قال الشاب : هل خرجنا نحن عن جماعة المسلمين وحملنا السيف على أهل الإسلام , ثم نحن لا نطالبكم بالخروج على أهل الإسلام , بل نقول لكم دافعوا عن أهل الإسلام وذبوا عن أعراض المسلمات وأقيموا الجهاد حتى ينكف العدو عن بلاد المسلمين ..
قال الشيخ : الذي يبلغنا عنكم أنكم تكفرون العلماء والحكام ..
قال الشاب : قولك يحتاج إلى بينه والله يقول : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) فهل ناقل الخبر لكم ثقة ثبت ولا أعلم أحداً من أهل الجهاد يكفر المسلمين ..
قال الشيخ : لا .. إنه يوجد من يكفر المسلمين ..
قال الشاب : إن وجد فهو عدد قليل فالنادر لا حكم له , ولا يعمم الحكم على طائفة بسبب خطأ أحد أفرادها , وعليك أولا أن تثبت هل هؤلاء من المجاهدين أم لا ..
قال الشيخ : أنتم تكفرون الحكام , وتتركون كل أحاديث طاعة ولاة الأمر ..
قال الشاب : أما الحكام عليك أولاً أن تثبت أنهم باقين على الإسلام ولم يكفروا , فهم قد ارتدوا بأدلة كثيرة , حتى هم قد أثبتوا ردتهم بألسنتهم فلم نتقول عليهم كذبا أو رجماً بالغيب فالمظاهرة على المسلمين وتبديل شرع الله , وتشريع أنظمة طاغوتية وضعية في جميع بلاد المسلمين , والتحاكم إلى الأمم المتحدة الكافرة , ومحكمة العدل الدولية , وإباحة الربا والزنا , وما تركت أكثر مما ذكرت , فالواقع يشهد بكفرهم وارتكاب واحد مما ذكرت يكفي لكفرهم فكيف وقد ارتكبوها جميعاً , وعاقبوا من أنكر عليهم ذلك , ووسائل إعلامهم تنضح بما ذكرت وزيادة إلا إذا كنتم أيها العلماء لا ترون ما ذكرت من الكفر , وحاشا العلماء الربانيين من ذلك ..
أما بالنسبة لأحاديث طاعة ولاة الأمر فئت بحاكم مسلم ولو كان جائراً ونحن نطيعه فنحن لم نجد حاكم من الحكام اليوم تنطبق عليه هذه الأحاديث , وأنتم أنزلتم أحاديث أئمة الجور التي تجب طاعتهم وإن ضرب ظهرك واخذ مالك على الحكام المرتدين , فهل تطيع أنت القذافي الذي وضع كتابا يضاهي به القرآن , أم النصيري بشار الأسد أم العلماني رئيس اليمن وحكام الخليج الذين قمعوا أهل الخير والصلاح وزجوا بهم في السجون من أجل إرضاء اليهود وعطلوا الجهاد واتخذوا اليهود والنصارى أولياء من دون المؤمنين , والله يقول : (( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )) وهم يعترفون يوميا في إعلامهم أنهم وقفوا مع أمريكا والتحالف الصليبي ضد المسلمين في أفغانستان والعراق والفلبين , ودعموا روسيا الملحدة على إخواننا في الشيشان وفتحوا مطاراتهم وموانئهم وأجوائهم وبنوا القواعد الصليبية على أرض الإسلام , فهل ما ذكرت ردة صريحة فيها عندنا من الله برهان أم أنها جور وظلم ..
فسكت الشيخ ولم يحر جواباً ..
قال الشاب : إن الإمام الذي ذكرت أنه يجب طاعته يمنع الجهاد ويا ليته اكتفى بالمنع بل يعاقب كل من ذهب إلى الجهاد أو يدعوا إليه بالسجن والجلد , والحجاج بن يوسف على ظلمه وجوره وعسفه للرعية كان قائماً بالجهاد آمراً به معاقب من تخلف عنه , فهل أحق بالطاعة إمامك أم الحجاج بن يوسف , وقد خرج عليه جلة من العلماء من السلف الصالح مثل سعيد بن جبير والشعبي وغيرهم , وأين الدليل في أنه لابد من استئذان الإمام في الجهاد إذا كان الجهاد فرض عين وكان الإمام معطلا للجهاد , فلا إمام إلا بالجهاد وما أعطاه المسلمين بيعتهم وطاعتهم إلا ليدفع عنهم عدوهم ويقسم بينهم فيئهم ويقيم لهم أمور دينهم ودنياهم , وهذا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عندما أُخذت لقاح النبي صلى الله عليه وسلم , خرج وحده في أثر القوم ولم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم , بل مدحه النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه أن أردفه خلفه على ناقته , وهذا أبو بصير رضي الله عنه عندما هرب من المشركين التجأ إلى الجبال على ساحل البحر وبدأ يهاجم قوافل قريش التجارية ولم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الإمام في ذلك الوقت , والأمر في هذا الوقت لا يلزم فيه إذن الأمام وقد قال الفقهاء إذا فوت الاستئذان المقصود فلا يستأذن الإمام فكيف الاستئذان مِن مَن عطل الجهاد ووالىَ أعداء الله , والحكام في هذا الزمان قد جمعوا بين التعطيل والمنع فهم أحق من تسل عليهم السيوف حتى يستقيموا على أمر الله ..
قال الشيخ : إن الرايات التي تطالبنا أن نذهب للجهاد معها غير واضحة ..
قال الشاب : قال تعالى : (( وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم )) فهذه حجة من لا يريد الجهاد ولا الخروج في سبيل الله والله هو أعلم بخفايا النفوس ولذلك أنزل هذه الآية لعلمه أنه سيأتي أقوام يقولون مثل مقولة المنافقين السابقين وهل يذبح من يُذبح من البشر في الديار التي تزعم أن الراية فيها غير واضحة إلا لأنهم مسلمون والله يقول : (( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر )) فرابط النصرة هو الدين وليس الدم أو اللون أو البلد ..
قال الشيخ : الذهاب للجهاد في هذه الأيام محرقة ومهلكة للشباب , والشباب هم ثروة الأمة الحقيقية فكيف تريدنا أن نزج بالشباب في محارق رهيبة , والحرب اليوم ليست بسيف ورمح بل بطائرات وقاذفات وقنابل , ثم ألا ترى المجاهدين يباعون كما يباع الرقيق , ويوضعون في أقفاص الحديد كالحيوانات فهل نقول للشباب أذهبوا كي يكون مصيركم مثل هؤلاء ..
قال الشاب - بعد أن زفر زفرة من صدره- : والله إني أعجب منك , هل إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لسراياه وفيها صفوة الأمة وخير القرون محرقة ومهلكة , فمعلوم لمن عنده مسكه من عقل أن الحرب ليس فيها إلا القتل والجراح والأسر ، والله يقول : (( فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة و الإنجيل والقرآن )) فأخبر المجاهدين أنهم إذا أتموا بيعهم له فإن الثمن هو قبض أرواحهم ومهجهم بالقتل في سبيل الله ..
وهذه سرية بئر معونة حيث غُدر بالصحابة وقتلوا وقد أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم , فهل قال النبي صلى الله عليه وسلم انتهينا نوقف الجهاد لأن إرسال السرايا محرقة للصحابة وصحابتي هم ثروة الأمة , بل بعدها مباشرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سبعين من القراء من صفوة الأمة فلما نزلوا بمكان أسمه الرجيع , أحاط بهم الكفار وقتلوهم عن بكرة أبيهم , فهل توقف النبي صلى الله عليه وسلم عن إرسال السرايا , ومعلوم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده أنهم ما توقفوا عن الجهاد بسبب ما ذكرت، فكم قتل من الصحابة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم , وهو قد جرح وأدمي وجهه وكسرت رباعيته , وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أصيب جيشه في معركة الجسر في العراق وقد قتل منهم أربعة ألاف على رأسهم قائد الجيش أبي عبيد الثقفي , لم يتوقف ويقول كما قلت بل شد العزم وأخذ بالحزم , وأرمل الجيوش تلو الجيوش حتى فتح الله على يديه مملكة كسرى ..