جولة بوش في المنطقة خلال الفترة من 13 إلى 18 مايو ، صبت المزيد من الزيت على نيران أزماتها المشتعلة ، خاصة وأنها انحازت بشكل تام لإسرائيل ، سواء كان ذلك عبر الهدايا المجانية غير المسبوقة التي قدمها لتل أبيب أو من خلال تجاهل الحديث عن الدولة الفلسطينية وفرض إملاءات جديدة على العرب لرفع إنتاج النفط والتصدي لما أسماه إرهاب حماس وحزب الله.
ففي كلمته التي ألقاها في 18 مايو أمام منتدى دافوس بشرم الشيخ ، تعمد بوش إحراج الزعماء العرب عندما تغنى مجددا بديمقراطية إسرائيل المزعومة ، مهددا في الوقت ذاته بفرض الديمقراطية الغربية على المنطقة بقوله إنه يعتقد بقوة بأن النصف الأول من القرن الحادي والعشرين سيكون الفترة التي يعم فيها التقدم الديمقراطي منطقة الشرق الأوسط وإنه يجب على قادة الشرق الأوسط تبني الديمقراطية والحريات في منطقتهم المضطربة واعتناق التغييرات الضرورية استعدادا لليوم الذي ستكون فيه قيم العدالة والحرية والتسامح هي الأساس الذي ستقوم عليه المنطقة.
وواصل استفزازه للعرب ، قائلا :" أمريكا هي أكثر دولة تقود الديمقراطية والشعب هناك يقوم بالصلاة دون الخوف من الدولة فنحن لا نعاقب البشر لدياناتهم ولا نعاقبهم مثلا على إسلامهم ، فالديمقراطية هي الشكل الوحيد الذي يضمن الحماية ، البعض يقول إن الانتخابات هي الديمقراطية لكن الديمقراطية هي وجود الأحزاب والتشاور والحرية ، هي أن تشارك المعارضة في الانتخابات دون أن تتعرض للمضايقة ، لكن الشرق الأوسط شهد ضغطا على الصحف والمجلات وتتعرض المعارضة للضغط لإسكات صوتها وحان الوقت للدول لأن تتوقف عن ذلك وتعطي الناس حرياتها وتسمح للشعوب بتحديد مستقبلها".
وأضاف أيضا " أتيحت لي الفرصة لإلقاء كلمة أمام الكنيست، الهيئة التشريعية الإسرائيلية المنتخبة، وقد ذكرت أولئك القادة الذين يتمتعون بالديمقراطية بأن أمريكا كانت أول دولة في العالم تعترف باستقلال إسرائيل، كما أبلغتهم بأن أمريكا فخورة بأن تكون بعد 60 عاما أفضل صديق لإسرائيل في العالم".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل إنه سعى لإشعال مزيد من الفتن داخل فلسطين ولبنان وبين العرب وإيران عندما طالب دول المنطقة بالتصدي لحماس وحزب الله ومنع سوريا وإيران من دعم ما أسماه الإرهاب ، قائلا :" إن كل الدول المسالمة لديها مصلحة في معارضة طموحات إيران النووية، لأن السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي سيكون خيانة لا تغتفر للأجيال المقبلة".
أما بالنسبة للسعودية ، فقد قابل بوش قرارها عشية زيارته زيادة إنتاجها النفطي بمقدار 300 ألف برميل يوميا بفتور شديد ، بل إنه فيما يبدو وجه لها أيضا رسالة تحذير في هذا الصدد ، قائلا :" إن تحرك السعودية لزيادة إنتاج النفط لسد النقص في الإنتاج في دول أخرى لن يحل مشكلة ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة ، لقد أبلغت العاهل السعودي بأن من مصلحة السعودية على المدى الطويل زيادة إنتاجها من النفط وقلت له بكل وضوح إنه لابد لكم من أن تشعروا بالقلق من تأثير الأسعار المرتفعة للنفط على بعض الدول المستهلكة في العالم، وليس هذا فحسب، فارتفاع أسعار الطاقة سيحمل دولا مثل دولتي على زيادة وتيرة التحرك نحو إيجاد طاقة بديلة".