عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-02-2008, 11:40 AM   #37
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي

قراءة أخرى لمقتل مغنية


اغتيال عماد مغنية...اغتيال ميت

27-2-2008

أحمد الظرافي

بيد أني لا أعتقد أن عماد مغنيه لا يزال حيا، فهذا تحليل غير منطقي وغير مقبول، وهو آخر الافتراضات التي يمكن تصديقها أو التعويل عليها في تفسير لغز ما حدث، لكون أمرٍ كهذا لا يمكن التعتيم عليه إلى الأبد، بل إنه قد يفتضح غدا أو بعد غد، ولا أظن أن حزب الله ـ وهو الذي يسعى للسيطرة على تعاطف الشارع الإسلامي، والحفاظ على مكانة قوية فيه، تلك المكانة التي بناها وبذل من أجلها الكثير والكثير في السنوات السابقة حتى وصل إليها ـ لا أظن أنه يخاطر أو يغامر بسمعته إلى هذه الدرجة من الرعونة والسذاجة، فهذا أمر يخرج ـ في الواقع ـ عن نطاق " التقية" التي يجيد حزب الله ممارستها أكثر من غيره من الحركات الشيعية.

لقد كثر الجدل حول عملية اغتيال عماد مغنية القيادي الميداني البارز في حزب الله اللبناني الشيعي، وهناك العديد من الشبهات التي أثيرت حول هذه العملية المفاجئة، ومن أبرز ذلك الشبهة التي أثارها الكاتب والصحفي مجدي كامل في رسالة خص بها صحيفة الحقيقة الدولية، ومؤداها إن عماد مغنية القائد في حزب الله "حي ولم يقتل"، موردا أدلته التي يعتقد أنها تثبت وجهة نظره.


ويرى كامل صاحب كتاب "عماد مغنية.. الثعلب الشيعي"، بأن عملية الاغتيال التي أعلنها حزب الله هي "كذبة لا يتوجب تصديقها"، مضيفا بأن حجة حسن نصر الله في إعلان الاغتيال لتبرير خوض حرب جديدة مع إسرائيل، وفق رأي كامل"، وهذا رابط مقتطفات الرسالة التي بعث بها كامل للحقيقة الدولية.: http://www.factjo.com/fullNews.aspx?id="329"


ومن المؤكد أن هناك شبهة كبيرة تحوم حول هذه العملية التي حدثت في منتصف شهر فبراير الحالي، سيما وأنها تزامنت مع الذكرى الثالثة لعملية اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق من جهة، ومع التوتر السائد في لبنان وتراجع شعبية حزب الله على المستوى العربي والإسلامي والتي كانت قد وصلت إلى ذروتها أثناء وبعد حرب تموز من عام 6 من جهة أخرى.


بيد أني لا أعتقد أن عماد مغنيه لا يزال حيا، فهذا تحليل غير منطقي وغير مقبول، وهو آخر الافتراضات التي يمكن تصديقها أو التعويل عليها في تفسير لغز ما حدث، لكون أمرٍ كهذا لا يمكن التعتيم عليه إلى الأبد، بل إنه قد يفتضح غدا أو بعد غد، ولا أظن أن حزب الله ـ وهو الذي يسعى للسيطرة على تعاطف الشارع الإسلامي، والحفاظ على مكانة قوية فيه، تلك المكانة التي بناها وبذل من أجلها الكثير والكثير في السنوات السابقة حتى وصل إليها ـ لا أظن أنه يخاطر أو يغامر بسمعته إلى هذه الدرجة من الرعونة والسذاجة، فهذا أمر يخرج ـ في الواقع ـ عن نطاق " التقية" التي يجيد حزب الله ممارستها أكثر من غيره من الحركات الشيعية.


وحقيقة، وانطلاقا من متابعتي للشأن الشيعي وكباحث في الفكر الرافضي، لدي وجهة نظر أخرى تتعارض مع وجهة نظر الكاتب المصري مجدي كامل، ولا أزعم أن وجهة نظري صحيحة، إنما هي وجهة نظر تحليلية، قابلة للنقاش والأخذ والرد.


وهي على أي حال وجهة نظر، لا أظن أنها تخفى على أي متابع لديه بعض الخبرة في شئون الشيعة وإلمام بعقليتهم، فمن المعروف عن قيادة حزب الله بالذات، حبها للتضخيم والإثارة والزوابع الإعلامية، بجانب حبها للظهور والخطب الرنانة ولفت الأنظار، لأن هناك شريحة معينة في الشارع المسلم، تغتر بمثل هذه الأشياء وتنخدع بالمظاهر والصوت العالي.


وتتلخص وجهة نظري هذه في احتمال أن يكون عماد مغنية قد قتل في حرب تموز 6، وهذا أمر ممكن ووارد، باعتبار أن مغنية هو أساسا قائد عسكري ميداني للحزب، بل هو ـ كما تردد ـ من أبرز قادته العسكريين الميدانيين، وهو ـ كما أفاد البعض ـ من أعمدة انتصار الحزب الرئيسية في تلك الحرب.


فإن كان ذلك صحيحا (وهو أمر وارد ومحتمل كما قلت)، فمن الطبيعي أن لا يتم الإعلان عن وفاته في حينه من قبل الحزب حتى لا يتضخم هذا النبأ بواسطة وسائل الإعلام المعادية، فيؤدي ـ من ثم ـ إلى التأثير السلبي على الروح المعنوية لمقاتلي الحزب. وفي المقابل، قد يؤدي خبر مثل كهذا إلى التأثير الإيجابي على الروح المعنوية المنهارة للجنود الصهاينة.


وأما بالنسبة لعدم الإعلان عن مقتله بعد انتهاء الحرب، فقد يكون نكايةً بالعدو الصهيوني، الذي كان سيعتبر مقتل هذا القيادي الكبير انتصارا له، وتحقيقا لبعض أهدافه، وهو ما كان سُيلطف من الحديث عن إخفاقه أو خسارته لتلك الحرب، ويجعله يفتخر بتحقيق هذا الهدف أمام الشارع الإسرائيلي الغاضب، سيما وأن رأس مغنية يساوي شيئا كثيرا بالنسبة للكيان الصهيوني، ولغيره من دول العالم التي أدرجته على لائحة كبار الإرهابيين المطلوبين، هذا من جهة.


ومن جهة أخرى حتى لا يفقد حزب الله بريق وحلاوة ونشوة انتصاره المزعوم، في تلك الحرب، بالحديث عن خسارته لهذا القيادي الكبير الذي يعتبر من أعمدة وأساطين الحزب.


هذا احتمال، وهناك احتمال آخر، وهو إمكانية أن يكون مغنية قد أصيب في تلك الحرب ـ إصابة بليغة ربما ـ ولم يمت حينئذ، وإنما مات خلال الفترة الماضية متأثرا بجراحه، وجرى التكتم على موته فوق سرير المرض، إنما لم يتم الإعلان عن تلك الوفاة مباشرة، لكونها لن تجد التغطية الإعلامية الضخمة التي يلهث وراءها حزب الله، ولأن الإعلان عن الوفاة في هذه الظروف، ستخلو من الإثارة والضجة، اللتين يحرص عليهما الحزب أشد الحرص، ولذا تم بدلا عن ذلك، إخراج العملية في صورة عملية اغتيال على ذلك النحو الذي يكتنفه الغموض، والذي ما فتئت تتحدث عنه وسائل الإعلام العربية والأجنبية.


بيد أنه (وبغض النظر عن ذلك الغموض) وفر إخراج العملية على النحو الدرامي المشار إليه، مجالا خصبا وبيئة مناسبة لإشباع رغبة الحزب وغريزته، المتمثلة في حب الظهور ولفت الأنظار، سيما وأن العملية قد تزامنت مع احتفال خصومه في تيار المستقبل بإحياء الذكرى الثالثة لعملية اغتيال الحريري.


ومن هنا، يرى بعض المحللين السياسيين أن الهدف من هذه العملية جاء لإفساد هذه الاحتفالية الحريرية، وصرف الأنظار عنها والتنغيص على منظميها، والمزايدة عليهم حتى في الأموات، والحيلولة دون توظيف هذه الذكرى سياسيا ودعائيا بصورة قد تعكر على حزب الله وسوريا وإيران، كما جرت العادة.


هذا فضلا عن أن العملية قد جاءت لتحقيق أهداف دعائية تعود في صالح حزب الله بدرجة أساسية، ومن ذلك إعادة توحيد صفوفه وتعبئة واستنفار المنتسبين إليه والحشد الطائفي لأقصى حد، والعزف على هذا الوتر الحساس، أو حتى لمجرد استغلال العملية ـ كمناسبة جيدة ـ لإلقاء الخطب النارية واستعراض الفصاحة البيانية المؤثرة التي يتمتع بها حسن نصر الله الأمين العام للحزب، وبصورة تعيد له وللحزب مكانتهما في الشارع الإسلامي، أو يبرر للحزب القيام بعمل ما ضد إسرائيل، ولا أظن أن بإمكانه الدخول في حرب معها في الوقت الراهن، إنما قد يقوم بعمل حتى يتهرب من أصابع الاتهام الموجهة إليه بشأن عرقلة انتخاب رئيس جديد للبنان، وهو ما كان قد بدأ يرشح قبل حدوث العملية.


والسؤال الآن: لماذا حدثت هذه العملية في دمشق بالذات وليس في مكان آخر؟


وقبل الإجابة على هذا السؤال، يمكن القول إن عملية مثل هذه، لا يمكن أن تتم من دون علم ومشاركة كل من المخابرات السورية والإيرانية. وبالتالي، فإن حدوث العملية في دمشق ـ ضمن أسباب أخرى ـ يضمن التكتم والسرية لأقصى حد على العملية، لكونها ستتم تحت أنظار المخابرات السورية، والتي بطبيعة الحال، ستطوق المكان بعد العملية مباشرة بأقصى سرعة، ولعل هذا ما يفسر لنا كون العملية وقعت في مكان غير بعيد من أحد أوكار المخابرات السورية.


وعلاوة على ذلك، فإن النظام السوري معروف عنه، أنه لا يعلن عن نتائج التحقيق في هكذا عمليات، فهذه عادة درج عليها، وهذا عكس ما لو كانت العملية حدثت في بيروت أو في مكان آخر من العالم.

المصدر
__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس