هو الموضع الذي تطلع منه، ولا معنى للموضع الذي تطلع منه في هذا الموضع.
------------------------------------------------
آخر تأويل سورة القدر
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/
جمال الشرباتي
عرض الملف الشخصي الخاص بالعضو
إيجاد المزيد من المشاركات لـ جمال الشرباتي