حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   صالون الخيمة الثقافي (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الشهيد(ديوان لاتعتذر أيها العشق) (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=77003)

هشام مصطفى الفنان 25-02-2009 11:18 AM

الشهيد(ديوان لاتعتذر أيها العشق)
 
لأنك صرت لى وطنا
وكنت بساحة الأقصى تبيا ًفاض أنوارا
لأن جبينك الوضاء أيقظنى
تخلى الحبر عن قلمى وصلى الحرفُ أشعارا
بأى بدائل ٍ تذكى غليل الشوق فى صدرى
وأى شواهد ٍ نذرت على كفيك أنهارا
لأنك صرت لى وطنا تسمر فى المدى صمتى
وصار البوح أحجارا
فهل لو عدت فى شعرى براكينا ..وطوفانا ..وإعصارا
تداهمنى حروف الرعدِ ياوطنى
تداهمنى بسيف الجرح أمطارا
لأنك صرت لى وطنا
ولا وطن سيحملنى إلى عينيك شطآنا
لأن الشعرَ يرفضُنا ..لأنك وحدك المبعوث أوطانا
لأن الخزى عتوانٌ لأقربنا
فقل وبحق أقصانا
إذا كنا غثاء السيلِ هل للخانع الماضى لبيت الذل عنوان ٌ؟!
وهل لعراة صحرانا إذا ركعوا إلى الأوثان من ثوب ٍ
سيبقى الراكع الحافى يثوب العار عريانا
سألتك إذ بكى سؤلى
وللأحزان أحزانٌ
ومن يحزن على الأمجاد
صار اليوم ......
ظمآنا !!

المشرقي الإسلامي 27-05-2010 11:18 PM

بسم الله الرحمن الرحيم


لأنك صرت لى وطنا
وكنت بساحة الأقصى تبيا ًفاض أنوارا
لأن جبينك الوضاء أيقظنى
تخلى الحبر عن قلمى وصلى الحرفُ أشعارا
كم هو جميل أن تنساب المعاني الثرة الجميلة بهذه السهولة واليسر وتبدو حالة مثل ترقرق
الماء من خلال حرف الراء المفتوح والذي يجعل القارئ أمام حركة مستمرة للأنوار والأشعار
والصلاة وما في فلكها ، وحينما يترك الحبر الذهن لينطلق من نفسه ليستحيل شعرًا وكأن هذه صلاته فإن ذلك المعنى يشعِر القارئ بالحنينية إلى هذا العهد كما يشعِر بأن هذا الشعر ليس ترفًا يكتبه الجالسون على أرائك الحرير ، وإن كنت لا أحب استخدام الصلاة ومفاهيم العبادة خارج نطاق الاستخدام الحقيقي لها لقدسيتها .
بأى بدائل ٍ تذكى غليل الشوق فى صدرى
وأى شواهد ٍ نذرت على كفيك أنهارا
وهذه الحالة من التوهج تزداد باستخدام هذا التعبير تذكي غليل الشوق في صدري ، فرغم أنها عادية إلا أنها اكتسبت دلالة أكثر تأثيرًا من خلال السؤال الاستنكاري بأي بدائل لتغدو استحالة مفارقة هذا الشجن حقيقة لا مناص منها ، كما أن تعبير "نذرت على كفيك أنهارًا" فيها هذا الاستخدام العبقري للمفارقات التي يكون معها النهر مشخصًا على أنه إنسان أو غير ذلك مما يقدم قربانًا ، تلك الأنهار هي أنهار الدماء التي تبحث عن طريق لتجمدها والأنهار هنا هي هذه الشواهد التاريخية والأحداث التي تنكأ الضمير الإنساني ، كما هي دماء الإنسان المقدسي ،وهنا يكون لاحتمالية تأويل الكلمة بأكثر من شكل عنصر قوة يضاف إلى القصيدة.
لأنك صرت لى وطنا تسمر فى المدى صمتى
وصار البوح أحجارا
بنفس النهج يستمر العطاء وتستمر حالة الوله ولعل إلغاء الروابط في تسمر ،صمت كانت فريدة للغاية ، فقد سُلِبَت دلالة الصمت من خلال فعل آخر هو في ذاته يدل على السكون أو السلبية أيضًا لكن استخدام فكرة نفي النفي هو الإيجاب كان مبينًا هذا البوح العميق والتمرد على الصمت ،كما تبرز هذه المقابلة في صيرورة البوح أحجارا ، فهي ليست أحجارًا من حيث الصمت وإنما هي أحجار من حيث إيلام المقذوف بها ، وهنا يشارك الشاعر هذه الجموع الغفيرة المدافعة عن قداسة الحق وتغدو أدوات البوح لديه هي الأحجار وهي وظيفة الشعر.

فهل لو عدت فى شعرى براكينا ..وطوفانا ..وإعصارا
تداهمنى حروف الرعدِ ياوطنى
تداهمنى بسيف الجرح أمطارا
جميلة هذه الانسيابية للأبيات والتلقائية البسيطة العميقة في ذات الوقت
والشطر تداهمني بسيف الجرح أمطارًا كان فيه جمال غير طبيعي إذ أن
الصورة الذهنية للأمطار المنبعثة من سيف الجرح تعمق الإحساس وتثبت
كم هي تشكيلية الصورة تؤدي إلى إيجاد صور رائعة وكذلك تعبير حروف الرعد
المعبرة عن هذه الأحداث المؤلمة فيه عبقرية تكمن في هذا التداخل في استخدام
الدلالة لغير مدلولها وإيجاد روابط غير معتادة تعتمد على تجزئة ما لا يتجزأ وإعطاء
الكلمة دلالة تتقوى دلالتها من خلال السياق .
لأنك صرت لى وطنا
ولا وطن سيحملنى إلى عينيك شطآنا
لأن الشعرَ يرفضُنا ..لأنك وحدك المبعوث أوطانا
لأن الخزى عنوانٌ لأقربنا
فقل وبحق أقصانا
إذا كنا غثاء السيلِ هل للخانع الماضى لبيت الذل عنوان ٌ؟!
كان التشويق من خلال تكرار الأداة التعليلية (لأن) في صالح النص كما كانت الصور
تجمع بين الرومانسية وتوظيفها في صالح الواقع السياسي الذي تكون فيه الدولة هي
المحبوبة وتأخذ بعض خصائصها وكانت الشاعرية منسابة من خلال التعبيرات الشطأن
والعينين ، وكذلك الخزي عنوان لأقربنا تبدو السخرية في كينونة الخزي حقيقة لا مراء
فيها والأبيات كلها اتسمت بصدق يكسبها قدرًا أكبر من الحرارة والعلوق بالذهن.
وهل لعراة صحرانا إذا ركعوا إلى الأوثان من ثوب ٍ
سيبقى الراكع الحافى يثوب العار عريانا
رائع هذا التعبير العبقري وفيه رؤية ثاقبة إذ تسري مسار الحكمة
ورغم اعتياديتها لكنها تجعل من البيئة العربية الصحراء أداة للتهكم
من خلال إلباس أهلها سمات العري ،وتكون العروبة ممثلة في أولى
أشكالها البدائية وهي عبادة الأوثان مصدر العار والخزي من خلال
هذه العبادة للأوثان وفي القرن الحادي والعشرين عندما تكون عبادة
الأوثان والعري في الصحارى صورة نظام أو مجتمع ما مثار التهكم
والتخلف ،عبارة قصيرةعبرت عن معان مختلفة سياسيًا واجتماعيًا وفكريًا .
سألتك إذ بكى سؤلى
وللأحزان أحزانٌ
ومن يحزن على الأمجاد
صار اليوم ......
ظمآنا !!

كان تعبير بكى سؤلي وأحزان الأحزان له دلالة على توالدية الحزن والأسف
موفقًا في مجيئه في نهاية القصيدة خاصة عندما يقترن بالثورة على هذه
الحالة من اليأس والبكاء على اللبن المسكوب ولعل فيها دلالة مختلفة وهي
أن متبلدي الأحاسيس هم الذي يرتوون .رؤية مزدوجة تجعل القصيدة متميزة
على كافة الأصعدة . عمل رائع طيب أشكرك على وضعه في منتدانا وفقك الله.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.