[ابن حوران]

الإدمـــان

هناك مئات الحالات من الإدمان في أي شيء، والإدمان من العادات التي تسيطر على الكثيرين من البشر، وقد تكون حالات الإدمان عادية في نظر البعض وغير ضارة كالاعتياد على أكل (كوز من الذرة) في الشارع، أو تناول قطعة بيتزا، أو قد يكون منها ما هو ضار ـ بوضوح ـ كتعاطي المسكرات والمخدرات والسجائر، ومنها ما قد يكون ضارا دون أن يحس صاحبه بضرره، أو حتى الطبيب الذي يراجعه مريض يسرد عليه سيرة حياته دون أن ينتبه الطبيب الى ما يسبب مرض مريضه من خلال بعض حالات الإدمان العادية ..

لن نتعرض للمسكرات والمخدرات والعلاقات الجنسية المحرمة، فالكاتب يحرمها تحريما قطعيا ويعتبرها من مصادر تدمير النفس البشرية، ولم يكتف بها بل أضاف إليها التدخين. ولكننا سنتعرض لحالات طريفة أوردها الكاتب :

إدمان الطعام

إدمان الطعام هو أكثر صعوبة من إدمان العقاقير، فأنت لست مطالبا بتناول عقاقير، ولكنك يجب أن تتناول الطعام. لم يكن في الماضي الشره وحب الطعام كما هي في أيامنا الحالية .. ولنأخذ بعض النماذج التي يوردها الدكتور (المؤلف) :

1ـ جاءني رجل في منتصف الثلاثينات، للتأكد من سلامة صحته، كان يتمتع بصحة جيدة، وكان يريد تحليل نمط حياته كإجراء وقائي .. كان الرجل يعمل في التجارة في شيكاغو، كانت حياته تعج بالصخب والإثارة، مع ذلك كان يتمتع بالاسترخاء وأداء الرياضة بانتظام .. ولكنه استوقفه سلوك يقوم به في حالة فشل تجاري، فإنه يشتري شريحة ضخمة من لحم العجل وزجاجة كبيرة من المياه الغازية وعصير الطماطم ورقائق من شرائح البطاطس، وعندما يصل البيت يقوم بتقطيع اللحم الى قطع صغيرة ويتناوله نيئا مع شرائح البطاطس والمياه الغازية وعصير الطماطم ...(تفريغ طاقة وطلب للراحة عن طريق تناول الطعام!)

2ـ امرأة في منتصف الأربعينات تقبل على التهام ما يقارب الجالون من البوظة (الآيس كريم) في خزانة ملابسها المظلمة .. بحالة ارتدادية وطفولية وتصف سلوكها بأدق التفاصيل.. (سلوك يعيد إليها الشعور بالأمان بتذكيرها برضاعة أمها).

إدمان القهوة

كثيرون هم المدمنون على القهوة، ولا يردهم أحد حتى الأطباء عن إدمانهم، لأنه ممكن بكل بساطة أن يكون أطبائهم من مدمني القهوة، ولن يتوقفوا عند الإدمان عليها كظاهرة ممكن أن تكون سببا في مرض ما ..

يقول المؤلف : جاءتني سيدة في الثالثة والثلاثين من العمر، تعاني من خلل وظيفي في الجهاز البولي منذ اثني عشر عاما، ولم تكن من محبي مراجعة الأطباء، حيث أخبرته أنها ترددت قبل المجيء إليه، وكانت لهجتها في البداية كمن يتيقن من عدم الفائدة من تلك المراجعة. كانت مشكلتها قد بدأت بزيادة عدد مرات تبولها والحاجة الملحة التي تدفعها للتبول. راجعت الأطباء فوصفوا لها بعض المضادات الحيوية أو بعض الفيتامينات، لم تتحسن حالتها، وتعددت أسماء الأطباء حتى وصلوا الى عشرين طبيبا خلال 12 عاما. تطورت حالتها حتى أصبحت تعاني من مشاكل أثناء جماعها مع زوجها، وخشيت أن يحدث انفصال بينهما، فتم إجراء عملية لها (لإعادة تشكيل الإحليل) فنشأ عن الجراحة مشكلتان جديدتان واحدة في سلاسة البول (عدم التحكم فيه) والثانية تقطر البول بعد عمليات التبول، مما زاد سخطها على الطب والأطباء.

عند سردها لسلوكها الحياتي اليومي انتبه المؤلف لموضوع القهوة، حيث كانت تتناول كوبين من القهوة فقط، وعندما طلب منها الابتعاد عن القهوة كليا، وقد نبهها أنها قد تُصاب بالصداع وأعطاها مهدئ من الأعشاب تحسبا لذلك، وعند زيارتها في المرة الثانية بعد أسبوع، كانت امرأة مختلفة، وقد اختفت كل مشاكلها ..

يورد الكاتب مثالا آخرا لرجل في الأربعين من عمره يعاني من مشاكل تبين أن القهوة ورائها .. لكنه يعود فيقول أن الاستعداد للإصابة ببعض الأمراض المتعلقة بالإدمان بالقهوة يختلف من شخص لآخر ..

الإدمان بالشاي

الكافيين الموجود بالشاي أقل وطأة من الكافيين الموجود بالقهوة، لكن (العفص) أو (البكتين) الناتج من تخمير الشاي، أو إبقاءه على النار، يغطي غشاء المعدة الداخلي بطبقة منه يعيق فيها إفرازات المعدة التي تقوم بهضم الطعام داخلها، فتقل الرغبة في تناول الطعام عند المدمنين على تناول الشاي بهذا الشكل ..

إن علاج المدمنين على القهوة أو الشاي أو المشروبات الغازية هي أسهل بكثير من تلك المتعلقة بالمخدرات والتبغ والكحول ..

الإدمان الجنسي

الإدمان الجنسي هو إحدى المشاكل غير المرئية في مجتمعاتنا، حيث أن غير المصرح فيه عما يحدث نتيجة تراكم آثار الفعل النفسي والاجتماعي، أكثر من الذي يُصرح به ويتم نقله للأطباء ..

فترتبط الرجولة من خلال ما يُضخ من أحاديث تتسلل الى المستوى الثقافي والمعرفي العام، بالقدر الذي يتم به الوصول للذروة الجنسية وعدد المرات بذلك، وقد يكون في الإصرار على إيجاد نمط يحس الرجل فيه بأن رجولته قد اكتملت، ثغرات للوصول الى كم هائل من الأذى الذي يبعد الزوجين عن الوصول الى سعادتهما الزوجية، والتي قد تمتد الى أطراف الأسرة فتترك أثرها السيئ عليها.

وقد نفرد إحدى الحلقات (التلخيصية) لموضوع العلاقة الزوجية