حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   دواوين الشعر (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=33)
-   -   موضوعات ابن حوران التاريخية والأدبية . (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=63075)

ابن حوران 06-12-2006 03:15 PM

تطور مفهوم العقل بعد الإسلام عند العرب :

لا يمكن أن نتوسع بموضوع (الهرمسية) أكثر مما ذكرنا في هذا المقام، الذي نزعم أنه قراءة متواضعة لما كتب في موضوع (العقل العربي) .. ولكننا أحببنا أن نمر عليه لإلقاء النظر على بداية تكوين الموروث العربي الإسلامي، الذي تأثر في بداية عصر التدوين وما بعده فيما أسماه (علم الأولين) ، وقد مررنا من خلال إشارات بسيطة عن التفاعل الذي استطاع به المفكرون العرب والمسلمين مع ما سبقهم من مفكرين يونانيين وهنود وغيرهم، من خلال الإرث الذي وصل من مكتبة الإسكندرية و (أفاميا) وغيرها ممن صنعوا أسس الفلسفة والمنطق قبل الإسلام ..

وإن المشككين في أن مكونات العقل العربي، والذين يشيرون الى أن العرب كانوا قد استوردوا مكونات علومهم الطبيعية والفلسفية من الخارج، مستندين في اتهامهم الى ذلك الحجم الكبير من المواد وأصناف العلوم التي تم نقلها من علوم الأولين .. أي الذين سبقوا الإسلام الذي أطلق طاقات المبدعين من الراغبين بتنشيط قدراتهم في تلك المجالات، سواء كانوا من أصل عربي أو من أصول غير عربية اعتنقوا الإسلام، أو حتى الرعايا غير الإسلامية التي كانت تقيم في كنف الدولة الإسلامية.

ولا يسعنا إلا أن نذكر حجة الذين يشككون في وجود عقل عربي إسلامي مستقل له خصوصياته، إذ يشيرون الى أن من يتفحص ما تناقلته النخب على مر السنين منذ عهد التدوين والدراسات التي خصصت لبحث ما أنتجته الأمم، سيجد (في وجهة نظر المشككين)، أن التأثر بتلك الدراسات والأفكار قد حُِبس في نطاق تلك النخب فتوارثت النخب إعجابها بنمطية تفكيرية، كما توارثت عداوة غيرها. في حين كانت الأغلبية الشعبية التي تواصلت منذ الأزل نقاط احتكامها لتسيير أمور حياتها بالمشافهة وبلغة أو (لهجات) تختلف عن تلك التي تناقلتها النخب الفكرية، وكانت نسبة تأثر الجماهير العريضة بنشاط النخب آني، ثم يزول وتبقى آثار المشافهة متواصلة (في المغرب العربي و المشرق ووادي النيل) .. حيث تحتضن اللهجات المحلية الأمثال والقيم والأغنية وأسماء الأشياء و صفاتها وقيمتها المعنوية وغيره .

لو أردنا التكلم بعدالة لقبلنا التسليم بهذا الرأي ـ ولو الى حد ما ـ فما نراه اليوم من خلافات بين النخب العراقية (على سبيل المثال) لوجدنا أن انبعاث نقاط الخلاف القديمة، قد أعيد ترميمها وتكييفها مع الواقع، دون أن تنجر فئات الشعب بكاملها التي تجاورت وتناسبت وتشاركت مع أبناء الطائفة أو القومية الأخرى دون حساب أو توقف عند نقاط اختلاف النخب.

وقد أشار ابن خلدون في صناعته لعلم (فلسفة التاريخ) لشكل التفاعلات الفكرية التي حدثت بين المسلمين ومن سبقهم. كما أن الشهرستاني بكتابه (الملل والنحل) قد ذكر ذلك بعين فاحصة عارفة لما نقله العرب والمسلمون عن اليونانيين والذي أسماهم الشهرستاني (أساطين الحكمة القدماء السبعة) ، كما أشار الى المتأخرين وهم (المشاؤون والرواقيون) أصحاب الرواق وأصحاب أرسطو طاليس، وقد ربط الشهرستاني كل ذلك بالهرمسية .

أما ابن خلدون فقد تتبع أثر القدماء وبالذات أولئك الذين أغاظهم ظهور الإسلام وبروز نجم مكة والمدينة المنورة .. فقد حاول هؤلاء المغتاظون من دس حجم ليس بقليل من الإسرائيليات والفارسيات (المفاهيم اليهودية والفارسية)، ليتبناها في النهاية مؤرخون عرب وإسلاميون وتبقى تزاحم أفكار المفكرين والمثقفين الى اليوم ..

وعند حالات تردي الإنتاج الفكري التي امتدت عدة قرون، ذهب الطلاب العرب الى أوروبا والغرب ليدرسوا تاريخ أمتهم على أيدي مستشرقين طوعوا ما سرقوه أو آل إليهم من مخطوطات ليخضعوه لفلسفتهم ورؤاهم الخاصة التي تناغمت مع عهد الحداثة الغربية وما رافقها من توثب إمبريالي، فغدت نخبنا الفكرية العربية (ممولة العقل العربي) تحتاط على تراث متشظي واجتهادات لم تجد طريقها الى العقل الجماعي الذي احتفظ بشعبيته الممتدة منذ آلاف السنين. وقد يكون هذا ما يفسر الصدود الجماهيري للالتفاف حول نخب تأتي وتذهب دون أن يأسف عليها الناس.

ابن حوران 29-12-2006 04:56 AM

الهوية العربية تلازم العقل العربي حتى داخل الهوية الإسلامية

( 1 )


لم ينصهر العرب خلال فتوحاتهم بالشعوب التي دخلوا إلى أقطارها، بل كونوا ثقافة ووضعوا أسسا لحضارة، وسلوكهم ذلك يعتبر من الظواهر الفريدة في التاريخ، حيث تنصهر الشعوب القادمة الى أقطار بواقع السكان الأصليين. وكان شعارهم الإسلام أولا ثم العربية ثانيا، ومن هنا جاء قوام النظام المعرفي (البياني) .. الفقه و اللغة ..

وقد لوحظ أن الحركة الثقافية والحضارية انطلقت مع انطلاق الدعوة للدين الجديد من مجتمع مدني ـ عكس ما يعتقد الكثيرون ـ فقد كان في مكة مجتمع يقسم الأدوار فيه كما هي في الدول الراقية وكانت حركة التجار في مكة والمدينة المنورة ـ فيما بعد ـ تسمح لهم بالاحتكاك بمجتمعات ذات طابع مدني، ومنذ الانطلاقة الأولى للإسلام فقد حض على العلم والتعلم واستنكر الأسلوب البدوي (الأعراب) وربط بين العلم والتعلم والدين ..

وقد نشطت الحركة الثقافية العربية الإسلامية مع الفتوحات مباشرة، فبعد أن كانت المدينة المنورة، تم تنشيط مراكز الكوفة والبصرة ثم الفسطاط والقيروان وأوكلت مهمة الريادة فيها لعرب معروفين بقدرتهم القيادية وإيمانهم الشديد بالدين الجديد. في حين لم يكن الاهتمام بالمراكز الثقافية القديمة: (حران، أفاميا، الإسكندرية ، أنطاكيا، جنديسابور) إلا متأخرا في القرن الثالث الهجري، بعد أن اعتقد العرب أنه لا خوف عليهم من الإطلاع على ثقافات غيرهم بعد أن أسسوا لنفسهم شخصية عربية إسلامية.

وقد انتبه الخليفة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، والذي كان يشغل قبل الإسلام منصب السفارة المحصور بآل نوفل قبل الإسلام، لظاهرة صيانة عروبة الشخصية الإسلامية في بداية الفتوحات فأرسل الى الأمصار رجالا قادرين على تعليم الآخرين أصول الدعوة، مثل ابن مسعود (الكوفة) وأبو الدرداء (الشام) وأبو موسى الأشعري (البصرة) وهؤلاء الذين علموا الناس كيفية قراءة القرآن وكيفية فهم ما يقرءون، فتكونت حولهم حلقات من القراء و توحدت النظرة في الفهم لهذا الدين الجديد الذي بشر بالعدالة والتحرر.

ثم ظهر التابعون بعد الموجة الأولى من الرواد الأوائل الذين توزعوا بالأمصار، وأدى التباين في الظروف المحلية لكل منطقة وما ورثه سكانها الأصليون من ماضيهم، فكانت النشاطات تختلف بالكيفية التي يتعامل بها المبشرون في الدين (في المرحلة الأولى)، ثم حراسة الإنجاز وعدم انحرافه، وكان هذا يتطلب الى العودة الى النموذج الأساسي التي بُنيت عليه الدعوة الجديدة، وكان الأساس لغوي بالدرجة الأولى ومن ثم فقهي يتعامل مع النصوص الأساسية من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

وعندما تطورت فكرة جمع الأحاديث وفرزها كان على الجامعين أن يكونوا محترفين لغويا، فتشعب النشاط الثقافي والفكري الى محورين أساسيين الفقه واللغة .. فكانت مساحة توكيد الهوية اللغوية ( العربية) تلازم وتحاذي أي نشاط، فظهر معها التفاخر و ذكر الأنساب (قحطان عدنان ربيعة بكر تغلب أزد الخ) وبقيت ملازمة كل نشاط ومتدخلة فيه الى بداية العصر العثماني.

لقد توحدت اللغة العربية بلهجاتها ( حتى الفصحى منها) في بلاد الفتوحات، وساعدها بل أسس لها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، فغدت لغة التخاطب لغة موثقة بشكل أسس له وفق علوم القواعد واللغة والبلاغة و العروض، حتى توحدت معه الشخصية العربية على مر التاريخ وفق جدر و قنوات لا يمكن الخروج منها، حتى من قبل الأقوام التي انصهرت مع العرب (حملة الرسالة)، رغم ما جاء لتلك الأقوام من فرص كثيرة للتخلص من السلطة السياسية العربية ولكن ذلك ثبت عند الشعوب التي كان لديها استعداد للتلاقح الروحي مع العرب، لعلاقات قربى قديمة سبقت الإسلام بآلاف السنين، كما في مثال شعوب شمال إفريقيا والتي لم يدم فيها حكم العرب سوى قرون قليلة، فبقيت تفكر و(تعقل ) الأمور بنفس الأدوات التي يفكر فيها أبناء العرب الأقحاح و (يعقلون) بها. في حين لم يدم هذا الوضع في مناطق تفتقد الاستعداد للتلاقح الروحي، كما حدث عند شعوب اسبانيا رغم طول المدة التي حكم العرب بها تلك الشعوب.

لقد تدخلت الدولة العربية بعد أن استقر وضع شخصيتها في توجيه ومركزية تكوين الشخصية المتعلمة، وكان ذلك بشكل واضح في القرن الرابع الهجري، عندما تأسست المدارس و الكليات لتوزع علما موحدا يحمل نفس عناصر الشخصية أينما وجد، فكان الأزهر في عهد الفاطميين وكانت المدارس النظامية (نسبة لنظام الملك) .. و القرويين في المغرب.. وكانت حرية التنقل بين طالبي العلم والأساتذة بغض النظر عن طبيعة الحكم السياسي ودرجة العداء بين دولتي الحركة لهؤلاء ..

هذا التحرك الأفقي الذي كان يتم بين الأمصار فتجد عراقي يذهب ويقيم في الهند و مغربي يذهب ويقيم في الشام، ويذهب كلاهما إذا كان أستاذا فتسبقه شهرته (الاستعداد لتقبله) ويتبوأ مكانة علمية واضحة في مكانه الجديد.. أما التحرك العمودي والذي كان ينتقل عبر الزمن فتجد أنصار ومؤيدي وجهة نظر معينة يتنقلون عبر التاريخ الى عصرنا الحاضر، فمن يعتبر الخلاف السياسي الذي جرى بين علي ابن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان رضوان الله عليهما هو محرك لشكل تاريخ الأمة الإسلامية، فإنه يلحظ بسهولة مدى النظرة (الشعوبية) والعرقية.. فاهتمام الفرس ( المسلمين) ليس منبعه الحرص الديني، فلو كان كذلك لما أقيم لقاتل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه وهو الخليفة العادل الذي شهد بعدله الفرس، مقاما ومزارا و ميدانا في طهران باسمه (أبو لؤلؤة المجوسي) .. ولما خلت كل إيران من اسم خالد وعمر وهما اللذان توفيا قبل فتنة علي ومعاوية وقبل مقتل الحسين .. لكن المسألة لها علاقة بزوال إمبراطورية (فارس) على يدي هذين القائدين !

ابن حوران 08-01-2007 05:05 PM

قضية الأحواز
 
قضية الأحواز

منيت الأمة العربية بنتائج مضاعفة ترتبت على الحرب العالمية الأولى، وقد كانت امتدادا لما سبقها من محاولات طمس هويتها وتفتيت وحدتها المعنوية، من خلال تغيير اللغة أولا، فمن محاولات ( التتريك) في المشرق الى محاولات (الفرنسة) في المغرب، الى اعتبار أجزاء هامة من الوطن العربي، سلع يجري التفاوض عليها في المساومات بين الدول .. فهذا وعد ( بلفور) يمنح فلسطين لليهود، وهذا لواء الإسكندرونة يمنح للأتراك من قبل الفرنسيين، وهذه الأحواز تمنح للفرس من الإنجليز ..

الأحواز .. تاريخ و جغرافية ..

سكن العرب منطقة الأحواز في فترات بعيدة سبقت ظهور الإسلام، فكان أول من سكنها من العرب هم (آل كثير) و (بني مرة) و ( بني العمر) .. وكانت أراض خصبة، قسموها فيما بينهم الى (حوزات) فكل قبيلة أخذت حوزة فأطلقوا على المنطقة اسم ( الأحواز) .. وفي العهد الصفوي أطلق الصفويون عليها اسم (عربستان) ويعني ( أرض العرب) باللغة الفارسية، وهو اعتراف صريح بعروبة المنطقة .. ثم أطلقوا عليها اسم (خوزستان)، أي أرض القلاع، حيث بنا العرب المسلمون بعد معركة القادسية قلاعا كثيرة فيها ..

وتقع الأحواز في الجنوب الغربي من إيران و الجنوب الشرقي من العراق، وهي محصورة بين خطي العرض 30 و33 شمالا وبين خطي العرض 48و 51 شرقا
وهي امتداد طبيعي لسهول العراق. وتبلغ مساحتها 185ألف كم2، اقتطع الفرس منها 11ألف كم2 وضموها الى فارس، و10آلاف كم2 ضموها الى أصفهان، و4.4آلاف كم2 تم ضمها الى محافظة (لورستان) .. لتبقى مساحة (الأحواز) 159.600كم2.

يحاول الفرس التستر على أعداد نفوس الأحواز من العرب، رغم محاولاتهم الكثيرة في تشتيت السكان الأصليين، فبالرغم من أن السكان في الإقليم تبلغ نسبتهم 99% من العرب. فقد بين الفرس في تعداد سكان إيران عام 1962 أن سكان (الأحواز) بلغ (4.7) مليون نسمة، وأن نسبة العرب منهم (حسب إحصاء الفرس) كانت 70%، ولو سلمنا بإحصائية الفرس، لا بتقديرات الأمم المتحدة في حينه، ووضعنا نسبة زيادة في السكان تبلغ 3%، بالرغم من أنها تزيد على ذلك بحوالي 0.6 في إيران .. فنحن نتحدث عن عرب تعدادهم داخل إيران يقدر ب 12.5 مليون نسمة عام 2007.

ويشير (جورج كيرزن) في كتابه ( فارس والمسألة الفارسية) المنشور في عام 1892م (( أن سكان الأحواز هم من العرب الخلص.. وخاصة بعد التحرير العربي في عام 641م، فقد تتابعت الهجرات العربية من غربي وشرقي نهر دجلة والخليج العربي)) .. وفي قائمة أعدها القنصل البريطاني في البصرة (روبرتسون) في ثمانينات القرن التاسع عشر أن القبائل العربية في الأحواز حافظت على عروبتها، وأشهرها قبيلة (كعب) و (البو غبيش) و (العساكرة) و (الخنافرة) و (الباوية) و (البوناصر) و (الكثير) و (بيت الحجي) و (بنو رشيد) و (بنو صالح) و (بنو طرف) و (الحمودي) و (الحميد) و (الشرافة) و (شرفا) و (السواري) و (السودان) و (سليمان) و (المنتفك) و (بني لام) .

وبينما كان بنو كعب يسودون ضفاف نهر القارون، كانت قبائل بني طرف تسود أقصى الغرب، إذ استقرت في الخفاجية والحويزة على حدود محافظة ميسان العراقية، وبنو طرف بطن من بطون (طي)، جاءوا الى الأحواز وتوطنوا بجوار ( بني سالة) إحدى قبائل المنطقة، ثم انتقلوا الى (الخفاجية) وكانت لهم صلات متينة مع أهل (العمارة) . وبنو طرف ينقسمون الى قسمين رئيسيين : بيت (سعيد) و بيت (صياح) ..

وسكن مدينة الأحواز عشائر (سوارى) و (بني سالة) و (كنانة) و (الخزرج) و (الصرخة) و (بنو مالك) و (بنو أسد) و عشائر بيت (سيد عرب) . أما مدينة (الدورق) وهي ثاني مدينة من حيث الأهمية، فيسكنها (بنو كعب) التي تتفرع قبيلتهم الى أربعة فروع : ( العسكر والدريس) و (البوغبيش و النصار) و (الخنافرة) و ( مجدم) . كما تسكنها عشائر (الجلاف) و (بنو سكين) و (الأمارة) و (الشريفات) ..

أما سكان (المحمرة) وهي المدينة التي شيدها العرب على أنقاض مدينة (خاراكس) السومرية القديمة، وسميت بالمحمرة لأن طينها الغريني محمر. فسكنها هي ومدينة (عبادان) عشائر (البغلانية) و (بيت بخاخ) و (المحيسن) و (البو دبيس) و (الخزرج) و (تميم) و (بني لام) .

وهناك عشائر أخرى مثل ( السواعد) و (الساجية) و (الحيادر) و (أهل الجرف) و (المزارعة) و (بنو نعامة) و ( نيس) و ( القاطع) و مواطن هذه العشائر (الحويزة) . أما عشائر ( الشواكر و الحردان و الجامع و الهواشم و معاونة و ومرونة و البو رواية) فتقطن الأحواز، وفي المحمرة عشائر أخرى منها (العتوب) و ( المعدان) .

وتنتشر عشائر (المقاطيف) و (بيت بلال ) و (الخميسي) في مدينتي (رامز) و (الفلاحية) .. أما عشيرة (السادات ) فتستقر في مدن (دسبول) و (تستر) و (عقيلي) ..

يتبع

المرجع :
قضايا عربية معاصرة/د ابراهيم خليل وآخرون/ جامعة الموصل/1988

ابن حوران 24-01-2007 03:19 PM

( 24 )

وضع العالم الروسي (بافلوف ) نظريته بالاستجابة الشرطية، حيث اكتشف من خلال تجاربه على الكلاب أنه إذا أحضر قطعة لحم للكلب ولوَح بها فإن لعاب الكلب يسيل، قبل أن يحصل على القطعة. وعندما أضاف بافلوف رنين جرس قبل إحضار قطعة اللحم، وكرر ذلك الترتيب، أصبح لعاب الكلب يسيل عندما يسمع صوت رنين الجرس، ثم أضاف لونا أحمر قبل رن الجرس فصار لعاب الكلب يسيل قبل رنين الجرس وقبل إحضار اللحم، كون تلك الخطوات المتتابعة توصل في النهاية لقطعة اللحم.

استفاد مربو النحل من تلك الأبحاث فوجدوا أن لكل خلية رائحة خاصة، فيكتشف أفراد خلية النحل الدخيل على الخلية من خلال الرائحة. فعندما يريد مربي النحل تغيير ملكة كسلانة وغير منتجة فإنه يلجأ لتطبيق تلك النظرية بتعفير الخلية بالطحين وسحب الملكة المجبرة على الاستقالة ودس ملكة جديدة منتجة، ويغلق باب الخلية ومنافذها بالأعشاب، فما أن ينتهي أفراد الخلية بقرض الأعشاب حتى يتعودوا على الرائحة الجديدة للملكة المعينة الجديدة.

عند زيارة أحدنا لبيت غير بيته، فإنه سينجذب لرائحة البيت الذي يزوره، إن كان يكن لصاحبه ودا، وسيحب رائحته، وإن كان لا يكن ودا لصاحب البيت فإن الروائح المنبعثة من البيت ستكون منفرة للزائر ويحس بسوئها ..

من أراد الكلام عن الصور يمكن أن يستخدم صورا من (كاميرا) ويرفقها لما يكتبه ومن أراد الحديث عن أصوات مقرئين أو مطربين يستطيع إرفاق تسجيل بما يتحدث عنه .. في حالة الروائح يجد من يريد الكلام عنها صعوبة بالغة لأن التقنيات الحديثة لم تتوصل بعد الى مثل ذلك الاختراع .. لكن اعتماد بعض الروائح المتعارف عليها عند كل الناس سيقرب الوصف بعض الشيء.


في صناعة النسيج، يكون هناك (نول) تستند إليه الخيوط الملونة لتعطي في النهاية ثوبا من القماش له مواصفاته الخاصة التي تحمل في النهاية اسما، فهذه سجادة وهذه عباءة وهذا قفطان وكل نوع قماش له علامته المسجلة التي يسهل على معظم الناس التعرف عليها ..

في العتيقة الروائح التي تشكل (نول) أو أساس للصبغة العامة المتعلقة بالروائح تستمد خصائصها من الأرض والحيوانات المتعايشة مع السكان. فإن دخلت الى حظيرة تربض بها بقرة والدة حديثا، فإن الرطوبة التي تحيط بالبقرة، تكون مزيجا من إدرار حليب انساب بفعل ضغط جنب البقرة على ضرعها، أو انسكب نتيجة ضعف الرؤية داخل الحظيرة، من يد من تحلب. ويمتزج مع الحليب أنفاس البقرة المجترة لحشائش مضغت على عجل ودُفعت إلى إحدى أوعية كرش البقرة ثم تتم استعادتها بين لحظة ولحظة ببطء لتمضغ ثانية فأثناء سحقها تختلط مع إفرازات بكتيريا الكرش (غير الضارة) لتصعد مع الأنفاس وتلتصق على ثوب (الحلابة) أو على جدران الحظيرة، لتمتزج مع (الأمونيا) المتصاعدة من بول البقرة أو برازها..

فإن فاض من تلك الروائح من داخل الحظيرة، فإنه سيتحد مع دخان ينبعث من مواقد (الخبيز) أو (الطبخ) ..وسيطيب بعطر التبن الذي يدفن في أماكن لتخزينه فإن تم تحريك التبن المرصوص فإنه يطلق عطرا شهيا خصوصا إذا كان التبن حديثا .. كل تلك الروائح وغيرها تتسلل الى الغرف والأزقة و حتى شعيرات الجسم وما يستره من ملابس ..

عندما يطبخ أحد البيوت طعاما ليس اعتياديا، فإن أمره سينفضح بواسطة الرائحة الشاذة على الروائح الاعتيادية، وليس باستطاعة أفراد البيت أن ينكروا ما عملوا فيما لو فاتحهم أحد بذلك. لذا فإن عليهم أن يطعموا كل ما يمكن أن تصل له الرائحة، تجنبا لمعاتبته، فغدت المسافات التي تصلها الرائحة معروفة بالفطرة عند أهل العتيقة، وقد تكون تلك المسافة هي الجار السابع، لذلك يقال أن الدين وصَى بسابع جار ..

في الحقول الروائح لها سمة مختلفة، لكنها لا تتنافر مع روائح القرية، فرائحة (الدحنون) و (النفل) و (الأقحوان) و(المقرة) وحتى ما لم يعرف من أسماء نباتات برية كثيرة تمتزج مع بعض في أواخر الشتاء وينمو(زوالها) وجفافها متناغما مع (أجندة) الروائح السنوية .. وقد تجد في بعض الأحيان أزهارا من (السوسن البري) و(النرجس) ترسل وميضا من الروائح، بين فترة وأخرى، فتكافئ الصابرات والصابرين على المشي أو من يركبون دوابهم وهم منطلقين لشأن يهم حياتهم، فيكونون بمجيئهم ومرواحهم كأنهم في نزهة، وإن لم يكونوا قد صنفوها كذلك ..

الحيوانات المتعايشة مع سكان العتيقة كانت تحمل سمة اعتمادها على الروائح، ولا أحد يستطيع الزعم بأنه يقدر أن يرتب من الذي اكتسب مِن الآخر تلك المهارة.. فما أن يتم فقس بعض صغار (الكتاكيت) أو أفراخ (الحمام) حتى تتجمع القطط، وما أن يضع الناس موائدهم، حتى تطل على مكان تناول الطعام رؤوس الدجاج والقطط والكلاب، رغم تنافرها في سلوكها، إلا أنها تتهادن في تلك اللحظات ..

وإن كان هناك من يركب حمارا أو فحلا من الخيل، ولم يكن ينتبه فقد ينزلق من على رقبة الفحل الى الأرض، إثر توقف مفاجئ للفحل قرب قطعة من روث (أنثى) .. فيشمها بعمق، ويرفع رأسه الى السماء مغمضا إحدى عينيه، ومكشرا عن أسنانه، ويبقى لحظات في هذا الوضع حتى يصل لجهازه العصبي المركزي نتيجة تحليل الفحص، فإن كانت الأنثى في حالة (عِشار) فإنه يمضي غير أسِفا، وإن كانت الأنثى (بِكر) فإنه يعاود الفحص والشم، حتى ينهره من يركبه ..

ابن حوران 31-01-2007 04:02 AM

الأقليات في الوطن العربي
 
الأقليات في الوطن العربي

كان هذا الموضوع ولا يزال من المواضيع التي يتجنب الكثير الحديث فيه، لحساسيته من ناحية ومن عدم رغبة الدول القائمة في الوطن العربي من السماح في الحديث فيه. فغدا من المواضيع المسكوت عنها، حتى عندما يٌراد الحديث فيه تخرج الكلمات متشنجة محتقنة تتصف إما بالتظلم والتشكي وعدم الرضا من طرف من يكتب من تلك الأقليات، أو الاستخفاف وروح العنجهية من كتاب ينافقون السلطات التي تحكمهم ..

وانتبهت الدوائر الإمبريالية الى تلك الحالة، فاعتبرتها من أهم النقاط التي تفتت بها جسم الأمة وتصنع من تلك الأقليات مشاكل أزلية لم تتناولها كثير من إدارات الدول العربية بروح عصرية مستفيدة من حالة التآخي القديمة التي استمرت عشرات القرون أو آلاف السنين ..

ورغم أنه لا يوجد دولة في العالم لا تخلو من نسيج مختلط من أقليات مختلفة، بما فيها الدول التي تلعب على وتر الأقليات من الدول الإمبريالية فالعروق والطوائف موجودة في أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا، إلا أن الأقليات في منطقتنا العربية والتي ترافقت مع ترهل وسوء إدارة في كل المجالات، إلا أن الدوائر الإمبريالية تسكت على مظاهر الفساد والترهل طالما أنها تخدم مصالحها، وتثير موضوع الأقليات بالتحديد.

وقد سببت ظاهرة الأقليات التي تم استغلالها خلال القرون السابقة، تشتيتا في جهود التقدم التقني والإداري والسياسي في منطقتنا العربية، كما تسببت في زهق الكثير من الأرواح ولا زالت وهي مرشحة للتزايد في أكثر من بقعة.

وبالرغم من ندرة المراجع واتسام المواضيع المكتوبة بالروح العنجهية فيما لو أخذت عن كتَاب عرب، والروح المتظلمة المتشككة في إمكانية التعايش مع العرب، فإننا سنحاول تسليط الضوء على تلك الظاهرة، بقدر الإمكان بما يتوفر من إمكانيات مرجعية نزيهة، ونمر عليها منذ دولة النبي صلوات الله عليه الى عصرنا الراهن، بشيء من التبسيط والإيجاز المدعوم بوقائع تاريخية..

في سبيل تعريف الأقلية :

تعددت التعريفات الاجتماعية والسياسية للأقلية، معتمدة المدخل الأنثروبولوجي والذي يهتم بمفهوم العرق Race والمجموعات الإثنية Ethnic Groups أي التركيز على التماثلات الثقافية وتاريخ الأعراق الرئيسية والسلالات وهذا المدخل قد ينجم عنه نظريات وتبريرات عنصرية مختلفة *1

أما المدخل الثاني وهو الاجتماعي، ويعالج العلاقات العرقية ووضعية الأقلية تجاه الأغلبية والتعصب والتحيز العنصري وأشكال الصراع وسبل حل المشكلة مثل الدمج والتذويب والتعددية والانفصالية و الديمقراطية التوافقية التي تخصص مقاعد معينة للأقلية ( لبنان، الأردن كمثال) .

الأقليات و العرقية

يشكل مفهوم العرق Race أو السلالة أو العنصر موقعا هاما في تحريك مسائل الأقلية، وفي بعض الأحيان يتطابق العرق مع الأقلية.. والعرق كلمة مطاطة مخاتلة ومضللة في كثير من الأحيان، لأنها مثقلة بالانحياز القيمي (Value Laden) وليست محايدة وثابتة. فقد تعطي المعنى حسب الحقبة التاريخية أو الإطار الثقافي أو الموقف السياسي*2

إن كان العرق يتحدد ببعض العوامل الوراثية، والسوسيولوجية فإنه لا علاقة له بموضوع الذكاء والتعاطي الذهني وتراكم المعرفة والأداء الحضاري، الذي تحدده عوامل أخرى ليست لها علاقة بموضوع العرق. بل تتدافع الحضارة التي تتحكم فيها قوة حضارية بارزة في عينة من الوقت، وتسير كالنهر الذي يرفد بمسيل روافد فرعية تغذي مجراه، أو يتفرع ليصب في فروع تأخذ نصيبها من زخم النهر الأساس.

هكذا كانت الحضارة العربية ورثت مسيل الحضارات التي سبقتها، من حضارات وادي النيل والرافدين والكنعانيين والحيثيين وحضارات جنوب الجزيرة العربية، لتأخذ شخصيتها النهائية في صدر الإسلام، وتعيد إنتاج مفردات ما سبقها من حضارات وفق الأسس الجديدة الإسلامية.

قضية الأقليات في الفكر السياسي الإسلامي

أقر الدين الإسلامي لأول مرة في التاريخ حق الشعوب الخاضعة لسلطانه في الحفاظ على معتقداتها وتقاليدها وطراز حياتها في زمن كان المبدأ السائد هو إكراه الرعايا على دين ملوكهم*3. وقد رأينا ذلك قبل الإسلام في قضية (أصحاب الأخدود) .. كما رأيناها، في محاكم التفتيش عند الأسبان بعدما طردوا العرب من الأندلس، حيث وصلت الضحايا الى الملايين..

وسنحاول في هذه المساهمة البسيطة أن نتوقف عند بعض النقاط التي من شأنها إيجاد قاعدة للتفكير في تلك المسألة التي أصبحت تقض مضاجع المجتمع العربي في أكثر من بقعة في أرجاء الوطن العربي، بعبث خارجي واستعداد داخلي قد يكون مشبوها أحيانا وقد يكون حقيقيا في أحيان أخرى.

المراجع:
*1ـ أزمة الأقليات في الوطن العربي/د حيدر ابراهيم علي/دار الفكر المعاصر/ ط1/ 2002/ ص 16
*2ـ المصدر السابق ص 28.
*3ـ الأقليات والسياسة في الخبرة الإسلامية: من بداية الدولة النبوية وحتى نهاية الدولة العثمانية/ د كمال السعيد حبيب/مكتبة مدبولي/2002/ص17

محمد العاني 31-01-2007 11:41 AM

أخي و أستاذي الفاضل ابن حوران..
بوركت على المجهود الرائع الذي تبذله في مواضيعك.

ربّما عدم الحديث في هذا الموضوع سببه هو صعوبة التحدث بموضوعية بالنسبة للإنسان العربي. فكما تعلم أخي الكريم أن الإنسان العربي عاطفي أكثر من الإنسان الغربي. و بناءاً على ذلك لا يستطيع الإنسان العربي أن يحكم بموضوعية لأنه يتخذ موقفاً عاطفياً من كل شئ.

ابن حوران 04-02-2007 08:15 PM

التأريخ للعقل العربي .. هل هو تضليل .. أم حقيقة لا نحسن التعبير عنها؟

نلاحظ أحيانا بأن هناك مثلا من أبناء الخليج العربي أو بلاد الشام قد غاب عن وطنه عشرة أو عشرين أو ثلاثين سنة وأحيانا أكثر .. عندما يعود لمسقط رأسه فإنه لا يحتاج من يذكره بما سيقوم به، فهو إن كان قبل مغادرته موطنه قد اعتاد بعض أشكال التعامل والسلوك، كأن ينزع حذاءه في باب الغرفة أو يقبل يد من هو في مقام والده .. فإن السنين التي غابها عن بلاده لن تنسيه تلك العادات إطلاقا ..

كما أن مذاق الطعام وطرق تناوله كما كانت في السابق ستجد طريقها لنفس الغائب الحاضر على وجه السرعة .. وقد يكون الذي نتحدث عنه قد تزوج أو عاشر من نساء المهجر .. ولكنه لن يجد صعوبة في التكيف السريع، حتى في شكل النظرة للمرأة، ليس كما كانت عليه عندما غادر موطنه، بل وما طرأ على تلك النظرة والتعامل أثناء غيابه!

فما الذي يحدث؟ هل كان الإنسان الذي نتحدث عنه في رحلة جوية، سواء كانت (أجواءها) العلوم التي تعلمها أو الأيديولوجيات التي اعتنقها أو العادات اليومية التي تعايشها .. فإن كل تلك الأجواء ستزول بمجرد هبوطه على الأرض (واقعه بجذور ماضيه) ..

لقد قابلت ذات يوم أحد أبناء حيفا الذين هاجروا الى الأرجنتين، وكان قد غاب زهاء خمسين عاما، كان هو وزوجته الأرجنتينية يحاولا أن يسألا أحدا عن مسألة ما، وكان يبدو عليهما ذلك، فهيأت نفسي لتمثيل دور الذي يقبل أن تنهال عليه وجبة من الأسئلة، وحدث ما أردت .. فعلمت ما علمت عن الرجل وأخبرني بطبيعة عمله، بلهجة عربية صعبة الفهم، فهو لم يمرنها منذ وقت طويل، فامرأته أرجنتينية .. وعمله غريب نوعا ما، حيث عندما سألته عنه أجاب، حيث كنت أساعده ليعبر عما في نفسه في مناولته بعض الكلمات لإسعافه من الثأثأة، فكان عمله هو (مصادقة الحيوانات!) هكذا ترجمته .. وتلخيص طبيعة عمله هو أنه يقدم الأعلاف للجاموس البري (البافلو) مجانا، لينفرد بأحدها (دون انتباه الآخرين) .. ويذبحه ويبيع لحمه .. إذن لا احتكاك مهني يؤثر على تنمية اللغة كأداة للعقل، وليس هناك مجال لتنمية رصيده السابق من المعرفة ..

ومع ذلك فاجأني من خلال تطفلي لسؤاله عن تلك (البقج) أو (الأكياس) التي كانت مطروحة جانبا .. فقال: إنها ملابس فولكلورية .. حيث أريد إنشاء فرقة دبكة فلسطينية! لقد كان عمره فوق الخمس وسبعين عاما عندما قابلته، ولكن (أس) معرفته وهويته لم تمحه سنون الغربة أو تستطيع حوافر أو قرون الجاموس أن تزيله من ذاكرته أو مخزونه المعرفي (العقل كوعاء) ..

ظاهرة أخرى تسترعي وجوب سؤالنا، عن التضليل والحقيقة في مسألة التأريخ للعقل .. وتلك الظاهرة هي التي تتعلق بعودة الملحدين من شيوعيين ويساريين وغيرهم الى دينهم ومواظبتهم على صلواتهم وقيامهم بمعظم فرائض الدين، هذا خلاف تحول بعضهم الى فلاسفة ودعاة دينيين ( مثل مصطفى محمود) .. إنهم يتعاملون مع إلحادهم وكأنها فترة احتراف رياضي في مجال ما، ثم تلي ذلك الاحتراف حالة اعتزال، لكن الاعتزال يعود الى حالة الإيمان السائدة قبل رحيل هؤلاء لمساحات الإلحاد ..

هناك من يقول أو سيقول: إنها حالة التوبة .. وتتعاظم الرغبة للتوبة كلما تقدم العمر .. حسنا .. لقد أسس هؤلاء التائبون على قاعدة (عقائدية) أقروا بها سابقا ثم تمردوا عليها وعادوا إليها .. إن كان كذلك .. فسنجد أن تلك القاعدة العقائدية تملك سلطات واسعة مستترة، قد ينطق بها أناس (كُلفوا) أو (تطوعوا) ليكون وعاظا .. أو أن تلك السلطة (تسكن) في أي نفس من المجموع العام للمجتمع ..

هنا يبرز سؤال: كم عمر هذه الشخصية المستترة والتي تحتل الكيان الجماعي لشخصية الأمة .. ومن يحصنها من العبث؟ ومن يطور عليها .. وهل تلك الجيوش من الباحثين الذين يقرؤون ويكتبون ويخطبون ليلا ونهارا، هم من يصون تلك الشخصية (العقلية) أم أن وجودهم وعدمه له نفس الأثر؟

إن تعجلنا في الإجابة على السؤال السابق سندخل في حالة من اللبس والارتباك، فإن قلنا إن هؤلاء ليسوا لهم أثر فإننا سنكون ظالمين لهم وللنظرية العلمية التي تستوجب التطور والحتمية. لكن سيدهشنا أكثر أن أكثر الملتزمين بالدين وفرائضه هم من الأميين أو الناس التي لا تقرأ .. وهي حالة وجدناها في صدر الإسلام .. حيث كانت تضحيات من حفظ عشرة آيات في بدء الرسالة أكبر من تضحيات من تعلم الفقه والحديث ونال الشهادات العليا هذه الأيام ..

إن تلك الظاهرة سنجد لها تفسير سنني يرتبط بالمجموع وسلوكهم ومصالحهم، وطرق اتقاءهم الأخطار و تغنيهم ببطولة أبناء مجموعتهم .. تماما كما تكون فنون (أصناف أو تحت أصناف ) الكائنات الحية الأخرى فهناك أصناف كثيرة من الثعالب، كل صنف له طرائقه في الصيد وقوائم أعداء وأمكنة اختباء تختلف عن الصنف الآخر ..

فلذلك نجد أن الدين لا يمنع أن يتضاد أبناء الدين الواحد فيما بينهم ليجدوا مبررات تفلسف عدائهم لأخوانهم في الدين ( إيران ـ العرب) .. سيقول قائل: إنها الفوارق الطائفية .. وعنا سنقول لقد اصطف أبناء الكرد السنة مع الفرس الشيعة وتعاونوا مع الأمريكان أصحاب الدين المختلف ضد أبناء العرب.. أين التضليل وأين الحقيقة في فواصل التأريخ للعقل العربي؟؟

ابن حوران 05-02-2007 01:03 AM

لقد أخجلتني أخي محمد في إطرائك لي

فإن كان لدي من بعض معرفة فالفضل يعود لمنبعكم

ابن حوران 05-02-2007 01:04 AM

اختلاط العروق البشرية :

يصنف علماء الأنثروبولوجي الجنس البشري الى ثلاث عروق أو عناصر رئيسية، هي: القوقازي و المغولي والزنجي .. أو الأبيض والأصفر والأسود*1، وهناك من يقول من العلماء بأن العرق هو مجموعة مُعَرَفَة اجتماعيا (Socially defined) ومميزة فيزيقيا، سواء وجدت تلك الفروق الفيزيقية أم لم توجد. ولكن هذا التصنيف يتحدد بعوامل سياسية على اجتماعية على ثقافية، فالعرق الذي يسمى (الإفرو ـ أمريكي) يتوقف عن أن يكون زنجيا (Negro) حين يغادر الولايات المتحدة.. فهو في جنوب إفريقيا (Colored) وفي نيجيريا ـ رغم تقارب اللون ـ يُعتبر أوروبيا أو أجنبيا.. وفي البرازيل يُدعى (يانكي) .

ويُحدد (كروجمان) في تلك المسألة ثلاثة احتمالات للحوار وهي:

1ـ الإقرار بوجود العرق في المجتمعات البشرية ..
2ـ إنكار وجود العرق في المجتمعات البشرية ..
3ـ وجود الأعراق بين البشر .. ولكن بلا أي أهمية تصنيفية ..

ولو سلمنا بالاحتمال الثالث وأحببنا أن نلتزم بتتبع تقرير (اليونسكو) الذي صدر في شكل بيان عام 1950 سُمي (بيان باريس) .. فإن البيان قد توصل لما يلي:

1 ـ أصل الإنسان واحد وينتسب كل الناس الى مجموعة واحدة هي الإنسان العاقل أو الناطق (Homo Sapiens)، وتناسل الجميع من هذا الأصل ثم تفرقوا وانقسموا الى مجموعات أثرت عليها عوامل بيئية مختلفة، أظهرت الفروقات الفيزيقية التي تميز الناس عن بعض بسهولة.

2ـ التشابه بين أبناء الجنس البشري أكبر من نقاط الاختلاف التي يثيرها البعض لغايات أيديولوجية ..

3ـ والعرق يعني هنا (جماعة من الناس تتميز بتكتلها، وصلاتها القرابية قربى توافق فيما بينها وتجعلها تتوارث عناصر فيزيقية متشابهة، قد تختفي مع الزمن بسبب عوامل جغرافية .. أو عزلة ثقافية قد تثبت وتستمر*2

4ـ ينفي التقرير وجود عرق يتحدد بمنطقة أو دين أو لغة أو وطن أو ثقافة، فليس هناك عرقا إنجليزيا نقيا ولا عربيا نقيا ولا مسلما أو يهودي أو مسيحي أو كردي أو هندي أو حتى أولئك الذين يتواجدون في جزر يُهيئ للبعض أن من فيها يكونون عرقا نقيا .. وذلك نتيجة الهجرات والمصاهرة والحروب وغيرها.. كما أن فكرة الدم النقي غير موجودة فكل أبناء البشرية يلتقون في مجموعات الدم الأربعة المعروفة ..

لقد وجد علماء الأنثروبولوجي أن فكرة العرق لا يمكن تتبعها حتى في أضيق المناطق .. ولا يمكن تتبع نشأة العرق بناء على أي محدد، فاستبدل بعض العلماء مصطلح العرق واستعملوا بدلا منه (مجموعة إثنية Ethnic Group)
وهنا تم الدخول بتعريف للمجموعة الإثنية حيث أخضع التعريف الى أسس اجتماعية تقوم على تماثلات ثقافية بين جماعات أو أعداد من الناس، وهذا لا ينفي أن تكون أحيانا هذه المجموعة الإثنية المعينة ذات خصائص جسمية و جينية (موروثة) .. ولكن التصنيف اعتمد أصلا المسألة الثقافية المشتركة، أي العادات والتقاليد والدين واللغة وهي خصائص موضوعية ومستقلة .

الرق والأقليات :

لم يكن الرق قديما .. بل وجد بعد تطور الحياة والحضارة والزراعة، فكان الأسرى في القدم يأكلهم من يأسرهم لندرة الغذاء، وأحيانا يقتلونهم ولا يأكلوهم، ولكن بعد أن ظهرت الزراعة والقروض والحروب .. كان من يعجز عن تسديد دينه في عينة من الوقت يؤخذ هو وأسرته كرقيق للدائن، وقد نهى الإسلام عن الربا لأنه في أحد نتائجه كان يقود الى الاستعباد في النهاية .. حيث كان من يستلف طنا من القمح مثلا، عليه تسديده مضاعفا في الموسم القادم وإن لم يأت موسم قادم يصبح أربعة أطنان في الموسم الذي يليه وإن لم يأت موسم فيه غلال في المرة الثالثة يصبح ثمانية أضعاف، وبعدها كان يحق للدائن أن يستولي على الرجل وأبناءه وبناته وزوجته أو زوجاته حسب العقد الذي كُتب به العقد، ويبيعهم بأسواق العبيد .. أو يحتفظ بهم وهذا الشكل كان له تشريع واضح عند البابليين ووجدت عشرات المواد في شرائع (حمورابي ) تنظم ذلك *3

وقد انتشر الرق بأشكال مختلفة وأسماء مختلفة بعد الإسلام، فقد أحضر العباسيون من الزنج ليقوموا على سياسة الخيول وكسح السباخ من تحتها، ويقال تم إحضار ما يقارب الثلاثة ملايين من إفريقيا ووضعوا في خدمة السادة، ولكنهم كانوا أحيانا يثورون (ثورة الزنج) في عهد المعتصم .. وما بعده ..

ثم كان هناك المماليك .. الذين كانوا أحيانا يصلوا الى أعلى مصاف السادة فاختلطت الأعراق بين المواطنين في الدولة الإسلامية وانتشرت في بقاع كثيرة من بلادنا، وبقي أثرها الاجتماعي (الإثني ) الى يومنا هذا ..

وكما هي الحال عندما يتزلف ويتقرب الكثير من الرعايا الى سادة القوم في حال انتصارهم، فيفرح من يقال له (مولى ) فلان .. لأن فلان ذائع الصيت .. أو كما يحاول أحدنا أن يقدم نفسه على أنه ابن عم فلان الوزير أو الكاتب أو الحاكم، أو اللاعب أو غيره .. وهو في الحقيقة لن يكون قريبه بدرجة كافية، فقد يرتبط به بالنسب بالجد العاشر! .. فإن الاستنكاف عن معرفة المجرمين أو الخائبين يكون سمة تملص الناس عندما يواجههم الناس بقربهم من فلان سيء الصيت .. فإنه يهز رأسه أنه لا صلة له بذلك الخائب ..

وهكذا تتملص الكثير من المجموعات التي سكنت الوطن العربي وتعايشت مع العرب، بالابتعاد عن انتمائها للعرب المترعين (بخيبتهم ) هذه الأيام .. بل ويجاهر البعض بالسخرية من العرب و شتمهم ليلا ونهارا وأمام المشاهدين بالتلفزيون وعلى صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية وغيرها..


المراجع:

*1ـ مفهوم العرق في كتاب الأنثروبولوجيا : ولستون كروجمان/تحرير (رالف لنتون) / ترجمة عبد الملك الناشف/بيروت 1967/ص 79
*2ـ العنصرية والأعراق / ممدوح حقي / بيروت 1961/ ص 99.. يدرج فيها المؤلف بيان اليونسكو
*3ـ شريعة حمورابي / عباس العبودي/ جامعة الموصل/1990/ص250

xalid 10-02-2007 10:04 AM

الم يخلقنا الله بشرا .. وان ادم -عليه السلام- هو اب للبشرية اذن فان كافة البشر هم اخوة لاب واحد الا اذا اراد-- اخر--ان يكون من اصل اخر -فله ان يختار-ليس لعربي على اعجمى فضل- الا بالتقوى وما يقدمه من خير واحسان لبنى جلدته من بنى البشر ..لماذا تنظر الاكثرية بفوقية الى الاقلية .. ليرفع ابن الاقلية صوته معاتبا واحيانا رافضا؟؟
ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ..
يا اخى ما انا فحمة ولا انت فرقد


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.