[الوافـــــي]

الملك عبدالعزيز والشعراء

الملك عبدالعزيز مثل غيره من العظماء والملوك وأهل الجود والكرم كلن يتمنى القرب منهم ويطمع في كرمهم والملك عبدالعزيز سمع الشعراء بشجاعته وإيمانه وسخائه فسارع الشعراء إلى ديوانه كالسيول المنحدرة لأن هذا الملك العبقري أهلاً للمدح ولا غرابة فالرسول صلى الله عليه وسلم سمع الشعر من الشعراء وهو في المسجد وكان له شعراء وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من الشعر حكمة))( 1) وكان -عليه الصلاة والسلام- يقول لحسان بن ثابت شاعره -رضي الله عنه- لما يقابل العدوا ماذا عندك يا حسان! فيقول حسان: عندي لسان لو وضعته على الحجر لخرقه ولو وضعته على الشعر لحلقه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت: ((إن روح القدس معك ما هاجيتهم)) (2 ) يقصد المشركين ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((اهج قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق النبل)) ( 3) ويروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحة كقبيح الكلام)) (4 ) وكلام العلماء والخطباء والشعراء له تأثير في قلوب الناس أيام الشدائد والحروب
ولا شك أن الدفاع عن دينك ودولتك وتخويف الخصم يكون بالجهاد باليد والمال واللسان والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل كعب بن زهير لأنه آذاه بشعره وهجاه ثم جاء كعب بن زهير -رضي الله عنه- للنبي صلى الله عليه وسلم تائباً معتذراً مسلماً ويقول الأمان يا رسول الله! فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم الأمان ثم قام كعب وترجل بقصيدة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وقال:

نبئت أن رسول الله أو عدنـي ... والعفو عند رسول الله مأمـول
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولـم ... أذنب ولو كثرت في الأقاويـل
إن الرسول لنور يستضاء بـه ... مهند من سيوف الله مسلول(5 )

وبعد هذه القصيدة أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم بردته هدية له
ويروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ذبوا بأموالكم عن أعراضكم قالوا: يا رسول الله! كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا قال يُعطي الشاعر ومن تخافون لسانه)) (6 ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) فتح الباري (10/540) و(6/531) وشرح النووي لصحيح مسلم (2/33) وعون المعبود سنن أبي داود (13/354).
( 2) صحيح الجامع الصغير للشيخ الألباني (1/419) ورقم الحديث (2084).
( 3) صحيح الجامع الصغير للشيخ الألباني (1/495) ورقم الحديث (2523).
( 4) سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني (1/186) ورقمه (448).

( 5) البداية والنهاية لابن كثير (3/368-373).
( 6) السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني (3/445).