عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-11-2007, 03:53 PM   #28
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile موقف الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه من الجدال والقياس في الدين

موقف الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه من الجدال والقياس في الدين



درج الإمام جعفر بن محمد رحمة الله عليه على ما درج عليه أجداده -من النبي عليه السلام، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعموم الصحابة والتابعين وتابعيهم- من التحذير من الجدال والمراء في الدين وفي كتاب الله وشرائعه. وهذا الأمر -أعني التحذير من الجدال وتوابعه وآثاره على الدين والقلوب- من الأمور المسلمة عند المسلمين، مضى على التحذير منه والتشديد فيه صدر الأمة وسلفها الصالح في كل قرن إلى عصرنا هذا ممن تبع السلف في مذهبهم ومضى على منهجهم ومنوالهم.

ومن أقوال الإمام الصادق في هذا، مارواه الذهبي بسنده إلى عنبسة الخثعمي -وكان من الأخيار- قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: (إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب، وتورث الشقاق).
وهذه العبارة تواترت في الحقيقة عن جمع كبير من أئمة السلف رحمهم الله، تناقلها العلماء في كتب أصول السنة في هذا الباب.
فهذا نموذج في ذم الجدال، وهو المراء وطلب المغالبة، ومستلزم للخصومة في الدين.

ومن ذمه للقياس قصة رواها أبو نعيم في الحلية بسنده إلى عمرو بن جميع، قال: دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، وقال عبد الله بن شبرمة الكوفي -وهو ثقة فقيه من أقران الصادق- قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد، فقال لابن أبي يعلى: من هذا معك؟ قال: هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين.
قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه. قال: نعم، قال: فقال جعفر لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال: نعمان. قال: يا نعمان، هل قست رأسك بعد؟ قال: كيف أقيس رأسي؟!، قال: ما أراك تحسن شيئا، هل علمت ما الملوحة في العينين، والمرارة في الأذنين، والحرارة في المنخرين، والعذوبة في الشفتين؟
قال: لا!، قال: ما أراك تحسن شيئا.
قال: فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟
فقال ابن أبي ليلى: يا ابن رسول الله، أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها.
فقال: أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين، لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب، فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ، فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج، وإن الله بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل العذوبة في الشفتين، يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه).
فقال: فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان. فقال: إذا قال العبد: لا إله، فقد كفر، فإذا قال: إلا الله، فهو إيمان.
ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا نعمان، حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس. قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس، لأنه اتبعه بالقياس).
زاد ابن شبرمة في حديثه: ثم قال جعفر: أيهما أعظم: قتل النفس أو الزنا؟ قال: قتل النفس. قال: فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة. ثم قال: أيهما أعظم: الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فكيف -ويحك- يقوم لك قياسك؟!. اتق الله ولا تقس الدين برأيك!
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس