10-10-2007, 10:12 AM
|
#7
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
|
عبُادة بن الصامت الانصاري رضي الله عنه
عبُادة بن الصامت الانصاري رضي الله عنه
وهو عُبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة عوف ابن عمرو بن عوف ابن الحارث من الخزرج الأنصاري المكنُيّ بأبي الوليد، صحابي جليل، موصوف بالورع والتقُوى، شهد العقبة وكان أحد النقباء الاثني عشر الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة الى المدينة المنورة وكان يومها نقيبا لبني عوف بن الحارث، وقد ذكر فيما بعد عن هذه البيعة أنهم بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة على: ((السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العُسر واليُسر، وعلى الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نقول في الله لا تأخُذنا في الله لومة لائم، وعلى أن ننُصَرهُ اذا قدم علينا يثرب، فنمنُعهُ مما نمنعُ منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا، ولنا الجنة، ومن وَفىّ وَفىّ الله له الجنة بما بايع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومَن نكثَ فانما ينكث على نفسه!)).
كان عبُادة بن الصامت رضي الله عنه طويلا، ممتلئ الجسم، جميلا، وكان ممن جمع القران الكريم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه من الانصار، رضوان الله عليهم معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وابو الدرداء، وأبو أيوب الانصاري وكان عبادة يُعلّمُ القران الكريم لآهل الصُفّة المنُقطعون للعبادة في المسجد، وروى رضي الله عنه الكثير من الاحاديث النبوية الشريفه .
شهد عبادة رضي الله عنه بدرا، وأحُدا والخندق، وغزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ست غزوات، وشارك في فتوح الشام، وفتح دمشق، وفتح مصر، وكان يقيم في المدينة المنورة ثم أرسله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى الشام ليُعلمّ الناس أمور دينهم ويقرؤهم القران الكريم، وكان معه معاذ بن جبل، وابو الدرداء رضي الله عنهما، فأقام عبادة في حمص، وأقام معاذ في فلسطين، فيما أقام أبو الدرداء بدمشق، وبعد وفاة معاذ رضي الله عنه بطاعون عمواس أنتقل عبادة بن الصامت الى فلسطين.
وكان رضي الله عنه خلال اقامة في الشام يخالف معاوية بن أبي سفيان الذي كان والياً انذاك في الشام في كثير من القضايا، ولما أوُتي من سعة معرفة بتفسير القران الكريم وبالحديث النبوي الشريف، والسيرة النبوية المطهّره فكان معاوية يحاورة مّره، ويجادلة مرّه، يؤيده مّره، وينكر عليه بعض الآمور مرة اخرى، ويصمت عن أخرى ويعود اليه في بعض القضايا وروي أن معاوية قال يوما عن عبُادة: ((اقتبسوا منه فأنه أفقه مني)) . ولهذه القصص دلالة واضحة على تمكنه من الفقه ومعرفة عبادة في أحكام دين الله، وقيامه بالآمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد قال لمعاوية يوما: أنت يا معاوية أصغر في عيني من أن أخافك في الله عز وجّل . فقال معاوية: صدقت! قد كان هذا شأن البيعتين، ولمّا انكر يوما على معاوية قضية اخرى قال عبادة لمعاوية: لا أُساكنك بأرض، فرحل عبادة الى المدينة المنورة فلما بلغها قال له الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما أقدمك؟ فاخبرة، فقال: ارحَل ألى مكانكَ، فقبحَ الله أرضا لستَ فيها وأمثالك فلا إمرة له (أي لمعاوية) عليك!! .
بعد حضوره فتح مصر تولىّ عبادة بن الصامت رضي الله عنه ولاية (إيلياء: بيت المقدس) ثم تولىّ القضاء في فلسطين ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان (فلسطين: قصبتها بيت المقدس ومن مشهور مدنها عسقلان والرملة وغزة وأرسوف وقيسارية ونابلس وأريحا وعمّان ويافا وجبال الشراه الى آيلة (العقبة) كله مضموم الى جند فلسطين) وهي في التقسيمات الحدودية الحالية أجزاء من فلسطين وأجزاء أخرى من الأردن، وكان أوّل من ولي القضاء في فلسطين لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبقي في بيت المقدس قاضيا لفلسطين حتى وفاته فيها سنة أربع وثلاثين للهجرة وكان عمره عند وفاته اثنتين وسبعين سنة ودفن في بيت المقدس.
روي أنه لما حضرت الوفاة عبادة بن الصامت قال: أخرجوا فراشي الى الصحن -يعني صحن الدار- ثم قال: اجمعوا اليَّ أمواليَّ وخدمي وجيراني، ومن كان يدخل عليّ، فجُمعوا له، فقال: أن يومي هذا لا أراه ألاّ اخر يوم يأتي عليّ من الدنيا، وأول ليلة من الاخرة، واني لا أدري لعلّه قد فرط مني اليكم بيدي أو بلساني شيء، وهو -والذي نفسي بيدي- القصاص يوم القيامة، وأُحرج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك ألا أقتصّ مني قبل ان تخرج نفسي، قال: فقالوا: بل كنت مؤدبا . قال : اللهمّ أشهد!! ثم قال: أما لا فاحفظوا وصيتي: احّرج على انسان منكم يبكي عليّ، فاذا خرجت نفسي فتوضؤوا واحسنوا الوضوء ثم ليدخل كلُّ انسان منكم المسجد فيصلي، ثم يستغفر لعباده ولنفسه، فان الله تبارك وتعالي قال: ((واستعينوا بالصبر والصلاة) الاية (45) من سورة البقرة، ثم أسرعوا بي الى حفرتي، ولاُ تتبُعني نارا، ولا تضعوا تحتي أرجوانا)) رضي الله عنه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل عبادة بن الصامت على بعض الصدقات وقال له: ((أتقّ الله يا ابو الوليد!! اتقّ! لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رُغاء، أو بقرة لها خُوار، أو شاة لها ثؤاج!!؟ فقال: يا رسول الله: ان ذلك كذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: أي والذي نفسي بيده أنّ ذلك لكذلك الآ من رحمَ الله عز وجل!؟ قال: فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين ابدا)) وأخرج الحاكم في المستدرك عن عبادة بن الصامت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شُغلَ فاذا قدم الرجل وقد أسلم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه الى رجل مناّ يعلّمه القران، فدفع اليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا كان معي في البيت، وكنُت أقرأته القران، فرأى أن لي عليه حقا، فأهدى اليّ قوسا ما رايت أجود منها ولا أحسن منها عطافا، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما ترى يا رسول الله فيها؟ قال: (جمرة بين كتفيك تقلدّها أو تعلقّها) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحم الله عبادة بن الصامت .
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...
ولا تشغلني بما خلقته لي ...
|
|
|