عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-11-2007, 03:31 PM   #4
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي 3- الصحة النفسية بين المطلق والنسبي:

3- الصحة النفسية بين المطلق والنسبي:

وفي الواقع، مفهوم الصحة النفسية لكل هؤلاء (الطفل - الأم - الأسرة - المجتمع) مفهوم نسبي وليس مفهومًا مطلقًا، بمعنى أنه يختلف من بيئة لأخرى ومن مجتمع لمجتمع ومن أسرة لأسرة وما يمكن اعتباره صحيًا في مكان، يمكن اعتباره اضطرابًا في مكان آخر.



ولتقريب الفكرة، سنحكي حكاية صغيرة عن شيخ قبيلة أناني جدًا، هذا الشيخ عرف بطريقة سرية أن البئر الذي تشرب منه القبيلة كلها، سيسمم في يوم من الأيام، ونظرًا لأنانيته وحبه لنفسه، أخذ يخزن مياه كافية من هذا البئر في منزله حتى إذا تسمم البئر، يجد ما يشربه، فجاء اليوم وتسمم البئر بالفعل وأصيب أهل القبيلة كلهم بالجنون ولكنهم لم يموتوا، فظل هو العاقل الوحيد بينهم، طبعًا استغرب أهل القبيلة تصرفاته في وسطهم ولم يحتملوه بينهم وفي النهاية قتلوه. فعلى الرغم من أنه العاقل الوحيد بينهم إلا أن اختلافه جعله في أزمة معهم، وحدث عدم تناسب بين تفكيره وتفكيرهم.

إذن فلابد من أخذ هذا العامل في الاعتبار, لأن هناك اضطرابات كثيرة في الأطفال تكون مشكلتها النسبية في الصحة والزمان والمكان، فلابد من وضع اعتبار للزمان والمكان والظروف عند تقييم هذا الطفل.

سنعطي مثالاً آخر بسيط ليوضح هذه النقطة: لو أن هناك طفل تشتكي أمه من كونه كثير الحركة ويقفز فوق الشبابيك وعلى البلكونات ويكسر الكراسي والأشياء، وهم يعيشون في شقة غرفتين وصالة، فهذا الطفل لو تخيلنا أنه انتقل من هذه الشقة الضيقة المحدودة الممتلئة بأشياء زجاجية وقابلة للكسر، ووضعناه في بيت واسع حوله ساحة كبيرة وشجر، وعاش الطفل في هذا المكان الجديد يجري في الساحة الخضراء ويقفز فوق الأشجار كما يريد، وقتها لن تحس الأم أي شقاوة منه أو أي حركة زائدة، وفي نهاية اليوم يعود بعد هذا الجهد المضني لينام والأم راضية وهو راض، هنا اعتبار المكان والظروف مهم جدًا.


يتبع ,,,
الفارس غير متصل