عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-05-2008, 04:50 PM   #2
osman hassan
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
الإقامة: الامارات العربية المتحدة
المشاركات: 53
إفتراضي

ولو اننا استخدمنا الخطاب السياسي والقانوني فقط لن يجد ذلك صدا او قبولا عند المتدينين ، لانهم يريدون امرا دينيا يشفي صدورهم ويفند الشبهات التي أربكت عقولهم ، واما غير ذلك من الحديث ، يكون في صالح المتطرفين حيث يصبحون هم وحدهم الذين يحتجون بالنصوص الدينية وغيرهم لا حجة له شرعية ، فيصبحون عند العوام احق بالدين والصواب ، وهذا ما يمكن لهم ، وذلك ما يفرض علينا استخدام الخطاب الديني خاصة وان المسالة في اساسها انحرافا دينيا منهجيا ، لا يعالجه الا البحث الديني الذي يكشف زيفهم وتلبيسهم على الناس ، وتمسحهم بالدين ، وان النصوص التي استدلوا بها لو راجعوها جيدا لوجدها ضدهم وحجة عليهم ، ولكنهم يحرفون الكلم عن مواضعه.
ولاجل الحكم الموثوق على هذه الظاهرة ، والذي يحقق القناعة فيرجع بعضهم ، ويتضح الامر لمن تعاطف معهم فيجتنبهم ، ولإعطاء الجرأة لحكام المسلمين في ملاحقتهم حتى استئصال المصرين منهم كما هو موضوع الكتاب، لذا سأمطركم بوابل صيب من النصوص والاثار حول هذه الظاهرة ، وعن هذه الفئة الباغية التي تثير الصراع بلا مسوغات وتشعل نيران الحروب والفتن بلا مبررات ، والنبيr يقول: الفتنة نار ملعونة لعن الله من ايقظها.
واما الخطوة الاولى في فحص هذه الظاهرة هي بيان مصدر الفتنة ومنبعها :
فهي من جهّال المتدينين المنتسبين للعلم ، الذين يدعون انهم يقيمون الدين ، وهم في الحقيقة جهلاء متهورون ويؤصلون بأهوائهم ويخوضون في المعاني القرآنية بآرائهم ، ويتركون السنن ويتبعون المتشابه من المعاني طلبا للفتن.
قال تعالى في الاية - 7 - آل عمران: ] هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه من ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يتذكر الا اولي الالباب [ .
وعن عائشة ض قالت : قرأ رسول الله r هذه الاية ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات الى - أولو الألباب) قالت : فقال رسول الله r فاذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه منه فأولئك الذين سمى الله فحذروهم . رواه ابي داود، واخرجه البخاري في التفسير ومسلم في العلم 2665 .
و روي عن عبد الله بن الاشح ان عمر بن الخطاب t قال : سيأتي اناس يجادلونكم بشبهات القرآن فجادلوهم بالسنن فان اصحاب السنن اعلم بكتاب الله. رواه ابي داود والدارمي في السنن. وروي عنه بلفظ : جاهدوا اهل الاهواء بالسنن فان القرآن حمّال ذا وجوه.
وقال تعالى : ] يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فاما الذين اسودة وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) 106 ال عمران.
قال ابن عباس : تبيض وجوه اهل السنة والجماعة وتسود وجوه اهل البدعة والفرقة.
أي تسود وجوههم من الحسرة لان الفرقة ومفارقة اهل الحق بعد الايمان هي التي فرقت بينهم يوم القيامة.
وذكر الشاطبي في الاعتصام : قال ابن وهب سمعت مالكا يقول : ما اية في كتاب الله اشد على اهل الاختلاف من اهل الاهواء من هذه الاية : يوم تبيض وجوه الى قوله : بما كنتم تكفرون . قال مالك انما هذه الاية لاهل القبلة، ما ذكر في الاية قد نقل عن غير واحد كالذي تقدم عن الحسن. انتهى كلام الشاطبي.
وقال تعالى : ] ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة اليس في جهنم مثوى للمتكبرين) الزمر.
وقال تعالى : ] فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم )
والزيغ الذي يحدث للخوارج هو بسبب انحرافهم في المنهج ، وتخلفهم عن ركب الدعوة السلمية بالحكمة والموعظة الحسنة وتعريضهم انفسهم للفتن والحروب من جانبهم، فكان المصير كما في قوله تعالى : ] يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين امنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جاء امر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير*15) سورة النور .
وقال تعالى في صنف من العباد يدخلون النار مع كثرة عبادتهم لانحرافهم في الدين : ] وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نار حامية ) الغاشية.
فتلك الوجوه تقوم يوم القيامة وعليها الخشوع من شد العبادة والقيام لله تعالى ولكنها تصلى نار حامية بسبب بدعتها وانحرافها في المنهج.
وقد بينت السنة ان سبب الضلال والانحراف هو اتخاذ الجهلاء قدوة في الدين ورؤوسا لقيادة الناس، كما في الحديث الذي رواه البخاري : ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبقي عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رقم 100 /البخاري.
وذلك ان لم يكن في عدم وجود العلماء بالكلية في الارض ، فيكون في مجتمع دون غيره في غياب اهل العلم عندهم ، او في من هجروا اهل العلم المعتدلين.
وكما في الحديث عن الأئمة المضلين : اعيتهم الاحاديث ان يحفظوها فقالوا بالراي فضلوا واضلوا. اخرجه البيهقي من طريق الشعبي عن عمرو بن حريث عن عمر وبدايته قال: اياكم واصحاب الراي فانهم أعداء السنن.
وجاء في الحديث عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه ، في مصدر الفتن ، والذي رواه البيهقي قال : ياتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من القرءان الا رسمه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى علماءهم شر من تحت اديم السماء منهم تخرج الفتنة واليهم تعود.
فالفتنة مصدرها ومنبعها ، هم علماء السوء المتهورون الذين يرسمون للناس المناهج المنحرفة، ثم يرتد عليهم نتاجها.
كما ان اشد خوف النبي r على هذه الامة ، كان من صنف في الناس يلبس ثوب الدين ويدعي العمل بالقرآن ، لكن لا يتقيد بتعاليمه ، بل ينسلخ من الالتزام بها.
كما روى الحافظ وابو يعلي عن حزيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : انما اتخوف عليكم رجل قرءا القرءان حتى رؤية بهجته عليه وكان رداءه الإسلام اعتراه الى ما شاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك ، قلت يا نبي الله ايهما اولى بالشرك المرمي ام الرامي ، قال : بل الرامي.
وهذا الصنف من الدعاة المنحرفين حذر منه النبي r في حديث حزيفة من رواية ابي داود : دعاة على ابواب جهنم من اجابهم قذفوه فيها، فقلت يارسول الله صفهم لنا قال : نعم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، فقلت يارسول الله فما ترى وفي رواية فما تأمرني ان ادركت ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وامامهم .. . الخ) .
وهذا يفيد ايضا ضرورة التقيد بمواقف حكام المسلمين فيما هو من شئون السلطان ، وفي الناحية المنهجية والعلمية على المسلم ما عليه جمهور العلماء من اهل السنة والجماعة ، وفي هذا فحص لاهل العلم وليس كل من ادعى انه من اهل السنة يقتدى به، وعلى العبد الاجتهاد في طلب الحق.
واما الرموز والعناصر التي تسير على هذا النوع من الفتن تتشكل في مجموعات او حكومات متطرفة او افراد شذوا في منهجهم عن اهل السنة والجماعة ، وهم متوافقون على نهج العنف والارهاب في اقامة برامجهم المنحرفة بادعاء المطالبة بتطبيق الاحكام الحدية او غيرها من امور الحكم ، ولكن بطريقتهم المتعجلة والعنيفة ، فذلك من نهج الخوارج ، وهم لا يريدون من الحاكم فعلها بنفسه ، وانما يريدون ان يكونوا هم من يفعلها ، فيجعلونها ورقة سياسية للمزايدة بها ، فيخرجون على المسلمين بذلك ، وقد بين شيخ الإسلام اشتراكهم في الحكم مع الخوارج كما جاء عن شيخ الإسلام قوله : وهذه النصوص المتواترة عن النبي ص في الخوارج قد ادخل فيها العلماء لفظا اومعنا من كان في معناهم من اهل الاهواء الخارجين عن شريعة رسول الله r وجماعة المسلمين . انتهى ، مجموع الفتاوى ج 28 ص 476.
والى ان نفصل ذلك لاحقا ، نقف اولا على تعريف مصطلحات هذه الظاهرة.
osman hassan غير متصل   الرد مع إقتباس