وايضا من منهج المتطرفين المنحرف : انهم يعلنون الجهاد من جانبهم من غير حاكم مسلم ولا اجماع او غالبية من العلماء ، واحيانا مع حاكم متطرف منهم يعلن الجهاد بغير وجه شرعي بل لامور تساند فكره المتطرف على غيره من الناس.
فيجب على اهل العلم والحل والعقد تقيم امره ، وعلى حكام المسلمين من حوله عمل ما هو مناسب لمواجهته لحماية المسلمين من ظلمه .
اما عن ما يفعله المتطرفون من اعلان الجهاد، فان الجهاد واقامة الحدود واخذ الزكاة بالقوة لا يكون الا من الحاكم ، واما عامة المسلمين عليهم الانكار فقط او بيده داخل بيته دون الحدود.
فالجهاد له احكام كالصلاة والصيام وليس لكل شخص ان يعلنه على رايه او على خصمه بهواه ، واي قتال يخرج به الناس على غيرهم وان كان الاخرين على خطاء فلا يكون شرعي حتى يكون تحت راية سلطان قال تعالى : ( واذا استنفرتم فانفروا ) أي اذا طلب منكم والمراد به طلب السلطان، ويجب ان يعرف ان للجهاد فقه واسع ولابد ان يعلم:
من يقاتل ، ولماذا يقاتل ، وعلى أي شئ يقاتل ، ومتى يقاتل، وكيف يقاتل.
ويجب ان يكون كل ذلك وفق تعاليم الدين ، علما بان ما يفعل ادعياء الجهاد في عصرنا هذا هو من التهور وتصفية حسابات خاصة وليس له مشروعية وان كان العدو كافر ، وذلك ليس للدفاع عن كافر ولكن لان الجهاد ومن يجاهدون لم يستوفوا الشروط الشرعية .
اذ انه حتى ضد الكفار له موازانات وضوابط واذا كان ياتي بضرر على عامة المسلمين وتشريدهم بدلا من الاستقرار وترويعهم بدلا من الامان ، فلم يكن شرعيا اذ ان حماية المسلمين الموجودين اولى من طلب اسلام الجدد ، بل ان الله تعالى منع رسوله ص من حرب اهل مكة ايام الحديبة لعلمه ان هناك تسعة مسلمين (سبعة رجال وامرتان ) حتى لا يصابون والناس لا يعرفونهم قال تعالى في سورة الفتح بعد ان اكد كفر الخصوم وظلمهم للمسلمين وردهم لهم ومنعهم من الاداء العمرة حتى منعوا الهدي ان يذبح في مكة فبين تعالى ان ذلك كله لم يكن مبرر لاصابة ألئك المجهولين ، فقال تعالى : ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ان يبلغ محله ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما) 25 الفتح.
علما بان حرية الدعوة اليوم مكفولة ولم تكن هناك حاجة للقتال لاجل الإسلام ، خاصة ألأقليات المسلمة في البلاد الغير اسلامية ولكن لها حرية في دينها وعقيدتها فليس من الصواب اثارة الاخرين بدعوى الانفصال لاقامة دولة اسلامية ، في حين من يقوم بذلك هو من اجهلهم بقواعد الدين ، فقط يتظاهر باللحية الطويلة ويريد ان يحكم الاخرين.
ان اثارة الحروب غير المتكافئة لا مصلحة للمسلمين فيها، وعليهم تعليم الناس عقيدتهم ، وبالأكثر ان وجدوا المناخ صالح يطالبون بحرية في تنفيذ قوانينهم الاسلامية داخل الدولة القائمة والمهيأة لذلك ، لان محاولة الاستقلال تدفع بالاخرين لمحاربتهم لاجل منع الانفصال وليس لمنع الإسلام ، فصارت محاولة الانفصال هي سبب التنكيل بالمسلمين وليس مجرد الإسلام ، في حين انهم لا يحظرون الإسلام كدين ، فهؤلاء المتهورون صنعوا للاسلام والمسلمين عداوات وحروب كانوا في غنى عنها ، فيجب دعوة الناس لتوصيل الدين اليهم ، وان يعكسون الصورة الطيبة ، لكن كثير ممن يعلون الجهاد هم جعلوا ذلك شركات استثمارية ، باسم الجهاد تجمع الاموال ويقتل المساكين فيقولون : انظروا الى جهادنا اين انتم ايها المسلمون ونحن نقتل؟
فينظر الناس للنتاج الاخير الذي أثاروه هم ، فتجمع الاموال، وتهدر الدماء ، وتحمى المصالح الشخصية، وتهمل الرعية ، ويذهب الشعب المسكين الى المحارق والمهالك باسم الدين ، واحسنهم هائمون مشردين ، واما القادة المجاهدون تعرف في وجوههم نضرة النعيم .
ان اي حرب باسم الإسلام عامة ، او لحماية الإسلام كدين ، لا تكون الا بعد ان تقرها المؤسسات الرسمية التي تمثل حكام المسلين عموما وعلماء الامة ، لان امر الإسلام امر للجميع وما يخص العامة لا يحق للخاصة ان ينفردوا به وما هو من شان الحكام لا يحق للعوام فعله.
واما المؤسسات الرسمية في عصرنا اما ان تكون منظمة المؤتمر الاسلامي حسب النظم الحالية ، او رابطة العالم الاسلامي فهم من يمثل الامر العام لمسلمين، ولكل بلد فيما يخصه هو صلاحياته الخاصة اما امر العامة ليس لمتهور ان يعلن حرب ضد جهة بتهوره ولمصالح افراده ثم ياتي ويصرخ في المسلمين ادركوني وساعدوني .
ان أي حرب صنعتها جهة ابتداء منفردة يجب ان لا تعاون عليها لان عامة المسلمين لم يكونوا قد اقروا ذلك ولم يعدوا له عدة وانما هو تهور من البعض فهم الذين يدفعون الثمن وليس الشعوب البريئة ، وبهذا نتحاشى كثير من الحروب السياسية التي يكسوها البعض ثوب الدين ليجد عون المسلمين ، ويبدد اموالهم التي كانت تساهم في الاعمار وعلى الاقل تأليف الاخرين.
ومن منهجهم المنحرف ان ذلك التكفير للحاكم والمتحاكمين اليه ، يرتبون عليه احكام المشركين المحاربين ، بحيث يستحلون مال المخالفين ونساءهم، مع ان علي ض عندما قاتل الخوارج وهم على باضل لم يستحل نساءهم ، اما هم من تشددهم حتى الجنين في بطن امه يكفروه .
هذا الى جانب تكفيرهم للحاكم المعتدل المحكم للشريعة كلها الا مسالة خلافية ، خالفهم فيها وهو محق وحتى لو كانت محل خلاف واجتهاد فهم يكفرونه، مثال تكفيرهم لامير المؤمنين علي ض في مسالة الحكمين وما كان ض علمانيا ، فمن فعلوا ذلك من باب اولى في منهجهم المنحرف ان يكفر اسلافهم من هو دون الصحابة من الحكام المسلمين ، وكذلك يكفرون جميع المسلمين الذين تحت هذا الحاكم الذي كفروه في مسالة غير متفق عليها ولا اقامة حجة فالشعب عندهم كافر الا من اعتقد مثلهم.
لذلك نجد في كتبهم عبارات دار حرب او مجتمع جاهلية ، وهذا يعنون به كفر المجتمع ، وهذا اكثر ما يشيع عندهم اليوم، كما تتردد هذه العبارات كثيرا في تفسير سيد قطب (ظلال القرآن ) لذلك من هجروا المجتمع خرجوا بهذه القواعد المنحرفة التي تكفر مجتمع المصلين.
وحتى بعضهم يكفر بعض عندما يخالفهم في فرع من عقيدتهم بل احدهم احيانا كما يقول عند نقاشه بعد رجوعه يقول كان يكفر نفسه احيانا حتى يقول : اذا انا لماذا اصلي وانا كافر ، ثم يقول لنفسه من غير اقتناع ، اصلي لكني كافر حتى اجد لها حلا ، فهم مع تشددهم فانهم في شك شديد من منهجهم.
وهذا يجعلهم يتصرفون باشياء يلزمهم بها المعتقد المنحرف مثال تكفير امه وابيه ومنهم من قال لامه ابي حرام عليك ويجب ان تطلقيه لانه كافر.
وبعضهم لا يأكلون اللحم الذي ذبحه عامة المسلمين لانهم يرونه ذبيحة كافر ، بل منهم من يامر اولاده ويضربهم ان لا يصلون في المسجد لان الائمة عنده كفار حتى يحتار الاطفال المساكين ما هذا نريد الصلاة في المسجد فيمنعونا والناس يضربون اولادهم للصلاة في المسجد ، وللايجاز ما ذكر يكفي لبيان ضلالهم ، وانحرافهم في العقيدة.
اما عن ما يفعلون من الاغتيالات والتفجيرات ويزعمون انها جهاد ، فانها جهل بالجهاد قبل غيره وانها اعمال اجرامية ولم يحدث من اهل الاعتدال مثلها الا ما يحدث من غلاة الفرقة الخارجة على المسلمين ، وهي في حكم الذين يسعون في الارض فسادا ، سواء كانت على المسلمين او غير المسلمين، ومصدرها من الحاقدين الذين ملأ الحسد قلوبهم فلم يجدوا ما يشفي غيظهم الا التنكيل بالاخرين ، فهم من الصنف المعقدين او عصابات المجرمين المأجورين من جهات تريد تصفية حسابات خاصة بها او دولة معادية لاخرى فتدعم الارهاب ضدها ثم يصبغ بالدين ليسوق برامجه الاجرامية ، واما الإسلام فقد امر بالين والاحسان حتى لغير المسلمين لاجل ترغيبهم ، بل امر بالبر والقسط اليهم قال تعالى : ( ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين ) ، ولم يكن معنى الجهاد او العقاب نيابة عن الشارع بل قال تعالى : ( انما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) ، وان الهدف الاساسي هو دعوتهم الى ربهم ، وقد خص الله اهل الكتاب بان نتلطف بهم عند المناقشة قال تعالى : ( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن ) واما من دخل منهم بلاد المسلمين واخذ اذنا بذلك فهو في زمتهم والاعتداء عليهم هو مخالفة للاسلام وللحاكم المسلم فضلا ان يكون الاعتداء بالتفجيرات التي تصيب المسلمين وتروع الآمنين ، وعلى حكام المسلمين ملاحقتهم بحق الإسلام قبل غيره ثم دية مسلمة الى اهل القتيل.
|