عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-03-2008, 07:00 PM   #2
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

17- قيام الليل يُنجي من النيران: ففي حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه "... فجعلتُ أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. قال فلقيهما ملك فقال لي: لم ترع، فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل. قال القرطبي: حصل لعبد الله من ذلك تنبيه على أن قيام الليل مما يُتَقي به من النار والدنو منها فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك".
18- قيام الليل يورث سكن الغرف في أعالي الجنان: قال تعالى: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون {السجدة: 16- 17}.
وفي الحديث: "إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام". {حسنه الألباني في صحيح الجامع (2123)}.
19- قيام الليل مهر الحور الحسان: ما يكون جزاء من ترك دفء الفراش وقام من بين حبه وأهله إلا الفوز بالحور الحسان، أو ماعلمت أن المتهجد إذا قام إلى تهجده قالت الملائكة: قد قام الخاطب إلى خطبته.
20- التجهد سبيل النصر على الأعداء: فالجهاد يُسقى بدمع التجهد، ولا ينتصر على العدو في ساحة القتال، إلا من انتصر على نفسه وشيطانه في قيام الليل!
ولما هُزم الروم أمام المسلمين، قال هرقل لجنوده: ما بالكم تنهزمون؟ فقال شيخ من عظماء الروم: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار.
وقال الأمراء الصليبيون إن القسيم بن القسيم- يعنون نور الدين زنكي- له مع الله سر فإنه لم يظفر ويُنصر علينا بكثرة جنده وجيشه، وإنما يظفر علينا ويُنصر بالدعاء وصلاة الليل، فإنه يصلي بالليل ويرفع يده إلى الله يدعو، فإنه يستجيب له ويعطيه سؤله فيظفر علينا.
وأخيرًا فثواب القيام لا تحيط به العقول وتقصر عنه العبارات ويكفيك الحديث الصحيح "إذا استيقظ الرجل من الليل، وأيقظ أهله وصليا ركعتين كُتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرت". {صححه الألباني في صحيح الجامع} . فما حدُ كثيرًا؟!
قال ابن مسعود رضي الله عنه: من قال في قيام الليل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله كان له من الأجر كألف ألف حسنة.
ثانيًا: ما يعين على التهجد وقيام الليل
(أ) الأسباب الظاهرة:
1- قلة الطعام وعدم الإكثار منه: ففي الحديث الحسن ".. أقصر من جُشائك، فإن أكثر الناس شبعًا في الدنيا أكثرهم جوعًا في الآخرة".
وقال وهب بن منبه: ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوام. فمن أكل كثيرًا فنام كثيرًا فخسر كثيرًا يوم القيامة.
2- الاقتصاد في الكد نهارًا: فلا يتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإن ذلك مجلبة للنوم، وعليه بالقصد في هذه الأعمال، وأن يتجنب فضول الكلام، وفضول المخالطة التي تشتت القلب.
3- الاستعانة بالقيلولة نهارًا فإنها سنة. ففي الحديث الحسن: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ومر الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا. قال: إني لأرى ليلهم ليل سوء.
4- ترك المعاصي فقد قيدتنا خطايانا.. قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت مُعافى، وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك.
وقال الثوري: حُرمتُ قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته. قيل وما هو؟ قال: رأيت رجلا يبكي فقلت في نفسي. هذا مُراء"
وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مُكبل كبلتك خطيئتك.
وقيل للحسن: عجزنا عن قيام الليل. قال: قيدتكم خطاياكم، إنما يؤهل الملوك للخلوة بهم من يصدق في ودادهم ومعاملتهم، فأما من كان من أهل مخالفتهم فلا يرضونه لذلك.
5- طيب المطعم وأكل الحلال والابتعاد عن الحرام. فكم من أكلة منعت قيام ليلة، وإن العبد ليأكل أكلة فيُحرم قيام سنة، لأنه لم يتجنب أكل الشبهات.
وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى.
وقال إبراهيم بن أدهم: إطب مطمعك ولا عليك أن لا تقوم بالليل وتصوم النهار.
6- ترك السمر بعد العشاء والنوم مبكرًا. ففي الحديث الصحيح: لا سمر إلا لمصل أو مسافر وكان عمر بن الخطاب ينش الناس بدرته بعد العتمة يقول: قوموا لعل الله يرزقكم صلاة. وكان يضرب الناس بالدرة بعد صلاة العشاء ويقول: أسمَرٌ أول الليل ونومٌ آخره؟!
وكان معاوية بن قرة يقول أن أباه كان يقول لبنيه إذا صلى العشاء مباشرة ويُستثنى من ذلك الأحوال الآتية (الضيف- مذاكرة العلم- مداعبة الزوجة- مصالح الأمة) بشرط ألا يؤدي أي حال إلى إضاعة الصلاة.
7- عدم المبالغة في حشو الفراش. لأن ذلك يؤدي للاستغراق في النوم ويجلب الكسل والخمول. ولقد كان صفوان بن سُليم ينام في الشتاء على السطح وفي الصيف في وسط البيت حتى لا يستغرق في النوم، وكان العُبّاد ينامون في الشتاء في ثوب واحد ليمنعهم البرد من النوم.
(ب) الأسباب الباطنة الميسرة لقيام الليل:
1- الإخلاص، فإذا قمت لله فلا يكن في قلبك إلا الله وعلى قدر نيتك تنال الرحمة من ربك.
2- يقينك أن الكبير المتعال هو الذي يدعوك للقيام.
3- علمك بأن إمام المتجهدين يدعوك ويحثك على القيام فقل له على العينين والرأس.
4- معرفة مدى أنس السلف وتلذذهم بالتهجد: قال أبو سليمان الداراني: لأهلُ الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم. وقال ثابت البناني: ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل.
5- يقينك أنك بعين الله وأن الله يرى ويسمع صلاتك بالليل.
6- علمك بمدى حرص رسولك صلى الله عليه وسلم على القيام والاجتهاد فيه فلقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
7- النوم على نية القيام للتهجد ليكتب لك والنوم على طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة على أذكار النوم.
8- سؤال المولى عز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام (اللهم اشفني باليسير من النوم، وارزقني سهرًا في طاعتك).
9- علمك بمدى اجتهاد الصحابة والسلف في قيام الليل.
10- علمك أن الشيطان يوسوس لك ويحاول منعك من القيام، فكيف تطيعه وهو عدوك وكيف تنام فيبول في أذنك.
11- محاسبة النفس وتوبيخها على قيام الليل إن فرطت فيه.
12- علمك ببكاء السلف وتحسرهم على فوات قيام الليل: قال أبو إسحاق السُبيعي: ذهبت الصلاة مني وضُعفت ورق عظمي، وإني اليوم أقوم في الصلاة فما أقرأ إلا بالبقرة وآل عمران!!
13- وضع الجنة والنار نصب عينيك.
14- اتهام النفس دائمًا بالتقصير في القيام ومعاقبة النفس على ترك القيام. نام الصحابي تميم الداري ليلة فلم يقم للتهجد فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع.
15- معرفة وصايا السلف في الحث على القيام وقراءة تراجم المتهجدين والعيش معهم.
16- الزهد في الدنيا وكثرة ذكر الموت وقصر الأمل وهذا أسلوب نبوي في تربية الصحابة على قيام الليل ففي الحديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه.
وانظر إلى حفصة بنت سيرين وكيف أنها إذا قامت الليل لبست كفنها، ومعاذة العدوية تقول: يا نفس هذه ليلتك التي فيها تموتين، فتحيي الليل صافة قدمها!
ثالثا: آداب قيام الليل :
1- الإخلاص وترك العجب. فقيام الليل عبادة عنوانها وتاجها الإخلاص. فعلى العبد أن يعلم عيوبه وآفاته وتقصيره ويعلم ما يستحقه الله عز وجل من العبودية وأنه أعجز ما يكون أن يوفي حق الله.
قال مطرف بن عبد الله: لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إليّ من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا، وقيل لمحمد بن واسع: قد نشأ شباب يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله قال بلى: ولكن أفسدهم العجب. فإياك والرياء والعجب وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : "صلاة الرجل تطوعًا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسًا وعشرين". {حديث حسن بطريقين (3821) صحيح الجامع)}.
2- اتباعك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في القيام بالآتي:
الاغتسال والتطيب ولبس الثياب الحسنة- التسوك لقيام الليل- غسل اليد قبل غمسها في إناء الوضوء، والوضوء وضوءًا حسنًا- الحرص على أذكار القيام والاستفتاح والتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية صلاته (فينظر في السماء ويقرأ الآيات التي في آخر آل عمران كما في الصحيحين ويصلي مثنى مثنى ويستفتح بركعتين خفيفتين ولا يزيد عن إحدى عشر ركعة)- ترديد الآية وتدبر ما فيها ويجوز أن يردد السورة ويتعوذ عند ذكر النار، ويسأل الله الجنة عند ذكر آيات الجنة وهكذا- البكاء- ترك القيام عند النعاس الشديد- النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام- إيقاظ الأهل والصبية ومن يليه لقيام الليل- الفصل بين صلاة الليل بالتسبيح بين كل ركعتين لتسكن الجوارح وتزول سآمة النفس للقيام قال تعالى: ومن الليل فسبحه وأدبار السجود {ق: 40} أي أعقاب الصلاة.
وأخيرًا وفقني الله وإياك إلى قيام الليل والاجتهاد فيه، فلنبدأ من الآن والنهاية عند الممات ولنواظب عليه ولو بمائة آية في أول الأمر فخير الأعمال أدومها وإن قل.
قال عتبة الغلام: كابدت قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة.
فيا نائمًا عن قيام الليل في ثنايا السيل. ضج الليل من كثرة منامك، واشتكى الفراش من كثرة رقادك، وتعجبت الحور من قسوة جفائك، وبكى الحفظة من فوات أرباحك، فأحب من يحبك، واشتغل بمن يشتاق إليك، وقف بين يدي مولاك، وتعرض لنفحة من نفحاته ولو للحظة عساك تفلح. ففي لحظة واحدة أفلح السحرة.

منقول
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس