لو اعتاد أحدنا على السير بمركبته في الطرق الزراعية أو الصحراوية، فإنه سيلقى صعوبة هائلة عندما يدخل لأول مرة شوارع مدينة مزدحمة بالسيارات ومكتظة بالسكان .. ولكنه سرعان ما يتكيف في الحذر ممن يسيرون الى جانبيه اليمين واليسار، ومن يتقدمه من العربات أو من يتبعه.. عندها فقط ينضبط السير وتؤمن له السلامة ولمن غيره في الطرقات ..
التكيف والاجتهاد في سيرورة الحياة شيء يباركه الله عز وجل، فالإنسان خلقه الله تعالى وكرمه على بقية خلقه، وأمر رسله بمخاطبة غيرهم بالمعروف، دون فظاظة ودون قهر .. وجعل الحكم (القضاء) الأخير له وحده، فيمن هو كافر وفيمن هو مؤمن ..
ونحن عندما نتناول قضايانا كبشر يعيشون في بقعة محددة، نتناولها بما يتلاءم مع التطور الحضاري، دون التساهل في ثوابتنا العقائدية، ولكن بنفس الوقت دون المغالاة على طريقة (الخوارج) .. فعاش في كنف أمتنا في أيام مجدها وعزها وصلاحها وأدائها لأدوارها في حمل (الرسالة) كل من أصحاب الديانات السماوية وغيرهم .. وقد وضعت ضوابط (سياسية) تتماشى مع روح الشرع، ودون أن تسبب القهر للآخرين ..
وإذ نلتزم باحترامنا لكل من يعتز بما يؤمن به من منظومة فكرية أو دينية، ندعو لأن نجعل من فكرة التسامح وقبول الآخر عاملا إضافيا في إشاعة فضاء ذهني يصل به (صاحب الحجة القوية) الى مريديه دون تسفيه وانتقاص واحتقار لما يؤمن به الآخرون .. فليس هناك حق مطلق سوى الله .. وكل ما دون ذلك هو اعتقاد بأحقية منهج صاحب الحق (المزعوم) ..
احترامي و تقديري للجميع
__________________
ابن حوران
|