عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-12-2007, 07:42 PM   #5
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

الخيانة والحرمان والتعويض




وفي حياة الملك فاروق مصدرين للخيانة المؤلمة كان لهما أثر كبير في حياته, الخيانة الأولى كانت من أمه التي تعددت علاقاتها وكثر عشاقها وانطلقت في بحث نهم عن حقوقها الضائعة واحتياجاتها التي أحبطها أبوه الملك فؤاد, وقد كانت خيانتها تسبب له حرجا وألما من ناحيتين, الأولى أنها أمه والثانية أنها الملكة, وفي الحالتين إهانة له.

أما الخيانة الثانية فكانت من زوجته الملكة فريدة والتي خانته مع ضابط إنجليزي
كما ذكرنا- حسب زعم بعض الروايات مما اضطره إلى الانفصال عنها.
هاتان الخيانتان طعنا فاروق في كرامته وفي رجولته, وهما يفسران بشكل جزئي ولعه بعد ذلك بالعلاقات النسائية, فكأنه حين يمارس الحب مع نساء كثيرات يثبت أنهن كلهن كذلك وليست أمه فقط وبهذا يخفف من وقع خيانة أمه عليه فليست أمه هي الخائنة الوحيدة بل كل النساء خائنات أو عاهرات. وهو أيضا يرد على خيانة زوجته بعلاقات كثيرة وكأنما يقول لها: "ها أنذا رجل تتمناني كل الفتيات", ويقول لعشيقها: "أنا أكثر منك جاذبية ورجولة". وكما قلنا فإن فاروق تعرض لعدة مواقف من الخصاء النفسي, ولذلك فهو بعلاقاته النسائية المتعددة يقول لمن مارسوا خصاءه: "مازلت رجلا تهفو إلي قلوب النساء".

وربما يستغرب البعض حين نتكلم عن الحرمان في حياة الملك فاروق, إذ كيف يكون ملكا ويكون في ذات الوقت محروما, والحقيقة أنه كان يعاني فعلا من الحرمان, ولكنه الحرمان العاطفي ففاروق على كثرة من ينافقونه ويرجون كرمه ونعمه إلا أنه كان يشعر في أعماقه بأن لا أحد يحبه لذاته, وربما يرجع هذا لافتقاده الحب من مصادره الأولية, حب أبيه وأمه, ثم افتقاده الحب من زوجته فريدة بل وخيانتها له. كما أن فاروق عاش معزولا بين القصور ولم يمارس الحياة الطبيعية مع البشر (وهذا شأن كل أبناء الملوك والرؤساء) ولذا لم يعرف التفاعلات الطبيعية بين الناس, فكل من حوله يمارس دورا مصنوعا بعناية ولا يتصرف أبدا بتلقائية. ولهذا حين تنظر إلى صور الملك فاروق تلمح فقرا شديدا في تعبيرات الوجه عن المشاعر. وقد يقول قائل بأن الملك فاروق كان يتمتع بحب الشعب المصري خاصة في مراحله الأولى, وقد يكون هذا صحيحا ولكن الحب العام لا يغني عن الحب الخاص, حب المقربين الموجه للشخص ذاته وليس لأنه ملك.

وقد ظهرت عليه صورا لتعويض هذا الحرمان الوجداني في صورة شراهة في تناول الطعام, وداء السرقة القهري في مواقف مختلفة, وولعه باقتناء الأشياء الثمينة التي يراها في قصور الوجهاء في عصره, وهذه كلها أشياء رمزية يسترد بها ما افتقده من حب. ومع الحرمان الشديد في الجوانب الوجدانية كان هناك إشباع شديد في نواحي الترف والملذات, وقد خلق هذا تناقضا واضطرابا شديدا في شخصية فاروق.

وقد أصيب فاروق بنوع من هوس التملك والاستحواذ ظهر في صورة اقتناء التحف والولاعات والساعات والنباتات ومنها الأفيون والحشيش, والحشرات غير المألوفة ورؤس الغزلان. وعرف عنه إصابته بداء السرقة واشتهرت قصص طريفة في ذلك بعضها ربما يكون حقيقيا وبعضها مبالغ فيه. وكان إذا زار قصر أمير أو باشا أو وزير وأعجبه شيء في القصر يأخذه بلا خجل أو تردد. ومع الوقت كانت تزداد شراهته في الاستحواذ والامتلاك حتى أصبح أكبر مالك للأراضي الزراعية, وأكبر مقتن للذهب والأنتيكات والتحف.
ومع كل هذا كان فاروق يحتفظ بجانب آخر في شخصيته يتسم بالبساطة والمرونة وحب الناس وشيء من التدين المتجذر في الأسرة العلوية رغم مظاهر الفساد والترف والاستعلاء فيها.



يتبع ،،،
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس