عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-05-2008, 03:03 PM   #244
بيلسان
صاحبة المخالب المخملية
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
الإقامة: في ذاكرة رجل..
المشاركات: 2,722
إفتراضي قالت د.لانا مامكغ في مقالها (تحذير)



قد تحرص على أن تتّخذ لنفسك مكانا منعزلاً بعيداً عن الضوضاء، فتقفل أبوابك ونوافذك جيّداً لمزيد من الإمعان في خلوتك، ثمّ تركن أخيراً إلى الصمت والهدوء والرتابة...

فجأة، تتسرّب إلى خلاياك موسيقى لم تسمعها من قبل... وتفاجأ بنمو حشائش ندية على وسادتك... وتنبّئك العصافير بميلاد قوس قزح، وبتفتّح آلاف الأزهار البرية... وتهمس لك بأنّ الشمس أقرب إليك ممّا تتصوّر... وبأنّ القمر يغفو على عتبة بابك الموصد! هذا ما يحدث حين تتسلّم قلوبنا المتعبة دعوة الحب... هذا ما يحدث حين يداهمك ذلك الشعور العذب للانجذاب الغامض لإنسان ما، دون أن تدري لذلك سبباً واضحاً، فتشحنك هذه المشاعر بمرح طفولي غامر لتكتشف في ذاتك قدرات هائلة على حب كل الناس والأشياء بعد أن حسبت لزمن مضى أنّك قد أصبت بالعقم العاطفي! ولو كان الأمر بيدي، لكنت وضعت نقطة هنا، أنهيت كل قصص الحب عند هذه المرحلة، دون التفكير في بدء سطر جديد مهما بدا ذلك طبيعيّاً وهاماً وساحراً! وإذا قال قائل أنّ الحب لا يحتمل الكثير من المنطق، أقول: إنّ بعضاً من العقلانية قد تقتضي الحرص على أن نبقي التجربة في أرق وأحلى مراحلها، أن نبقي هكذا مشاعر فراشات ملونة... تهيم في أيامنا وساعاتنا لتملأها إشراقاً، لأنّ استعجالنا للنهايات يؤدي في بعض الأحيان إلى خيبات أمل مريرة تعيد الواحد منّا مدحوراً إلى مكانه القصي مرّة أخرى ليقفل أبوابه ونوافذه بحرص أشد بحيث قد تحول دونه ودون الحياة نفسها هذه المرة! فبعض قصص الحب لا تعدو أن تكون حفلة ألعاب نارية تملأ سماءك بالوهج والألق وتحيل ليلك إلى نهار كاذب، ثمّ سرعان ما ينطفىء كل شيء ولا يتبقى لديك سوى الصداع والشعور بفقدان الوزن! وبعضها هو وليد ظروف آنيّة تتعلّق بالزمان والمكان، أو بالشعور المدمّر بالفراغ الذي كثيراً ما يحوّل القلب إلى حجرة صالحة لسكن أي عابر سبيل! أمّا أخطرها فهو حين تدرك بوعي وبإحساس غامر ودائم الحضور بأنك التقيت بالإنسان المناسب في الزمان والمكان غير المناسبين وحين تمتد المسافات بينكما وتتعقّد لتصبح أيّة محاولة للاقتراب أو التواصل عبثاً من نوع ما! وقد يكون هذا ما عناه (برنارد شو) حين قال: في حياة كل إنسان مأساتان، أوّلها حين يفقد الحب، والثانية حين يجده! بناء عليه، ألا ترون معي أهمية وضع النقطة في المكان المناسب أو في المرحلة الضرورية؟ على الأقل قبل أن يجد الواحد منا نفسه أمام المأساة ثانية التي قد ترافقه حتى نهاية العمر...
بيلسان غير متصل   الرد مع إقتباس