الشاعر عبد الله البردوني وشئ من شعره وسير
بشرى النبوءة عبد الله البردوني بـشـرى مــن الـغيب ألـقت فـي فـم iiالـغار وحـيـا وأفـضـت إلــى الـدنـيا iiبـأسـرار بـشـرى الـنـبوة طـافـت كـالـشذا iiسـحـرا وأعـلـنـت فـــي الـربـا مـيـلاد iiأنــوار وشــقـت الـصـمـت والأنــسـام iiتـحـملها تــحـت الـسـكـينة مـــن دار إلـــى iiدار وهــدهـدت مــكـة الـوسـنـى أنـامـلـها وهــــزت الـفـجـر إيــذانـا بـإسـفـار فـاقـبل الـفـجر مــن خـلـف الـتلال iiوفـي عـيـنـيـه أســـرار عــشـاق iiوســمـار كــأن فـيـض الـنـدى فــي كــل iiرابـية مــوج وفــي كــل سـفـح جــدول جـار تـدافـع الـفـجر فــي الـدنـيا يــزف iiإلـى تـاريـخـهـا فــجـر أجــيـال وأدهـــار *************** واسـتـقـبل الـفـتـح طـفـلا فــي تـبـسمه آيـــات بــشـرى وإيــمـاءات iiإنـــذار وشــب طـفـل الـهـدى الـمـنشود مـتـزرا بــالـحـق مـتـشـحا بـالـنـور iiوالــنـار فــي كـفـه شـعـلة تـهـدي وفــي iiفـمـه بـشـرى وفــي عـيـنيه إصــرار iiأقــدار وفـــي مـلامـحـه و عــد وفــي iiدمــه بــطـولـة تــتـحـدى كــــل iiجــبـار وفـــاض بـالـنور فـاغـتم الـطـغاة iiبــه والـلـص يـخـشى سـطوع الـكوكب iiالـساري والـوعـي كـالـنور يـخـزى الـظالمين iiكـما يـخـزي لـصـوص الـدجـى إشـراق iiأقـمار نــادى الـرسـول نــداء الـحـق iiفـاحتشدت كـتـائـب الــجـود تـنـضي كــل iiبـتـار كــأنـهـا خــلـفـه نــــار iiمـجـنـحة تــجـري وقــدامـه أفـــواج إعــصـار فــضـج بـالـحق والـدنـيا بـمـا رحـبـت تــهــوي عـلـيـه بــأشـداق iiوأظــفـار وســــار والـــدرب أحــقـاد مـسـلـخة كــأن فــي كــل شـبـر ضـيغما iiضـاري وهـــب فــي دربــه الـمـرسوم iiمـنـدفعا كـالـدهـر يــقـذف أخــطـارا iiبـأخـظار ************** فـأدبـر الـظـلم يـلـقى هــا هـنـا iiأجــلا وهـــا هــنـا يـتـلـقى كـــف iiحـفـار والـظـلم مـهـما احـتـمت بـالبطش iiعـصبته فـلـن تـطـق وقـفـة فــي وجــه iiتـيـار رأى الـيـتـيـم أبـــو الأيــتـام iiغـايـتـه قــصـوى فـشـق إلـيـها كــل iiمـضـمار وامــتـدت الـمـلة الـسـمحا يــرف عـلـى جـبـيـنـها تــــاج إعــظـام iiوإكــبـار ************* مـضـى إلــى الـفـتح لا بـغـيا ولا طـمـعا لـــكــن حــنـانـا وتـطـهـيـرا iiلأوزار فــأنـزل الـجـور قـبـرا وابـتـنى زمـنـا عـــدلا 000 تــدبـره أفــكـار iiأحــرار ************* يــا قـاتـل الـظـلم صـالـت هـاهنا iiوهـنا فـظـايـع أيـــن مـنـها زنــدك الــواري أرض الـجـنوب ديــاري وهــي مـهد iiأبـي تــئـن مـــا بــيـن سـفـاح iiوسـمـسار يــشـدهـا قــيــد ســجـان iiويـنـهـشها ســـوط ويـحـدوخـطاها صــوت iiخـمـار تـعـطـي الـقـياد وزيــرا وهــو iiمـتـجر بـجـوعـها فـهـو فـيـها الـبـايع iiالـشـاري فـكـيـف لانــت لـجـلاد الـحـمى iiعــدن وكــيـف ســاس حـمـاها غــدر فـجـار وقـــادهــا زعـــمــاء لا يــبـررهـم فــعــل وأقـواهـلـهم أقـــوال أبـــرار أشــبـاه نــاس وخـيـرات الـبـلاد iiلـهـم ووزنــهـم لا يــسـاوي ربـــع iiديــنـار ولا يـصـونـون عــنـد الــغـدر iiأنـفـسهم فـهـل يـصـونون عـهـد الـصـحب iiوالـجار تـــرى شـخـوصـهم رسـمـيـة iiوتــرى أطـمـاعهم فــي الـحـمى أطـمـاع iiتـجـار ************* أكـــاد أســخـر مـنـهم ثــم iiتـضـحكني دعــواهــم أنــهـم أصــحـاب iiأفــكـار يـبـنـون بـالـظـلم دورا كـــي iiنـمـجدهم ومـجـدهـم رجـــس أخــشـاب وأشـجـار لا تـخـبـر الـشـعـب عـنـهـم إن iiأعـيـنه تـــرى فـظـائعهم مــن خـلـف iiأسـتـار الآكــلـون جـــراح الـشـعـب iiتـخـبـرنا ثــيـابـهـم أنـــهــم آلات أشـــــرار ثـيـابـهم رشـــوة تـنـبـي iiمـظـاهـرها بــأنـهـا دمــــع أكــبـاد iiوأبــصـار يــشــرون بــالـذل ألـقـابـا iiتـسـتـرهم لـكـنـهـم يـسـتـرون الــعـار iiبـالـعـار تـحـسـهم فــي يــد الـمـستعمرين iiكـمـا تــحـس مـسـبـحة فــي كــف iiسـحـار ************ ويــــل وويـــل لأعـــداء iiالــبـلادإذا ضــج الـسـكون وهـبـت غـضـبة iiالـثـار فـلـيـغنم الــجـور إقـبـال الـزمـان لــه فــــإن إقــبـالـه إنــــذار iiإدبــــار والــنــاس شـــر وأخــيـار وشــرهـم مــنــافـق يــتــزيـا زي iiأخـــيــار وأضـيـع الـنـاس شـعـب بــات iiيـحـرسه لــــص تــسـتـره أثـــواب iiأحــبـار فـــي ثــغـره لــغـة الـحـاني iiبـأمـته وفـــي يــديـه لــهـا سـكـين iiجــزار حــقـد الـشـعـوب بـراكـيـن iiمـسـمـمة وقــودهــا كــــل خـــوان iiوغـــدار مـــن كــل مـحـتقر لـلـشعب iiصـورتـه رســـم الـخـيـانات أو تـمـثـال iiأقـــذار وجــثـة شـــوش الـتـعـطير iiجـيـفـتها كـأنـهـا مـيـتـة فـــي ثــوب iiعـطـار بــيـن الـجـنـوب وبـيـن الـعـابثين iiبــه يـــوم يــحـن إلــيـه يــوم" ذي iiقــار" ********** يـاخـاتـم الـرسـل هــذا يـومـك iiانـبـعثت ذكــراه كـالـفجر فــي أحـضـان iiأنـهـار يــا صـاحب الـمبدأ الأعـلى ، وهـل iiحـملت رســالــة الــحــق إلا روح مــخـتـار؟ أعـلـى الـمـبادئ مــا صـاغـت لـحـاملها مــن الـهـدى والـضـحايا نـصـب تـذكـار فـكـيـف نــذكـر أشـخـاصـا iiمـبـادئـهم مـبـادئ الـذئـب فــي إقـدامـه الـضاري ii؟! يــبــدون لـلـشـعب أحـيـانـا iiوبـيـنـهم والـشـعب مــا بـيـن طـبـع الـهر iiوالـفار مــا أغـنـيك يــا" طــه " وفــي iiنـغمي دمـــع وفــي خـاطـري أحـقـاد ثــوار ؟ تـمـلـملت كـبـريـاء الــجـرح iiفـانـتزفت حـقـدي عـلـى الـجور مـن أغـوار iiأغـواري ********** يــا" أحـمـد الـنـور" عـقوا إن ثـأرت iiفـفي صــدري جـحـيم تـشـظت بـيـن أشـعاري " طـــه " إذا ثــار إنـشـادي فــإن iiأبــي " حـسـان " أخـبـاره فــي الـشعر iiأخـباري أن ابــن أنـصـارك الـغـر الألــى iiقـذفـوا جــيـش الـطـغاة بـجـيش مـنـك iiجــرار تـظـافرت فــي الـفـدى حـولـيك iiأنـفـسهم كــأنـهـم قــــلاع خــلـف iiأســـوار نـحـن الـيـمانين يــا" طــه " تـطـير بـنا إلـــى روابـــي الــعـلا أرواح iiأنـصـار إذا تــذكــرتَ " عــمــارا " وســيـرتـه فـافـخـر بــنـا إنـنـا أحـفـاد " عـمـار" "طــه " إلـيـك صــلاة الـشـعر iiتـرفـعها روحـــي وتـعـزفـها أوتـــار iiقـيـثـار _________________________________ دلـــــيـــــل iiالـــــرازحــــي |
مواطن بلا وطن
عبد الله البردوني مـواطـن بـلا iiوطـن لأنــه مــن iiالـيمن تـبـاع أرض iiشـعـبه وتـشـترى بـلا iiثـمن يـبـكـي إذا iiسـألـته من أين أنت؟.. أنت من؟ لأنــه مــن لا iiهـنا أو مـن مـزائد الـعلن مـواطـن كـان iiحـماه مـن (قُـبا) إلى ii(عدن) والـيوم لـم تـعد iiلـه مــزارع ولا iiسـكـن ولا ظــلال iiحـائـط ولابـقـايا مـن iiفـنن بــلاده سـطر iiعـلى كـتاب: (عـبرة iiالزمن) روايـة عـن ii(أسـعد) أسطورة عن (ذي iiيزن) حـكـاية عـن هـدهد كـان عـميلاً iiمـؤتمن وعـن مـلوك iiاسـتبوا أو سـبـؤوا مـليون iiدن الـمـلك كـان iiمـلكهم سـواه (قـعب من لبن) ***************** والـيوم طـفل iiحـمير بــلا أب بـلا iiصـبا بــلا مـدينة... iiبـلا مـخابىء ... بـلا iiربى يـغـزوه ألـف iiهـدهد وتـنـثني بــلا iiنـبا يـكـفـيه أن iiأمـــه (ريـا) وجـده ii(سـبأ) وأن عـــم iiخــالـه كـان يـزين ii(يحصبا) وأن خـــال iiعـمـه كــان يـقود (أرحـبا) كـانوا يـضيئون iiالدجى ويـعـبدون iiالـكـوكبا يـدرون ما iiشادوا...ولا يــدرون مـاذا iiخـربا يـبـنون لـلفار الـعلى ويــزرعـون iiلـلـدَبا يـا ناسج (الإكليل) iiقل: تـلك الـجباه مـن iiغبا أو سـمـهـا iiكـواكـباً تـمـنعت أن iiتـعـربا فـهـل لـهـا iiذريــة مـن الـشموخ iiوالإبـا؟ ***************** الـيوم أرض (مـأرب) كـأمـهـا iiمـوجـهـه يـقـودهـا iiكـأمـهـا فـار...وسوط (أبـرهه) فـمـا أمــر iiأمـسها ويـومـها مـا أشـبهه تـبـيع لـون iiوجـهها لـلأوجـه iiالـمـموهه (تـموز) فـي iiعـيونها كـالـعانس iiالـمـولهه والـشمس فـي جـبينها كـالـلوحة iiالـمـشوهه فـيـا(سهيل)هل iiتـرى أسـئـلـة iiمـدلـهـه؟ مـتى يـفيق هـا iiهـنا شـعب يـعي iiتـنبهه؟ وقـبل أن يـرنو إلـى شـيء يـرى مـا iiأتفهه فـينتقي تـحت iiالضحى وجـوهـه iiالـمـنزهه يـمضي ويـنسى iiخلفه عــاداتـه iiالـمـسفهه يـفـنـى بـكـل iiذرة مـن أرضـه iiالـمؤلهه هـنـا يـحـس أنــه مـواطـن لـه iiوطـن |
ابن السبيل عبد الله البردوني سـار والـدرب ركامٌ من iiغباء كـل شـبر فـيه شيطان بدائي كـان يـرتدٌ ويـمضي iiمـثلما تـخبط الريح، مضيقاً من iiعناء بـين جـنبيه، جـريح iiهـاربٌ مـن يد الموت، ومسلول iiفدائي يصلب الخطوَ على ذعر الحصى وعـلى جـذعٍ مـديدٍ من iiشقاءِ وعـلـى مـنعطفٍ أو شـارعٍ مـن دم الذكرى وأنقاض iiالرجاءِ مـن يـعي يـسأله: أيـن iiأنا؟ ضـاع قدّامي، كما ضاع iiورائي وإلـى لامـنتهى هـذا iiالسرى فـي المتاهاتِ، ومن غير iiابتداء إنـني أخـطو على شلوي وفي وَهْـوهَات الـريح، أشتم iiدمائي مـن يـؤاويني؟ أيصغي iiمنزلٌ لـو أنـادي، أو يعي أي iiخباء؟ الـمـمرات، مـغـاراتٌ iiلـها وثـبة الـجنّ، وإجـفال iiالظباءِ وهـناك الـشهب غـربان، iiبلا أعـين، تـجتاز غـيماً iiلانهائي وهـنا الـشمس عجوز، iiتحتسي ظـلها، تصبو إلى تحديق iiرائي مَـنْ دنا منّي؟ وكالطيف iiالتوى ونـأى، خـلف خيالات iiالتنائي مـن وراء الـتلّ عـنَتَّت غابةٌ مـن أفـاعٍ، وكهوف من iiعُواء وعـيـون، كـالمرايا، لـمعت فـي وجـوه، من رمادٍ iiوانحناء إنـه حـشد، بـل اسـمٍ iiوجههُ خـلفهُ مـرآهُ تـزوير iiالـطلاء مَـنْ يـرى؟ أي زحـام iiودرى إنـه يـرنو إلى زيف iiالخواءِ؟ وبــلا زادٍ ولا دربٍ iiمـضى كـالخيالات الـكسيحات iiالظماءِ تـخفُقُ الأحـزان، فـي أهدابه وتـناغي، كـعصافير iiالـشتاءِ يـنحني، يستفسر الأطراق iiعن وجهه الذاوي، وعن بابٍ iiمضاءِ عـن يـد، صيفيةِ اللّمس iiوعن شـرفةٍ جذلى، وعن نبض iiغناءِ وتـأنت نـجمةٌ أرسـى iiعـلى جـفنها طـيفٌ، خريفي iiالرِّداءِ فـتـملاها مـلـيّاَ وارتــدى جـوّ عـينيه، أصيلاً من iiصفاءِ والـتظى بـرق، تـضنَّى iiخلفه ألـف دنـيا، من ينابيع iiالسخاءِ وبـلا وعـي دنـا، مـن كوخه كـغريقٍ، عـاد من حَلقِ iiالفناءِ فـأحسَّ الـبابَ يـلوي iiحـولهُ ساعدي شوقٍ، وحضناً من iiبكاءِ أيــن مـن يـسأله، iiيـخبرهُ عـن مـآسيه فيحنو أو iiيرائي؟ وجـثا، يـحنو عـليه iiمـنزلٌ سـقفه الـثلج، وجدران iiالمساءِ وكـمـا تـنـجرّ أمُّ iiضـيَّعت طـفلها، يـبحث عن أدنى iiغذاءِ يـجتدي الـصمت نـداءً أو iiيداً أو فـماً يـفترُ، أو رجـع iiنداءِ ويـداري الـسُّهْدَ أو يـرنو iiإلى ظـله، يـختال في ثوبٍ iiنسائي فـتـعـاطيه مـنـاهُ iiأكـؤسـاً مـن دخانٍ، واحتضاناً من iiهباءِ تـحـتسي أنـفـاسَه iiأُمـسـيةُ عـاقر، تـمتص ألـوانَ iiالهواءِ هـل هـنا لابن سبيل الريح من مـوعدٍ؟ أو هـاهنا دفء iiلقاءِ؟ عـاد مـن قـفرٍ دُخـاني، إلى عـامرٍ، أقـفرَ مـن ليل iiالعَرَاءِ وغـداَ يـبتدئ الأشـواط iiمـن حـيث أنـهاها، إلى غير iiانتهاءِ يـقطع الـتيه، إلـى التيه، iiبلا شـوق أسـفارٍ، ولا وعد iiانثناءِ وبـلاذكـرى، ولاسـلوى iiرؤىً وبـلا أرض، ولا ظـل iiسـماءِ عـمـره دوَّامـةٌ مـن iiزئـبقٍ وسـهادٌ، وطـريقٌ مـن غـبَاءِ |
مدينة الغد عبد الله البردوني من دهور…وأنت سحر' iiالعبارة وانـتظار الـمنى وحلم' iiالإشارة كـنت بنتَ الغيوب دهراً iiفنمَّت عن تجليّـك حشرجات' iiالحضارة وتـداعي عـصر يـموت ليحيا أو لـيفنى، ولا يـحسَّ iiانتحاره جـانحاه فـي مـنتهى كل iiنجم وهـواه'، فـي كل سوق: iiتجاره بـاع فـيه تـأله الأرض iiدعواه وبـاعت فـيه الصلاة' iiالطهاره او مـا تـلمحينه كـيف iiيـعدو يـطحن الريح والشظايا iiالمُثاره نـم عن فجرك الحنون iiضجيج ذاهـل يـلتظي ويـمتص iiناره عـالم كـالدجاج، يـعلو iiويهوي يـلقط الحب، من بطون iiالقذاره ضـيع القلب، واستحال iiجذوعاً تـرتـدي آدمـيةً… iiمـستعاره كل شيء وشى بميلادك iiالموعود واشـتـم دفـئـه iiواخـضراره بـشرت قـرية بـلقياك iiأخرى وحـكت عـنك نـجمة iiلـمناره وهـذت بـاسمك الرؤى iiفتنادت صـيحات الـديوك من كل iiقاره الـمدى يـستحم في وعد iiعينيك ويـنسى فـي شـاطئيه iiانتظاره وجـباه الـذرى مـرايا تـجلت مـن ثـريات مـقلتيك iiشـراره ذات يـوم، سـتشرقين بلا iiوعد تـعـيدين لـلـهشيم iiالـنضاره تـزرعين الـحنان في كل iiواد وطـريق، في كل سوق iiوحاره فـي مـدى كل شرفة، في iiتمني كـل جار، وفي هوى كل iiجاره فـي الروابي حتى يعي كل iiتل ضجر الكهف واصطبار iiالمغاره سوف تأتين كالنبؤات، كالامطار كـالصيف، كـانثيال iiالـغضاره تـملئين الـوجود عـدلاً iiرخياً بـعد جـور مـدجج iiبـالحقاره تـحشدين الـصفاء في كل لمس وعـلى كـل نـظره وافـتراره تـلمسين الـمجندلين iiفـيعدون تـعـيدين لـلـبغايا iiالـبـكاره وتصوغين عالماً تثمر الكثبان ف يـه، تـرف حـتى iiالـحجاره وتـعف الـذئاب فـيه، iiوينسى جـبروت الـسلاح، فيه iiالمهاره الـعشايا فـيه، عـيون iiكسالى واعدات، والشمس أشهى iiحراره لـخطاه عـبير (نـيسان) أوأش ذى لـتـحديقه، أجـد‘ iiإنـاره ولألـحانه، شـفـاه iiصـبايا وعـيون، تـخضر فيها iiالإثارة أي دنـيـا سـتـبعدين iiجـناها وصـباها فوق احتمال iiالعباره؟ صنعاء 30- يونيو سنة ii1967م |
من أرض بلقيس عبد الله البردوني مـن أرض بلقيس هذا اللحن iiوالوتر مـن جـوها هـذه الأنسام iiوالسحر مـن صدرها هذه الآهات، من iiفمها هـذي الـلحون. ومن تاريخها iiالذكر مـن «السعيدة» هذي الأغنيات iiومن ظـلالها هـذه الأطـياف والـصور أطـيافها حول مسرى خاطري iiزمر مـن الـترانيم تـشدو حـولها iiزمر من خاطر «اليمن» الخضرا iiومهجتها هـذي الأغـاريد والأصداء iiوالفكر هــذا الـقصيد أغـانيها iiودمـعتها وسـحرها وصـباها الأغيد iiالنضر يـكاد مـن طـول ما غنى iiخمائلها يـفوح مـن كل حرف جوها iiالعطر يـكاد مـن كـثر ما ضمته iiأغصنها يـرف مـن وجنتيها الورد iiوالزهر كـأنه مـن تـشكي جـرحها iiمـقل يـلح مـنها الـبكا الـدامي iiوينحدر يـا أمـي الـيمن الخضرا iiوفاتنتي مـنك الـفتون ومني العشق iiوالسهر هـا أنـت في كل ذراتي وملء دمي شـعر «تـعنقده» الذكرى iiوتعتصر وأنـت فـي حضن هذا الشعر iiفاتنة تـطل مـنه، وحـيناً فـيه iiتـستتر وحسب شاعرها منها - إذا iiاحتجبت عـن الـلقا - أنـه يـهوى iiويدكر وأنـهـا فـي مـآقي شـعره iiحـلم وأنـها فـي دجـاه اللهو iiوالـسمر فـلا تـلم كـبرياها فـهي iiغـانية حـسنا، وطبع الحسان الكبر والخفر من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن ريـاضـها هــذه الأنـغام iiتـنتثر من هذه الأرض حيث الضوء iiيلثمها وحـيث تـعتنق الأنـسام iiوالـشجر مـا ذلـك الـشدو؟ من شاديه؟ iiإنهما مـن أرض بلقيس هذا اللحن iiوالوتر |
إلا أنا وبلادي
عبد الله البردوني تـسـلياتي كـموجعاتي، iiوزادي مـثل جوعي، وهجعتي iiكسهادي وكـؤوسي مـريرة مثل صحوي واجـتماعي بـأخوتي iiكـانفرادي والـصداقات كـالعداوات iiتـؤذي فـسواءٌ مـن تصطفي أو iiتعادي إن داري كـغربتي فـي iiالمنافي واحـتراقي كـذكريات iiرمـادي يـا بـلادي! الـتي يقولون عنها: مـنك نـاري ولـي دخان iiاتقادي ذاك حـظي لأن أمـي ii(سـعود) وأبـي (مـرشد) وخالي (قمادي) أو لأنـي أطـعمت أولاد iiجاري ورفـاقـي دفـاتـري iiومـدادي أو لأنـي دفـعت عن طهر iiأختى وبـناتي مـكر الـذئاب العوادي أولأنــي زعـمت أن iiلـديهم لي حقوقاً من قبل حق (أبن هادي) يـا بلادي هذي الربى iiوالسواقي فـي ضـلوعي تـنهدات iiشوادي إنـما مـن أنا وليس بكفي iiمدفع والـتـراب بـعـض امـتدادي! ربـما كـنت فـارساً لست iiأدري قـبل بـدء الـمجال مات جوادي الـعصافير فـي عـروقي iiجياع والـدوالي والـقمح في كل iiوادي فـي حـقولي ما في سواها iiولكن بـاعت الأرض في شراء iiالسماد يـاندى.. يـا حـنان أم الدوالي: وبـرغمي يـجيب من لا iiأنادي!! هــذه كـلها بـلادي... iiوفـيها كـل شـيء... إلا أنا iiوبلادي!! ديـــســمــبــر ii1969م |
أنا والشعر
عبد الله البردوني هـاتي الـتآويه يـا قيثارتي iiهاتي ورددي مـن وراء الـليل iiآهـاتي وتـرجمي صوت حبي للجمال iiففي نجواك- يا حلوة النجوى - صباباتي قيثارتي صوت أعماقي عصرت iiبها روحـي وأفرغت في أوتارها iiذاتي قـيثارتي أنـت أم الـشعر لم iiتلدي إلا غـنا الـخلد أو لحن iiالبطولات أودعـت نـجواك آيات النبوغ iiفيا قـيثارتي لـقني الـتاريخ iiآيـاتي وغـردي بـخيالاتي الـعذاب iiفـما حـقيقة الـسحر إلا مـن خـيالاتي وشـاعر الطبع موسيقى الغيوب iiإذا غنى أرى الأرض أسرار iiالسموات قـيثارتي إنـني ابن الشعر iiانجبني لـلـخلد ، لـلـعبقريات iiالـفتيات ولـلـحياة ولـلـدنيا iiونـضـرتها لـلحب لـلنور لـلزهر iiالـصبيات وحـدي مع الشعر هزتني iiعواطفه فـرقصت عـطفه الـنشوان iiرناتي وشـف لـي خـافي الدنيا iiوألهمني سـحر الـجمال وأسرار iiالجلالات وهـبت لـلشعر إحساسي iiوعاطفتي وذكـريـاتي وتـرنـيمي iiوأنـاتي فـهو ابتسامي ودمعي وهو iiتسليتي وفـرحتي وهـو آلامـي iiولـذاتي يـفنى الـفنا! وأنـا والشعر iiأغنية عـلى فـم الخلد يا رغم الفنا iiالعاتي أحـيا مـع الشعر يشدو بي iiوأنشده والـخلد غـاياته القصوى iiوغاياتي. صنعاء والموت والميلاد عبد الله البردوني ولـدت صـنعاء iiبسبتمبر كـي تلقى الموت iiبنوفمبر لـكن كـي تـولد iiثـانية فـي مايو... أو في iiأكتوبر فـي أول كـانون iiالـثاني أو فـي الثاني من iiديسمبر مـادامت هـجعتها iiحـبلى فـولادتـها لـن iiتـتأخر رغـم الـغثيان تحن iiإلى: أوجـاع الطلق ولا iiتضجر يـنبي عـن مولدها iiالآتي شـفـق دامٍ فـجر iiأشـقر مـيـعاد كـالثلج iiالـغافي وطـيوف كالمطر iiالأحمر أشـلاء تـخفق iiكـالذكرى وتـنام لـتحلم iiبـالمحشر ورمــاد نـهار iiصـيفي ودخـان كـالحلم iiالأسـمر ونــداء خـلف iiنـداءات لاتـنسى (عبلة) يا ii(عنتر) أسـمـاء لا أخـطار iiلـها تـنبي عـن أسماء iiأخطر هل تدري صنعاء الصرعى كيف انطفأت؟ ومتى iiتنشر؟ كـالمشمش مـاتت iiواقـفة لـتعد الـميلاد iiالأخـضر تـندى وتـجف لكي iiتندى وتـرف ترف لكي iiتصفر وتـموت بـيوم iiمـشهور كـي تـولد في يوم iiأشهر تـرمـي أوراقــاً iiمـيتة وتـلوّح بـالورق الأنضر وتـظل تـموت لكي iiتحيا وتـموت لـكي تحيا iiأكثر أبـــريـــل 1970م لافتة على طريق العيد العاشر لثورة سبتمبر عبد الله البردوني أيـها الآتـي بـلا وجـه إلينا لـم تـعد مـنا ولا ضيفاً iiلدينا غـير أنـا... يا لتزييف iiالهوى نـلتقى الـيوم برغمي iiرغبتينا سـترانا غـير مـن كـنا iiكما سـوف تبدو غير من كنا iiرأينا أسـفاً ضيعتنا... أو ضعت من قـبضتينا يـوم ضـيعنا iiيدينا قـبل عـشرٍ كـنت مـنا iiولنا يـا تـرى كيف تلاقنا.. وأينا؟ أنـت لا تدري ولا ندري iiمتى فـرقتنا الريح.. أو أين iiالتقينا؟ وإلـى أيـن مـضى السير iiبنا دون أن ندري.. ومن أين iiانثنينا يـوم جـئنا الملتقى لم ندر iiمن أيـن جـئنا وإلـى أيـن أتينا؟ ربـمـا جـئـنا إلـيه iiمـثلما يطفر الاعصار أو سرنا iiالهوينا ربـما جـئنا بـلا وجـهين iiأو ضـاع وجهانا ومرأى iiوجهتينا عـبثاً نـسأل أطـلال iiالـمنى بعد بؤس المنتهى كيف iiابتدينا؟ كـيف ذقـنا وجـع الميلاد iiكم ضـحك الـمهد لنا أو كم iiبكينا كيف ناغينا الصبا.. ماذا انتوى؟ مهدنا المشؤوم.. أو ماذا iiانتوينا؟ لانـعي كيف ابتدينا... أو iiمتى كـل مـا نـذكره أنـا iiانتهينا؟ أنـت مـهما تـرتدي iiأسماءنا مـن أعـادينا ومحسوب iiعلينا غـير أنـا كـل عـام iiنـلتقي عـادة والـزف يخزي iiموقفينا ***** صـنعاء: 26 سبتمبر ii1972م عائـــد عبد الله البردوني مـن أنـت، واستبقت جوابي لـهب، يـحن الـي iiالتهاب مـن أنـت، عـزاف iiالأسى والـنـار قـيـثار iiالـعذاب وعـلـى جـبـينك، iiقـصة حـيرى، كـديجور الـيباب وخـواطر، كـهواجس iiالإفلا س، فــي قـلق iiالـمرابي وأنـا أتـدري: مـن iiأنـا؟ قـل لي،وأسكرها اضطرابي سـل تـمتمات الـعطر: iiهل (نـيسان) يـمرح في iiثيابي؟ مــن هـذه؟ أسـطورة ال أحــلام، أخـيلة iiالـشهاب هـمساتها، الـخضر iiالرقاق أشـف مـن ومض iiالسراب إنـي عـرفتك كـيف أفرح؟ كـيف أذهـل عـن iiرغابي؟ مـن أين أبتدىء iiالحديث…؟ وغـبت فـي صمت iiارتيابي مـاذا أقـول، وهـل أفـتش عـن فـمي، أو عن iiصوابي مـن أنـت، أشواق iiالضحى قـبل الأصيل، على iiالهضاب حـلـم الـمواسم، iiوالـبلابل والـنـسـيمات iiالـرطـاب أغـرودة الوادي، نبوغ iiالعن دلـيب… شـذى iiالـروابي وذهــول فـنـان iiالـهوى ورؤى الصبا وهوى iiالتصابي وهـج الأغـاني، iiوالـصدى حـرق الـمعازف، iiوالرباب لاتـبعدي: أرست على iiشطآ نــك الـنـعسى، ركـابي فـدنت تـسائل مـن iiرفاقي فـي الضياع؟ ومن iiصحابي؟ هــل سـآءلـتك iiمـديـنة عـني؟ وسـهدها iiمـصابي كـانت تـرى نـكبات iiأهلي فــي شـحوبي iiواكـتئابي فـتقول لـي: من أين iiأنت؟ وتـزدريـنـي، iiبـالـتغابي أنـا مـن مـغاني iiشـهرزاد إلـى ربى، الصحو iiانتسابي بـي مـن ذوائب ii(حدة) عـبق الـسماحة iiوالـغلاب وهـنا أصـخت iiووشـوشا ت (القـات) تنبي باقترابي وأظـلـنـا جــبـل iiذراه كـالـعـمالقة iiالـغـضـاب عـيـناه مـتـكأ iiالـنـجوم وذيـلـه، طــرق iiالـذئاب فـهـفت إلــي iiمــزارع كـمـباسم الـغـيد الـكعاب وحـنـت نـهـود الـكـرم فـاسترخت للمسي واحتلابي وسـألـت (ريـا) والـسكو ن يـنث وهـوهة iiالـكلاب مــاذا؟ أيـنـكر iiحـيـنا خـفقات خـطوي iiوانسيابي؟ إنــا تـلاقـينا… iiهـنـا، قـبل انتظارك… iiواغترابي هــل تـلمحين iiالـذكريات تـهـز أضـلاع iiالـتراب؟ وطـيـوف مـأساة iiالـفراق تـعـيد نـوحك iiوانـتحابي والأمــس يـرمقنا iiوفـي، نـظـراته خـجل iiالـمتاب كـيـف اعـتـنقنا iiلـلوداع وبـي مـن اللهفـات ما بي؟ وهـتـفـت: لا iiتـتـوجعي سـأعود، فـارتقبي… iiإيابي ورحـلت وحـدي، والـطر يـق دم، وغاب، من iiحراب فـنزلت حـيث دم iiالـهوى يـجـتر، أجـنحة iiالـذئاب حـيـث الـبهارج iiوالـحلي سـلوى الـقشور عن iiاللبان فـتـرين ألــوان iiالـطلاء على الصدوع، على iiالخراب والـتسليات، بـلا iiحـساب والـمـلال، بــلا iiحـساب والـجـو مـحـموم، iiيـئن وراء جــدران iiالـضـباب كـم كنت أبحث عن iiطلابي حـيـث ضـيعني طـلابي والـيوم عـدت، وعـاد iiلي مـرح الـحكايات iiالـعذاب مـازلت أذكـر كـيف iiكـنا لانـنـافـق، أو نـحـابـي نـفـضي بـأسرار iiالـغرام إلــى الـمهبات iiالـرحاب والـريح تـغزل مـن iiزهو ر (الـبن)، أغـنية iiالـعتاب فـتـهـزنـا iiأرجــوحـة مـن خـمرة الـشفق iiالمذاب وكـمـا تـنـاءينا iiالـتقينا نـبـتدي صـفـو iiالـشباب ونـعـيد تـاريـخ iiالـصبا والـحب، مـن بـدء iiالكتاب أتـرين: كيف iiاخضوضرت لـلـقائنا مـقـل iiالـشعاب؟ وتـلـفت الــوادي iiإلـيك وهـش، يـسأل عـن غيابي مــا دمـت لـي iiفـكويخنا قـصر، يـعوم على iiالسحاب والـشهب بـعض iiنـوافذي والـشمس، شـباكي iiوبـابي صـنـعاء سـبتمبر ii1963م |
لعيني أم بلقيس
عبد الله البردوني لــعــيـنـي أم بــلــقـيـس بــدايــاتــي iiوغــايــاتـي لــهــا أغــلــى حـبـيـباتي لــهــا أزهـــى iiفـتـوحـاتي لــهـا غـــزوي iiوإرهــاقـي وإبــحــاري إلـــى الآتـــي وأســفـاري إلـــى iiالـمـاضي فــتــوحـاتـي iiورايـــاتــي لــعــيـنـي أم بــلــقـيـس وأقـــمــاري iiوغــيـمـاتـي وأنــقــاضـي iiوأجــنـحـتـي لــهــا أشــــواق أوبــاتـي لــهــا تــلـويـح تـوديـعـي أغـــرب وهـــي iiمــرآتـي أشــــرق وهـــي قــدامـي ومــنـهـا تـبـتـدي iiذاتـــي إلــيـهـا تـنـتـهي روحـــي وأســكـت وهـــي iiإنـصـاتي أغــنــي وهـــي iiأنـفـاسـي وأحــسـو وهـــي iiكـاسـاتـي وأظــمـأ وهـــي iiإحــراقـي وأحــيــا وهـــي iiمـأسـاتـي أمــــوت وحـبـهـا iiمــوتـي وأشــــدو ظـامـئـا iiهـــات تـرويـنـي لــظـى iiوهـــوى وأتــبــعـهـا iiكــعــاداتـي فـتـقـصـيـنـي iiكــعـادتـهـا مــجـاديـفـي iiومــرســاتـي وأغــسـل مـــن iiروائـحـهـا وأســـأل أيـــن iiمــولاتـي؟ هــنــا وهــنـاك iiمــولاتـي عــلــى أكــتـاف iiآهــاتـي أنــــا فــيـهـا iiوأحـمـلـها عـــلــى ذرات iiذراتـــــي عــلــى أشـــواق iiأشـــواق فـتـنـمـو فـــي iiجـراحـاتـي وأذوي وهـــــي iiتـحـمـلـني فـتـغـلـي فـــي iiصـبـابـاتي وأســــأل أيــــن iiألـقـاهـا ومــــن أحـــزان iiأوقــاتـي فـتـرنو مــن أســى iiهـمـسي أشــكــل وجــــه نــحـات ومـــن صـمـتـي iiكـتـمـثال ومـــن ضـحـكـات iiحـلـواتي وتـبـدو مــن شــذى iiغـزلـي ومــــن لـفـتـات iiجــاراتـي ومـــن نــظـرات iiجـيـرانـي ومــــن هــذيـان جــداتـي ومــــن أســمـار أجـــدادي ومـــن أطــيـاف iiأمــواتـي ومــــن أحـــلام أطـفـالـي هــنــا تـاريـخـها iiالـعـاتـي هــنــا مــيـلادي iiغـالـيـتي وراء الــغـيـهـب iiالــشـاتـي هــنــا تــمـتـد iiعــاريــة فـيـمـضي قــبـل أن iiيــأتـي تــحـن إلــى الـغـد iiالأهـنـى فـيـمـضي قــبـل أن iiيــاتـي |
امرأة الفقيد عبد الله البردوني لـم لا تـعود؟ وعـاد كـل iiمجاهد بـحلى (النقيب) أو انتفاخ ii(الرائد) ورجـعت أنـت، تـوقعاً iiلـملمته من نبض طيفك واخضرار مواعدي وعـلى الـتصاقك باحتمالي iiأقلقت عـيناي مـضطجع الطريق iiالهامد وامـتد فـصل في انتظارك iiوابتدا فـصـل، تـلفح بـالدخان iiالـحاقد وتـمطت الـربوات تبصق iiعمرها دمـها وتـحفر عـن شـتاء iiبـائد وغـداة يـوم، عـاد آخـر موكب فـشممت خطوك في الزحام iiالراعد وجـمعت شـخصك بـنية وملامحاً مـن كـل وجـه في اللقاء iiالحاشد حـتـى اقـتربت وأم كـل iiبـيته فـتشت عـنك بـلا احـتمال واعد مـن ذا رآك وأين أنت؟ ولا iiصدى أومـي إلـيك، ولا إجـابة iiعـائد وإلـى انتظار البيت، عدتُ iiكطائر قـلق يـنوء عـلى جـناح iiواحـد لاتـنطفي يـاشمس: غابات iiالدجى يـأكلن وجـهي يـبتلعن iiمـراقدي وسـهدت والـجدران تصغي iiمثلما أصـغي، وتـسعل كالجريح iiالساهد والـسقف يـسأل وجنتي لمن هما؟ ولـمن فمي؟وغرور صدري iiالناهد؟ ومـغازل الأمـطار تـعجن iiشارعاً لـزجاً حـصاه مـن النحيع iiالجامد وأنـا أصـيخ إلـى خطاك iiأحسها تـدنو، وتـبعد، كـالخيال iiالـشارد ويـقول لـي شـيء، بأنك لم iiتعد فـأعوذ مـن هـمس الرجيم iiالمارد أتـعود لـي؟ من لي؟ أتدري iiأنني أدعـوك، أنـك مـقلتاي iiوساعدي إنـي هـنا أحـكي لـطيفك iiقصتي فـيعي، ويـلهث كـالذبال iiالـنافد خـلفتني وحـدي، وخـلفني iiأبـي وشـقـيقتي، لـلـمأتم iiالـمـتزايد وفـقدت أمـي: آه يـا أم iiافـتحي عـينيك، والـتفتي إلـي iiوشاهدي وقـبرت أهـلي، فـالمقابر iiوحدها أهـلي، ووالـدتي الحنون iiووالدي وذهـلت أنـت أو ارتميت iiضحية وبـقيت وحـدي، لـلفراغ iiالـبارد أتـعود لـي؟ فـيعب لـيلي iiظـله ويـصيح فـي الآفاق أين iiفراقدي؟ أكــــتــــوبـــر1964م |
ليالي الجائعين عبد الله البردوني هـذي الـبيوت الجاثمات iiإزائي لـيل مـن الـحرمان iiوالإدجـاء مـن لـلبيوت الـهادمات iiكـأنها فـوق الـحياة مـقابر iiالأحـياء تـغفو على حلم الرغيف ولم iiتجد إلا خـيالاً مـنه فـي iiالإغـفاء وتـضم أشـباح الـجياع iiكـأنها سـجن يـضم جـوانح iiالسجناء وتـغيب في الصمت الكئيب كأنها كـهف وراء الـكون iiوالأضواء خـلف الـطبيعة والـحياة iiكأنها شــيء وراء طـبائع iiالأشـياء تـرنو إلـى الأمـل المولي مثلما يـرنو الغريق إلى المغيث النائي وتـلملم الأحـلام من صدر iiالدجا سـوداً كـأشباح الـدجا iiالسوداء هذي البيوت النائمات على الطوى نـوم الـعليل على انتفاض الداء نـامت ونـام الليل فوق iiسكونها وتـغلفت بـالصمت iiوالـظلماء وغـفت بأحضان السكوت iiوفوقها جـثث الـدجا مـنثورة iiالأشلاء وتـململت تـحت الـظلام iiكأنها شـيـخ يـنوء بـأثقل iiالأعـباء أصـغى إلـيها الليل لم يسمع iiبها إلا أنـين الـجوع فـي الأحشاء وبـكا الـبنين الـجائعين iiمردداً فـي الأمـهات ومـسمع iiالآبـاء ودجـت لـيالي الجائعين وتحتها مـهج الـجياع قـتيلة الأهـواء يا ليل، من جيران كوخي؟ من iiهم مـرعى الـشقا وفريسة iiالأرزاء الجائعون الصابرون على iiالطوى صـبر الـربا لـلريح iiوالأنـواء الآكـلون قـلوبهم حـقداً iiعـلى تـرف الـقصور وثروة iiالبخلاء الـصامتون وفـي معاني iiصمتهم دنـيا مـن الضجات iiوالضوضاء ويـلي عـلى جيران كوخي iiإنهم ألـعـوبة الإفــلاس والإعـياء ويـلي لهم من بؤس محياهم iiويا ويـلي مـن الإشـفاق iiبالبؤساء وأنــوح لـلمستضعفين وإنـني أشـقى مـن الأيـتام iiوالضعفاء وأحـسهم في سد روحي في iiدمي في نبض أعصابي وفي iiأعضائي فـكأن جـيراني جـراح iiتحتسي ري الأسـى مـن أدمعي iiودمائي نـاموا على البلوى وأغفى iiعنهمو عـطف القريب ورحمة iiالرحماء مـا كـان أشـقاهم وأشقاني iiبهم وأحـسـني بـشقائهم iiوشـقائي حين يشقى الناس عبد الله البردوني أنـت تـرثي كـل محزون iiولم تلق من يرثيك في الخطب iiالألد وأنـا يـا قـلب أبكي إن iiبكت مـقلة كـانت بقربي أو iiببعدي وأنـا أكـدى الورى عيشاً iiعلى أنـني أبـكي لـبلوى كـل مكد حـين يـشقى الناس أشقى معهم وأنـا أشقى كما يشقون iiوحدي! وأنـا أخـلو بـنفسي والـورى كـلهم عـندي ومالي أي عندي لا ولا لـي فـي الدنا مثوى iiولا مـسعد إلا دجـى الـليل وسهدي لـم أسـر مـن غـربة إلا iiإلى غـربة أنـكى وتـعذيب iiأشـد مـتعب أمـشي وركـبي قدمي والأسى زادي وحمى البرد بردي والـدجى الـشاتي فـراشي وردا جسمي المحموم أعصابي iiوجلدي فلسفة الفن عبد الله البردوني لاتـقـل مـا دمـع iiفـنّي لاتـسل مـا شـجو iiلحني مـنـك أبـكـي iiوأغـنيك فـمـا يـؤذيـك iiمـنـي سـمني إن شـئت iiنـواحاً وإن شــئـت iiمُـغـنـي فـأنـا حـيـناً iiأعـزيـك وأحــيـانـاً iiأهــنـي لـك مـن حـزني الأغاريد ومــن قـلـبي iiالـتمني أنـا أرضـي الـفن لـكن كـيف تـرضى أنت iiعني كـل مـا يـشجيك iiيبكيني ويـضـنـي iiويـعـنـي فـاستمع ما شئت iiواتركني كـمـا شـئـت iiأغـنـي لاتـلمني إن بـكى iiقـلبي وغــنــاك iiبــكـايـا لاتـسـلني مــا iiطـواني عـنك فـي أقصى iiالزوايا هــا أنـا وحـدي iiوألـقا ك هـنـا بـيـن الـحنايا هـا هـنا حـيث iiألاقـيك طــبـاعـاً iiوسـجـايـا حـيث تـهوي قطع iiالظلما كــأشـلاء iiالـضـحـايا وتـطـل الـوحشة iiالـخر ســا كـأجـفان iiالـمنايا والدجى ينساب في iiالصمت كـأطـيـاف iiالـخـطـايا والـسـكون الأسـود iiالـغا فــي كـأعراض iiالـبغايا وأنـا أدعـوك فـي iiسري وأحــلامـي iiالـعـرايـا يـا رفيقي في طريق العمر فــي ركــب iiالـحـياة أنــت فـي روحـي iiرو ح وذات مــلء iiذاتــي جـمـعتنا وحـدة الـعيش وتـوحـيـد iiالـمـمـات عـمـرنا يـمضي iiوعـمر مـن وراء الـموت iiآتـي نـحـن فـكـران iiتـلاقينا عـلـى رغــم الـشتات نـحن فـي فـلسفة iiالـفن كـنـجوى فــي iiصـلاة أنـا كـأس مـن غنى الشو ق ودمـــع iiالـذكـريات فـاشرب اللحن ودع في iiال كــأس دمـع iiالـموجعات هـكذا تـصبو كـما iiشـا ءت وتـبـكي iiأغـنـياتي يـا رفـيقي هـات iiأذنـيك وخــذ أشـهـى رنـيني مـن شـفاه الـفجر أسـقي ك وخــمـر iiالـيـاسمين مــن مـعين الـفن iiأروي ك ولـم يـنضب iiمـعيني لـك مـن أنـاتي iiالـلحن ولــي وحــدي iiأنـيني ولـك الـتغريد مـن iiفـني ولــي جــوع iiحـنيني هـا أنـا فـي عزلة iiالشعر كــأشـواق iiالـسـجـين حـيث ألـقاك هـنا في iiخا طــر الـصمت iiالـحزين في أغاني الشوق في الذكرى وفــي الـحـب iiالـدفين فـي الخيالات وفي iiشكوى الـحـنـين iiالـمـسـتكين فلسفة الجراح عبد الله البردوني مـتـألمٌ ، مـمّـا أنــا iiمـتـألمُ؟ حـار الـسؤالُ ، وأطرق iiالمستفهمُ مـاذا أحـس ؟ وآه حـزني iiبعضه يـشـكو فـأعرفه وبـعضٌ iiمـبهم بي ما علمت من الأسى الدامي iiوبي مـن حـرقة الأعـماق مـا لا أعلمُ بي من جراح الروح ما أدري ، وبي أضـعاف مـا أدري ومـا أتـوهم وكــأن روحـي شـعلةٌ iiمـجنونةٌ تـطغى فـتضرمني بـما iiتـتضرّم وكـأن قـلبي فـي الضلوع iiجنازةٌ أمـشي بـها وحـدي وكـلي iiمأتمُ أبـكي فـتبتسم الـجراح من iiالبكا فـكـأنها فـي كـل جـارحةٍ iiفـمُ يا لابتسام الـجرح كـم أبكي iiوكم يـنساب فـوق شـفاهه الحمرا iiدم أبـداً أسـيرُ عـلى الجراح iiوأنتهي حـيث ابـتدأت فـأين مني iiالمختم وأعـاركُ الـدنيا وأهـوى صفوها لـكن كـما يـهوى الـكلامَ iiالأبكمُ وأبــارك الأم الـحـياة iiلأنـهـا أمـي وحـظّي مـن جـناها iiالعلقم حـرمـاني الـحـرمان إلا أنـني أهــذي بـعاطفة الـحياة iiوأحـلمُ والـمرء إن أشـقاه واقـع iiشـؤمهِ بـالـغبن أسـعده الـخيال iiالـمنعمُ وحـدي أعيش على الهموم iiووحدتي بـالـيأس مـفعَمةٌ وجـوي iiمـفعمُ لـكـنني أهــوى الـهموم لأنـها فِـكـرٌ أفـسر صـمتها iiوأتـرجمُ أهـوى الـحياة بـخيرها iiوبشرها وأحــب أبـناء الـحياة iiوأرحـم وأصـوغ ( فلسفة الجراح ) iiنشائداً يـشدو بـها اللاهي ويُشجى iiالمؤلَمُ أثيم الهوى عبد الله البردوني مـسكين لـقد تقيد بالعفة طويلاً،وفـي هذه المرة جرب خلع iiالقيد،وتذوق طعم الانطلاق، وقد نجحت الـتجربة فماذا جنى من iiورائها،وكـيف عادت عليه مرارة الندم،ومـا قـصته الـنفسية، كل iiهذا الـتساؤل يجيب عنه هذا iiالشعر. جـريح الإبـا صـامت iiلايـعي وفـي صـمته ضـجة iiالأضـلع وفــي صــدره نـدم iiجـائع يـلـوك الـحـنايا ولـم iiيـشبع تــهـدده صـيـحة الـذكـريا ت كـما هدد الشيخ صوت iiالنعي ويـقـذفـه شــبـح iiمـفـزع إلــى شـبح مـوحش iiمـفزع ويـصغي ويـصغي فـلم iiيستمع سـوى هـاتف الإثم في iiالمسمع ولـم يستمع غير صوت iiالضمير يـنـاديه مـن سـره iiالـموجع فـيشكو إلـى مـن؟ ومـا iiحوله سـوى الـليل أو وحشة iiالمخدع كـئـيـب يـخـوفـه ظـلـه فـيـرتاع مــن ظـله الأروع وفـي كـل طـيف يـرى iiذنبه فـمـاذا يـقـول ومـا iiيـدعي فـيـملي عـلـى سـره قـائلاً أنـا مـجرم الـنفس iiوالـمطمع أنـا سـارق الـحب وحدي! iiأنا خـبـيث الـسقا قـذر iiالـمرتع هـوت إصـبعي زهـرة iiحـلوة فـلوثت مـن عـطرها iiإصبعي تـوهـمـتها حـلـوة كـالـحيا ة فـكانت أمـر مـن iiالـمصرع أنـا مـجرم الـحب يا iiصاحبي فــلا تـعتذر لـي فـلم iiتـقنع ولا ، لا تـقل مـعك الـحب iiبل جـريـمته والـخـطايا مـعـي ومـال إلـى الـليل والـليل iiفي نـهـايته وهــو لــم iiيـهجع وقــد آن لـلفجر أن iiيـستفيق ويـنـسل مـن مـبسم iiالـمطلع وكـيف يـنام «أثـيم iiالـهوى» وعـيناه والـسهد فـي iiمـوضع هـنا ضـاق بـالسهد iiوالذكريات وحــن إلــى الـحلم iiالـممتع فـألـقى بـجـثته فـي iiالـفرا ش كـسير الـقوى ذابـل المدمع تـرى هـل يـنام وطيف iiالفجو ر ورائـحة الإثـم في iiالمضجع؟ وفــي قـلـبه نــدم iiيـستقي دمــاه وفـي حـزنه iiيـرتعي وفــي مـقـلتيه دمـوع وفـي حـشـاه نـحـيب بـلا iiأدمـع فـمـاذا يـلاقي ومـاذا يـحس وقـد دفـن الـحب فـي iiالبلقع وعـاد وقـد أودع الـسر iiمـن حـنـاياه فـي شـر iiمـستودع فــمـاذا يـعـاني؟ ألا iiإنــه جـريح الإبـا صـامت iiلايـعي . |
فـاتـحــة
عبد الله البردوني يـاصمت ما أحناك لو iiتستطيع تـلـفني، أو أنـني أسـتطيع لـكن شـيئاً داخـلي iiيـلتظي فـيخفق الـثلج، ويظمى الربيع يـبكي، يـغني، يجتدي iiسامعاً وهو المغنّي والصدى iiوالسميع يـهذي فيجثو الليل في iiأضلعي يـشوي هزيعاً، أو يدميَّ iiهزيع وتـطبخُ الشهبُ رماد iiالضحى وتـطحن الريحُ عشايا iiالصقيع ويـلهث الـصبحُ iiكـمهجورة يـجتاح نـهديها خيالُ iiالضجيع شـيء يـناغي، داخلي iiيشتهي يـزقو، يدوًّي، كالزحام iiالفضيع يـدعو، كـما يـدعو نبي، iiبلا وعـي، وينجر انجرار iiالخليع فـيغتلي خـلف ذبـولي iiفـتى ويـجتدي شيخ، ويبكي iiرضيع يجوع حتى الصيف ينسى الندى مـيعاده، يـهمي شهيق iiالنجيع ويركض الوادي، وتحبو iiالربى ويهرب المرعى، ويعيى iiالقطيع مـاذلك الـحمل الـذي iiيحتسي خفقي، ويعصي ذاهلاً أو iiيطيع يـشدو فـترتد لـيالي iiالـصبا فـجراً عـنيداً، أو أصيلاً iiوديع وتحبل الأطياف تجني(1)الرؤى ويـولد الآتـي ويحيا iiالصريع فـتبتدي الأشـتات في iiأحرفي ولادة فـرحى، وحـملا iiوجيع هذه الحروف الضائعات iiالمدى ضيعت فيها العمر، كي iiلاتضيع ولـست فـيما جـئته iiتـاجراً أُحـسُّ مـا أشـري وماذا iiأبيع الـيـكما يـاقـارئي iiانـهـا، عـلى مـآسيها: عَـذاب iiبديع 18-3-1968م لا تسألي عبدالله البردوني لا تـسألي يـا أخت أين iiمجالي؟ أنا في التراب وفي السماء iiخيالي لا تـسأليني أيـن أغـلالي iiسلي صـمتي وإطراقي عن iiالأغلال؟ أشـواق روحي في السماء iiوإنما قـدماي فـي الأصفاد iiوالأوحال وتـوهمي فـي كـل أفـقٍ iiسابحٌ وأنـا هـنا في الصمت iiكالتمثال أشـكو جـراحاتي إلى ظلي iiكما يـشكو الحزين إلى الخليّ iiالسّالي *** والـليل من حولي يضج iiوينطوي فـي صـمته كـالظالمِ iiالمتعالي يـسري وفـي طـفراته iiووقاره كـسل الـشيوخ وخـفة iiالأطفال وتـخـاله يـنساقُ وهـو iiمـقيدٌ فـتحسه فـي الـدرب iiكالزلزال وأنـا هنا أصغي وأسمع من iiهنا خـفقات أشـباحٍ مـن iiالأهـوال ورؤىً كـألسنةِ الأفـاعي حـوّما ومـخـاوفا كـعـداوة iiالأنـذال وأحـسُ قـدّامي ضـجيج مراقدٍ وتــثـاؤبَ الآبـــادِ iiوالآزال وتـنـهّدا قـلـقا كــأن iiوراءه صـخب الـحياة وضجة iiالأجيال والـطيف يـصغي لـلفراغ iiكأنه لـصٌ يـصيخُ إلى المكان iiالخالي وكـأنه (الأعـشى) يناجي ii(ميّةً) ويـلملم الـذكرى مـن iiالأطلال والـشهب أغـنية يرقرقها iiالدجى فـي أفـقه كـالجدول iiالـسلسال والـوهم يـحدو الذكريات iiكمدلجٍ يـحدو الـقوافل في بساطِ iiرمال والـرعب يهوي مثلما تهوي iiعلى سـاح الـقتال جـماجمُ iiالأبطال *** وهـنا تـرقبت انـهياريَ iiمـثلما يـترقب الـهدم الـجدار iiالـبالي وسألت جرحي هل ينام iiضجيجه؟ وأمـرّ مـن ردّ الجواب iiسؤالي! وأشـدّ مـما خـفت منه iiتخوّفي وأشـقّ من وعر الطريق iiكلالي! وأخسّ من ضعفي غروري بالمنى واليأس يضحك كالعجوز iiحيالي! وأمـضّ من يأسي شعوري iiأنني حــيّ الـشهية مـيّت iiالآمـال أسـري كـقافلة الظنون iiوأجتدي شـبح الـظلام وأهتدي iiبضلالي وأسـير في الدرب الملفّح iiبالدجى وكـأنـني أجـتاز سـاحَ iiقـتال وأتـيه والـحمّى تولول في iiدمي وتـرتل الـرعشات في أوصالي *** لا تسأليني عن مجالي في iiالثرى جسدي وروحي في الفضاء iiالعالي وسـألتها ما الأرض؟ قالت: iiإنها فـلوات أوحـاشٍ وروض iiصلال إن كـنت مـحتالا قطفت iiثمارها أو لا فـإنـك فـرصة iiالـمحتال وأنـا هـنا أشقى وأجهل iiشقوتي وأبـيع فـي سوق الفجور iiجمالي *** والـعمر مـشكلة ونـحن iiنزيدها بـالـحل إشـكالا إلـى iiإشـكال لا حر في الدنيا فذو السلطان iiفي دنـياه عـبد الـمجد iiوالأشـغال والـكادح الـمحروم عـبد iiحنينه فـيها وربّ الـمال عـبد الـمال والـفارغ الـمكسال عـبد iiفراغه والـسفر عـبد الـحل والترحال والـلص عـبد الليل والدّجال iiفي دنـيـاه عـبـد نـفاقه iiالـدّجال لا حـر فـي الـدنيا ولا iiحـريةٌ إن الـتـحرر خـدعة iiالأقـوال الـناس فـي الـدنيا عبيد iiحياتهم أبـدا عـبيد الـموت iiوالآجـال *** وسـألتها: مـا الموت؟ قالت: iiإنه شـطّ الـخِضِمِّ الـهائج iiالصّوّال وسـكونه الحاني مصير iiمصائرٍ وهـدوؤه دعـةٌ وعـمق iiجـلال مـالي أحـاذره وأخـشى iiقـوله وأنــا أجـرّ وراءه iiأذيـالي؟! أنـساق فـي عـمري إليه iiمثلما تـنساق أيّـامي إلـى iiالآصـال *** وسـألتها، فرنت وقالت: لا iiتسل دعـني من المفضول iiوالمفضال! اُسـكت! فليس الموت سوقا عنده عـمر بـلا ثـمنٍ وعمر iiغالي!! ------------------------------ |
[FRAME="11 70"]
نبذه عن الشاعر: عبد الله البردوني ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن) أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م . ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها. وعمل أيضا مسؤولا عن البرامج في الإذاعة اليمنية. أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في إحدى قصائده فكانوا أربعة في واحد حسب تعبيره ، العمى والقيد والجرح يقول : هدني السجن وأدمى القيد ســاقي فتعاييت بجرحي ووثــــــــاقي وأضعت الخطو في شوك الدجى والعمى والقيد والجرح رفاقي في سبيل الفجر مــــــا لاقيت في رحلة التيه وما سوف ألاقـــي سوف يفنى كل قيد وقـــــــــوى كل سفاح وعطر الجرح باقي . له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. . صدرت دراسته الأولى "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" عام 1972. أما دواوينه فهي على التوالي: - من أرض بلقيس 1961 – - في طريق الفجر 1967 – - مدينة الغد 1970 - - لعيني أم بلقيس 1973 - - السفر إلى الأيام الخضر 1974 - - وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 – - زمان بلا نوعية 1979 - - ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983 - - كائنات الشوق الاخر 1986 – - رواء المصابيح 1989 [/FRAME] |
أبو تمام وعروبة اليوم
عبد الله البردوني مـا أصدق السيف! إن لم ينضه iiالكذب وأكـذب السيف إن لم يصدق iiالغضب بـيض الـصفائح أهـدى حين iiتحملها أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها iiالـغلب وأقـبح الـنصر... نصر الأقوياء iiبلا فهم.. سوى فهم كم باعوا... وكم iiكسبوا أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن iiإلى أنـصاف ناس طغوا بالعلم iiواغتصبوا قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا شـيئاً.. كـما أكلوا الإنسان أو iiشربوا مـاذا جـرى... يـا أبا تمام iiتسألني؟ عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما iiالسبب يـدمي الـسؤال حـياءً حـين نـسأله كـيف احتفت بالعدى (حيفا) أو iiالنقب) مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم؟ كلا وأخزى من (الأفشين) مـا iiصلبوا الـيوم عـادت عـلوج (الروم) iiفاتحة ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب iiوالسلب مـاذا فـعلنا؟ غـضبنا كـالرجال iiولم نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم iiوالكتب فـأطفأت شـهب (الـميراج) iiأنـجمنا وشـمسنا... وتـحدى نـارها iiالحطب وقـاتـلت دونـنا الأبـواق iiصـامدة أمـا الـرجال فـماتوا... ثَمّ أو iiهربوا حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا وإن تـصدى لـه الـمستعمر iiانسحبوا هـم يـفرشون لـجيش الغزو iiأعينهم ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن iiيـثبوا الـحاكمون و»واشـنطن« iiحـكومتهم والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا iiغربوا الـقـاتلون نـبوغ الـشعب iiتـرضيةً لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم iiالـقُرَب لـهم شموخ (المثنى) ظـاهراً iiولهم هـوىً إلـى »بـابك الخرمي« ينتسب مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل iiكذبت أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه iiالذهب؟ عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنم على وجـودها اسـم ولا لـون.ولا iiلـقب تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) iiاتـقدوا ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا iiالـشهب قـبل: انتظار قطاف الكرم ما iiانتظروا نـضج الـعناقيد لـكن قـبلها iiالتهبوا والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا iiبلغوا نـضجاً وقـد عصر الزيتون iiوالعنب تـنسى الـرؤوس العوالي نار iiنخوتها إذا امـتـطاها إلـى أسـياده iiالـذئب (حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني نـسر وخـلف ضلوعي يلهث iiالعرب مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا iiأبتي؟ مـليحة عـاشقاها: الـسل iiوالـجرب مـاتت بصندوق »وضـاح«بلا iiثمن ولـم يمت في حشاها العشق iiوالطرب كـانت تـراقب صبح البعث iiفانبعثت فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو iiوترتقب لـكنها رغـم بـخل الغيث ما iiبرحت حبلى وفي بطنها »قحطان« أو »كرب« وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي ii»يمن« ثـان كـحلم الـصبا... ينأى ويقترب »حـبيب« تسأل عن حالي وكيف iiأنا؟ شـبابة فـي شـفاه الـريح iiتـنتحب كـانت بـلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـبب أرعـيت كـل جـديب لـحم iiراحـلة كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكب ورحـت مـن سـفر مضن إلى iiسفر أضـنى لأن طـريق الـراحة iiالتعب لـكن أنـا راحـل فـي غـير ما iiسفر رحلي دمي... وطريقي الجمر iiوالحطب إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى iiفـأنا فـي داخـلي... أمتطي ناري واغترب قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي وحـولي الـعدم الـمنفوخ iiوالـصخب »حـبيب« هـذا صـداك اليوم iiأنشده لـكن لـماذا تـرى وجـهي iiوتكتئب؟ مـاذا؟ أتعجب من شيبي على iiصغري؟ إنـي ولـدت عجوزاً.. كيف iiتعتجب؟ والـيوم أذوي وطـيش الـفن iiيعزفني والأربـعـون عـلى خـدّي iiتـلتهب كـذا إذا ابـيض إيـناع الـحياة على وجـه الأديـب أضـاء الفكر iiوالأدب وأنـت مـن شبت قبل الأربعين iiعلى نـار (الـحماسة) تـجلوها وتـنتخب وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهب شـرّقت غـرّبت من (والٍ) إلى ii(ملك) يـحثك الـفقر... أو يـقتادك iiالـطلب طوفت حتى وصلت (الموصل) iiانطفأت فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أرب لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ iiيـبدأه ولادة مـن صـباها تـرضع iiالـحقب »حـبيب« مـازال فـي عينيك أسئلة تـبدو... وتـنسى حـكاياها فـتنتقب ومـاتـزال بـحـلقي ألـف iiمـبكيةٍ مـن رهبة البوح تستحيي iiوتضطرب يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا iiدمـنا ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلب سـحائب الـغزو تـشوينا iiوتـحجبنا يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا iiالسحب؟ ألا تـرى يـا »أبـا تـمام« iiبـارقنا (إن الـسماء تـرجى حـين iiتحتجب) (إن الـسماء تـرجى حـين iiتحتجب) أمي عبد الله البردوني تـركـتني هـاهنا بـين الـعذاب ومـضت، ياطول حزني iiواكتئابي تـركـتني لـلشقا وحـدي iiهـنا واسـتراحت وحـدها بين iiالتراب حـيـث لاجــور ولا بـغي iiولا ذرة تـنـبي وتـنـبي iiبـالخراب حـيـث لاسـيـف ولا iiقـنـبلة حـيث لاحـرب ولا لـمع iiحراب حـيـث لاقـيـد ولا سـوط ولا ظـالم يـطغى ومـظلوم يـحابي خـلـفتني أذكـر الـصفو iiكـما يـذكر الـشيخ خـيالات الـشباب ونــأت عـني وشـوقي حـولها يـنشد الماضي وبي-أواه- ما iiبي ودعـاهـا حـاصد الـعمر iiإلـى حـيث أدعـوها فتعيا عن iiجوابي حـيـث أدعـوها فـلا iiيـسمعني غـير صـمت القبر والقفر iiاليباب مـوتـها كــان مـصابي iiكـله وحـياتي بـعدها فـوق iiمـصابي أيـن مـني ظـلها الـحاني iiوقـد ذهـبت عـني إلـى غـير iiإياب سـحبت أيـامها الـجرحى iiعـلى لـفحة الـبيد وأشـواك الـهضاب ومـضت فـي طـرق العمر iiفمن مـسلك صـعب إلـى دنيا iiصعاب وانـتهت حـيث انتهى الشوط iiبها فـاطمأنت تـحت أسـتار iiالغياب آه "يـا أمـي" وأشـواك iiالأسـى تـلهب الأوجـاع في قلبي المذاب فـيك ودعـت شـبابي iiوالـصبا وانـطوت خلفي حلاوات iiالتصابي كـيـف أنـساك وذكـراك iiعـلى سـفر آيـاتي كـتاب فـي iiكتاب إن ذكــراك ورائــي iiوعـلى وجـهتي حـيث مـجيئي iiوذهابي كــم تـذكـرت يـديك iiوهـما فـي يـدي أو في طعامي iiوشرابي كــان يـضـنيك نـحولي iiوإذا مـسـني الـبرد فـزنداك iiثـيابي وإذا أبـكـاني الـجـوع iiولــم تـملكي شـيئاً سوى الوعد iiالكذاب هـدهـدت كـفاك رأسـي مـثلما هـدهد الـفجر ريـاحين الروابي كـم هـدتني يـدك الـسمرا iiإلى حقلنا في(الغول) في (قاع iiالرحاب) وإلـى الـوادي إلـى الـظل إلى حـيث يلقى الروض أنفاس الملاب وسـواقـي الـنهر تـلقي iiلـحنها ذائـباً كـاللطف فـي حلو iiالعتاب كــم تـمـنينا وكــم iiدلـلتني تحت صمت الليل والشهب الحوابي كــم بـكت عـيناك لـما iiرأتـا بـصري يطفا ويطوى في iiالحجاب وتـذكـرت مـصيري والـجوى بـين جـنبيك جـراح في التهاب هـا أنـا يـا أمـي الـيوم iiفـتى طـائر الـصيت بعيد في iiالشهاب أمــلأ الـتاريخ لـحناً iiوصـدى وتـغني فـي ربـا الـخلد ربابي فـاسمعي يـا أم صوتي وارقصي مـن وراء الـقبر كالحور iiالكعاب هــا أنـا يـا أم أرثـيك iiوفـي شـجو هذا الشعر شجوي iiوانتحابي يقظة الصحراء عبد الله البردوني ألـقى الـشاعر هـذه iiالـقصيدة فـي حـفل حـافل بـدار iiالعلوم مـمـثـلاً لــهـا iiبـمـناسبة ذكرى المولد النبوي سنة 1376هـ ************************. حـي مـيلاد الـهدى عاماً فعاما وامـلأ الـدنيا نـشيداً iiمـستهاما وامـض يا شعر إلى الماضي إلى مـلتقى الوحي وذب فيه iiاحتراما واحـمل الذكرى من الماضي iiكما يـحمل الـقلب أمـانيه iiالجساما هـات ردد ذكـريات الـنور iiفي فـنك الأسـمى ولـقنها iiالـدواما ذكـريات تـبعث الـمجد iiكـما يـبعث الحسن إلى القلب iiالغراما فـارتعش يـا وتـر الشعر iiوذب فـي كـؤوس الـعبقريات iiمداما وتـنقل حـول مـهد iiالمصطفى وانـشد الـمجد أغـانيك iiالرِّخاما زفـت الـبشرى مـعانيه iiكـما زفـت الأنـسام أنـفاس iiالخزاما وتـجـلى يـوم مـيلاد iiالـهدى يـملأ الـتاريخ آيـات iiعـظاما واسـتفاضت يقظة الصحرا iiعلى هـجعة الأكـوان بـعثاً iiوقـياما وجـلا لـلأرض أسـرار iiالسما وتـراءى فـي فم الكون iiابتساما جــل يــوم بـعـث الله بـه أحمداً يمحو عن الأرض iiالظلاما ورأى الـدنيا خـصاماً iiفاصطفى أحـمداً يـفني من الدنيا iiالخصاما «مـرسل» قـد صـاغه iiخـالقه مـن مـعاني الرسل بدءاً iiوختاما قـد سعى - والطرق نار ودم ii- يـعبر الـسهل ويـجتاز iiالأكاما وتـحدى بـالهدى جـهد iiالـعدا وانـتضى للصارم الباغي حساما نـزل الأرض فـأضحت iiجـنة وسـماءً تـحمل الـبدر iiالـتماما وأتــى الـدنيا فـقيراً iiفـأتت نـحوه الـدنيا وأعـطته iiالزماما ويـتـيـماً فـتـبنته iiالـسـما وتـبنى عـطفه كـل iiالـيتامى ورعـى الأغـنام بـالعدل iiإلـى أن رعـى في مرتع الحق الأناما بــدوي مـدّن الـصحرا iiكـما عـلم الـناس إلى الحشر iiالنظاما وقـضـى عـدلاً وأعـلى iiمـلة تـرشد الأعمى وتعمي من iiتعامى نـشرت عدل التساوي في iiالورى فـعلا الإنـسان فـيها iiوتـسامى يـا رسـول الحق خلدت iiالهدى وتـركت الـظلم والـبغي حطاما قـم تـجد في الكون ظلماً iiمحدثاً قـتل الـعدل وبـاسم العدل قاما وقـوى تـختطف الـعزل iiكـما يـخطف الصقر من الجو iiالحماما أمـطر الغربُ على الشرق الشقا وبـدعوى الـسلم أسـقاه iiالحماما فـمـعاني الـسلم فـي iiألـفاظه حـيل تـبتكر الـموت iiالـزؤاما يـا رسـول الـوحدة الكبرى ويا ثـورة وسـدت الـظلم iiالرغاما خـذ مـن الأعماق ذكرى iiشاعر وتـقـبلها صــلاة iiوسـلامـا الشمس عبد الله البردوني أطـلت مـن الأفق بنت iiالسماء مـغـلفة بـالـشعاع iiالـنـدي ووشـت بـساط الـفضا iiبالسنا وباللهب الـبـادر iiالـعسجدي وبـالوهج الـدافيء iiالـمشتهي وبـالمنظر الـسحري iiالأجـود فـجنت بـها نـشوات الـصبا وفـاضت بصدر الضحا iiالأمرد وأهـدت سـناها السماوي iiإلى رؤوس الـربا والـثرى iiالأوهد إلـى الطود والسهل iiوالمنحنى إلـى الـماء والـطين iiوالجلمد إلـى الكوخ والقصر مهد iiالغنى إلـى الـسوق والسجن iiوالمعبد ووزعـت الـنور في iiالعالمين وجـادت عـلى الـعبد والسيد عـلى الـمترفين على iiالبائسين عـلى المجتدى وعلى المجتدي وأدت رسـالـتـها iiحـــرة إلـى أقـرب الـكون والأبـعد جرى عدل بنت السما في الوجو د حـفـياً بـجـيده iiوالـردي وأنـفـقت الـنور أم iiالـضحا فـزادت ثـراءً إلـى iiسـؤدد وأربـت جـمالاً وزادت iiسـناً ونـوراً إلـى نورها iiالسرمدي وطـالت حـياة فـما iiتـنتهي مـن الـعمر إلاّ لـكي iiتـبتدي وأعـطت فـدام سـنا iiمـلكها جـديد الـصبى دائـم iiالـمولد ومــا زادهـا كـثر إنـفاقها سـوى الـترف الأكـثر الأخلد لـقـد ضــرب الله iiأمـثاله ومــن يـضلل الله iiلايـهتدي |
يمني في بلاد الآخرين
عبد الله البردوني مـن أيـن أنا؟ من iiيدري أولـيست لـي iiجـنسيه؟ نـسـبي رايـات iiحـمر وفـتـوحـات iiذهـبـيه فـلـمـاذا iiتـسـتغربني هـذي الـزمر iiالـخشبيه يـا إخـواني أصـلي iiمن صـنعاء أمـي: ii(دبـعيه) صـنعاوي ... iiحـجري! ما صنعاء ... ما الحجريه؟ مـن أيـن أنـا؟ تشويني بـتـغـابيها iiالـسـخريه عـربـي iiلاتـعـرفني... حـتـى الـدنيا iiالـعربيه وأبـي -قـالوا- iiيـمني أمــي -قـالوا- iiيـمنيه لـكـن أنـستني iiلـوني وفـمي... أيـدي iiالهمجيه سـنوات جـوعى iiعطشى وقــيـادات iiتـبـعـيه وغـرابـات لا iiتــروى وغــرابـات iiمـرويـه يـا ريـح... بلادي iiخلفي ومـعـي مـثلي مـنسيه حـتى أرضـي يا iiأرضي كـأهـالـيها iiمـنـفيه!! وطـني أسـفار تـمضي وتـعـود بــلا iiأمـنيه تـشـريد لا بــدء iiلـه ومـسـافـات iiوحـشـيه حـراس حـدود iiيـقظى وتـقـانـين iiوثـنـيـه مــدن لا أسـماع iiلـها وزحــامـات iiعـدمـيه أســواق كـبرى iiأدنـى مــا فـيـهن الـبشريه وبـدائـيـات iiغـرقـى فـي الأقـنعة الـعصريه وعـلى رغـمي iiأستجدي كـل الأيـدي iiالـحجريه وبــلاد بـلادي iiمـنفى ومـتـاهـات iiأبــديـه مـن أيـن أنا؟.. iiمجهول جـــوال دون iiهـويـه وبــلا وطــنٍ iiلـكني مــوهـوم iiبـالـوطنيه أكــتــوبـر ii1972م أنسى أن أموت عبد الله البردوني تـمتصني أمـواج هـذا الـليل في شرهٍ iiصَموت وتـعيد مـا بـدأت.. وتنوي أن تفوت ولا iiتفوت فـتثير أوجـاعي وتـرغمني على وجع السكوت وتـقول لـي: مت أيها الذاوي... فأنسى أن أموت لـكن فـي صدري دجى الموتى وأحزان iiالبيوت ونـشيج أيـتامٍ ... بـلا مأوى... بلا ماء iiوقوت وكـآبة الـغيم الـشتائي وارتـجاف iiالـعنكبوت وأسـى بـلا اسـم.. واختناقات بلا اسم أو iiنعوت مـن ذا هنا؟ غير ازدحام الطين يهمس أو iiيصوت غير الفراغ المنحني.. يذوي .. يصر على iiالثبوت وتـعبّهُ الآحـاد والـجمعُ الـعوانسُ iiوالـسبوت ودم الـخُطى والأعـين الـملأى بأشلاء iiالكبوت من ذا هنا؟ غير الأسامي الصفر تصرخ في خفوت غـير انـهيار الآدمـية... وارتـفاع (البنكنوت) وحـدي ألوك صدى الرياح وأرتدي عري الخبوت الــقـاهـرة ii1971م. اليوم الجنين عبد الله البردوني عـلى الدرب iiوالمرتع يـجـود، iiولايـدعي يـوشي غناء iiالحقول وأنـشـودة iiالـمصنع ويـعطي حـياة.. بلا نـيـوب iiولامـصرع يـشد أبض iiالخصور إلـى أعـطش iiالأذرع ويسخو سخاء المصيف عـلي الطير iiوالضفدع عـلى السفح والمنحنى عـلى السهل iiوالأرفع أتـشـتـم iiأنـفـاسه طـيوف الربى الهجع هـنـاك رؤى iiمـهده نـبـيـذية iiالـمـنبع حـمام مـن iiالأغنيات عـلى جـدول iiممرع مــرايـا iiهـوائـية سـرابـية iiالـمـخدع وغـيب وراء iiالـقناع ووعــد بـلا بـرقع هـناك انـتظار iiيحس خـطاه وحـلم iiيـعي ودفءٌ صـريع iiيحن إلـى لـمسه iiالـمبدع وواد يـصـيخ iiإلـى تـبـاشيره iiالـلـمع فـأحـلم أن iiالـجنين ولـيد بـلا iiمـرضع فـألوي زنـود iiالحنان عـلى خـصره iiالطيع ويـحبو على iiساعدي فـأرضـعه iiأدمـعي ويـنأى، فترنو iiالكوى يـفتشن عـنه مـعي ويـرتد، حـلم iiمضى ويـمضي، بلا iiمرجع وتـحتشد iiالأمـسيات عـلى الـعامر iiالبلقع فـأرجوه أن iiيـشرئب إلـى شـرفة iiالمطلع أمــد لــه iiسـلماً إلى النور من iiأضلعي وأشــدو iiلـمـيلاده ويـصغي بـلا iiمسمع فـأبكيه فـي iiمـقطع وألـقاه فـي iiمـقطع مـــايــو1965م من منفى إلى منفى عبد الله البردوني بـلادي مـن يَدَي iiطاغٍ إلـى أطـغى إلى iiأجفى ومـن سـجن إلى iiسجن ومـن مـنفى إلى منفى ومــن مـستعمر iiبـادٍ إلـى مـستعمر أخـفى ومن وحش إلى iiوحشين وهـي الـناقة iiالـعجفا بلادي في كهوف الموت لاتـفـنى ولا iiتُـشـفى تـنقر في القبور الخرس عـن مـيلادها iiالأصفى وعـن وعـد iiربـيعي وراء عـيـونها iiأغـفى عـن الـحلم الذي iiيأتي عن الطيف الذي استخفى فتمضي من دجى iiضاف إلى أدجى... إلى iiأضفى بـلادي فـي ديار iiالغير أو فـي دارهـا iiلـهفى وحـتى فـي iiأراضـيها تـقاسي غـربة iiالمنفى نـوفـمـبـر ii1971م / |
بلاد في المنفى
عبد الله البردوني لأن بــلادي iiالـحبيبه فـي مـرتباها iiغـريبه لأنـهـا وهـي مـلأى بالخصب... غير خصيبه لأنـهـا وهـي حـبلى بـالري عـطشى iiجديبه جـاعت ومـدت iiيـديها إلـى الأكـف الـمريبه ثـم ارتـمت iiكـعجوز مـن قـبل بـدء الشبيبه تـنسى الـمصير iiويأتي مـصيرها فـي iiحـقيبه لأن دار iiأبــيــهــا لـهـا مـناف iiرهـيبه ذات يوم عبد الله البردوني فــي سـبـتمبر 1962م ii: أفـقنا على فجر يوم صبي ii فـيا ضحوات المنى iiإطربي أتدرين يا شمس ماذا iiجرى؟ سـلبنا الدجى فجرنا iiالمختبي وكـان النعاس على مقلتيك ii يـوسوس كـالطائر الأزغب ومـاذا سؤال على حاجبيك ii تـزنبق فـي همسك المذهب وسرنا حشودا تطير الدروب ii بـأفواج مـيلادنا iiالأنـجب وشعبا يدوي : هي المعجزات مـهودي وسيف المثنى iiأبي غربت زمانا غروب النهار ii وعدت يقود الضحى iiموكبي أضأنا المدى قبل أن iiتستشف رؤى الـفجر أخيلة iiالكوكب فـولى زمان كعرض البغي وأشـرق عـهد كقلب iiالنبي طلعنا ندلي الضحى ذات iiيوم ونهتف : يا شمس لا iiتغربي / من رحلة الطاحونة إلى الميلاد الثاني عبد الله البردوني من الفجر حتى الفجر ننجر iiكالرحى إلى أين يا مسرى ومن أين يا iiضحى أضـعنا بـلا قـصد طريقا iiأضاعنا ولاح لـنـا درب بـدأناه iiفـانمحى وشـوشـنا تـلويح بـرق iiأهـاجنا وولـى ولا نـدري إلـى أين iiلوحا وقـلنا كـما قـال المجدون من iiغفا عـن الـفوز لم يظفر ومن جد iiأفلحا إذا لـم نـجد في أول الشوط iiراحة فـسوف نـلاقي آخر الشوط iiأروحا ورحـنا نـسقي الرمل أمواه iiعمرنا فـيظمى ويـرويه إلـى أن تـرنحا سرينا وسرنا نطحن الشوك والحصى ونـحسو ونـقتات الـغبار iiالمجرحا ومـن حولنا الأطلال تستنفر iiالدجى وترخي على الأشباح غابا من iiاللحى هـنا أو هـنا يا زحف نرتاح iiساعة تـعـبنا وأتـعبنا الـمدار الـمسلحا كـطاحونة نـمضي ونأتي كمنحنى ii يـشد إلـى رجـليه تـلا iiمـجنحا فـيا ذكـريات الـتيه من جر قبلنا ii خـطاه وأمـسى مثلنا حيث iiاصبحا ركـضنا إلـى الـميلاد قرنا وليلة ولـدنا فـكان الـمهد قـبرا iiتـفتحا ومـتنا كـما يـبدو رجـعنا أجنة ii لـنـختار مـيلادا أشـق iiوأنـجحا لص في منزل شاعر عبد الله البردوني شـكراً ، دخلتَ بلا إثارة ، وبلا طُفُورٍ ، أو غراره لـما أغـرتَ خنقتَ في رجليكَ ضوضاءَ iiالإغاره لـم تسلبِ الطينَ السكونَ ، ولم ترعْ نومَ iiالحجاره كالطيفِ جئتَ بلا خُطى ، وبلا صدى ، وبلا إشاره أرأيـتَ هـذا الـبيتَ قـزماً ، لا يـكلفكَ iiالمهاره فـأتيته ، تـرجو الـغنائم ، وهو أعرى من مغاره * * ii* مـاذا وجـدت سـوى الـفراغ ، وهرّة تَشْتَمُّ iiفاره ولهاث صعلوك الحروف ، يصوغ من دمه iiالعباره يُـطفي الـتوقّدَ بـاللظى ، ينسى المرارةَ iiبالمراره لـم يبقَ في كُوبِ الأسى شيئاً ، حَسَاهُ إلى iiالقراره * * ii* مـاذا ؟ أتلقى عند صعلوكِ البيوت ، غِنى iiالإماره يـا لـصُّ عفواً ، إن رجعتَ بدون ربحٍ أو iiخساره لـم تـلقَ إلاّ خـيبة ، ونـسيت صندوقَ iiالسجاره شـكراً ، أتـنوي أن تُـشرفنا ، بـتكرارِ الزياره t/ |
نار وقلب
عبدالله البردوني يا ابنة الحسن والجمال iiالمدللْ أنت أحلى من الجمال iiوأجملْ وكأن الحياة فيك iiابتسام وكأن الخلود فيك iiممثل كل حرف من لفظك الحلو iiفردو س ندي وسلسبيل iiمسلسل كلما قلت رف من فمك iiالفج روغنى الربيع بالعطر iiواخضل أنت فجر معطر iiوربيع وأنا البلبل الكئيب iiالمبلبل أنت في كل نابض من iiعروقي وترٌ عاشق ولحنٌ iiمرتل كلما استنطَقَتْ معانيك iiشعري أرعد القلب بالنشيد iiوجلجل وانتزفْتُ اللحون من غور iiأغوا ري كأني أذوب من كل iiمفصل وأغنيك والصبابات حولي زمر تحتسي قصيدي iiوتنهل وأناجي هواك في معرض iiالأو هام في شاطئ الظلام iiالمسربل وفؤادي يحنّ في صدريَ iiالدا مي كما حن في القيود iiالمكبل وهواك الغضوب نار بلا iiنا ر وقلبي هو اللهيب iiالمذلل أنت دنيا الجمال نمنمها iiالسحر فأغرى بها الجمال وأذهل فتنة أي فتنة هز قيثا ري صباها ففاض بالسحر وانهل تسكر الكأس حين تسكرها iiالكأ س وتسقي الرحيق أحلى iiوأفضل وفتون يهز شعري كما iiهزَّ النسيم البليل زهراً iiمبلل وألاقيك في ضميري كما iiلا قى الفم المستهام أشهى iiمقبل في دمي من هواك حمى iiالبراك ين العواتي وألف دنيا تزلزل وبقلبي إليك ألف iiعتاب وحوار وحين ألقاك iiأخجل أنا أهواك للجمال وللإل هام للفن للحوار iiالمعسل والغرامُ الطهورُ أزكى معاني iiال حب أسمى ما في الوجود iiوأنبل فانفحيني تحيّةً iiوتَلَقَّيْ نغماً من جوانح الحب مرسل ---------------------------- مدرسة الحياة عبدالله البردوني ماذا يريد المرء ما iiيشفيه يحسو روا الدنيا ولا iiيرويه ويسير في نور الحياة iiوقلبه ينساب بين ضلاله iiوالتيه والمرء لا تشقيه إلا iiنفسه حاشى الحياة بأنها iiتشقيه ما أجهل الإنسان يضني iiبعضه بعضا ويشكو كل ما iiيضنيه ويظن أن عدوه في iiغيره وعدوه يضحي ويمسي iiفيه غر ويدمي قلبه من iiقلبه ويقول: إن غرامه iiيدميه غر وكم يسعى ليروي قلبه بهنا الحياة وسعيه iiيظميه يرمي به الحزن المرير إلى الهنا حتى يعود هناؤه iiيزريه ولكم يسيء المرء ما قد iiسره قبلا ويضحكه الذي iiيبكيه ما أبلغ الدنيا و أبلغ iiدرسها وأجلّها وأجلّ ما iiتلقيه ومن الحياة مدارس iiوملاعب أي الفنون يريد أن تحويه بعض النفوس من الأنام iiبهائم لبست جلود الناس iiللتمويه كم آدميّ لا يعد من iiالورى إلا بشكل الجسم iiوالتشبيه يصبو فيحتسب الحياة iiصبية وشعوره الطفل الذي iiيصبيه *** قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى ما قيمة الإنسان ما iiيعليه واسمع تحدثك الحياة فإنها أستاذة التأديب iiوالتفقيه وانصت فمدرسة الحياة iiبليغة تملي الدروس وجُلّ ما iiتمليه سلها وإن صمتت فصمت iiجلالها أجلى من التصريح iiوالتنويه --------------------------- خير ما في القلوب عبد الله البردوني أقـولُ مـاذا يا ضُحَى يا غُرُوب؟ في القلبِ شَوْقٌ غيرُ ما في iiالقُلُوب في القلب غيرُ البُغْضِ، غيرُ iiالهوى فـكيف أحـكِي يا ضجيجَ iiالدروب ويــا ثـيـاباً مـاشـياتٍ عـلى مَـشَـاجِبٍ تَـفتَرُّ فـيها iiالـنُّدوب ويا رصيفاً يحفرُ الصبرُ في iiلَوْحَيْهِ تـواريـخَ الأســى iiوالـشُّحوب ويـا قُـصُوراً يـرتديها iiالـخَنَى وتـرتدي وجـهَ الـنبيِّ iiالـكذوب ويــا جُـذوعـاً لا يُـنادي iiبـها إلاّ ثُـقُـوبٌ طَـالـباتٍ iiثُـقُـوب يـا بـاعةَ الـتجميلِ هذي iiالحُلَى تَـهْدِي إلـى مـا تحتِها من عُيوب * * ii* أقـولُ مـاذا يـا نَـسِيمَ iiالـصَّبَا أقـولُ مـاذا يـا ريـاحَ iiالجَنوب الـحرفُ يَـحسو قَـيئَهُ فـي iiفَمِي والصمتُ أقسى من حسابِ iiالذُّنوب وهــذه الأحــلامُ تُـغْوِي iiكـما تُـراوغُ الأعـمى عـجوزٌ iiلَعُوب فـعَـلِّمِيني الـحَرْقَ يـا iiكَـهْرُبَا أو عَـلِّمِيني يـا ريـاحَ iiالـهُبوب أو مُـدَّ لـي يـا بَـرْقُ أفقاً iiسوى هـذا وبـحراً غير ذاك iiالغَضُوب أو حـاولي يـا سُـحْبُ أن iiتُطفئي قـلبي عَـسَى عَـنْ قلبِهِ أنْ iiيَتُوب * * ii* مـن أغـسقَ الأيـامَ يـا ريحُ هل تـدري الـثريا أيَّ مَسْرَىً iiتَجُوب كُــلُّ الـمَـدَى أيْــدٍ ذُبـابـيةٌ صـفـائحٌ مَـكْـسُوَّةٌ iiبـالقُطُوب حـوائـطٌ تَـغدو وتَـسري iiكـما تـأتي عـلى ريحِ الجفافِ السُّهوب وقُــبُّـراتٌ حُــوَّمٌ iiتَـجـتبي سـنابلاً يَـحْوِينَ غـيرَ iiالـحُبوب يـا كُـلَّ مِـنْقارٍ تَـنَاسى iiالطَّوى لا تُـزْعجِ القَحْطَ الأَكُولَ iiالشَّروب * * ii* أقـول ماذا علّ قلبَ الثرى iiأظمى إلـى غـيرِ الـسحابِ iiالـسَّكوب هل في الربى يا شمسُ غيرُ iiالربى هـل لـلكُوَى معنىً خَبِيءُ الجيوب والـسفحُ هـل فـيهِ سـواهُ iiوهل في الورد غير اللون غير iiالطيوب والـشمسُ هـل فـي طَيِّها iiغيرُها سـترحلُ الأولـى وأخرى iiتَؤوب يا شمسُ هل يدري الدُّجى والضُّحَى مَـنْ عـلَّمَ الـمنشودَ فَنَّ iiالهروب كـــلٌّ لــهُ مـأسـاتُهُ لا iiأرى فَـرْقَاً ولـكنَّ الـمآسي ضُـرُوب هـل يَـسْمعِ الإسـفلتُ iiأوجـاعَهُ أو هـل يَـرَى سِرَّ الزحامِ الدؤوب وهل يحس المُرْسِدِيس الذي iiيُزْجِي لأَضْـنَى الـلحم أقـوى الـنيوب هــل لـلمواني أمـنياتٌ تَـرَى تـلك الـوجوه الـباديات iiاللغوب هـل تـنطوي الشطآن تسعى iiإلى مـراكبِ الـعانين وقـتَ iiالركوب لـكـلِّ طَــافٍ بَـاطِنٌ iiرَاسِـبٌ سـيرسب الطافي ويطفو iiالرسوب * * ii* يــا كُــلَّ آتٍ مـا أَتَـى مَـرّةً خُـذْني وأرضِـعني جديدَ iiالوثوب وأحـفـرْ طـريقاً مـا رآه iiالـذي عـن كُـلِّ مَـدْعُوٍّ وداعٍ iiيَـنوب فـي الـقلبِ شـيءٌ مـا لهُ iiسابقٌ وفـيهِ أخـفى مـن نوايا iiالغيوب فـيه أمـانٍ غـيرُ كُـلّ ا iiلـمُنَى فـيه شُـعُوبٌ غير هذي iiالشُّعُوب لِـمْ لاَ يـذوب الـقلبُ مـما iiبـهِ كـم ذابَ لـكنْ فـيه ما لا iiيَذُوب رَصَـاصَـةٌ تُـعْـنَى iiبـإسـكاتِهِ مـا أسـكتتْ ما فيه حَتَّى iiالحُروب يَـهْـتَـزُّ لـلـنيرانِ iiتَـجْـتاحه مُــرَدِّداً : كُـلَّ كَـريمٍ iiطَـرُوب |
اعتيادان
عبد الله البردوني حـان لي أن أطيق عنك iiابتعادا والـتـهابي سـيستحيل iiرمـادا وتـجـيئين تـسـألين iiكـلهفى عـن غـيابي، وتدعين iiالسهادا وتـقولين: أيـن أنـت؟ أتنسى؟ وتـعـيدين لـي زمـاناً iiمـبادا أومـا كـنتُ أغـتلي iiوأرجـي قـطـرات، فـتـبذلين اتـقادا؟ تزرعين الوعود في جدب عمري وتـدسين فـي الـبذور iiالجرادا كـان لابـد أن أقـول: iiوداعـاً وبـرغمي لا أسـتطيع ارتـدادا غـيـر أنـي أود أن لا تـظني إنـني خـنت أو أسـأت اعتقادا ربـمـا تـزعمين أن iiابـتعادي عـنك أدنى (رضية) أو ii(سعادا) أو تـقولين: إن جـوع iiاحتراقي عـند أخرى لاقى جنى iiوابترادا أطـمئني... لـدي غير iiالتسلي مـا أعـادي مـن أجله iiوأعادى قـد أنـادي نـداء (قيسٍ) iiولكن كـل (قيس) وكل (لبنى) iiالمنادى لـي نصيبي من التفاهات، iiلكن لـن تريني... أريد منها iiازديادا لـم أكـن (شهريار) لكن iiتمادت عـشرة صورتك لي ii(شهرزادا) كـان حـبي لـك اعتياداً iiوإلفاً وسـأنـساك إلـفـة واعـتيادا مـــــــــارس 1970م حماقةوسلام عبد الله البردوني 11/10/1968 مـاذا تـرى ؟ وهنا يريد ، وطاقة تمتص iiطاقة وإفـاقة كـالسكر 00 أو سـكرا أمر من iiالإفاقة جـيلا يوثق بين مصرعه ، ومحياه 00 iiالعلاقة ويريق آلاف الكؤوس ، أسى على الكأس المراقة تـشتد فـيه قوى الفتى ، وتميع في دمه الرشاقة جـيل الـتحرر والهوى ، عبد التفاهة iiوالأناقة في المساء عبد الله البردوني أمـشـفقٌ حـولـي ولا iiإشـفاق إلا الـمـنى والـكوخ iiوالإخـفاقُ الـبردُ والـكوخُ الـمسجى iiوالهوا حـولي وقـلبي والـجراح iiرفاقُ وهنا الدجى يسطو على كوخي كما يـسطو على المستضعف iiالعملاق فلمن هنا أصغي ؟ وكيف ؟ وما هنا إلا أنـا ، والـصمت ، iiوالإطراق أغـفى الـوجود ونام سُمارُ iiالدجى إلا أنــا والـشـعرُ iiوالأشـواقُ وحدي هنا في الليل ترتجف iiالمنى حـولي ويـرتعش الجوى iiالخفاقُ وهـنا وراء الـكوخ بستان iiذوتْ أغـصـانـه وتـهـاوت الأوراق فـكـأنه نـعشٌ يـموج iiبـصمته حـلم الـقبور ويـعصف iiالإزهاق نـسي الـربيع مـكانه iiوتشاغلت عـنه الـحياة وأجـفل iiالإشـراق عُـريان يـلتحف الـسكينة iiوالدجا وتـئن تـحت جـذوعه iiالأعراق والـليل يـرتجل الـهموم iiفتشتكي فـيه الـجراح وتـصرخ iiالأعماق والـذكريات تـكر فـيه وتـنثني ويـتـيه فـيه الـحب iiوالـعشاق تـتغازل الأشـواق فـيه iiوتـلتقي ويـظم أعـطاف الـغرام عِـناقُ والـناس تـحت الـليل : هذا iiليلهُ وصــلٌ وهـذا لـوعةٌ iiوفـراق والـحب مـثل العيش : هذا iiعيشهُ تـرفٌ وهـذا الـجوع iiوالإمـلاقُ فـي الـناس من أرزاقه الآلاف iiأو أعـلـى وقــومٌ مـالهم iiأرزاقُ بلاد في المنفى عبد الله البردوني لأن بــلادي iiالـحبيبه فـي مـرتباها iiغـريبه لأنـهـا وهـي مـلأى بالخصب... غير خصيبه لأنـهـا وهـي حـبلى بـالري عـطشى iiجديبه جـاعت ومـدت iiيـديها إلـى الأكـف الـمريبه ثـم ارتـمت iiكـعجوز مـن قـبل بـدء الشبيبه تـنسى الـمصير iiويأتي مـصيرها فـي iiحـقيبه لأن دار iiأبــيــهــا لـهـا مـناف iiرهـيبه |
عبد الله البردوني شاعر لا يكف عن السؤال
كتب - هشام اليتيم احتفت مجلة الكويت الثقافية الشهرية في الأول من شهر سبتمبر عام 2002 بالشاعر اليمني عبدالله البردوني‚ وتنوعت موضوعاتها الأخرى ما بين ثقافة وعلوم وفن ولقاءات واستطلاعات‚ وفي المجلة التي تصدر في الكويت بعددها 227 ــ ملف كامل عن شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني‚ يضيء فلكه الشعري‚ شارك في اعداده نخبة من النقاد والشعراء منهم د‚ عز الدين اسماعيل‚ د‚ عبدالعزيز المقالح‚ د‚ سالم عباس‚ شوقي بغدادي‚ د‚ وهب رومية‚ د‚ وليد مشوح‚ د‚فايز الداية ومحمد جمال باروت وآخرون‚ هنا قراءة في شخصية البردوني عبر الملف الذي وضع حوله في مجلة الكويت: البردوني شاعر اليمن وشاعر منتم الى كوكبة من الشعراء الذين مثلت رؤاهم الجمالية حبل خلاص لا لشعوبهم فقط بل لأمتهم أيضا‚ عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ وبدأب المثقف الجذري الذي ربط مصيره الشخصي بمستقبل الوطن‚ فأحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا ن يعلمه أحد كيف يحب‚ لم يكن يرى الوجوه فلا يعرف إذا غضب منه الغاضبون‚ لذلك كانوا يتميزون في حضرته غيظا وهو يرشقهم بعباراته الساخرة‚ لسان حاله يقول: كيف لأحد أن يفهم حبا من نوع خاص حب من لم ير لمن لا يرى‚ والبردوني المولود في قرية البردون شرق مدينة ذمار سنة 1928م فقد بصره في الخامسة من عمره‚ هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل‚ هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء‚ لا يكف عن السؤال حتى سُمي شاعر الاسئلة: وأنا في عزلتي السودا وفي قلبي الدامي قلوب الأمم قلق اليقظة مذعور الكرى ذاهل الفكر شريد الحلم كلما ساءلت نفسي من أنا صمتت عني صموت الصنم وهو إذ يُقحم نفسه في هموم الناس ومعاناتهم ينفرد مع نفسه بهمه العظيم يكاد لا يسمع أنينه أحد‚ لكنه كلما وجد فرصة ليقف مع اليمني الفقير القانع بحياته تقدم دون تردد ودافع عنه: وأنا أكدى الورى عيشا على أنني أبكي لبلوى كل مَكْد حين يشقى الناس أشقى معهم وأنا أشقى كما يشقون وحدي من هذا الحب حيث تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب: يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن جنوبيون في صنعا شماليون في عدن خطى اكتوبر انقلبت حزيرانية الكفن فمن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني للبردوني أعمال أدبية متنوعة‚ ديوانه الأول صدر سنة 1961م في القاهرة بعنوان من أرض بلقيس ثم أصدر بعده في طريق الفجر‚ مدينة الغد وزمان بلا نوعية وتقلد الشاعر اوسمة كثيرة كوسام الأدب والفنون في عدن وحصل على جوائز أدبية رفيعة كجائزة مهرجان أبي تمام بالموصل في العراق وجائزة شوقي وحافظ في القاهرة‚ وفي عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ وترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية‚ البردوني موسيقار عاشق في أشعاره‚ لحن قصيدته العمودية على ايقاعات البحور المشهورة كالبسيط والخفيف والرمل والمتقارب والكامل والطويل والسريع والمتدارك وبعض المجزوءات‚ وأدخل الموسيقى الى شعره عن طريق الحوار‚ والسؤال حيث يتوارى صوت الأنا المفرد ويظهر الصوت والصوت الآخر فيعلو الجرس الدرامي ويخفق الحس الغنائي ويتم التعبير بالحوار والمقابلة عما كان سيقرر ويطرح دونجدال يرفعه هو الى درجة تسمح للقارىء الفضولي بالتجسس على الشعر في حس سريالي مبكر ــ مبتكر ــ يتجنب المباشرة في الخطاب مع المتلقي‚ كما شاع في شعره التكرار المتعلق بصوت القافية او الحروف المتشابهة او اسلوب رد الاعجاز على الصدور فوصل الى موسيقى الكلمة الداخلية قبل السعي الى الموسيقى الظاهرة والخارجية كما في قصيدته الفاتح الأعزل التي يفتتحها بقوله: ساه ‚‚ في مقعده المهمل كسؤال ينسى أن يُسأل ويختتمها بقوله: فيعود يشكل ما ألغى أو يمضي يمحو ما شكل وينطبق على موسيقاه وصف الدكتور سالم عباس خداده على انها نهر متدفق حينا وبحر صاخب حينا آخر‚ حَملا في كلا الحالين سفائن شعره‚ والمرأة حاضرة بقوة ثم غائبة في شعر العاشق الكفيف‚ في مجموعته الأولى من أرض بلقيس بلغ عدد القصائد التي يمكن ارجاعها الى علاقة الشاعر بالمرأة ثلاثين قصيدة من أصل اربع وخمسين قصيدة موزعة على ثمانية دواوين كتبها الشاعر في حياته‚ ثاني قصائد في المجموعة الثانية في طريق الفجر‚ عشر قصائد في مدينة الغد‚ خمس في لعيني أم بلقيس‚ قصيدتان في السفر الى الأيام الخضر‚ قصيدة واحدة في وجوه دخانية في مرايا الليل‚ قصيدتان في ترجمة رملية لأعراس الغبار‚ ولا توجد أي قصيدة غزلية في المجموعة الأخيرة كائنات الشوق الآخر!! في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس‚ وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين‚ سخر البردوني من الحياة‚ فكنت حياته في خطر وحين عرض عليه الرئيس اليمني حراسة الدولة قال له: أنديرا غاندي قتلها حراسها‚ وحين شكته جماعات غاضبة الى القاضي عبدالرحمن الأرياني قال لهم وله: ليس على الأعمى حرج‚ |
الصورة الشعرية عند عبدالله البردوني
تأليف: د. وليد مشوّح, عرض: جاك صبري شماس يتناول الدكتور وليد مشوّح دراسة أكاديمية هادفة لسبر أغوار الشاعر اليمني الكفيف عبدالله البردوني, وان كان الشاعر قد فقد بصره, فإنه كان يتلمّس الواقع من خلال بصيرته النافذة في أعماق الجنس البشري وذلك باعتماده على حواسه المرهفة التي استطاعت ان تتعرّف على الواقع وان تتوغّل في تفصيلاته, حيث اختار المؤلف المنهج النفسي لدراسته النقدية مصرحا بالأعباء التي تثقل كاهل أي دارس أكاديمي, ومتابعا مسيرة التطور الشعري عند البردوني من خلال المشايعين والمناهضين. لقد اعتمد الدارس على بابين, وقد احتوى الباب الأول ثلاثة فصول واحتوى الباب الثاني على ثلاثة فصول ايضا. لم يكن البردوني الأديب الذي أصيب بالعمى وأبدع فقد سبقه كثير من المبدعين العرب كبشار بن برد وطه حسين وأبي العلاء المعري وغيرهم وكانت لهم بصماتهم في مدار الأدب النوعي. كان البردوني يحمل السمات النفسانية حيث كان مشاكساً وثائراً وأحيانا مهادنا ومصوّراً بارعا لبيئته وما يختلج فيها من اصطراعات وعادات وتقاليد. يعتقد العالم النفسي جون استيوارت: (ان العالم الخارجي ليس سوى امكانية دائمة بالإحساس, ويتحول العقل نفسه تحت تأثير قوانين التداعي الى إمكانية دائمة الحس بما تنطوي عليه من مشاعر داخلية, وأفكار وانفعالات واستدلالات). وعندما سئل البردوني عن كيفية احساسه بالجمال قال: (ليس هناك حس بالجمال المفصول عن الدمامة, وإنما هناك معرفة اختلاف الجميل عن نقيضه. اذ لا يتجلّى وجه الجمال إلا الى جانب وجهه النقيض) فالنور في الشعر البردوني هو السيد الحاكم وهو الذي يلون احاسيسه وينمقها ليطل من خلالها على الحياة التي يعكسها بأصباغ روحه وفكره. ومن الصور الجميلة التي لها دلالة بالنور من خلال خياله, مادياً وحسياً, اذ يرى الزهر يحتضن الشعاع كما تحتضن ام طفلها وتقبله: الفجر يصبو في السفوح وفي الربا والروض يرتشف الندى ويغرّد في مهرجان النور لاح على الملا عيد يبلوره السنا ويورّد لقد امتاز البردوني بذاكرة عقلية موضوعها المعاني والأفكار والصور اللفظية حيث تشكلت شخصيته وتوضحت سماته ومعالمه استناداً الى إمكاناته الذهنية, لقد استطاع ان يخلق صلة بينه وبين المحيط الذي يعايشه فكانت ألوانه سماعية وحروفه صوتية: لأني رضيع بيان وصرف أجوع لحرف وأقتات حرف أتسألني كيف اعطيك شعراً وانت تؤمل دوراً وجوف أصوغ قوامك من كل حسن وأكسوك ضوءاً ولوناً وعرف لقد كانت لقصصه الشعرية خصوصية بردونية بحتة يشعرها ويتحسسها قارىء شعره او أي ناقد متخصص في صناعة معيارية دقيقة لتحليل الشعر استناداً الى المنهج النفسي او التاريخي وشاعر مثل البردوني يمتلك ذاكرة خصبة يستطيع ان يقدّم لوحة شعرية يرسمها من خلال مشاعره الجياشة يقول: في هجعة الليل المخيف الشاتي والجو يحلم بالصباح الآتي والريح كالمحموم تهذي والدجى في الأفق أشباح من الإنصات في ذلك الليل المخيف مضى فتى قلق الثياب مروع الخطوات لقد آمن البردوني من خلال مجالسه ومقولاته الصحفية, وفي السوامر والمقابلات التي أجريت مع في صحف ومجلات ودوريات الوطن العربي بضرورة تفرّد الأديب بشخصيته لان التاريخ يأخذ مساره من الاجتماعية الى الفردية, وكان البردوني مؤمناً بارتباطه بواقعه الاجتماعي. ان الهدوء مطلب روحي من مطالب الكفيف, والكفيف هنا شاعر يحب ان يؤثر الصمت أي أكثر من الهدوء ثم يعود الى عملية التأمل والاستغراق, حيث يفلح في تصوير نفسه من خلال معان ترصد شخصيته وسلوكه وتصرفاته بقوله: سهدت فأصابني جميل سهادي فأهرقت في النسيان كأس رقادي وسامرت في جفن السهاد سرائرا لطافا كذكرى من عهود وداد ونادمت وحي الفن أحسو رحيقه وأحسو وقلبي في الجوانح صاد وللبردوني نظرة فلسفية فيما يخص الموت وهو القدر المحتوم على البشرية لقد أصيب بالجدري وهو طفل, وكان يسير هائما في شوارع صنعاء لا يدري متى تدهسه سيارة أو تطأ جسده بهيمة, لذلك تعامل مع مقابلة الموت على طريقة الشاعر الذي يعي الوجود دنيويا وأخرويا: كل غصن له مذاق جديد كالمليحات كل أخرى جديدة كيف لست الذي قصفت صباها وصباه ان المنايا عديدة تسبق القتل او تليه وآنا تمتطي صهوة الحروف المبيدة يا مميتي من ذا يميت المنايا كالقوى تأكل الأشد الشديدة لقد كان البردوني أسير الواقع الحرفي المباشر, وكان يرتدي رداء شفافا من الرومانسية, وكان على رأس هذه المدرسة الرومانسية, حيث جسّد الواقع اليمني الراهن بل يكاد ينطق من خلال هذه التهويمة الرومانسية: متى كفني هنا وتبكي على ما كل شيء لا يستحق اهتماما القضايا التي أهاجتك أقوى من أغانيك من نواح الأيامي خلف هذا الجدار تشدو وتبكي والزوايا تندى أسا وجثاما ان الشاعر رغم فقدان بصره فإنه يستطيع ان يتلاعب بالمفردات وينشىء حواريته الشعرية التي تصل الى مستويات مختلفة, مسرحية او تمثيلية, او مسلسلة مسموعة: من أنت واستبقت جوابي لهب يجن الى التهاب من أنت عزاف الاسى والنار قيثار العذاب وعلى جبينك قصة حيرى كديجور اليباب ان بعض المحسنات البديعة والأساليب البيانية التي أسرف فيها الشاعر وكذلك الجمع بين المتناقضات, قد أكدت حيوية صوره الشعرية وقدرته على إعادة تخصيب تربته الشعرية بعد ان أحدث علاقة مع الألفاظ من خلال رؤيته الشعرية الخاصة, وفلسفته ونظرته للحياة: ليس بيني وبين شيء قرابهْ عالمي غربة زماني غرابهْ ربما جئت قبل او بعد وقتي او أتت عني فترة بالنيابه غيرت وقتها الفصول أضاعت أعين الشمس والنجوم الثقابهْ يقول المؤلف الدكتور الباحث وليد مشوح في خاتمة دراسته الاكاديمية (وقد حاولت ان اقدم جانباً ادبيا واحدا في دراسة البردوني حيث تصديت لمبادلات العاهة مع الإبداع لدى الشاعر, واتخذت المنهج النفسي منارة في بحثي هذا, فان وفقت فالله حسبي وان أخطأت فجلّ من لا يخطىء, ولا حول ولا قوة الا بالله وهو المولى, وهو النصير والحمد لله رب العالمين). ان المؤلف من خلال خاتمته يكبر في عين القارىء العربي لما يتميز به من تواضع, وهذا التواضع هو من سمات الدارسين الموضوعيين والمنطقيين من خلال تعاملهم الجاد مع دراستهم. -------------------------------------------------------------------------------- نقلا عن بيان الثقافة الأحد9 ذو الحجة 1421هـ 4 مارس 2001 -العدد60 / |
وجها لوجه – حوار مع عبدالله البردوني في مجلة العربي عدد504 - نوفمبر2000
(عبدالله البردوني وعلي المقري) لا رواية جيدة في بلد لا يوجد فيه شعر جيد لم أعترف بالعمى في أي لحظة في حياتي ليس بعد الحداثة والأحدث إلا الشيخوخة ثم الموت درست الفقه وكنت وكيلاً للنساء المطلقات البشرية تحتاج إلى الفنون كلها وليس الرواية فقط ربما يمثل هذا الحوار الوصية الأخيرة لشاعر راحل عرف من الحياة بؤسها أكثر مما عرف من مجدها وزهوها. فهذا الأعمى الذي رأى كل شيء حوّل ظلمته إلى عالم أسطوري حافل بالرؤى والنبوءات. لقد عاش عبدالله البردوني في اليمن مهد اللسان العربي وموطن بلاغتها, لذلك فقد كان شعره تعبيراً عن وعي جمعي متراكم من أجيال من الشعراء العرب هاجروا مع قبائلهم من مأرب, واستقروا في صحراء العرب حتى جاءت رسالة البعث الإسلامي فحملوها إلى كل مكان. ويوصف البردوني بأنه آخر الشعراء العرب الكلاسيكيين الكبار, وأبرز المتميزين في كتابة القصيدة العمودية, وله اثنا عشر ديواناً صدر أولها في عام 1961م, وله ثمانية كتب تتناول تاريخ اليمن المعاصر السياسي والثقافي والاجتماعي. وأجرى الحوار في صنعاء الشاعر والصحفي اليمني علي المقري, أحد أصوات جيل الثمانينيات الأدبي في اليمن, صدرت له مجموعتان شعريتان وعدد من الأبحاث. وكان الحوار قد أجري معه قبل وفاته (يوم 30 أغسطس 1999م) بعشرة أيام بحضور الشاعر أمين العباسي. العمى والفقر تثير سنوات طفولتك الأولى الكثير من الاندهاش, إذ كيف لطفل أن يفقد البصر ويواصل مكابدته في كثير من الأعمال ليصل إلى ما هو عليه من المكانة الأدبية, نرجو أن تعود بنا لنتعرف على ذلك الضوء الذي كان يدلك على السير في عتمة المكان ? - العمى أصابني وأنا صغير جداً, في السنة الخامسة أو السادسة من عمري, وكانت بدايته أن عُميت عين نهائياً, وعين بقي فيها شيء يعرف البصيص, فمثلاً إذا صحوت من النوم ورأيت دخول الضوء أعرف أن الصبح قد أطل, وأرى إذا وجد في المكان سراج, وبعد فترة أصابتني ضربة شمس وصداع فانطفأ ذلك البصيص. وما عميت إلا وقد كان عندي دراية بالحركة, أين أصعد إذا كانت أمامي صخرة, وكيف أنزل من الصخرة, فبقيت في ذاكرتي تلك الأماكن التي كنت أروح وأغدو منها وإليها, ولأن الطريق إلى المسجد الذي بجواره المعلامة (الكتاب, ويتم فيها تحفيظ القرآن), كان شاقّاً اندهش الناس في القرية (البردون), فهناك مكان اسمه (صفي الجبهة) فيه البيوت متراصّة من هنا وهناك, كان الناس في الرابعة (عصراً) إلى السادسة يتجمّعون فيه. فمنهم من يطعم ثوره ومنهم من يطعم جمله أو يعلف بقرته. ولأن بعض أطراف الثور أو غيره تكون في الطريق, فقد كانوا يتعجّبون لأنني كنت عندما أمر أدهف الثور وأمشي. وكانت النساء بشكل خاص يقمن بجر الثور أو البقرة إليهن من أجل أن أمشي, وكان خالي حسين علي فقيه ـ وهو شاعرـ يضيق مني, ويقول لي: (احتكم... احتكم) وهذه الكلمة يقولها بعض الكهول للكهل إذا أصيب بالعمى, أما أنا, فكيف (أحتكم ?), أنا كنت غير معترف بالعمى, وألعب حينما يلعبون, وكان الدم لا يجف من بنان قدمي, أكدف هنا وأضرب رأسي هناك, وكانت أمي تربط أصابعي بخيط أحمر (كحرز) يقيني ضربة حرّاء, كما تعتقد, والسبب أن الأحجار الناتئة تقع عليها رأس الأصبع فتدمى, كما أن ضرب رأسي يكون في جدار قام حديثاً أو بني ليلاً وضحى, وما مررت عليه سابقاً. وكان يسرني إذا ما أنزلني أبي إلى (المعلامة) لأنه كان يمر بطريق خلفية سهلة, فينزل من حجر أملس, ويطلع إلى حجر وينزل من ثان, وإذا بنا نشم رائحة الحارة حيث نكون في باب (المعلامة). وقد ظللت أفكر كيف سأعرف هذه الطرق, وهممت مرة بعد مرة. إذن, استقيت معارفك الأولى, بعد العمى, بواسطة (المعلامة) ? - نعم, بواسطة (المعلامة) قرأت ما يسمى بجزء البياض, وهذا الجزء هو قراءة الحروف وكتابتها في لوح على مداد أبيض وقلم (مبري). وبالنسبة لي كنت أحفظ الحروف دون كتابتها, وكنا نقرأ الحروف قراءة إنشادية, فيها شيء من الإطراب, تشبه الإنشاد الذي يصاحب الجنازة من قبل الأطفال, فهؤلاء في اليمن إذا تقدموا الجنازة يحوّلون الإنشاد الجنائزي إلى موسيقى فريدة. وعندما انتقلت إلى المدينة (ذمار) وأنهيت فيها حفظ القرآن تجويداً, انتقلت - أيضاً - من (المعلامة) إلى (المدرسة الشمسية), وهي جامع أسسه أو بناه شمس الدين بن شرف الدين الذي حارب الأتراك في القرن العاشر, وكان مرشّحاً للإمامة, لكنه أصيب بطلقة وحجرة, فكسرت رجله ثم جُبرت, فصارت فيه عاهة العرج مما حرمه من الخلافة التي تشترط في الإمام أن يكون سليم الحواس والأطراف. عندما دخلت هذه المدرسة, شعرت أني بدأت غربة جديدة, فقد كنت في (المعلامة) أعلّم الأطفال المتخلفين في الحفظ وأكرر لهم وأكرر, وزيادة البنات, فأحصل بالمقابل على قطع من الخبز تكفيني يومي, إضافة إلى أن اثنين من الأساتذة قررا لي (بقشتين) في كل يوم. هل هذا يعني أن عائلتك كانت فقيرة لم تستطع أن تعيلك في المدرسة الشمسية ? نعم فقيرة, وكانت في (البردون).. ولم تستطع أن تعيلني, طبعاً, لكنها كانت تعيلني عندما كنت عندهم, ولكن كنت أحسّ أن إعالتي شيء ثقيل, وسمعت كلمات رديئة عندما عميت, قالوا: أعمى لا غرّام ولا رجّام, أي لا يقاتل مع القرية (رجّام) ولا غرّام يعطي نصيبا من النقود إذا كانت عليهم غرامة. وأذكر أنني ظللت في (المدرسة الشعبية) شهراً في جوع قاتل. وخرجت مرة وفوجئت في (معلامة) هناك, فيها واحد اسمه سيدنا أحمد دادة, فدعاني وقال لي: كم ستبقى تقرأ (تتعلم) كل يوم ? فقلت: يا سيدنا ما نفعل ? قال: هيا لتعمل ساعتين أو ثلاث ساعات ? تعلم هؤلاء (الطبول عيال الفراعنة الذماريين), وكان بذيئاً لا يتكلم إلا شتماً. فعهد إليّ بخمس بنات أعلمهن في الصباح. محامي المطلقات على الرغم من أنك نشأت في بيئة ثقافية تقليدية - خاصة في مجالي الشريعة والأدب - قيل إنك في عملك الأول كمحام (وكيل شريعة) في الأربعينيات اتخذت اتجاهاً مغايراً, وهو الدفاع عن النساء المطلقات وقضايا المرأة عامة, كيف استطعت الخروج من صرامة الفقه وقيوده ? - المسائل الفقهية من يفقهها جيداً لا يجدها قيوداً, فيقدر أن يتعامل معها في مجتمع يبني عليها تفكيره وبيئته, وليس في الأمر أي صعوبة. إذن هناك منطلقات فقهية جعلتك تتجه إلى ما يمكن أن نسمّيه مناصرة المرأة أثناء عملك كمحام (وكيل شريعة) ? - في الحقيقة لا أدّعي أن علاقتي بالمرأة كانت تحرّراً أو مناصرة بل لأنه لم يوكلني أحد غيرهن. فقد كنت أبدو بقميص مهلهل, نعم كان هناك رجال يوكلونني, لكن أول مَن وكلني كن نساء, وبالذات المطلقات والوارثات أو مغتصَبات الإرث من الإخوة, ففي هذه الناحية عندما يموت الغني يتعاون الأولاد في الاحتيال على البنات حتى لا يخرج مال أبيهم إلى زوج الأخت أو البنت, كما وُكّلت أيضاً في قضايا الزنا وغيرها. في هذه الفترة تحسنت أحوالي المعيشية باستثناء فترات العطل, كنت فيها أقتنع بالقليل. نعود إلى تجربتك في الكتابة, فمن خلال مقالاتك والاستماع إلى أحاديثك نجد أن فقد البصر لم يؤثر سلبياً في تحصيلك المعرفي, وعلى العكس نجد معارفك متسعة في أكثر الجوانب القديمة والحديثة, كيف استطعت تجاوز إشكالية فقد البصر كونه فقداً لحاسة مهمة في التوصيل المعرفي ? - أنا أقرأ كل ما وجدت ولا أستطيع أن أرتّب على حسب ظهور كل كتاب أو كل رواية, إنما استطعت أن أتابع نجيب محفوظ من رواياته التاريخية الثلاث إلى آخر رواية وهي (ابن فطوطة). وأستطيع أن أقول بأنني تابعت كتب طه حسين بعد خروجها بمدة قصيرة, ولي أصدقاء وصديقات في سوريا ومصر ما حالوا بيني وبين كتاب, حتى أن أحدهم لم يقبل مني أن أعطيه ثمن أو مقابل ما دفع. كم ساعة تقرأ - أو يقرأ لك - في اليوم ? - كنت أقرأ في الخمسينيات ثماني ساعات من التاسعة إلى الواحدة ظهراً, وبعدها من الخامسة إلى الثامنة أو التاسعة. وفي أوقات أقرأ أقل, أما أكثر فلا, وفي أوقات لا أقرأ أي شيء, أستمع إلى الراديو أو استرجع ما قرأت وأرتّب ذهنياً, فعندي - مثلاً - فكرة عن كل كتاب فيه شاهد على ما أقول أو دليل. ألا تقع في أخطاء أثناء ترتيبك ذهنياً للشواهد والأرقام ? - قد أقع في أخطاء في الأسماء وفي أرقام القرون الزمنية, وهذا يحدث لأنني أملي ولا أرى كيف كتب, فأظن أن الإملاء يحرمني رؤية الاسم فأذكره, ولكني لا أرى أن هذه الأخطاء موضوعية وإنما هي هامشية. إذا كنت قد وجدت بعض المخارج القضائية في مجال الفقه التقليدي لبعض القضايا الاجتماعية أثناء عملك وكيل شريعة (محام) فماذا بالنسبة لمجال الشعر, من أين استمددت الشجاعة في نقدك ? - في مجال الشعر كانت هناك دوافع زمنية ودوافع حرمانية ودوافع وطنية, في الحقيقة, أما الشريعة فإنها تأمر بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر. بعد رحيل الشاعر محمد مهدي الجواهري, توصف الآن بأنك آخر الشعراء الكلاسيكيين الكبار, أو أنك الشاعر المتميز الوحيد في كتابة القصيدة العمودية, هل هذا يعني أن القصيدة العمودية ستتحول إلى إرث جمالي في المستقبل, خاصة ونحن نلاحظ اجترار شعراء لتجارب سابقيهم ودون أي إضافات جمالية ? - في الحقيقة, الأحكام الأدبية مصابة بأمرين, الأمر الأول: السباق على الأحدث والأجد, والأمر الثاني: مجاراة العلم الذي ينتج كل يوم من الألعاب عشرة أنواع, كلباً وقطّاً, دجاجة وفأراً, وكذا المخبز الآلي الذي ينتج مليون رغيف. الشعر غير ذلك, أنا من عام 1950م إلى الآن واقف على مبدأ أدبي واحد هو أن المهم هو الإجادة: في شكل البيت, في شكل التفاعيل, في شكل العمودي المتطور. لأن الشعر العمودي ظل قائماً ولايزال, لكنه كان قائماً عند مَن أجادوه, مثل محمد مهدي الجواهري في العراق, ومحمد المجذوب في السودان, وعمر أبي ريشة وبدوي الجبل في سوريا. وفي سوريا بالذات, ظل الشعر العمودي هو المسيطر إلى مطلع السبعينيات ولم يلتفت السوريون, حتى المعاصرون جداً, إلى الشعر الجديد. الشعر العمودي كان قوياً جداً, وكان يؤجج مظاهرات, كان الجواهري يخرج مظاهرات تظل ساعات في بغداد, كما حدث يوم رثى أخاه جعفر قائلاً: بأن جراح الضحايا فم أتعلم أم أنت لا تعلم وكان الجواهري جماهيرياً أحسن من أبي ريشة, لأن الجواهري ذا صوت مبحوح غير مشروخ مثل عمر أبي ريشة, والجواهري شيعي وللشيعة فلسفة فيثاغورية والفلسفة الفيثاغورية هي أرومة الوجودية التي بدأت بشكل إيماني عند كيركيجورد وسان بيرز, وحييت بعد ما ظهر سارتر وسيمون دي بوفوار وأصبحت الوجودية من مطلع الأربعينيات إلى الآن أقوى مدرسة أدبية. قصائد رديئة لكن هناك بعض النقاد وبعض الشعراء الحداثيين يقولون إن ازدهار القصيدة العمودية ارتبط بفترة المد الثوري, وإن هذه القصيدة كانت عبارة عن صوت اعلامي مباشر للخطاب السياسي. ويطرح أن الخطاب السياسي صارت له منابره أو قنواته الخاصة المعبّرة عنه, وبالتالي أدى هذا إلى تجدد الأشكال الفنية مع تحوّلات الأزمنة, فيلاحظ عالمياً أن الشعر تراجعت مكانته عند الجمهور الذي صار يتجه نحو الصورة بتقنياتها السينمائية والتلفزيونية إضافة إلى الرواية, وأصبح هذا العصر يوصف بعصر الصورة وعصر الرواية, فكيف تعتقد أنت أن القصيدة العمودية مازالت صامدة رغم التحوّلات ? - القصيدة العمودية الرديئة تبقى رديئة, مثل قصائد أحمد رامي, وبعض قصائد أحمد الصافي النجفي, وبعض أبيات للجواهري, فمثلاً الجواهري يقول: |
للخائنين الخادمين أجانبا
أرأيت مملكة تبيع شهيدها أغري الوليد بشتمهم والحاجبا أنا حتفهم ألج البيوت عليهم فعندما يقول (أنا حتفهم ألج البيوت عليهم), بلغ غاية القوة التعبيرية والتحدي, لكنه حين يقول (أغري الوليد بشتمهم والحاجب) فإن المسألة سهلة ليس بها اقتحام. فكان الشطر الثاني إضعافا للأول, وأوجد في القصيدة تهاوناً, لكن القصيدة الجميلة موجودة في العمودي وفي العمودي المتطور, لأن شعر الخمسينيات ليس كله جديداً وأكثره عمودي متطور, فمثلاً, بدر شاكر السياب أبرز دواوينه في الفترة التي بدأت من أول الخمسينيات إلى 1958م (أنشودة المطر) 20% منه قصائد عمودية. وكان السياب منجذباً لشوقي, فمثلاً له قصيدة (الأسلحة والأطفال) يقول فيها: عليها سناً من غد يلمح ? عصافير, أم صبية تمرح وشوقي يقول: وأحبب بأيّامه أحبب ألا حبذا صحبة المكتب عنان الحياة عليهم صبي ويا حبذا صبية يمرحون على الأم يلقونها والأب خليون من تبعات الحياة حقائب فيها الغد المختبى وتلك الأواعي بأيمانهم والحقيقة أنني أرى قصيدة شوقي هذه جميلة وقصيدة السياب أجمل. لكن قصيدة من العمودي المجيد ليست مثل بيئة الجديد, لأن الجديد هو تقطيع دون أن يخرج ذلك التقطيع نظرية في المعنى. وقد مر الشعر بخمسة أطوار: العمودي السنتيمتري, العمودي المتساهل, العمودي المنوّع القوافي الذي هو ليس على قافية واحدة, وبعده العمودي المتطوّر, ثم الجديد. وقد قال عبدالقادر القط في عام 1965م, وهو يستقبل ديوان محمد إبراهيم أبو سنة (قلبي وغازلة الثوب الأزرق) إننا كنا نظن أن هذا الشعر الذي فتح الخمسينيات سوف يأتي في الستينيات بتجارب أغنى وبحركة أفضل وبتطور لغوي أجود وليس أجد فقط, فلا قيل أهلاً للجدة بلا إجادة. أما المسألة الثانية في ذكر الرواية والمسرح والفن والتشكيل فهذه فنون أخرى لها قواعدها. والبشرية تحتاج إلى الفنون كلها وليس إلى الرواية فقط مثلاً. ولا يمكن أن توجد الروايات الجيدة إلا في بلد فيه شعر جيد وأجود, فنقرأ - مثلاً - ديستوفسكي, تولستوي, وأنطون تشيكوف الذين كانوا من أمهر الرواة, فمن كان في عصرهم من الشعراء ? كان هناك مايكوفسكي وبوشكين أشعر شعراء العالم. ولن تجد الرواية مزدهرة والقصة جيدة إلا وكل الفنون جيدة لأن التعاون الثقافي من أسرار تطور الشعوب. ولا نقول إن هذه التجارب الجديدة معيبة إلا الآن, لأنهم بدأوا الآن يقولون: ما بعد الحداثة.. ما بعد الحداثة ? الشيخوخة والموت. فليس بعد الحداثة والأحدث إلا الموت. باستثناء القلة من كُتّاب القصيدة العمودية, وأنت أبرز هذه القلة, يلاحظ المتتبع أن أكثر كتاب القصيدة العمودية ينطلقون من رؤية ماضوية لمجمل قضايا العصر, فنجد أنهم لا يعادون الأشكال الأدبية الحديثة فحسب, بل يعادون أيضاً كل ما هو حديث اجتماعياً. هل هذا الانطلاق امتداد لما كان يعلنه المحافظون في الخمسينيات والستينيات من أن كُتّاب الشعر الحر عملاء للثقافة الغربية, أم أنه ناتج عن عوامل ثقافية أخرى ? - القضية لا تخلو من وجود الكل, وقد كان هناك جانب سياسي, فصالح جودت وأحمد رامي وعزيز أباظة كانوا يسمّون صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي وأمل دنقل ونجيب سرور وأحمد عبدالمعطي بالقرمزيين: وشعرنا ساطع أخضر وأشعارهم مثلما القرمزي يقولوا أواناً وقد يقصروا لنا وزننا ولهم وزنهم يطول مع الزيف أو يقصر وشعرهم كضمير اليهود هكذا يقول صالح جودت وليس في شعره نَفَس الشعر, لكن الشاعر العمودي المجيد هو محمود حسن إسماعيل وعبدالمنعم السويسي. وفي مصر وجوه مبدعة لا يتاح لها الظهور, لأن الذي لا يظهر هناك في الإعلام لا يمكن أن يظهر مثلما يظهر في اليمن أو في العراق. وكانت القصيدة العمودية في العراق هي الأغلب في كل أطوارها وظل الجدد مقلين, فنازك الملائكة ليست جديدة, هي عمودية متطورة, اقرأ لها أي ديوان ستجدها هكذا, لكنها كانت متشبّعة بالرومانتيكية, لأن الرومانتيكية تعبر عن الحزن وضياع الإنسان وهذه كلها في أصول الإنسان وفي حياة بني البشر. بالنسبة إليك كيف جمعت بين كتابة هذا الشكل المتهم أصحابه بالرجعية, وبين مواقفك السياسية الملتزمة بقضايا العصر الحديثة ? - قضايا العصر الحديثة سياسة ضرورة, لأنها عدالة أمر بها الله ويطلبها الشعب, لأنها حرية, وهي عن حق الشعب في أن يعبّر بصوت عال وأن يفكّر بصوت صائت وأن يكتب بأمانة, لا رقيب عليه إلا ضميره, وألا ينال عقوبات. وأنا الآن معادى من أكثر من رئيس حكومة لأنني لم أمدح, وقد دعوني المرة الأولى فسافرت, ودعوني المرة الثانية فسافرت, فقالوا: لتقابل الرئيس (فلان) والشيخ (فلان), فقلت: والله أنا مواطن.. أصغر مواطن من اليمن, ومن مدينة أفلاطون فمالي صفة تتيح لي المقابلة, فهي لا تدل إلاّ على الاستجداء, وأنا ما جئت مستجدياً بل ملبياً دعوة. ماذا عن الجوائز الأدبية التي اتجه إلى منحها العديد من الشعراء رجال الأعمال, ومنها جائزة سلطان العويس التي حصلت عليها, هل تعتقد أنها مهمة على المستوى الشعري ? - لا, لا أظن أن الجوائز مهمة, يتوقف عليها تطور الشعر أو ركوده, لكن بالنسبة للجائزة التي حصلت عليها, فهي نفحة إنسانية أو مبادرة كريمة لا يرتجى منها جزاء, لأن معطيها قد مات, فهي أبرأ وأرقى جائزة, وأنا لم أنل غيرها سوى (الأصوات الإنسانية) وقدرها سبعون فرنكاً فرنسياً. اليسار اليسير صار الواقع العربي يكرّس واقع القطرية, بما تحمله من تفكك للعرب مما أصبحت معه مقولات العروبة والقومية ضرباً من وهم, كيف ترى مستقبل العرب في ضوء هذا الواقع وأنت أحد المهتمين بقضاياه الفكرية ? - في أشد تفكك, وفي خروج سافر عن القومية العربية وعن أمة العرب, وعن تجربة الوحدة وعن عمل التوحيد, وقد أصبحت الفنون الإعلامية شعبية, وكل شيء فيها يتعلق برئيس الدولة أو رئيس الجمهورية وكأنه فرعون ذو الأوتاد. هناك تجزئة وأنا أتوقع أن هذه التجزئة سوف تتحوّل إلى أسلحة إسرائيلية ضد الشعوب التي لها مواقف, وأظن أن سوريا ستضرب من إسرائيل بتسهيل من دول عربية. يقول البعض إنه لا يوجد شاعر في الخمسينيات والستينيات إلا وقد مرّ عبر الأحزاب الشيوعية والقومية, ما الأمر بالنسبة إليك وأنت أحد كتّاب القصيدة السياسية المدوية ? - نعم, لكنها قصيدة سياسية ليست معبّرة عن وجهة نظر حزب ما أو جماعة بعينها, وهي مقيدة بالمكان اليمني وبالحالة اليمنية وبالتاريخ اليمني. حتى الأماكن كنت أرى فيها علامة, والشعر علامة على المكان والزمان. إذن أنت لم تكن حزبياً في يوم من الأيام ? - لا, أنا أرى أن لهذا الحزب أو ذاك موقفا يستحق أن يُذكر بما هو عليه, ولكن ليس بالارتماء أو النظر في الجزاء. هل يمكن أن نقول إنك كنت قريباً إلى اليسار ? - نعم, اليسار على الإطلاق, نعم, لكن ليس من يسار اليسار, بل من اليسار اليسير. تنشر منذ فترة سيرتك الذاتية في أجزاء صحفية, نجد فيها أشياء لافتة, يمكن القول بأنها تواكب الاتجاه الحديث في كتابة السيرة الذاتية عند العرب باهتمامها بالجوانب المثيرة خاصة الجنس, كما هو الحال عند محمد شكري أو رءوف مسعد, كيف ترى الاتجاه إلى كتابة السيرة عند العرب ? - العرب ليس لهم تجربة في كتابة السيرة كما لهم تجربة في كتابة الرسالة وتأليف التاريخ وكتابة المقامة, وقد ابتدع العرب فن المقامة, أما السير فاقتصرت على الأبطال في الماضي: سيرة سيف بن ذي يزن, سيرة عنترة, سيرة الأميرة ذات الهمة. وهذه السير في الحقيقة لها أشكال شتى جميلة من الرواية, ولكن ليس لها كل شروط الرواية المعاصرة. فمثلاً محمد شكري كتب روايتين رائعتين: (الخبز الحافي) و (الصعاليك), الأولى من أجود الروايات عن حياة البيوت الفقيرة, والثانية أرّخ فيها للشعب النائم في الأرصفة. وفي الحقيقة هناك أشياء في السيرة الذاتية لا حاجة إليها مثل اعترافات روسو وروايات فرنسوا ساجان. وأنا أظن بأنني كتبت سيرتي على طريقة طه حسين في (الأيام) وقد نشرت أكثر من خمسين حلقة وربما يصبح هذا العمل أكبر كتاب لي لأنني مازلت أكتبه. |
يتضمن اعترافات تُنشر لأول مرة
هيئة الكتاب اليمنية تطرح أول ديوان جامع لشعر البردوني صنعاء: "الوطن" بدأت الهيئة العامة للكتاب في اليمن نهاية الشهر الماضي بتوزيع المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر والمفكر الراحل عبد الله البردوني التي فرغت أخيراً من طباعتها في العاصمة اللبنانية بيروت تحت اسم "ديوان عبد الله البردوني.. المجموعة الشعرية الكاملة". صدر الديوان في مجلدين فخمين لهما غلاف جلدي وآخر ورقي، صمم لوحته الفنان التشكيلي اليمني حكيم العاقل، فجاء في 1757 صفحة من القطع الكبير تضم 405 قصائد هي كل ما نشره الشاعر الراحل عبدالله البردوني في 12 ديواناً، بدءاً من ديوانه الأول "من أرض بلقيس" الصادر في سنة 1961 وحتى آخر ديوان منشور له " رجعة الحكيم ابن زايد " في العام 1994. والديوان يحتوي على تقديمين وسيرة ذاتية موجزة لأبرز محطات حياة البردوني منذ تاريخ ميلاده في العام 1928وحتى تاريخ وفاته في 30 أغسطس 1999 أعدها مستعيناً بالبردوني قبل رحيله بشهر، أحد مجالسيه وتلاميذه الشاعر الحارث بن الفضل الشميري. أما التقديمان فأحدهما بقلم الدكتور الشاعر عبدالعزيز المقالح عبارة عن رؤية وصفية لتجربة البردوني الشعرية عوامل تشكلها وفرادتها، يسميها المقالح "محاولة لكشف اللثام عن وجه شاعر ثوري عنيف في ثوريته، جريء في مواجهته، يمثل الخصائص التي امتاز بها شعر اليمن المعاصر والمحافظ في الوقت نفسه على كيان القصيدة العربية كما أبدعتها عبقرية السلف، وكانت تجربته الإبداعية أكبر من كل الصيغ والأشكال". ومن ملامح فرادة تجربة البردوني الشعرية وخصائصها يذكر المقالح براعته في القصص الشعري وتجلي ذلك في ديوانه الرابع " مدينة الغد " الصادر في العام 1970 وتعمق هذا التيار الجديد أكثر في ديوانه السادس "وجوه دخانية في مرايا الليل" الصادر في العام 1977، الذي يصف ميزته قائلاً : "تقفز الاستعارات فوق الحواجز معلنة لا إفلاس المألوف والمعتاد فحسب، بل الدخول في عالم جديد من التركيب اللغوي، تركيب الجملة، رسم الصورة ". أما التقديم الثاني من كونه يعرض صوراً خاصة خافية وصادقة من حياة هذا الرائد الراحل، الشاعر والمفكر الجهبذ عبدالله البردوني تكشف لأول مرة إلى أي مدى كان شاعراً بأمته التي لم تشعر به كما يجب وإن أعجبت بنتاجه الفكري والأدبي، فكان التقديم بما حواه أشبه برواية أو دعوة لرواية حياة البردوني "الإنسان" ودراسة تجربته كشاعر، وعلاوة على ذلك، فإنه أي التقديم سجل لأول مرة اعترافاً صريحاً بالتقصير والخطأ في حق البردوني، حياً وميتاً. هذا الاعتراف اصطبغ بشعور بالغ بالحسرة، وتجلى في مفتتح هذا التقديم الذي خطه رئيس هيئة الكتاب اليمنية خالد عبدالله الرويشان، تحت عنوان "بين يدي البردوني"، فبدأه صريحاً ومباشراً وقاسياً في الوقت ذاته عندما قال: "بعد أن غربت الشمس وفاضت مياه النهر.. ماذا بقيَ لنحتفلَ بظلامنا، ونحتفيَ بموتنا؟"، وتابع: "يا للعار!.. كيف استطعنا أن نبدد ضوء تلك الينابيع التي تومئ لنا بينما نحن ندير رؤوسنا ونُقفلُ راجعين صوب آكام القسوة ودروب النسيان".. حتى يصل إلى الإقرار صراحة باسم جميع المثقفين والأدباء اليمنيين: " لا بد من أن أعترف بين يَدَي هذا الديوان بالشعور بوجلٍ وخجلٍ تصعب مواراتهما". وبعد تمعن وتأمل يخلص الرويشان إلى أن: "الكل أدار رأسه وأغلق أذنيه لعزّافِ الأسى كلٌ بطريقته"، مُصنفاً هذا "الكل" إلى أربعة فرق: واحد أدار رأسه دورة كاملة وربما بغضب، وآخر نصف دورة وبلا اهتمام، وثالث نظر شزراً ومضى، وبعض رابع أحاط البردوني مستمتعاً بعزفه، متحلقاً حول أحزانه، واهماً أنه قريب منه "لكنه كان ينظر ولا يرى، يسمع ولا يعي، وربما ضحك وسَخِرَ بينما عزّافِ الأسى يحسو بكاءه ويستفُّ خيباته وأشجانه" ـ على حد تعبيره. نقلا عن جريدة الوطن السعودية ( أبها ) |
وهذه مقالة وصلتني من كاتبها الدكتور محمد أحمد وريث أحببت إضافتها إلى موقع البردوني لتعم الفائدة / أحمد بن ناصر الرازحي
على أوتار الحروف د. محمد أحمد وريّث غلطة الشاطر بألف ؟! أقيم عام 1971 في مدينة الموصل بالعراق مهرجان للشعر تخليداً لذكرى الشـاعر ( الذي هزم المنجمين وانتصر للسيوف اللوامع ) كما قيل عنه ( أبي تمام حبيب بن أوس الطائي ) وذلك في قصيدته في ( فتح عمورية ) التي مطلعها: ( السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعبِ) وقد شارك في المهرجان شاعر العروبة واليمن " عبدالله البردوني " الذي رحل منذ سنين قليلة خلت حيث لفت إليه الأنظار بل بهرها وشد الأسماع بقصيدته التي ألقاها فيه معارضة لقصيدة أبي تمام وإن أختلفت حركة حرف الرويّ الباء في القصيدتين ومطلعها : ( ما أصدق السيف إن لم يُنْضه الكذبُ وأكذب إن لم يصدُق الغضب وكتبت عنها في حينها بعد أن قرأتها منشورة في الصحف والمجلات العربية التي تسابقت إلى الإشادة بشاعرية " عبدالله البردوني " الذي كان نجم ومفاجأة ذلك المهرجان الموصلي. ومنذ عام 1981 نشرت عن " عبدالله البردوني " في صحافتنا مجموعة من المقالات تحت عنوان عام هو (مع شاعر من يمن لا شمالية ولا جنوبية ) ضمها فيما بعد كتابي" أعندكم نبأ ؟ " الصادر في طرابلس عام 1984 وقد قلت عنه (ص 56-57 من الكتاب) : " إنه شاعر مجدد في لغته وأخيلته وصوره وتوليداته البيانية وفي أفكاره أيضاً ، محافظٌ على كل الأصول الثرائية ، مستفيداً من خبرته اللغوية والعروضية ، مازجاً القديم بالحديث مختصراً المسافة بينهما ، وهي مسافة مفتعلة ومزعومة ، تقليدي في أشكال قصائده الخارجية وما هو بالتقليدي ، وقد تسير قصيدته على نسق واحد من القافية وقد تتنوع القوافي لديه وتتكاثر ولكنه في كلا الحالين يزيل عنك الملل ويشدك إلى آخر حرف في الكلمة الأخيرة التي توقف عندها " وفي العدد (587 ) للشهر الماضي من مجلة " العربي " الكويتية " ، كتب الأديب المصري "فاروق شوشة " في زاويته الشهرية " جمال العربية " مقالة مختصرة جداً عن " عبدالله البردوني " عنوانها " البردوني و.. وردة من دم المتنبي " شغلتها في مجملها قصيدة مطولة له تبدأ بهذا البيت: ( من تلظّى لموعُهُ كاد يعْميَ كاد من شهرةِ اسمه لا يُسِمَّى وفيه توَهَّم الأديب " فاروق شوشة " أن كلمة " لموعهُ " وردت خطأ إذ قال في " هامش ص 166 من المجلة " ( هكذا جاءت في ديوانه " ترجمة رملية لأعراس الغبار " والكلمة غير موجودة في المعاجم المعروفة وربما كانت صحتها " دموعه " وهي الأقرب إلى المعنى والصورة الشعرية والحقيقة أن تحريف كلمة " لموعه " وتقريبها من " دموعه " تخميناً هو الأبعد عن المعنى والصورة الشعرية ) ، وأن " لموعه " كما كتبها شاعرها "عبدالله البردوني " هي الصواب والشطر الثاني من البيت فيه توضيح للصورة في الشطر ، ولعل "فاروق شوشة " لم يجشّم نفسه البحث عنها في المعاجم الأمهات مكتفيا بالمعاجم الحديثة المعروفة عنده الميالة عادة إلى الاختصار ، ولو عاد إلى " لسان العرب " مثلاً للعلامة " ابن منظور " لوجدها في السطر الأول من مادة " لمع " على هذا النحو: " لمع الشئ يلمع لمعاً ولمعاناً ولموعاً ولميعاً وتلماعاً كُلُّه : برق وأضاء والتمع مثله " واللموع في بيت الشاعر الكبير عبدالله البردوني وليس الدموع هو الذي يتوافق مع الفعل " تلظى " أي التهب ، وقال تعالى في الآية الرابعة عشرة من سورة " الليل " : ( فأنذرتكم نارّاً تلظّى ) أي تلتهب وعلى كل حال هي غلطة من الأديب " فاروق شوشة " والتعبير الشعبي العربي يقول " غلطة الشاطر بألف " يضاف إليها أن مقالته العجلى هذه لا تكفي جزالة القصيدة التي تحتاج إلى الدراسة التحليلية لرموزها وإسقاطاتها التي قصد إليها الشاعر الكبير " عبد الله البردوني " في مثل قوله فيها: ( الغرابات عنه قصَّت فصولاً كالتي أرَّختْ " جديسا وطسما" فهو يتمثل بأسطورة قبيلتي " جديس وطسم " العربيتين القديمتين التي تغلبت فيها القبيلة الأولى على الثانية بعد أن قهرتها زمناً طويلاً ، وهذه الأسطورة تتشابه في جانب منها مع أسطورة " ملحمة جلجامش " الآشورية العراقية المشهورة وقد وردت " طسم " بخطأ مطبعي واضح هو تقديم الميم على السين في مقالة " فاروق شوشة " ( طمس ) وهو تحريف للاسم الصحيح زيادة على أنه مخالفة للقافية " الميم" . |
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.