عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-02-2008, 06:33 PM   #1
صمت الكلام
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 4,612
إفتراضي طــفــلــة الـمـطـر .. !

دعوت لندوة في معهد المكفوفين
قبلت الدعوة ولسوء الحظ كان
نهار ذاك اليوم بارداً وممطراً
كنت سأعتذر عن الذهاب
بلطف ولكن لا أدري مالذي
جعلني ان لا اعتذر عن هذه
الندوة قوى خفية بداخلي
دفعتني للذهاب ولم اتوقع
ان ذهابي سيكون لعبرة اعتبر
بها او لموقف يدمي قلبي
ويكسره كما تتكسر الزجاجة

عند انتهاء الندوة خرجت
واستقليت السيارة استعداداً
للذهاب الى المــنــزل
وفي طريقي رأيت طفلة
مع خادمتها باحدى اياديها
مظلة صغيرة تحميها من المطر
من خلال رؤيتي لهيئة وبنيتِ الطفلة
علمت انها مصابة بداء المنغوليا
وهي فئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة

منظر لم اتوقع ان اراه في بلدي
قلت في نفسي ان كانوا لا يملكون سيارة
فالدولة وفرت لهم حافلات خاصة لهذه الفئة
وحتى اثناء الدمج هناك حافلات خاصة لنقلهم
لم اريد اساءة الظن بالاسرة قلت ربما هي تريد السير
ولكن في يوم ماطر كهذا يجب على من تعيش معهم
يمنعونها ان كان في قلبهم ذرة من الانسانية والرحمة

قلت للسائق ان يذهب الى الخلف قليلاً وان يمشي وراء
هذه الفتاة الى ان تصل الى منزلها ولكن ضميري انبني للانني لم استطيع دعوتها
للركوب معي لتوصيلها الى منزلها فالأمر مسئولية وانا لا اعلم
من هي ومن تكون وابنة من وماقصتها ولا علم لي بالمستقبل والغيب فالخالق وحده اعلم
بعد ربع ساعة او اقل بقليل وصلت هذه الفتاة الى منزلها .!

وفي طريق عودتي الى المنزل سرحت وفكرت بهذا المشهد كثيراً
وتخيلت كل شئ ولم اترك نقطة لم افكر فيها
لما وكيف هل لديها اسرة؟
مع من تعيش ؟

لم اجد الجواب بعد يومين اتصلت بإحدى صديقاتي للانها تقطن بهذه المنطقة واخبرتها عما رأيته
قالت لي نعم اراها دائما تعري للوصول الى بيتها مع خادمتها وقالت لي ان والدتها تعرف والدة هذه الطفلة
فهي إمراة لاتفكر الى بنفسها ووالدها منفصل عن امها وظروفهم المادية جيدة وبإمكانهم توفير سيارة للابنتها
وفي بعض الاحيان تذهب الى بلدها للانها ليست من هذا البلد ولكن زوجها من هنا تترك ابنتيها مع الخادمة واخوها المراهق واختهم لعدة شهور
قلت لهاوالحافلات قالت لا ادري انا ايضا استغرب من هذا الأمر وحالي من حالك فدائما اراها واريد ان ادعوها للركوب بالسيارة ولكن لا استطيع
فالامر مسئولية


يالله ؟
ماهذه الأم ؟
هل لديها قلب ؟
فحتى الحجارة ارحم منها !


هل يعقل هناك امهات يملكون قلوباً من حجارة ؟
ويرمون ابنائهم كما ترمى العظام للكلاب ؟

فالمشهد كالشجر العملاق ضارب في وسط قلبي رغم انه مرة اكثر من اسبوع
ولكنني لا اظن انني سأنساها هذه الطفلة التي اسميتها

( طفلة المطر )
صمت الكلام غير متصل