![]() |
نجح جاسم محمد صالح لانه بدأ من الاصعب . رأي ا&
نجح جاسم محمد صالح لأنه بدأ من الأصعب (قراءة في أديب ) • الدكتور شفيق مهدي دار ثقافة الأطفال - بغداد • من السهولة إن تكتب عن مؤلفات صديق عزيز وفي ؟ لا أظن ذلك ! إذ عليك وأنت تكتب أو تنقد أو تثمن أن تبعد جانباً وان تتنحي كل ما يربطك به من إحساس وجداني وانجذاب عاطفي وميل في المشاعر … إن هذا شيء بدهي , بطبيعة الحال , لهذا وجدتني بعد تفكير حذرا وأنا أحاول الكتابة عن (( جاسم محمد صالح )) ابدأ وريقاتي , عن الوقت الذي عقدت فيه أو إحدى صداقاتي معه ... وهي صداقة تطرح نفسها بسرعة , ومن غير أية مقدمات ولا استهلالات , مع (( جاسم محمد صالح )) فهو الذي يلقاك بمحياه الطلق , وابتسامته الحية , و يبتدؤك التحية والكلام , وما هي إلا دقائق قليلة حتى تشعر وكأنك تعرفه منذ سنوات طويلة , كم انقضى من عمر هذه الصداقة يا (( جاسم )) ؟ التقيته أول مرة في (( دار ثقافة الأطفال )) , ولا يفوته وأنت تلتقيه , حتى انه يعرفك بنتاجه الأدبي ... وأسرع , يومها , يهديني مجموعته القصصية: (( وجوه تغني للفرح )) ... عنوان مغر , مليء بالتفاؤل , ويشعرك بحب الحياة . سارعت لقراءة قصص المجموعة ؛ أعجبتني أفكارها , وتنوع موضوعاتها , وسلاسة ويسر أسلوبها , ولما كنت اعمل في الدار , سكرتير تحرير للمزمار , وجدت انه يمكن الاستفادة كثيراً من تجربة (( جاسم محمد صالح )) الكتابية هذه ونشرها في (( المزمار )) , لما كنت من المتحمسين لإبراز دور البطولة العراقية , دور الرجال الذين ساهموا في صنع تاريخ العراق , وبنحو خاص , المغمورين أو المنسيين منهم , وما أكثرهم ! فقد طلبت من صديقي أن يكتب في ذلك . كان (( جاسم محمد صالح )) دؤوباً في عمله لا يتعب , وقلمه لا ينضب , سارع بإحضار سير حيوات من أبطال العراق , وأخذت طريقها للنشر بسرعة . واصل الصديق ( جاسم ) عمله معنا في صحافة الأطفال , وازدهر نشاطه , بعد أن ازدهرت الدار , وبلغت عصرها الماسي في زمن الست الجليلة الفاضلة( أمل الشرقي ) , وراح يصدر عن الدار , في كل اثنتي عشرة ساعة مطبوع ! لا أظن إن مطبوعات دار ثقافة الأطفال , الكثيرة المختلفة يمكن أن تنسى قصته المصورة الرائعة ( حميد البلام ) ولا قصصه الثلاث التي تتحدث عن أبطال ثورة العشرين التحريرية , والتي ضمها كتاب (( الحصار )) . لقد كتب (( جاسم محمد صالح )) كثيراًَ في أدب الأطفال ... انه , إذن بدأ بالكتابة الأصعب ! اجل ... بدا بأصعب أنواع الكتابة ؛ الكتابة للأطفال , ولا أظن إن أحدا ينكر هذا ... لقد نجح الصديق (( جاسم )) في هذا المجال , في الوقت الذي فشل فيه الكثير من كبار الكتاب . مرت سنوات الفراق الإجباري ؛ الفراق الذي فرض علينا حصار النظام السابق , صحيح إنني كنت التقي (( جاسم محمد صالح )) ولكن بين آن وآخر ... وشاءت الظروف أن لا نلتقي عقداً من الزمن , قضيته مكرهاً في الترحال , بحثاً عن لقمة العيش الحلال , لزغب الحواصل , في الجماهيرية الليبية العزيزة , وفي الأردن الشقيق . كان لابد للشمل أن يجتمع من جديد ,وشاء القدر الرحيم أن ألتقي صديقي(( جاسم محمد صالح )) مرة أخرى . كان اللقاء في مقهى شعبية صغيرة , في الباب المعظم … وكان (( جاسم )) هو… هو , خلقاً وخلقاً , لم تفارق الابتسامة شفتيه , ولم ينقطع سيل كلمات الترحيب عن لسانه , ولم يكف عن طرح أسئلته الحميمة الصادقة . كل شيء فيه كان ينطق بسعادته بهذا اللقاء ... وجلسنا ... ورحنا نحتسي الشاي بتلذذ , صحيح إنه في تلك اللحظات , كان هاشاً باشاً , مبتسماً , لكنه يمر بظروف صعبة جداً ؛ ظروف قاسية مريرة , لكنه لم يعرها أهمية ؛ (( فقد يتحطم الإنسان ولكنه لا يهزم )) , كما يقول(( همنغواي )) في رائعته (( الشيخ والبحر )) . استغل (( جاسم محمد صالح )) ظروف محنته الشديدة , لينهج منهجاً جديداً في الكتابة , علم الأنساب …حيث راح الرجل يبحث ويدور ويكتب فيه , وكانت - من جراء ذلك – مجموعة جديدة من الكتب والمقالات والبحوث , التي تبحث في هذا العلم الذي يحتاج إلى صبر شديد , ودقة متأنية , وبحث دؤوب , ولعل أهم ما ألفه في هذا الشأن: (( موسوعة العشائر الضيغمية )) التي أصدر منها جزأها الثالث . ليس من المستغرب أن يتحول كاتب الأطفال (( جاسم محمد صالح )) إلى باحث ومؤرخ , يسبر غور مشجرات وأصول القبائل والعشائر , ويجود في هذا المجال ويبرز , لأنه , كما سبق وإن قلنا قد بدأ من الأدب الأصعب , أدب الأطفال . هنيئاً لك يا (( جاسم محمد صالح )) بصدور الكتاب , الذي لم تكتبه أنت , بل كتبه آخرون عنك . |
بالتوفيق للأخ الأستاذ جاسم محمد صالح الكاتب والمؤرخ العراقي .
وأمنياتي لكم بمزيد من التقدم والرقي . تحياتي لكم وخالص تقديري والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.