حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   خيمة القصـة والقصيـدة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=69)
-   -   الثـــغر - اروع ماقيل قي مدينة الاسكندرية ( لشاعر العرب ) د. محمد نجيب المراد (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=84442)

الفاتح العربي 24-10-2010 05:52 PM

الثـــغر - اروع ماقيل قي مدينة الاسكندرية ( لشاعر العرب ) د. محمد نجيب المراد
 
الـثـــــّغــر





"عاد إلى مسقط قلبهِ بعد غياب، فكانت هذه الشهادة -المناجاة"



د. محمد نجيب المراد


إنَّ هذا البحرَ يَشهدْ.
أنني لونتهُ بالأزرقِ الداكنِ يوماً...
ثمَّ بالفاتحِ يوماً...
وسكبتُ اللازوردَ الأمسَ واليومَ وفي غدْ.
وطيورُ البحرِ تشهدْ.
كيفَ هذا الماءُ من قلبي تَنَّهدْ.؟
كيفَ هذا الموجُ يأتي كلَّ صبحٍ...
تحت شباكي... ويَصعَدْ.
يشربُ القهوةَ في الشُّرفةِ عندي...
حيثُ في الشُّرفةِ للأمواجِ ... مَقْعَدْ.
تمسحُ الأصدافُ عينيها بمِنديلي...
وتتلو ... صحفَ اليومِ ... وفي حِضني تَسنَّدْ.
يَغسِلُ النَّورسُ جنحيهِ بدمعي...
وأنا أُطعمُه السُّكَّرَ والكاكاوَ...
من صحنٍ بأشواقي ممرَّدْ.
تخلعُ الريحُ على وجهي قُفّازاً لُجينياً...
وترمي شالَها المصنوعَ من "يود" على شَعري المجعَّدْ.
وأنا أغسلُ بالوردِ يديها...
وأراها تحت ماءِ الوردِ في دَلِّ ... تأوَّدْ.
تَنَطِقُ الأسماكُ في كفيَّ شِعراً...
وتَصيدُ الصورةَ المحبوكةَ الألوانِ منِي...
والفراشاتِ التي في شَعرِها عطري ... تَجمَّدْ.
هلْ رأيتمْ سمكاً شعرَ الفراشاتِ ... تَصيَّدْ.

****


أيّها البحرُ الذي ما بينَ عينيهِ وعينِْي...
مطرُ الحبِّ تهجَّدْ.
وعلى سَجَّادةٍ من زَبَدٍ...
كم سبَّحَ الليلُ .... وَحَمَّدْ.

****

عندما جئتُهُ في الليلِ...
وكانَ البحر قد ألقى المراسي عند مينائي...
أدارَ الحبُّ عينيهِ كمنْ قد غاصَ في هَمِّ الغواني...
يومَها حوقلَ سِرّاً ... ثمَّ ناداني: تَجلَّدْ.

****

صاحبي، من ثلث قرنٍ وصديقي...
شَجَنُ البحرِ اكتساني خَلَجاتٍ...
أنظروا، ها عَرَقُ الماءِ، على جبهةِ أقلامي تَورَّدْ.
شَجَنُ البحرِ ارتَآني، فأنا حُزنٌُ مُمدَّدْ.
ولشطآني على أوجاعها...
في زمنِ البرقِ... أَهازيجُ الزبرجدْ.
كم توقدتُ على الرملِ...
وهاكم رجلاً ... يمشي إليكم، كلُّ ما فيه تَوَقَّدْ.
أََشعِلوا منِي فوانيسَ هواكمْ....
إنني قِنديلُ هذا البحرِ من شوقٍ تَجَسَّدْ.
أبرقَ الغيمُ الذي في وهجِ مشكاتي...
تَدَّلى... ثمَّ أرعدْ.
وأَنا أَنظرُ للموجةِ، حيث الطحلُبُ الأخضرُ...
خصرَ الماءِ في رقصٍ تَزَنّدْ.
أيُّ موسيقى على ظهرِ شراعٍ...
أَعملتْ أظفارَها في مسمعِي...
إِذْ كلُّ ماضيَّ الموسيقيُّ بأنواعٍ المقاماتِ تمرَّدْ.
سَحَبَ " الرصدُ" السكاكينَ وفي قلبيَ سَدَّدْ.
"وبياتٌ" جَنَّدَ التَذكارَ ضدي...
آهِ كم يذبحُ تَذكارٌ مُجنَّدْ.

****

ذُبتُ كالآهاتِ...
غَنَّاها " برأسِ التينِ " حَسُّونٌ ... وَغَرَّدْ.
عرفتني " ساحةُ المنشيّةِ " الصرحُ الذي يوماً على أدراجهِ....
قد زارني " شوقي " أبو الشعرِ....
وأهدانِي وريقاتٍ من النعناعِ...
فيها بعضُ تطريزٍ من الليمونِ...
شُمّوا شِعريَ المسكونَ بالإبداعِ...
شوقي فيه بالنعناعَ والليمونِ ... جَدَّدْ.
" وفنارٌ" أغمضَ الجفنَ قليلاً...
ثم بالسبّابةِ اليمنى مشيراً باتجاهي...:
قد تذكرتُ، تذكرتُ ...
أأنتَ العاشقُ المجنونُ... عُدتَ الآنَ فادخلْ يا محمّدْ.

****

كانتْ الأحجارُ عندَ السورِ....
عند المدخلِ الشرقيِّ للميناءِ ترنولي...
وبعضُ النقشِ قد لاحظتُ قلباً بينَ جنبيهِ...
رآني من بعيدٍ ... دَقَّ أَزْيدْ.
نزلتْ من عرشهِا الأضواءُ تمشي...
"والبصيريُّ" بقلب الساحةِ الكبرى...
ويتلو "بردةُ الحبِّ"....
وشِعري عنده جاثٍ...
وفي صمتٍ تَشهَّدْ.

****

إنهُ الثغرُ....
فَقبِّلْ يا فؤادي حيثما شئتَ....
فدادينَ شِفاهٍ وَلَماها فاضَ عَسجدْ.
إنَهُ الثغرُ الذي عَلَّمكَ النبضَ...
وغذِّى ببريقِ الوجدِ شريانَ الشرايينِ ... وأوقدْ.
إنّه الثغرُ الذي غَرَّق أسماكاً...
ويطلي بالدهاناتِ هواءً.
بلْ ويهدي الضوءَ نظاراتِ شمسٍ....
صُنِّعتْ في الشارعِ الخلفيِّ للميناءِ من غيمٍ مُبرَّدْ.

****

غَمَزَتْ لي نَقشَةُ الحِنَّاءِ...
في "زنقةِ سِتَاتٍ"....
فقامتْ نكهةُُ البحرِ تغني...
وإذا "سيّدُ درويشٍ" بكومِ الدّكةِ" الحسناءِ...
عند الفجرِ للحلوةٍ ... أنشدْ.

****

أجهشَ الأسفلتُ،
أقدامي على رِفقٍ تَحطُّ الخطوَ...
تخشى....
إن هذا الشارع المرصوفَ بالأحداقِ...
من أَتُّونِ آهاتي دموعاً قد تمهَّدْ.
كنتُ أمشي فيهِ مبهوراً...
كأني في حقولٍ...
أتملى زعفراناً صهوةَ الريحِ توسَّدْ.
أسمعُ الفُلَّ على قوسِ كمانٍ يتثنى...
يصدحُ العطرَ زكيَّاً...
عَلَّها تَخضَلُّ من أمطارِ موسيقاهُ نجماتٌ فَيَسعدْ.

****

أََيُّهذا الشارعُ الساكنُ كالنقطةِ في نوني...
مقيمٌ، وحناياهُ تموءُ الدفءَ في عمري المشرَّدْ.
جئتكَ اليومَ....
وقدْ مَرَّ زمانٌ....
أتعبَ الدربُ الشماليُّ خيولي بالفتوحاتِ... وأَجَهدْ.
فإذا أَنتَ كما أَنتَ....
مواعيدي التي تُفرِزُ شَهداً....
زغبُ المسكِ، وأعشابٌ من النَّدِّ....
نخيلُ من حنانٍ، عند شباكِ حبيبي، قد تَنضَّدْ.
لم يُغيْركَ الزمانُ الفجُّ....
يا مأَوى العصافِيرِ التي في ريشها كحلٌ....
ويا بيتَ العيونِ الخضرِ، والهُدْبِ المهنَّدْ.
أنت ما زلت كما أنتَ...
عجيبٌُ! ما انمَحتْ عنك شفاهي وعيوني...
وبقايا ضوءِ مصباحٍ مُسهَّدْ.
وإمامٌ شاطبيٌّ...
أخضرُ النبرةِ يتلو:
"والضحى والليلِ" في فنٍّ مُجوَّدْ.
أطلقَ المدَّ كما شاءَ بليلٍ ثمَّ عندَ الصبحِ قَيَّدْ.

****

مرحباً يا منزلَ الحبِّ
ويا أنشوطةَ الزهرِ التي عُنْقي بإحكامٍ تَقَلَّدْ.
ههنا لهفةُ أضلاعي مشتْ بي وَرَمتنْي...
فتكسرتُ فتافيتَ يواقيتَ على أرضِ حبيبي.
صَدِّقوني ....
لحظةً واحدةً لم أتردَّدْ.
قادني الحبُّ، مشى بي....
في دهاليزَ من الأحلامِ...
غطّانِي بجفنيِهِ وأَوصَدْ.

****

فسلاماً أيها الحبُّ...
الذي من ربع قرنٍ، أنا من لمسةِ شاماتٍ على خديَّهِ أُولدْ.
وسلاماً أيها البحرُ...
رسولي للعيونِ الخضرِ....
دوماً للأماناتِ كعصفورٍ تَعَهَّدْ.
وسقى الله "أبا قيرٍ" "ورأسَ التينِ" غيثاً...
" وترامَ الرملِ" يسقيه غَمامٌ من عطورٍ ليسَ يَنْفَدْ.

****

إنَّ قلبي عندكم يا أهلَ هذا الثغرِ....
يُمضي ليلَهُ في جانب البحرِ مضيئاً....
(فَلَقاً) يتلو على الحسّادِ حِرزاً...
كم أغاظَ الحبُّ ... حُسَّدْ.
يشهدُ الإسكندرانيّون أنّي في هواهم شاعرٌ...
والبحرُ يشهدْ.

****

يكتبُ التاريخُ أني..
أنا "إقليمُ شماليُ" " بإقليمٍ جنوبيٍ" تَوَحَّدْ.


****


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.