عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-12-2007, 07:15 PM   #68
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

سرني كثيرا أن أكون في موقف المستفَز (بفتح الفاء) بجو حميمي أتوق إليه دائما، وهي مناسبة طيبة لتقوية أواصر الربط (التثاقفي) بين صديقين أثيريين .. تتناجى روحاهما عن قرب يعوض بعد المسافات ..

أدرك مدى الاحتقان الذي يعتمر دواخل معظم مثقفي الأمة، مما يجعلهم يميلون أحيانا للانزلاق عن غير قصد في دوامة اليقين السهل .. ومهمة المثقفين الذين تدفعهم غيرتهم لحشد الأقلام الصادقة الشريفة العارفة لدورها غير المتبجحة بانفرادها بمعرفة الحقيقة المطلقة (غير الموجودة أصلا)، تلزمهم بالهمس بأذن من يهمهم بالابتعاد ـ قدر الإمكان ـ عن الانزلاق في هامش اليقين السهل ..

ترى أحدهم يغمز بجانب الإسلاميين ويعطيهم وصفا جاهزا لا ينصفهم بأي حال من الأحوال بما هم عليه بصفة حقيقية .. وترى آخر يغمز بجانب الخليجيين وقد فصل لهم ثوبا نسج خيوطه وحبكها وخيطها في مخياله الذي صنعته ثقافته المضطربة .. وترى آخرا يسفه القوميين ويسقطهم من حساباته .. والقائمة لا تتسع لذكر آلاف الخيارات التي يشملها مثقفونا ويخضعونها لليقين السهل علهم يريحون أنفسهم من تفسير يمكن إضافته ـ بجدارة ـ الى مخزون التراكم الثقافي الذي يصلح كدليل إجرائي للخلاص مما نحن فيه ..

فكما يستسهل البعض برمي ويلات الأمة على حكامها وكما يستسهل البعض محاولة إلغاء مدرسة فكرية أو نشاط ثقافي بكامله، كأن يحتقر الشعر أو المسرح أو حتى كتابة المقالة .. استسهلتم حضرتكم إنكار وجود المثقفين الجادين في الأمة وهو جنوح ـ غير مقصود ـ نحو اليقين السهل ..

لقد برز البولنديون عندما مروا في حالة شرذمة أمتهم من الاعتداءات التي كانت تقع عليها من دولة بروسيا وما تبعها من معارك، بالإبداع بما هو معروف ب(المنطق الصوري) .. ولا أظن أن هناك أخصب تربة لاعتمال العقل مما نحن فيه. ألم يقولوا الحاجة أم الاختراع؟ وهل ترى أن حاجاتنا يمكن أن تنحصر بقائمة واحدة أو كتاب أو عدة مجلدات؟ فلماذا لا نعطي لأنفسنا البحث في كل شيء طالما أننا بحاجة لكل شيء .. فهناك حقول واسعة تستوعب من ينشط بالعلم والدين والأخلاق والسياسة والأدب والفن ..

ومن يتفحص ما حوله، سيكتشف أن هناك جهودا كبيرة يقوم فيها الكثير من أبناء الأمة من ضفاف الأطلسي حتى شواطئ الخليج العربي وبحر العرب .. لكننا في حمى الانكسار المتتالي والتي لا أظنها ستطول، لا ندرب أعيننا على رؤية هؤلاء .. إن لحظات الولادة هي أكثر حالات المرأة قرفا وبشاعة ولكن الولادة نفسها ستنسي الآخرين تلك اللحظات .. فأمنا وأمتنا في حالة ولادة ..

احترامي وتقديري أيها الصديق الشقيق
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس