عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-02-2008, 02:42 PM   #2
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي

معادلات معقدة تحكم
عملية اختيار المرشح الحزبي للرئاسة الأمريكية


بعض الولايات تعتمد الأصوات الانتخابية وأخرى نظام الـ"كوكس"

واشنطن: أحمد عبدالهادي

تثير الحسابات المعقدة لانتخابات الرئاسة الأمريكية في مرحلتيها التمهيدية والنهائية علامات استفهام كثيرة حول القواعد التي تنظم هذه العملية وتؤدي بالتالي إلى ترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك.
وثمة عوامل متعددة تتحمل مسؤولية هذا التعقيد الحسابي من المحتمل أن يكون أبرزها هو نظام الولايات المتحدة الفيدرالي ذاته. إذ تمتعت الولايات في عصر ما قبل الاتحاد بقدر من الاستقلال النسبي في تحديد أسس العملية السياسية بكل منها.
وأدت حساسيات سياسية وجهوية متعددة خلال مفاوضات الاتحاد إلى الإبقاء على قدر من هذا الاستقلال وإن انحصر الآن في جوانب تنظيمية منها مثلا "المجمع الانتخابي" في مرحلة الانتخابات الأخيرة، ومنها أيضاً الفوارق بين قواعد المشاركة في التصفيات التمهيدية بين المنظمات الحزبية في الولايات المختلفة.
ومن هذه الفوارق في الانتخابات التمهيدية اعتماد بعض الولايات على نظام اللقاءات الانتخابية التي تسمى "كوكس"، وهي كلمة مشتقة من لغة الهنود الحمر وتعني اجتماع قادة القبائل، واعتماد بعضها الآخر أسلوب التصويت دون لقاءات أو اجتماعات.
كما أن من هذه الفوارق أيضاً سماح بعض الولايات للمستقلين، أي غير المسجلين في أي من الحزبين بالمشاركة في التصويت، شرط أن يصوتوا مرة واحدة، وسماح بعض الولايات للناخبين بالتصويت لـ"لا أحد"، وتمسك ولايات أخرى بأن يكون الناخب عضوا في الحزب كي يشارك في اختيار مرشحيه، وتخلي أخرى عن ذلك الشرط على أساس أن الناخب يصوت مرة واحدة، فضلا عن ذلك فإن هناك فوارق بين الحزبين الرئيسيين حتى داخل الولايات المتحدة من حيث تنظيم كل منهما لانتخاباته التمهيدية. الجمهوريون مثلا يعطون في أغلب الحالات الفائز في ولاية ما كل مندوبيها، أما الديموقراطيون فإنهم يوزعون المندوبين بين المرشحين المختلفين كلاً حسب النسبة التي حصل عليها من أصوات الناخبين في الولاية.
ومع تباين أسلوب الانتخابات التمهيدية بين الولايات، فإن أغلب الولايات تتبع أسلوب التصويت المباشر البسيط لاختيار مرشحيها المفضلين ولكن هذا الاختلاف في الطرق لا يمنع من أن تلك العمليات السياسية المتباينة تنتهي في آخر المطاف عند نقطة واحدة، أي عند تحديد عدد المندوبين الذين يحملون إشارة هذا المرشح أو ذاك في المؤتمر القومي لأي من الحزبين.
ويلتحق بهؤلاء المندوبين المنتخبين مندوبون معينون من قبل الحزب وهم أولئك الذين يطلق عليهم اسم "المندوبين الكبار" كأعضاء اللجنة القومية والرؤساء السابقين وهم يسمون عادة "المندوبين السوبر".
وتبدأ ملامح ما هو فيدرالي في الظهور مع تقدم الانتخابات المحلية نحو المؤتمر القومي للحزب، إذ يتحدد وزن كل ولاية بالمقارنة مع الولايات الأخرى طبقا لعدد سكانها، ومن ثم لدوائرها الانتخابية. وهناك بطبيعة الحال ولايات "ثقيلة" مثل نيويورك 232 مندوبا، وكاليفورنيا 370 مندوبا، وولايات "خفيفة" مثل وايو منج 18 مندوبا، ورود أيلاند 32 مندوبا.
ويعني ذلك أن الأمر لا يتعلق بعدد الولايات التي فاز بها مرشح معين وإنما بعدد المندوبين الذين حصل عليهم.
ويمكن حساب عدد المندوبين في الحالة الجمهورية عبر معادلة بسيطة، إذ يحصل الفائز بأعلى نسبة من الأصوات في ولاية على كل مندوبي الولاية، كما ورد من قبل وهي قاعدة تنطبق على أغلب الولايات وليس عليها جميعا. ولكن في الحالة الديموقراطية تتسم المعادلة ببعض التعقيد. وحتى لا يتحول تناول هذه القضية إلى تناول مجرد ورقمي جاف يمكن فحسب التركيز على الوضع الذي سبق الثلاثاء الكبير ومن ثم على نتيجة تلك الجولة الانتخابية الكبيرة على مواقع المرشحين المتنافسين على الجانب الديموقراطي، أي لهيلاري كلينتون وباراك أوباما.
فقد دخلت هيلاري الثلاثاء الكبير ومعها نحو 236 مندوبا من التصفيات السابقة ومن المندوبين الكبار أو "السوبر" ممن حسموا خياراتهم وكان هذا الرقم يزيد على رقم أوباما بنحو 100 مندوب. وعند تلك النقطة كان الهدف واضحا تماما أمام الاثنين، أي الوصول إلى رقم 2025، وهو "الرقم الذهبي" الذي يحصل أي مرشح عنده على ما يكفي لترجيح كفته في المؤتمر القومي.
وبعد انتهاء التصويت في "الثلاثاء الكبير" كانت النتيجة كالتالي: 845 مندوباً لهيلاري كلينتون أو نحو ألف بالمندوبين الكبار و765 مندوبا لأوباما أو نحو 902 بالمندوبين الكبار. إلا أن "المندوبين الكبار" أو "السوبر" الذين يزيد عددهم الإجمالي عن 800 مندوب في الحالة الديموقراطية مثلا لم يحددوا مواقفهم بعد إلا في حالات قليلة.
وعادة ما يذهب هؤلاء المندوبون إلى حيث يذهب مندوبو الولاية التي أتوا منها، إلا أنهم غير ملزمين بأي خيار محدد أو مسبق.
وفي حالة انتخابات 2004 مثلا كان عدد المندوبين في المؤتمر الديموقراطي القومي 4344 مندوبا وفي المؤتمر الجمهوري 2509. أما الآن فإن العدد قد تراجع قليلا ليصبح 4050 في الحالة الديموقراطية مقابل 2381 في الحالة الجمهورية.
ولكن ماذا لو لم يحصل أي من المرشحين على العدد الكافي من الأصوات لاختياره مرشحا للحزب خلال جلسة التصويت في المؤتمر القومي العام؟ لم يطرح هذا السؤال منذ مطلع الخمسينات، إذ كان المألوف منذ ذلك الوقت - ومع "اختراع" الانتخابات التمهيدية - أن ينتهي الحزب إلى مرشح محدد مفضل قبيل المؤتمر القومي. ولكن هناك على أية حال آلية جاهزة للرد على هذا السؤال وهي آلية سبق استخدامها، وكانت حالة أولاي ستيفنسون عام 1952 هي آخر الحالات الديموقراطية التي تطبق فيها تلك الآلية فيما كانت حالة توماس ديوي عام 1948 هي آخر الحالات الجمهورية، وقد تكون حالة مؤتمر الحزب الديموقراطي في أغسطس المقبل هي اللحظة المقبلة التي يعاد فيها بعث تلك الآلية.
وتسمى تلك الآلية "مؤتمر الوساطة"، ويكون تطبيقها في حالة الديموقراطيين أكثر احتمالا بالنظر إلى نسبية التمثيل أو بالأحرى نسبية اختيار المندوبين. وما يشهده مؤتمر الوساطة عامة هو مسلسل من الضغوط والمبادلات وانتقال مندوبي المرشحين الأقل شأنا إلى دائرة أحد المرشحين (الاثنين) الأساسيين وذلك بعد إعلان هذا المرشح أو ذاك ممن هم أقل شأنا "مثل جون إدواردز في الحالة الراهنة" دعمهم لهذا أو ذاك من الاثنين الأساسيين. ويذكر مثلا أن انتخابات 1976 التمهيدية أسفرت عن عدم حصول أي من المرشحين الجمهوريين الأساسيين "جيرالد فورد ورنالد ريجان" على أغلبية المندوبين، وقد تم حل الأمر آنذاك بالوساطة، أو - بعبارة أخرى - عبر الأساليب الدبلوماسية.
ويتيح هامش المندوبين الكبار "السوبر" الذين يتحدد عددهم كنسبة من عدد المندوبين المنتخبين في كل ولاية وعلى أساس دوائر الولاية الانتخابية وعدد أعضائها في الكونجرس، يتيح هذا الهامش الذي يشكل 20% في الانتخابات الحالية من المندوبين الإجماليين حرية حركة كبيرة للضغط على أحد المرشحين كي يعلن انسحابه ومن ثم يبلغ ممثليه بدعم مرشح الحزب تأكيدا على وحدة الصفوف.
وإذا ما حدث أن اضطر الديموقراطيون إلى اللجوء إلى هذه الآلية مرة أخرى في أغسطس المقبل فسوف يكون ذلك مشهدا ساخناً لا يمكن التكهن بنتائجه مسبقا. إلا أن الأرجح أن يحسم الأمر قبل ذلك فيما بقي من انتخابات تمهيدية وهو ما يأمله قادة الحزب على أية حال.

المصدر
__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس