عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-12-2007, 04:03 AM   #34
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العرب وصنع السياسة الأمريكية


رأينا في الحلقات السابقة كم هي معقدة مسارات القرار الأمريكي، والكيفية التي تحول دون تفرد شخص أو هيئة في اتخاذ القرار، فالرئيس الذي لا بد له من أن يكون حامي حمى المصالح الأمريكية، والذي بنفس الوقت يحاول استرضاء الوسط الذي خرج منه سواء كان وسطا ماليا أو نخبويا، يحاول النفاذ من بين ممثلين لولايات يكونون في أغلب الأحيان تحت ضغط حب البقاء في الكونجرس أو تحت ضغط جماعات تدفع لهم بسخاء أو يقترن رضاها بموضوع التمديد لذلك العضو وبين وسط مؤسساتي إعلامي و دعائي من خلال مجموعات هائلة من مراكز التمويل للدراسات التي تضخ في الفضاء الذهني ليحرك الرأي العام وما لتحريكه صلة ببقاء النخب في مواقعها ..

في هذه الأجواء سنتلمس أثر أداء الوسط العربي داخل بيئة صناعة القرار..

تاريخ بداية التحرك العربي في موضوع اتخاذ القرار الأمريكي

بعد هزيمة العرب في حرب 1967 تحركت بعض الشخصيات العربية المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية وأنشأت شكلا تجميعيا أطلقت عليه (جمعية الخريجين العرب الأمريكيين AAUG) وكان نشاطها أشبه بمؤسسة خيرية تعليمية ثقافية ..

وفي أوائل السبعينات من القرن الماضي تم إنشاء الجمعية الوطنية للعرب الأمريكيين NAAA كلوبي عربي هدفه الاتصال بالإدارة الأمريكية وحثها على منع تشويه صورة العرب، والابتعاد عن الانحياز الكامل للجانب الصهيوني.

وفي عام 1985 تم إنشاء المعهد الأمريكي AAI كمؤسسة استهدفت تثقيف العرب المقيمين في أمريكا سياسيا و تشجيعهم على القيام بدور المؤثرين بالعملية الانتخابية .. الى جانب ذلك أقيمت عدة جمعيات أخرى منها (جمعية صندوق الأراضي المقدسة الموحدة) و (صندوق فلسطين العربي) و (مجلس العلاقات العربية ـ الأمريكية) ..

ورغم مرور عدة عقود على إنشاء مثل تلك الجماعات العربية في أمريكا، فإن أداءها لا زال ضعيفا ولا يذكر، وقد تكون أسباب رداءته التالية :

1ـ قيام تلك الجماعات بتبني قضايا بعيدة عن اهتمام الجمهور الأمريكي، كقضية بيع الأسلحة للسعودية والأردن، وهي قضايا يصعب جذب الجمهور الأمريكي نحوها..

2ـ اتجاه الجالية العربية الأمريكية عن الابتعاد عن القضايا السياسية، وجهلها بفنون العمل الجماعي ولعبة الصوت في الانتخابات ..

3ـ عدم تعود العرب للتبرع لقضايا سياسية، وفشلهم في تمويل هيئاتهم تلك.

4ـ عجز الدول العربية عن بلورة موقفها تجاه قضاياها الخارجية وانقسامها في بلدانها، انعكس على الرعايا العرب في أمريكا .. فانقسموا ..

هل يمكن للعرب أن يكونوا مؤثرين يوما في السياسة الأمريكية؟

صحيح، أنه لم يكن للعرب في أي يوم من الأيام دورا بارزا في صنع السياسة الأمريكية الخارجية. إلا أن ذلك لا يعني ألا يكون لهم في يوم من الأيام مثل ذلك الدور، وذلك لأن المناخ الذي تصنع فيه السياسة الأمريكية ـ كما رأينا ـ له الكثير من المداخل والمخارج .. والتدرب على التأثير على تلك المفاصل أو المداخل، وإن بدا صعبا وطويلا، فإنه يحتاج الكثير من الصبر والتدريب ومعرفة قواعد لعبة السياسة الدولية ..

إن المؤسسات الإعلامية وذات الطبيعة الدراسية وحتى تلك السياسية أو القريبة من الدائرة السياسية، لها مدراء ومساعدين مدراء وكلها ترتبط بالتالي بالجانب الاقتصادي ومصالح المؤسسات الكبرى الرأسمالية، فعقد الصفقات وإقامة الحوار و دعوة هؤلاء الأشخاص المؤثرين وجعل من يحاورهم مستعدا لمعرفة ما يريد من خلال الربط العربي الرسمي والثقافي والاقتصادي بالأشخاص والمؤسسات العربية الموجودة في الساحة الأمريكية سيعطي نتيجة بكل تأكيد.

وبإمكاننا تلخيص ذلك التوجه بما يلي :

1ـ إن وجود إجماع حول سياسة أمريكا الخارجية ـ من قبل الأمريكيين ـ يجعل من الخطأ مهاجمة تلك السياسة بشكل سافر، بغض النظر عن مساوئها ومعاداتها في غالبية الأحيان لتطلعات الشعوب العربية. لأن ذلك سيستعدي الطبقة الحاكمة والدوائر المحيطة بها من قوى اجتماعية واقتصادية وإعلامية.

2ـ توجيه النقد لتلك السياسة بشكل انتقائي والتركيز على العناصر التي تضر بمصالح أمريكا بالمدى الطويل، والتركيز أيضا على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين والعراق (من قبل الصهاينة والجنود الأمريكان أو ممن يساعدونه) وأثر مساندة ذلك أمريكيا على مصالح الشعب الأمريكي.

3ـ ولما كان من الصعب تحريك صانع القرار السياسي دون الإحساس بتعرض مصالح أمريكا لخطر حقيقي فإن محاولات الإقناع والتخويف لا بد أن تقترن بإجراءات عملية تلحق الضرر بمصالح بعض الشركات للتأثير على صانعي القرار، وهذا ينسحب على التنسيق مع قوى شعبية بالسماح لها عربيا (رسميا) بالتعبير عن غضبها في المظاهرات والاحتجاجات المنظمة..

4ـ التنسيق الرسمي والشعبي في البلدان العربية مع الجاليات العربية والمؤثرين فيها بالولايات المتحدة .. ودعم منظمات تلك الجاليات ماليا وإعلاميا.

5ـ تنسيق جهد الجامعة العربية والسفارات العربية في أمريكا في تكريم من يساند القضايا العربية .. وتقوية صلاته بالنخب العربية ..

انتهى
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس