حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   خيمة كتاب روائـع الخـواطر (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=66)
-   -   رص الكلام للكاتب المقتدر إبن حوران (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=81852)

إيناس 30-11-2009 06:43 PM

يبحث عن تعاطف


كان وهو يتكلم يتطلع في عيني صاحبه متفقدا حالة التعاطف فيهما، كان ذلك التعاطف يهرول بعيدا شيئا فشيئا، فكلما زاد حديثه كلمة واحدة، كلما ابتعد ذلك التعاطف.

كان وهو يحكي عن متاهته في تلك الغابة، يحاول استحضار كل لحظة قلق وكل خطوة وما رافقها من اعتراض زوائد نباتات الأدغال في طريقه وكان يحاول تقليد الأصوات التي كان قد خُيِل إليه أنه سمعها، وكان يتمنى لو أن العلم أدخل تقنية نقل الروائح ليستخدمها الرواة والمتحدثون ليدعموا فيها قصصهم كمؤثرات إضافية.

كان صاحبه يستمع بضجر، حاول أن يبعد عن نفسه تهمة اللاتعاطف مع صاحبه بإشعال لفافة تبغ، لم يشأ أن يقول له: أن قصته تلك يوجد منها على صفحات التاريخ مليارات القصص، وأن من يستمع لها مرة ومرتين وألف لن يفيد لا من يستمع لها ولا يفيد من يرويها، فالمستمع قد يكون هو الآخر قد مر بعشرات المتاهات.

من بين طبقات الدخان الكثيف أخرج صاحبنا لصاحبه عبارة مواساة تقليدية: الحمد لله على السلامة!


ابن حوران

إيناس 30-11-2009 06:44 PM

فلسفة البداوة

لا تبتئس
وأظنك هكذا
حتى لو وسموك بالمتخلف

فهناك من يسمع صوتك
قد يكون ذئب أو خروف
أو تكون أنت السامع

المهم أن هناك من يسمع صوتك
لا حدود لكبريائك
ولا حدود لحريتك

في محدودية طلباتك منبع حريتك
وكثرة طلباتهم تجبرهم على التنازل عن حرياتهم
هم يحلمون بالسعادة التي تعيشها

كل البلاد لك
وكل النجوم
والسماء هي سقفك

إن ضجرت من مكان رحلت
تنصب خيمتك
ولا يلاحقك قانون

هم يخافون انهدام قصورهم
فلذلك يحنون هاماتهم
ينافقون من أقوى منهم

أنت .. لا مدنية لك
وليس بذلك عيب
إن كان ثمن المدنية خنوعك

ابق كما أنت
واطرد من يقترب من حدودك
الواسعة

ناور
اضرب واهرب
حتى يتعبوا من ملاحقتك

عندها فقط
تشرع ببناء مدنيتك
الأصيلة



ابن حوران

إيناس 30-11-2009 06:47 PM

الآلام السائلة


عندما تسيل الآلام الى الداخل
وعندما تكابر العينان بالقوة
وعندما تنزوي الآهات والشكوى

تتصلب هيئة التمرد الكسلان
ويحاول الوجه التستر عن قارئي الطالع
ويبدأ الهروب بعكس الثورة

في الداخل هَمٌ متصلب
لكنه من سوائل
ثِقَلُهُ يعيق الحركة

وحركته تتعثر وقت السرعة
ولا تُحسن ضبط الوقوف
عند الخطوط الحاسمة

قارئ الطالع يدعي المقدرة
على كشف المستور
ونبش ما أودع في القبور

يقيس مسافات الخطأ
بين الخطوط وبين نقاط الوقوف
ويصرخ وجدتها

عند ذلك تنبعج الآلام
وتتدفق من أي نقطة رخوة
وسيكون الفم أكثرها رخاوة



ابن حوران


إيناس 30-11-2009 06:49 PM

آخر أيام الربيع أكثر الأيام سخونة


قسموا السنة الى أربعة فصول
منذ الأزل
كل فصل له في الخيال صورة

الصورة غير متطابقة مع الواقع
في منتصف الشتاء يأتي الربيع
وفي منتصف الربيع يأتي الصيف

لكنهم لم يغيروا بدايات الفصول
هكذا تعلموا .. وهكذا يعلمون
ربما للفَلِك دور كبير

هناك من ينهار قبل المعركة
فيستسلم لأنه فهم الفصول كما نُقلت له
فيعود للواقع ويخضع

أطول أيام السنة في نهاية الربيع
فلذلك تختزن حرارة الشمس
وتلسع الجلود بحرارتها

آخر أيام الصيف يتوسط أيام السنة
طولا
لا أحد ينتبه للأشياء العادية

أقسى أيام الدول هي ما تكون قبيل الحرب
وآخر أيام الحرب أقلها ضحايا
الشجعان يتقدمون للوصول نهايات الحرب

الواقعيون يعلنون عدم رغبتهم في الحروب
فيقدمون ما يطلبه من يهددهم
حتى يحترف تقديم الطلبات

لو كانوا يعلمون أن آخر الصيف
أقل حرارة من آخر الربيع
لساروا واثقين الى نهاياتهم


ابن حوران


إيناس 30-11-2009 06:51 PM

الغراب و الوطن


لمح الغراب العطشان جَرَة
في قعرها قليلٌ من الماء
لم يستطع الغراب الوصول للماء

اشتغل عقل الغراب في صنع حيلة
نقل الغراب حصا بمنقاره
ورماها في الجرة

كرر الغراب محاولاته
ارتفع الماء
فشرب الغراب

لمح الوطن في قعر الجب ماء الحياة
حاول تقليد الغراب
لم يهن عليه رمي الحصا

فرمى جماجم أبنائه
جمجمة وراء جمجمة
توقف عن الرمي قبل الوصول للماء

اشتكت الثكلى قسوة الوطن
كره الناس وطنهم
فهاجر منهم كثير

لم يكن الوطن قاسياً
بل كان حكيماً
ومجرباً

عمل الدفء والرطوبة
في الجماجم .. عمل الحاضنة
فأنبتت الجماجم بادرات

كان النمو بطيئاً
فرياح السموم تعيق النمو
حتى كاد الناس ينسوا الجماجم

خرج من كل بادرة عزيز
فخر له من تخلف ساجداً
ليصبح الوطن تحت حكم عادلين

شرب الأعزاء الدموع
واعتذر الجميع من الوطن
ابتسم الوطن




ابن حوران

إيناس 30-11-2009 06:53 PM

يعرفون الجواب ، لكن لا يستطيعوا التعبير


سألوا العصفور:
ما هو الوطن ؟
جفل العصفور من السؤال وطار
وبقيت عيناه على عشه تحرسه عن بعد

سألوا السحلية:
كيف الهروب؟
لم تفهم صيغة السؤال
تلوت وهربت تحت أنظار الجميع

سألوا امرأة من الريف
ما هو تعريفك للطبخ؟
ضحكت وقدمت لهم طعاما شهياً
وانسحبت

وقف خريج كلية الزراعة فوق رؤوس عمال التقليم
ونبههم ليس هكذا يتم تقليم المشمش
ابتسم أحد العمال بلطف
وقال: عفوا أستاذي .. هذا خوخ

ما أتعس أن تكون مسافرا بلا خريطة
وما نفع الخريطة إن لم تسافر؟
وما أجمل أن تكون خطوط علامات المرور واضحة
وعلى مسافة مدروسة من مناطق التحذير



ابن حوران

إيناس 30-11-2009 07:17 PM

من شرور المعرفة!


ليس جميلا أن يكون المرء ذا اطلاع واسع
فعندما يقرأ كثيرا يزداد خجله من نفسه

كالمتعلقات بمتابعة برامج الطبخ
ينظرن الى ما يطبخن على استحياء

يقدم كلمة ويؤخر كلمة ليبتكر فكرة
لم يسبقه عليها أحد

فيرمقه الآخرون بنظرة سخرية
ويفككون نسيج فكرته

كخبراء التفتيش عن المخدرات
في نقاط الحدود

فيخطر بباله أن يطبخ لنفسه
ولا يدعو الآخرين لمشاركته الطعام

إلا من امتدح طعامه وشكره عليه
أو من أعاد ماعونه مليئا بطعام من طهيه

سيضطر لالتهام الطعام إن أصر من أحضره على ذلك
ولن يستطيع حينها التأفف إن كان الطعام رديئا

خبراء البحث عن المخدرات لهم أنوف كأنوف الكلاب
تعلموا (على) الكشف عن نماذج بعينها

لا يعلمون مدى انتشار أصناف كثيرة
كما هم خبراء الطبخ معرفتهم محدودة

لو كان هناك من يعرف كل شيء
لما أعجبه موظف ولا رئيس دولة

ولانتقد كل الطعام واللباس
ولبقي طيلة العمر دون صديق

هل يعني أن المعرفة نقمة؟
وهل يعني أن الجهلاء أكثر الناس سعادة؟

من يدري؟




ابن حوران

إيناس 30-11-2009 07:19 PM

تنافر أرواح الكلمات


كذا مليار من البشر
ينطق كل واحد منهم بضعة آلاف كلمة
كل يوم

ويدون القليل منهم بعض ما تكلموا به
أو تكلم به آخرون
حتى لو كان الآخرون في دنيا أخرى

توافيق و تباديل
ترص الحروف لتشكل كلمات
وترص الكلمات لتعبر عن الأفكار

كل الكلام يدعي أنه يمثل ال(كذا) مليار
لكن لا يقرأه إلا ندرة قليلة من البشر
ويحفظه ويعمل به ندرة الندرة

تُبعث الروح بكلمات، مات أصحابها
وتُكسى برداء يتوافق مع العصر
ينظر إليه البعض بإعجاب
ولا تراه الكثرة من الناس

ينسبه حيٌ لنفسه
وقد أمن شر دعاوي الميتين
ينتاب من نسبه المغص

فحياة الكلمات بحياة أصحابها
وقوة الأفكار بقوة حجج أصحابها
والناقلون ينطقونها بغير سلاسة

يسقطون (اسمنت) ربطها
ظنا منهم أنه غبار ماضي
فتتفكك وتفقد سحرها

ينتقدهم أناسٌ عصريون
استوردوا مكاييلهم من بلاد بعيدة
فيصفون الكلام بوصف لا يفهمه حتى من أنكره

يتلمظون، على أنهم اكتشفوا مكامن العيوب
فترمقهم عيون أصيلة
وتضيفهم الى الناقلين الجامدين

وتبقى التوافيق والتباديل
لكل صاحب نصيب (غير دخيل)
الذي يستطيع بعث القديم بشكل جديد


ابن حوران

إيناس 30-11-2009 07:20 PM

سيأتي من يشتري


يقرفص قرب كومة بطيخ
ينقر على ظهر واحدة
ويراقب جفاف العود في رأس أخرى

ينهض، ويتجول بنظره
عسى أن يقع نظره على ضالته
يعود ويقرفص ليتناول الأولى

في بداية البازار
يحظى المشترون بفرص
ويحظى البائعون بفرص

في منتصف النهار
يكثر الصياح على البضاعة
ويقل الشراء

في آخر النهار
يتساهل الباعة في الأسعار
فيهجم المنتظرون

هناك من يسترخص الثمن .. فيشتري
وهناك من يهوى صناعة الخل .. فيشتري
وهناك من يهوى صناعة الخمر .. فيشتري

لن يبقى شيءٌ
حتى ما ذبلت أوراقه
أو زال بريق لمعانه

سيجد من يحمله
ربما لإطعام حيوان
أو إنتاج وقود حيوي!



ابن حوران

إيناس 30-11-2009 07:22 PM

قليل من الصمت..

أُتركها .. الى حين
ربما يعيق احتقانها، حكمتك
أو ربما تترسخ صورتها القبيحة اللحظية
في ذاكرتك

أتركها حتى يروب الحليب
واحذر كشف الغطاء
في كل لحظة
عندها لن يروب

لا تنتظر كثيرا
فالبطء مثل السرعة
رماة الأسهم يحسبون
سرعة الطريدة

حموضة اللبن مثل دلعه
هناك دائما عمل متقن
وهناك دائما إصابات دقيقة
عند مراعاة الزمن والمسافة

لا تجعلها تمل وتنام
ولا تزعجها في كثير الكلام
قليل من الصمت
يجمل الكلام



ابن حوران


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.