حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   دواوين الشعر (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=33)
-   -   اطلالة علي لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب . (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=75367)

السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:47 PM

اطلالة علي لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب .
 


الفعل المضارع

الفعل المضارع: ما دلَّ على حدَثٍ يجري مستمرّاً(1)، نحو: [ينجح خالد، وتفرح سعاد، ونسافر مبكِّرين، وأقرأ كثيراً...] ولا بدّ من أن يكون أوَّلُه حرفاً مزيداً من أربعة هي: النون والهمزة والياء والتاء، تجمعها كلمة: (نأيت).

ومن علاماته أن يقبل دخول [سوف]، نحو: [سوف نسافر].

أحكام:

¨ تُحذَف الواو من مضارع الفعل المثال(2) الواويّ، إذا كان متعدياً. نحو [وَعَدَ ووَضَعَ] فيقال: [يَعِدُ ويَضَعُ].

¨ يُرْفَع المضارع بالضمة، ويُنصَب بالفتحة، ويُجزَم بالسكون، نحو: [يسافرُ خالدٌ، ولن يرجِعَ، ولم يُودّعْ أصحابَه]. فإذا اتصل به ضمير الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبَة، رُفِع بالنون، وجُزم ونُصب بحذفها. وذلك في خمسة أفعال، يسمّونها (الأفعال الخمسة). تقول في الرفع: [يسافران وتسافرون وتسافرين]، وفي الجزم والنصب: [إن يسافروا فلن يندموا ولن تندمي].

¨ يبنى المضارع مرتين:

مرةً على السكون إذا اتصلت به نون النسوة نحو: [هنّ يشربْنَ].

ومرةً على الفتح إذا اتصلت به نون التوكيد - خفيفةً أو ثقيلةً - مباشرة بغير فاصل، نحو: [لَتَكْتُبَنْ ولَتَكْتُبَنَّ](3).


السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:51 PM

الإبدال
الإبدال: إحلالُ حرفٍ في الكلام محلَّ حرف، كنحو: سُمبُلة قمح، وهَراقَ الدمَ، وامْبَرى له، فإنها في الأَصل: سنبلة، وأراق، وانبرى.

فالإبدال إذاً مسألة لغوية تتعلق بنطق الحروف، لا بتركيب الكلام. وإنما عرضنا له هاهنا، لتوجيه النظر إلى ظاهرة لغوية، قد يمرّ المرء بها ولا يلتفت إليها.



* * *


السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:53 PM

الأحرف المشبّهة بالفعل (1)



الأحرف المشبّهة بالفعل هي: [إنّ وأنّ (للتوكيد)، كأنّ (للتشبيه)، لكنّ (للاستدراك)، ليت (للتمنّي)، لعلّ (للترجّي)، لا (لنفي الجنس)]. ولكلٍّ منها أحكام خاصّة تُذكر معها في موضعها من قسم الأدوات.



أحكامها العامة:

¨ تدخل على المبتدأ والخبر، فتنصب الأوّل، ويسمّى اسمها، وترفع الثاني، ويسمّى خبرها، نحو: [إنّ خالداً مسافرٌ، لكنّ زهيراً مقيمٌ].

¨ يمتنع تقديم أخبار هذه الأحرف على أسمائها، إلاّ أن يكون الخبر شبه جملة فيجوز، نحو: [إنّ في الرياضة نشاطاً](2).

¨ إذا اتصلت بها [ما] كفَّتها عن العمل، فعاد الكلام مبتدأً وخبراً، نحو: [إنما أنت بَشَر].

¨ إذا عطفتَ على أسماء هذه الأحرف نصبتَ المعطوف فقلت مثلاً: [إنّ سعيداً وخالداً مسافران. ولعلّ سعيداً مسافرٌ وخالداً](3).


¨ تُخفَّف أربعة أحرف منها هي: [إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ]، فيقال: [إِنْ وأنْ وكأنْ ولكنْ]، فتُهمَل عندئذٍ فلا تعمل.



* * *

السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:54 PM

الاختصاص

هو نَصْبُ اسمٍ بفعل محذوف تقديره: [أعني أو أخُصّ]، ويسمون الاسم المنصوب: [المخصوص]، اصطلاحاً. ويُؤتَى به بعد ضمير المتكلمين، ليبيّن المرادَ منه. كقولنا: [نحن - العربَ - أُباةُ الضَّيْم](1).

ثمّ إمّا أن يكون الاسم المخصوص معرَّفاً بـ [ألـ]، كما جاء في المثال المذكور آنفاً، أو مضافاً إلى معرفة، نحو: [إنّنا - أبناءَ يَعْرُب (2) - أفصحُ الناس لساناً].

* * *

نماذج فصيحة من الاختصاص

· قال عمرو بن الأهتم:

إنّا - بني مِنْقَرٍ - قومٌ ذوو حسبٍ فينا سَراةُ بني سَعْدٍ ونادِيْها

[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني منقر] وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [منقر]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضَه، وبيَّن المراد منه.

· مِن أمثلة الاختصاص المشهورة المتداولة، قول النحاة:

[نحن - العربَ - نكرم الضيف].

وكلمة: [العرب] هاهنا اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني العربَ]، وهو معرَّف بـ [ألـ]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.

· قال البحتريّ:

نحن - أبناءَ يَعْرُبٍ - أَعْرَبُ النا سِ لِساناً وأَنْضَرُ الناسِ عُودَا

[أبناء]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني أبناءَ يَعْرُب]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [يعرب]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.

· قال رؤبة ابن العجّاج، وهو من بني تميم:

بنا - تميماً - يُكشَفُ الضَباب

[تميماً]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني تميماً]، وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.

وتميم هو: ابن مُرّ... ابن مُضَر. فهو إذاً علَمٌ نُسِبت إليه قبيلة. وليست علميّتُه مرادةً في البيت، وإنما المراد قبيلةُ تميم، أو: بنو تميم، ثم حذف المضاف. ومن هنا أنهم يقولون: جاءت تميم، وحاربتْ تميم، وهُزمت تميم... ولا يقولون جاء تميم وحارب تميم وهُزم تميم!! وإنما توقفنا هاهنا فتلبّثنا لنبيّن أنّ العَلَم لا يُنصَب على الاختصاص، وأنّ الشاعر لم ينصب هذا الاسم إذاً على أنه علَم، بل نصبه على أنه مضافٌ إليه، حُذِف المضاف قبله.

· قال الشاعر:

إنّا - بني ضَبَّةَ - لا نَفِرُّ

[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني ضَبَّة]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [ضبّة]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.

· إنّا معاشرَ الأنبياء فينا بَكْءٌ (أي: قلَّةُ كلام):

حديث أورده الرضيّ في شرح الكافية 1/432، وفيه نصْبُ كلمة: [معاشر]، على أنها اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني معاشرَ الأنبياء]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [الأنبياء]. وقد جاء بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثل ذلك طِبقاً، قولُ الشاعر:

لنا - معشرَ الأنصار - مجدٌ مؤثَّلٌ بإرضائِنا خيرَ البَرِيةِ: أَحْمَدا

· قال الشاعر:

أبَى الله إلاّ أنّنا - آلَ خِندِفٍ - بنا يَسْمَعُ الصوتَ الأنامُ ويُبصِرُ

[آلَ]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني آلَ خندف]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [خندف]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثلُ ذلك الحديث: (إنّا - آلَ محمّدٍ - لا تحِلّ لنا الصدقة).

· قال بَشامةُ ابن جَزْءٍ النَهشَليّ:

إنّا - بني نَهْشَلٍ - لا ندّعي لأبٍ عنه، ولا هو بالأبناء يَشْرِينا

[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني نهشل]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [نهشل]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.

* * *

السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:56 PM

الإدغام

الإدغام: إدخال حرف في حرف مثله، بحيث يصيران حرفاً مشدَّداً، نحو: [قَلْلَ = قَلَّ، وعَدْدَ = عَدَّ].

حُكمان:

1- يجب الإدغام إذا سكن الحرف الأول منهما وتحرّك الثاني، نحو: [حَجْجَ = حجّ] و[يَحُجْجُ = يحجّ]. وبتعبير آخر أجمعَ وأمنَعَ: [كلما استُطيع الفكُّ والإدغام، وجب الإدغام](1).

2- يجوز الفكّ والإدغام، في فعل الأمر المبني على السكون، والمضارع المجزوم بالسكون(2) نحو: [اُشْدُدْ = شُدَّ (أمر مبني على السكون)] و [لم يَمسَسْ = لم يَمَسَّ (مضارع مجزوم بالسكون)](3).

* * *


نماذج فصيحة من الإدغام

· قال تعالى: ]يكادُ زيتها يُضيءُ ولو لم تَمْسَسْهُ نار[ (النور 24/35)

فَكُّ الإدغام في الآية، على المنهاج، إذ الفعل مضارع مجزوم بالسكون. ومتى كان كذلك، جاز فيه الإدغامُ: [لم تمسَّه]، وجاز الفكُّ أيضاً: [لم تَمْسَسْه].

· ]يا أيّها الذين آمنوا مَنْ يَرْتَدَّ منكم عن دِينهِ فسوف... [ (المائدة 5/54)

المضارع في الآية مجزوم بالسكون، فيجوز فيه الإدغام: [من يرتدّ]، ويجوز الفك أيضاً،كما في الآية التالية ]ومَنْ يَرْتَدِدْ منكم عن دينه[ (البقرة 2/217)

ودونك الإدغام والفكّ أيضاً، في كلمة تكررت في آيتين:

فمن الإدغام قوله تعالى: ]ومَنْ يُشاقِّ الله... [ (الحشر 59/4). ومن الفكّ قوله تعالى: ]ومَنْ يُشاقِقِ الله... [ (الأنفال 8/13)

والإدغام والفكّ في الآيتين على المنهاج. وذلك أن الفعل فيهما مجزوم بالسكون، فيجوز معه الوجهان.

· قال الحارث بن هشام (هو أخو أبي جهل عمرو بن هشام):

وعلمتُ أني إنْ أقاتِلْ واحداً أُقتَلْ، ولا يَضْرُرْ عدوّيَ مَشْهَدِي

[يضرر]: مضارع مجزوم بالسكون، إذ هو معطوف على جواب الشرط [أُقتَلْ]. ومتى كان المضارع مجزوماً بالسكون، جاز الإدغام: [يضرَّ]، وجاز الفكُّ: [يضْرُرْ].

· ]وما يُضِلُّون إلاّ أنفسَهم وما يَضُرُّونك من شيء[ (النساء 4/112)

في الآية فعلان مضارعان: [يضلّون ويضرّون]، والإدغام فيهما واجب. (على المنهاج: سكون فحركة).

· وقال تعالى: ]واضْمُمْ يدك إلى جَناحِك[ (طه 20/22)

وقد فُكَّ الإدغام في الآية، وذلك جائز، كما أن الإدغام جائز أيضاً. ففي غير القرآن يجوز لك أن تقول: [ضمَّ يدك إلى جناحك]. إذ القاعدة أن الإدغام وفكّه جائزان، في الأمر المبني على السكون.

· وقال: ]سنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخيك[ (القصص 28/35)

والإدغام هاهنا واجبٌ لا يجوز سواه، لسكون الأول وتحرك الثاني. وليس الأمر كذلك في الآية: ]واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشْدُدْ به أَزْري[ (طه 20/31) فهاهنا فعل أمر مبني على السكون، فيجوز معه الفكّ كما رأيت في الآية، ويجوز الإدغام أي: [شُدَّ](1).

· وأما في قوله تعالى: ]فَشُدُّوا الوَثاق[ (محمد 47/4)

فلا يجوز إلاّ الإدغام، لأن الفعل - وإن كان فعلَ أمرٍ هاهنا - فإنه ليس مبنياً على السكون، بل هو مبني على حذف النون؛ ومعلوم أن شرط جواز الوجهين أن يكون فعلُ الأمر مبنياً على السكون حصراً، أو يكون فعلاً مضارعاً مجزوماً بالسكون حصراً.

· وقال: ]وهُزِّي إليكِ بجذع النخلة[ (مريم 19/25)

ولا يجوز هنا إلاّ الإدغام، أي لا يجوز [اهززي]، لأنه وإن كان فعل أمر، فإنه مبني على حذف النون، على حين جواز الإدغام والفك مشروط ببناء الأمر على السكون حصراً.

· وقال: ]فلْيَمْدُدْ بسببٍ إلى السماء[ (الحج 22/15)

وهاهنا فعل مضارع مجزوم بالسكون، فيجوز معه الإدغام والفكّ، أي: [فليمدَّ وفليمدُدْ].

* * *

السيد عبد الرازق 13-12-2008 11:59 PM

الاستغاثة

الاستغاثة: نداءٌ يُطلَب به العونُ على دفع شِدّة(1). ولها أداةٌ واحدة هي: [يا]. وأسلوب واحد، يمثّله قولك:[يا لَلأقوياءِ لِلضعفاءِ](2). وقد يتعدد المستغاث فيقال مثلاً: [يا لَلأقوياء ولِلْقادرين، لِلضعفاءِ]. فتظلّ لامُ المستغاث الأول مفتوحة: [يا لَلأقوياءِ]، وتُكسَر كلُّ لامٍ بعده، مطلقاً، أي: [ولِلْقادرين لِلضعفاءِ].

* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:05 AM



اسم الآلة

اسم الآلة: اسمٌ يدلّ على الأداة التي بها يكون الفعل. نحو: [مِبْرَد ومِنشار ومِكنَسة]. ويؤخَذ من الفعل الثلاثيّ المتعدّي (1)، نحو: [برَدْت الحديدَ - ونشَرْت الخشبَ - وكنَسْت البيتَ].

أوزان اسم الآلة: لاسم الآلة - أصلاً - ثلاثة أوزان رأيتَ أمثلتها آنفاً، هي: [مِفْعَل: مِبرد]، و[مِفْعال: مِنشار]، و[مِفْعَلَة: مِكْنسة].

لكنّ مجمع اللغة العربية بالقاهرة أضاف إليها وزناً رابعاً هو: [فَعَّالَة] نحو: غسّالة(2). ثمّ أضاف مِن بعدُ ثلاثة أوزان أخرى هي: [فِعال وفاعِلَة وفاعول] نحو: [رِباط وساقِيَة وساطور]، فأصبحت الصيغ القياسية لاسم الآلة سبعَ صيَغ(3).

تنبيه: جاء عن العرب شذوذاً أسماءُ آلات على غير هذه الأوزان، منها: [الفأس - السكّين - المُنخُل - القَدُوم...]، فتُحفَظ وتُستعمَل ولكن لا يقاس عليها.

* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:08 AM



اسم التفضيل



هو اسم مشتق (39)، وزنه [أَفْعَل] ووزن مؤنثه [فُعْلَى]، يدل على زيادة في صفة، اشترك فيها اثنان، وزاد أحدهما فيها على الآخر. نحو: [سعيد أطول من خالد].

حُكْم: إذا تَعَذَّر صَوْغُ [أَفْعَل] اسماً للتفضيل، جيء بمصدر بعد [أكثر] أو [أعظم] أو [أشدّ] أو نحوها، فيقال مثلاً: فلانٌ أعْظَمُ إنسانيّةً، وأَكْثَرُ دحرجةً، وأَطْوَلُ استغفاراً. وهكذا...

أفعل التفضيل له في الاستعمال صورتان:

الصورة الأولى:

أن يكون محلّى بـ [ألـ]، فيطابق ما قبله في كل شيء، نحو:

جاء الفائز الأكبر جاءت الفائزة الكبرى

جاء الفائزان الأكبران جاءت الفائزتان الكبريان

جاء الفائزون الأكبرون جاءت الفائزات الكبريات

الصورة الثانية:

ألاّ يكون محلّى بـ [ألـ]، فيأتي عند ذلك على صورة واحدة، لا تتغيّر في كل حال، هي صورة [أَفْعَل]، مهما يكن الذي قبله والذي بعده(1).


ففي التعبير عن التفضيل المطلق يقال مثلاً:

هو أفضل رجل ، وهو أفضل الرجال

هي أفضل امرأة ، وهي أفضل النساء

هما أفضل رجلين ، وهما أفضل الرجال

هاتان أفضل امرأتين ، وهاتان أفضل النساء

هم أفضل رجال ، وهم أفضل الرجال

هنّ أفضل نساء ، وهنّ أفضل النساء

ففي كل حالٍ [أَفْعَل]، مهما يكن ما قبله وما بعده. فإذا احتيج إلى التقييد، زِيدتْ [مِنْ]، بعد [أَفْعَل]. فيقال مثلاً: خالد أفضل من سعيد، وزينب أفضل من فاطمة، وهكذا...



* * *



نماذج فصيحة من استعمال اسم التفضيل

· قال تعالى: ]سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى[ (الأعلى 87/1)

[الأعلى]: اسم تفضيل، حُلّي بـ [ألـ]، فطابق كلمة [ربّك]، في التذكير والإفراد والتعريف.

· حديث: [اليدُ العُلْيا خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفْلى] (صحيح مسلم 7/124)

في الحديث مسألتان:

الأولى: أن [العليا] مؤنث الأعلى، و[السفلى] مؤنث الأسفل. فهما اسما تفضيل. وقد جاء كلاهما محلّى بـ [ألـ]، فطابقتا ما قبلهما؛ فـ [اليد] قبلهما، مفرد مؤنث معرّف، ولذلك جاء كلّ منهما مفرداً مؤنثاً معرّفاً.

والمسألة الثانية: أن كلمة [خَيْر]، الأصل فيها [أَخْيَر]، وِزان [أَفْعَل]، فهي إذاً اسم تفضيل حذفت همزتُه(1). ويُلاحَظ مجيء [مِن] بعدها، بسبب التقييد. إذ المعنى: خيرٌ من اليد السفلى فقط، لا خيرٌ من كلّ يدٍ على الإطلاق.

· قال تعالى: ]إنْ تَرَنِ أنا أَقَلَّ منك مالاً وولداً[ (الكهف 18/39)

اسم التفضيل [أقلّ] - في الآية - غير مُحَلّى بـ [ألـ]، ولذلك يكون وِزانَ [أفعل]، في كلّ حال، مهما يكن الذي قبله والذي بعده.

وقد أُتِيَ بعده بـ [مِن]، لأن في الآية تقييداً. أي: أنا أقلّ منك فقط، لا أقل من كلّ أحد على الإطلاق. ومثله قوله تعالى:

· ]ولتجدنهم أَحْرَصَ الناس على حياة[ (البقرة 2/96)

فإنّ اسم التفضيل [أحرص] في الآية، غير محلّى بـ [ألـ]، ولذلك يكون وِزان [أفعل]، من غير التفات إلى مجيء ما بعده، نكرةً أو معرفة. إذ القاعدة هي هي في كل حال.



* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:10 AM

اسم الجمع

اسم الجمع: هو ما تضمّن معنى الجمع، ولكن لا واحد له. نحو: [جيش وقوم ونساء وشعب...]. ولك الخيار في أن تعامله معاملة المفرد، أو معاملة الجمع. فتقول مثلاً: النساء سافرت، والنساء سافَرْنَ، والقوم رحل، والقوم رحلوا...



* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:11 AM

اسم الجنس الإفرادي

اسم الجنس الإفرادي: هو ما دلّ على الكثير والقليل من الجنس، نحو: لبن، عسل، ماء...

* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:13 AM

اسم الجنس الجمعي

اسم الجنس الجمعي: هو ما تضمن معنى الجمع، دالاّ على الجنس، نحو: بطيخ وتفاح وتمر. ويفرق بينه وبين مفرده تاء تلحق المفرد، فيقال في حالة الإفراد: بطيخة وتفاحة وتمرة...



* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:15 AM

اسم الفاعل

اسم الفاعل: صيغة قياسية تدل على مَن فَعَل الفِعل؛ تُشتق من الثلاثي على وزن [فاعِل] نحو: [راكض - جالس - قاعد - قائل...]، وله صِيَغُ مبالغة نحو: سَيْفٌ بَتّار = [فَعّال]، ورجل أكول = [فَعُول]، وخطيب مِقْوال = [مِفْعال]، وأب رحيم = [فَعِيل]، وعدوّ حَذِر = [فَعِل].

ويُشتق اسم الفاعل من غير الثلاثي على صورة الفعل المضارع، بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وكسر ما قبل الآخر، نحو: [يتعلَّم - مُتعلِّم، يتراجَع - مُتراجِع، يستخرج - مُستخرِج، يساعد - مُساعِد...].

عمل اسم الفاعل:

يعمل اسم الفاعل عمل فعله، فيرفع فاعلاً وينصب مفعولاً به ويتعلق به شبه جملة، نحو: [أقارئٌ زهيرٌ كتاباً في البيت]. فـ [زهيرٌ] فاعل لاسم الفاعل [قارئ]، و[كتاباً] مفعولُه، وشبه الجملة [في البيت] متعلّق به(1).

* * *
نماذج فصيحة من استعمال اسم الفاعل

· قال تعالى: ]فويلٌ للقاسيةِ قلوبُهم من ذِكْرِ الله[ (الزمر 39/22)

[القاسية]: اسم فاعل محلّى بـ [ألـ]، و[قلوبُ] فاعل لاسم الفاعل، مرفوع.

· وقال: ]وجاعِلُ اللّيلِ سَكَناً[ (الأنعام 6/96)

[سكناً]: مفعول به لاسم الفاعل [جاعلُ]. على أنّ للآية قراءة أخرى هي: ]وجَعَلَ اللّيلَ سَكَناً[، ولا شاهد في الآية عند ذلك على ما نحن بصدده.

· وقال: ]وكلبُهم باسِطٌ ذراعيْهِ بالوَصِيد[ (الكهف 18/18)

[باسط]: اسم فاعل، و[ذراعيه] مفعول به لاسم الفاعل، منصوب وعلامة نصبه الياء، لأنه مثنى.

· وقال الأعشى يشبّه يزيد بن مسهر الشيباني بالوعل (الديوان /61):

كناطحٍ صخرةً يوماً لِيُوهِنَها فلم يَضِرْها، وأَوْهَى قَرنَهُ الوَعِلُ

[ناطح]: اسم فاعل عمِل عمَل فعله [نَطَحَ]، فنصب مفعولاً به هو [صخرةً].

· ]والذّاكرين الله كثيراً والذّاكرات[ (الأحزاب 33/35)

[الذاكرين]: جمع اسم الفاعل: [الذاكر]، وقد عمِل عمَل فعله [ذَكَرَ] فنصب مفعولاً به، هو لفظ الجلالة. وذلك أن اسم الفاعل يعمل مفرداً ومثنى وجمعاً. ومِن عمله وهو مثنى، قول عنترة (الديوان /154):

الشاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشتمهما والناذِرَيْن إذا لقيتُهما دمي(2)

[الشاتِمَيْ]: مثنى اسم الفاعل [الشاتم]، وقد عمِل عمَل فعله [شَتَمَ] فنصب مفعولاً به هو كلمة [عِرْض].



* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:25 AM

و- الفعل المضارع المعتل الآخر






{إنما يخشى الله من عباده العلماء}

يسعى الآباء في خير َالأبناء
أ

يشقى الجاهل بجهلِه





لن يرقى الكسولُ إلى المجد


لن ينأى السفهاء ُعن الدنايا
ب

أود أن تهوى القراءةَ





{ولا تنسى نصيبك من الدنيا}


لا تنهَ عن خلق وتأتيَ مثلَه
جـ

لم يرض المجد إلا بالعمل والمثابرة





{تجري من تحتهم الأنهار}


يتقي المؤمنُ ربه
د

المصلي يصحو من نومه مبكراً





لن تجريَ المقاديرُ إلا بأمرِ الله


لن يتقيَ المؤمنُ إلا ربه
هـ

تاركُ الصلاةَ لن يصحو من نومه مبكراً





{فلا تدع مع الله أحداً}


{ولا تمش في الأرض مرحاً}
و

(لا تقض وقتك في اللعب)





الإيضاح:

تأمل الأفعال المضارعة (يخشى، يسعى، يشقى) الواردة في المجموعة، أولى (أ) نجدها أفعالاً معتلة الآخر قد تجردت من الناصب والجازم وجاءت مرفوعة بالحركة، ولكن هذه الحركة التي هي الضمة لم تظهر في آخر الفعل وذلك لتعذر ظهورها على حرف العلة الذي جاء في أخر الفعل، فجميع هذه الأفعال التي هي يخشى، يسعى، و يشقى مرفوعة وعلامة رفعها ضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.

ثم تأمل الأفعال المضارعة (يرقى، ينأى، تهوى) في المجموعة الثانية (ب) تجدها أفعالا معتلة الآخر بالألف أيضاً وجاءت مسبوقة بناصب هو لن أو أن ولكن الحركة التي هي الفتحة لم تظهر على أخر الفعل وذلك لتعذر ظهورها على حرف العلة الذي هو الألف و قد قدرت الفتحة عليه لاستحالة ظهورها. هذه الأفعال الأتي هي: يرقى، ينأى، يهوى، منصوبة بفتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر.

إذا نظرت إلى الأفعال المعتلة الأَخر بالألف (تنس، تنه، يرض) في المجموعة الثالثة (ج) وجدتها مسبقة بجازم وهو لا أو لم وقد حذف منها حرف العلة. وهكذا تجزم هذه الأفعال المضارعة المعتلة الأَخر بالألف بحذف حرف العلة من آخرها.

أما الأفعال المعتلة الآخر بالياء أو الواو (تجري، يتقي، يصحو) الواردة في المجموعة الرابعة (د) فإنها قد تجردت من الناصب والجازم وجاءت مرفوعة بالحركة فقدرت الضمة على آخرها لثقلها على الياء أو الواو حيث يثقل على اللسان أن تظهر الحركة على حرف العلة الذي هو الياء أو الواو وإن كان ذلك مستطاعاً مع مشقة، فجميع هذه الأْفعال التي هي: تجري، يتقي، يصحو مرفوعة بضمة مقدرة على الياء أو الواو منع من ظهورها الثقل.

وحين تلاحظ الأفعال نفسها (يجرى، يتقي، يصحو) في المجموعة الخامسة (هـ) تجدها مسبقة بناصب وهو لن وأن الحركة التي هي الفتحة قد ظهرت على آخر الفعل المعتل الآخر بالياء أو الواو وذلك لخفة ظهورها عليهما.

أما الأفعال (تدع، تمش، تقض) المعتلة الآخر بالواو أو الياء في المجموعة السادسة (و) فإنها مسبوقة بجازم وهو (لا) فكانت علامة جزمها حذف حرف العلة من آخرها.



القاعدة:


الفعل المضارع المعتل الأَخر: هو ما كان آخره حرف علة ألف أو واو أو ياء.

أما المعتل بالألف فإنه يرفع وينصب بضمة وفتحة مقدرتين على الألف لتعذر ظهور الحركة على الألف واستحالتها، ويجزم بحذف حرف العلة وهو الألف نيابة عن السكون.

أما المعتل بالواو أو الياء فإنه يرفع بضمة مقدرة على الواو والياء منع من ظهورها الثقل وينصب بفتحة ظاهرة على الواو أو الياء ويجزم بحذف حرف العلة أي الواو أو الياء.


تمرينات

(1)

استخرج مما يأتي الأفعال المضارعة المعتلة الأَخر وبيَن علامات إعرابها:

{يوم ندعو كل أناس بإمامهم}

{فلا تدع مع الله إلهاً أخر}

{يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أتي خيراً كثيراً}

وإن تنأ عني تلفني عنك نائيا
فإن تدن مني تدن منك مودتي

يزدني في مباعدة ذراعا
بليت بصاحب إن أدن شبرا



قال بعض الحكماء: لا تخل قلبك من المذاكرة فتعود عقيماًَ، ولا تعف طبعك من المذاكرة فتصير سقيما.

قال عمر رضـي الله عنه: كفى بالمرء غيا أن تكون فيه خلة من ثلاث: أن يعيب الشيء ثم يأتي مثله، أو يبدو له من أخيه ما يخفي عليه من نفسه أو يؤذي جليسه فيما لا يعنيه.

قال حكيم لابنه: يا بني لا تضع مالك تصلح مال غيرك، ولا تضحك من غير عجب، ولا تمش في غير أرب.



(2)

هات في جمل مفيدة ثلاثة أفعال مضارعة بحيث يكون الأول مرفوعاً بضمة مقدرة على الواو، والثاني منصوباً بحذف النون، والثالث مجزوماً بحذف حرف العلة.


(3)

ضع كل فعل من الأفعال الآتية في جملة مفيدة بحيث يكون مرة مرفوعاً ومرة منصوباً مرة مجزوماً: يبدو- يرضى- يقتنى- يعلو- يشكو- يرعى.


(4)

هات مضارع كل فعل من الأفعال الآتية ثم ضع كل فعل في جملتين بحيث يكون في إحداهما مرفوعاً بالضمة وفي الأخرى مرفوعاً بثبوت النون:عفا- أبدى- نسي.


(5)

نموج في الإعراب:

يخشى الإنسان البرد.

ينمو النباتُ.

لن يصفوَ الجو.

لم يبن خالد بيتاً.


- فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
يحشى
- فاعل مرفوع بالضمةْ الظاهرة.
الإنسان
- مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة،
البرد
- فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل.
ينمو
- فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
النبات
- حرف نفي ونصب
لن
- فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
يصفو
- فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
الجو
- حرف نفي وجزم،
لم
- فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهو الياء.
يبن
- فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
خالد
- مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
بيتاً



(6)

أعرب ما تحته خط فيما يأتي:

الحر يأتي الهوان.

العاقل يقضى وقته فيما ينفعه

عقود مدح فما أرضى لكم كلمي
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها

وحسب المنايا أن يكن أمانيا
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

سنموت أو نحيا ونحن كرام
إنا جمعنا للجهاد صفوفنا











السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:32 AM



نصب الفعل المضارع



ينتصب الفعل المضارع، بعد الأدوات الآتية(1):

1- أَنْ نحو: أريد أن أسافرَ.

2- لَنْ نحو: لن أسافرَ.

3- كَيْ نحو: أسافر كي أتجدّدَ.

4- لام التعليل: وضابطها أن يكون ما بعدها علَّةً وسبباً لما قبلها، نحو: [أدرس لأنجحَ].

5- الواو – الفاء – ثُمَّ – أَوْ، العاطفاتِ فعلاً على اسم جامد (مصدراً كان أو غير مصدر): وذلك أن الفعل إنما يُعطَف على فعل مثله، فإذا عطَف العربيُّ فعلاً على اسم، نَصبَ الفعلَ المعطوف، نحو:

[سفرُك وتشاهدَ ما لا تعرف خيرٌ لك] = سفرُك ومشاهدتك خيرٌ لك.

[كسرة خبز وتصانَ الكرامة أحسن من كنوز الدنيا] = كسرة خبز وصون الكرامة أحسن...

[صدقُك فتُحتَرَمَ وِسامٌ تستحقه] = صدقك فاحترامك وسام تستحقه.

[تعبُك ثم تفوزَ عمل وجزاء] = تعبُك ثم فوزك عملٌ وجزاء.

[تلبية الدعوة أو تعتذرَ أليق] = تلبية الدعوة أو الاعتذار أليق(2).

6- لام الجحود: ويُشترط في انتصاب المضارع بعدها، أن تكون مسبوقةً بـ[ما كان أو لم يكن] نحو: ]وما كان اللّه ليظلمَهم[ و ]لم يكن اللّه ليغفرَ لهم[

7- حتّى: ومنه ]لن نبرحَ عليه عاكفين حتّى يرجعَ إلينا موسى[.

تنبيه: إنما ينتصب الفعل المضارع بعد (حتّى)، إذا كان زمانه للمستقبل، وإلاّ لم ينتصب، بل يُرفع نحو: [غاب خالد حتى لا نشاهدُه]. فتكون [حتّى] حرف ابتداء، والجملة بعدها استئنافية.

8- أو: شريطة أن تكون بمعنى (إلى أن) نحو: [أظلّ أطالبُ أو أنالَ حقّي]، أو (إلاّ أن) نحو: [أُعرِضُ عن المكابر أو يقرَّ بالحقّ].

9- فاء السببية: وإنما ينتصب المضارع بعدها بشرطين اثنين: أن يسبقها نفي: [لم تدرسْ فتنجحَ]، أو طلب كالأمر مثلاً [ادرسْ فتنجحَ](3) وأن يكون ما قبلها سبباً لما بعدها. فإن لم يتحقق الشرطان، امتنع النصب، وارتفع المضارع(4).

10- واو المَعِيَّة: وضابطها أن تكون بمعنى (مع)، نحو: [لا تشربْ وتضحكَ]، ففيه نهي عن أن تفعلهما معاً. وشرط انتصاب المضارع بعد واو المعية، أن يسبقها نفي أو طلب - وهو شرط مشترك بينها وبين فاء السببية كما تلاحظ.



* * *

نماذج فصيحة من نصب الفعل المضارع

· قالت ميسون بنت بحدل، زوجة معاوية بن أبي سفيان:

ولُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ من لُبْس الشفوفِ

[لُبس]: اسم جامد (مصدر)، والواو قبل الفعل المضارع: [تقرَّ] هي حرف عطف. والأصل أن الفعل يُعطف على فعل مثله. لكن لما لم يكن المعطوف عليه فعلاً، بل كان اسماً وهو [لُبس]، عمدت الشاعرة إلى نصب الفعل [تقرَّ]. وتلك من طرائق التعبير في العربية: أن ينصب العربي الفعل المضارع إذا عطفه على الاسم. والتقدير: [لُبس عباءة وقرةُ عين أحبّ إليّ].

· وقال الشاعر:

لولا تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَهُ ما كُنْتُ أوثِرُ إتراباً على تَرَبِ

يريد: أنّه لولا توقُّعُه فقيراً محتاجاً، فيعطيه من ماله، ما كان فضَّل الإتراب (الغنى) على التَّرَب (الفقر).

[توقّع]: اسم جامد (مصدر)، وقد عطف الشاعر فعل [أرضيَه] عليه بواسطة الفاء. وما قلناه في بيت ميسون نقوله هنا طِبقاً، عدا أن حرف العطف في بيتها هو الواو وفي بيت الشاعر هو الفاء. فقد نصب فعل [أرضي] بسبب عطفه على الاسم [توقّع] بواسطة الفاء. والتقدير: [لولا توقعٌ فإرضاءٌ ما كنت أوثر].

ودونك نموذجاً آخر لعطف المضارع على الاسم بواسطة [ثم] وهو قول الشاعر أنس بن مدركة:

إني وقَتْلي سُلَيْكاً ثمّ أعْقِلَه كالثَّوْرِ يُضْرَب لما عافتِ البقرُ

يريد: أنه قتل سليكاً (اسم رجُل) ثم عقله (احتمل ديتَه) فكان كالثَّور: يُضرَب لتخاف الضربَ إناثُ البقر فتشرب.

فقد عطف فعل [أعقِلَ] على الاسم الجامد [قتلي (مصدر)]، بواسطة [ثم]، فأوجب نصبه. والتقدير: [قتلي سليكاً ثم عقلي إياه كالثور يضرب].

· قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكْرَ لِتُبَيِّنَ للناس[ (النحل 16/44)

[لتبيّنَ]: فعل مضارع، مسبوق بلام التعليل. وهي لامٌ يكون ما بعدها علّةً وسبباً لما قبلها. وفي الآية تحقيقٌ لذلك، إذ القصد إلى التبيين، هو العلة والسبب في إنزال الذِّكر. ومتى سُبق المضارع بهذه اللام وجب نصبه، وهو ما تراه في قوله تعالى: [لتبيّنَ].

· ]قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يرجعَ إلينا موسى[ (طه 20/91)

[يرجعَ] فعل مضارع منصوب على المنهاج. وذلك أن المضارع يُنصب إذا سبقته [حتى] وكان زمانه للمستقبل. وقد تحقق ذلك في الآية لأنهم حين قالوا: [لن نبرح عليه عاكفين] لم يكن موسى بعدُ قد رجع، وإنما رجع بعد قولهم هذا، فكان زمان الفعل إذاً للمستقبل، وتحقق معه شرط النصب بـ [حتى].

· قال حسّان بن ثابت:

يُغْشَوْنَ حتّى ما تَهِرُّ كلابُهُم لا يَسألُون عنِ السَّوادِ المُقْبِلِ

[ما تهِرُّ]: هاهنا فعل مضارع مرفوع، وإن سبقته [حتّى]. وبيان ذلك، أن الشاعر لَم يعبّر به عن زمن مستقبل آتٍ، بل عبّر به عن عادة من عادات كلاب مَمدوحيه الكرماء، هي أن الضيوف يَعْرُون هؤلاء الممدوحين فلا تنبحهم الكلاب، لألفتها الضيوف واعتيادها رؤيتهم وأُنْسها بهم.

ولما كان المضارع لا ينتصب بعد [حتى]، إلا إذا كان زمانه للمستقبل، وكان زمان [تهرّ] في البيت لا يدل على مستقبل، رفع الشاعر هذا الفعل فقال [تهرُّ].

وننبّه هاهنا على أن [حتى] في هذه الحال تكون حرف ابتداء تُبتَدَأ به الجمل، وتكون الجملة بعدها استئنافية.

· قال الشاعر:

لأَستسهِلَنَّ الصعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى فما انقادتِ الآمالُ إلاّ لِصابِر

[أو أُدركَ]: فعل مضارع منصوب، لأن [أو] سبقته. ولا بد هاهنا من التنبيه على أن النصب إنما يجب إذا كان معنى [أو]، هو [إلى أنْ] أو [إلاّ أنْ]. وقد تحقّق المعنى الأول في البيت، أي: [إلى أنْ] إذ المعنى: [لأستسهلن الصعب إلى أنْ أدرك المنى]. فكان النصب على المنهاج.

وأما المعنى الثاني وهو [إلاّ أنْ]، فتجده متحققاً في قول الشاعر زياد الأعجم:

وكنتُ إذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ كَسَرْتُ كُعُوبَها أَوْ تَسْتَقِيمَا

وذلك أن الفعل المضارع: [تستقيمَ] قد انتصب لأن [أو] سبقته متضمنةً معنى [إلاّ أنْ]. وذلك أن الشاعر أراد: [كسرت كعوبها إلاّ أن تستقيم فأعرض عن كسرها]. وهكذا جاء نصب المضارع على المنهاج.

· قال تعالى: ]ولا تطْغَوا فيه فيحلَّ عليكم غضبي[ (طه 20/81)

[فيحلَّ]: هاهنا فعل مضارع منصوب، والفاء قبله هي فاء السببية. وإنما ينتصب بعدها بشرطين اثنين: الأول أن يكون ما قبلها سبباً لما بعدها. وقد تحقق هذا الشرط، إذ الطغيان سبب لما بعده وهو حلول الغضب. كما تحقق الشرط الثاني أيضاً وهو أن يسبق فاءَ السببية أحد شيئين: نفي أو طلب. والذي هنا هو الطلب: [لا تطغَوا].

وإذ قد تحقق الشرطان فقد وجب النصب فقيل: [فيحلَّ].

· قال الشاعر:

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مثلَهُ عارٌ عليكَ إذا فَعَلْتَ عظيمُ

[وتأتيَ]: الفعل مضارع منصوب. والواو قبله واو المعية. والمضارع إنما ينتصب بعدها إذا كانت بمعنى [مع] وسبقها نفي أو طلب. فهاهنا إذاً شرطان: الأول أن تكون بمعنى [مع] فتفيد المصاحبةَ وحصولَ ما قبلها مع ما بعدَها. وقد تحقق ذلك في البيت إذ أمر الشاعرُ مخاطَبَه بعدم إتيانه عملاً (مع) نهيه عنه.

كما تحقق الشرط الثاني أيضاً وهو أن يسبقها نفي أو طلب. والذي هنا هو الطلب: [لا تنهَ]. وإذ قد تحقق الشرطان فقد وجب النصب فقيل: [وتأتيَ].



* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:34 AM

اسم الفعل
اسم الفعل كلمة، تدل على ما يدل عليه الفعل، لكنها لا تقبل علاماته. مثال ذلك، [شَتَّانَ] فإنه يدل على ما يدل عليه الفعل الماضي: [افترقَ]، ولكنه لا يقبل علامة الفعل الماضي. فلا يقال مثلاً: [شَتّانَت].

واسم الفعل قد يكون بمعنى الفعل الماضي، مثل: [هيهات = بَعُد]. أو بمعنى الفعل المضارع نحو: [أُفٍّ = أتضجّرُ]. أو بمعنى فعل الأمر نحو: [مكانَك = اُثْبُتْ] و[إلَيْكَ = تَنَحَّ].

أحكام:

¨ أسماء الأفعال كلّها سماعية، ولا يستثنى من ذلك إلا صيغة واحدة، وزنُها [فَعالِ] ومعناها الأمر فإنها قياسية. فمِن: نَزَلَ وترَك ولعِب وكتَب وحذِر... يُصاغ: نَزَالِ وتَراكِ ولَعابِ وكَتابِ وحَذارِ...

¨ أسماء الأفعال تلزم صيغة واحدة لا تتغيّر. تقول: صه يا رجل، ويا امرأة، ويا رجلان، ويا امرأتان، ويا رجال، ويا نساء.

¨ كاف الخطاب تلحق اسم الفعل وجوباً، إذا كان أصله شبه جملة (ظرفاً أو جارّاً ومجروراً)، نحو: إليك عني - إليكما عني - إليكم عني - إليكنّ عني - مكانك - مكانكما - مكانكم - مكانكنّ.

¨ يعمل اسم الفعل عمل فعله مِن رفع فاعل، ونصب مفعول...


ودونك أشهر أسماء الأفعال، وأكثرها استعمالاً:

آمينَ: استجِبْ
حيَّ: أَقْبِلْ

آهِ=آهٍ=آهاً: أتَوجعُ
شتانَ: افترقَ

أفٍّ: أتضجّرُ
صهْ=صهٍ: اسكتْ

إليكَ عني: تنحَّ وابتعدْ
عليك: اِلْزمْ

أمامكَ: تقدّمْ
مكانَك: اُثْبتْ

أوّهْ: أتألّمُ
هاكَ: خُذْ

إيهِ=إيهٍ: حدّثْ وزِدْ
هيّا: أسرعْ

بَسْ: اكتَفِ وارفُقْ
هَيْهات: بَعُدَ

بَلْهَ: اُتركْ
وا=واهاً=وَيْ: أعجبُ

حَذارِ: اِحذرْ
وراءَك: تأخرْ




* * *

نماذج فصيحة من استعمال اسم الفعل

· قال تعالى: ]فلا تقلْ لهما أُفٍّ ولا تنهرهما[ (الإسراء 17/23)

[أفٍّ]: اسم فعل مضارع، معناه: أتضجّر.

· قال عليّ كرّم الله وجهه يخاطب الدنيا: [إِليكِ عنّي يا دنيا فحَبْلُكِ على غارِبك] (نهج البلاغة - د. الصالح /419)

[إليكِ]: اسم فعل أمر معناه تَنَحَّيْ وابتعِدي.

· قال ذو الرّمّة (الديوان 2/778):

وقَفنا فقُلْنا: إِيهِ عن أمِّ سالمٍ وما بالُ تَكْليمِ الديارِ البَلاقِعِ

[إيه]: اسم فعل أمر، والمعنى: زد من حديثك عنها.

· وقال كعب بن مالك يصف فِعْل السيوف:

تَذَرُ الجَماجِمَ ضاحِياً هاماتُها بَلْهَ الأكُفَّ كأنها لم تُخْلَقِ

(ضاحياً: بارزاً منفصلاً من مكانه) [بَلْهَ]: اسم فعل أمر معناه: دَعْ، اترُكْ..

· وقال الشاعر (شرح المفصّل 4/34):

يا ربّ لا تسلبنّي حبَّها أبداً ويرحمُ الله عبداً قال: آمينا

[آمين]: اسم فعل أمر معناه: استجبْ.

· وقال سالم بن أبي وابصة (المستطرف 1/133):

عليكَ بالقَصْد فيما أنتَ فاعِلُهُ إنّ التخَلُّقَ يأتي دونَهُ الخُلُقُ

[عليك]: اسم فعل أمر، معناه: اِلْزَمْ، وتمسّك.

· قال الأعشى (الديوان /147):

شَتَّانَ ما يَوْمِي على كُورِها ويومُ حَيّانَ أَخِي جابِرِ

(كورها: أراد كور الناقة، وهو لها كالسرج للفرس)

[شتان]: اسم فعل ماض، معناه: افترقَ.

· وقال أبو النجم العجلي (الديوان /227):

واهاً لِرَيّا ثمّ واهاً واها هِيَ المُنى لو أنّنا نِلْناها

[واهاً]: اسم فعل مضارع، معناه: أَعْجَبُ.

· وقال ربيعة بن مقروم الضبي (شرح المفصّل 4/27):

فَدَعَوا نَزالِ فَكُنْتُ أَوّلَ نازِلٍ وعَلامَ أَرْكَبُهُ إذا لم أَنْزِلِ

[نزال]: اسم فعل أمر قياسي، معناه: اِنزلْ.

· وقال ابن ميادة يحثّ ناقته على الإسراع (الديوان /237):

وقد دَجَا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا

[هيّا]: اسم فعل أمر، معناه: أَسْرِعْ.

* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:35 AM

اسم المرة

يدل اسم المرة على وقوع الفعل مرة واحدة. ويصاغ من الفعل الثلاثي على وزن [فَعْلَة] نحو: [سار فلان سَيْرَة، وجلس جَلْسَة].

وأمّا الفعل غير الثلاثي فاسم المرة منه، هو مصدره القياسيّ، مضافاً إليه تاء في آخره. نحو: [انحدر فلان انحدارة] و[استكبر استكبارة].

فإذا كان مصدر الفعل ممّا ينتهي بتاء - أصلاً - نحو: رحمة ودعوة وإعانة واستقامة، وأريد استعماله للدلالة على المرة، فحينئذ يؤتى بعده بكلمة تدل على ذلك، فيقال: رحمة واحدة، ودعوة واحدة، وإعانة واحدة، واستقامة واحدة...

* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:37 AM

اسم المصدر

ليس في العربية [اسم مصدر] بل فيها [مصدر]، لكن كتب الصناعة تسمّي المصدر: [اسم مصدر]، إذا كانت حروفه أقل من حروف فعله الماضي.

مثال ذلك: [سلّم خالد سلامَ مستعجلٍ]، فـ [سلام = س ل ا م] عندهم اسم مصدر، لأن حروفه الأصلية أقل من حروف الفعل الماضي: [سلّم = س ل ل م]. وكذلك: [توضّأ وضوءاً]، فـ [وضوء] عندهم اسم مصدر، لأن حروفه أقل من حروف فعله الماضي: [توضّأ = ت و ض ض أ]. وهكذا...



* * *

السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:38 AM



اسم المفعول



هو صيغة قياسية تدل على من وَقَع عليه الفعل.

صَوْغه:

يصاغ من الفعل الثلاثي على وزن [مَفْعُول] نحو: [مشروب - مكتوب - مسروق - مقطوع...](1).

ويصاغ من غير الثلاثي، على صورة المضارع المجهول، وإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، كما ترى:

المضارع المجهول اسم المفعول

يُحترَم مُحترَم

يُقاتَل مُقاتَل

يُستخرَج مُستخرَج...

هذا، والأصل في كل حال، أن يصاغ اسم المفعول من الفعل المتعدّي، فإذا احتيج - في الاستعمال - إلى صوغه من فعل لازم، وجب أن يصحبه شبه جملة، نحو: [فلان مذهوبٌ به] و[السطح مجلوسٌ فوقه].


عمله:

يَرفع اسمُ المفعول نائبَ فاعلٍ، بدون قيد ولا شرط، نحو: [هذا مكسورٌ قلمُه]. فالقلم نائب فاعل لاسم المفعول [مكسور](2).

تنبيه:

قد يكون لاسم المفعول واسمِ الفاعل لفظٌ واحد، فيتعيّن هذا أو ذاك من سياق الكلام، نحو: [يناضِل أبناءُ البلد المُحْتَلِّ (اسم مفعول)، لِطَرْد العدوِّ المُحْتَلِّ (اسم فاعل)].



* * *




السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:39 AM

الاسم المقصور وتثنيته وجمعه



الاسم المقصور(1): اسمٌ آخره ألف نحو: [هُدى، العطشى، كسرتْ عصا الفتى مصطفى].

1- تثنيته وجمعه (لهما حكم واحد، له استثناء واحد):

كلّ اسم مقصور إذا ثنّيته أو جمعته جمع مؤنث سالماً(2)، قلبت ألفه ياءً. إلاّ أن يكون ثلاثياً أصل ألفه واو، فتردّها إلى واو. ودونك من ذلك نماذج:

المفرد
المثنى
جمع المؤنث السالم
ملاحظات
فَتَى
فَتَيان/فتيَيْن
-
لا يُجمَع جمع مؤنث سالماً.

هُدَى
هُدَيان/هديَيْن
هديات


حُبْلى
حُبْلَيان/حبليَيْن
حُبْلَيات


رِضا
رِضَوان/ رِضَوَيْن
-
علمٌ مذكر، واويّ: من الرضوان.

عَصَا
عَصَوان/عَصَوَيْن
-
لا يُجمَع جمع مؤنث سالماً.




2- إذا جمعت الاسم المقصور جمع مذكر سالماً، حذفت ألفه:

ففي: [مُرْتَضَى ومصطفَى] - مثلاً - تقول في حالة الرفع: [مُرتَضَوْن ومصطَفَوْن]، وفي حالة النصب والجر تقول: [مُرْتَضَيْن ومُصطَفَيْن]. وفي [رِضا] تقول: [رِضَوْن - رِضَيْن] وفي [الأعلى] تقول: [الأعلَوْنَ - الأعلَيْن](3).

فائدتان:

الأولى: أن اتصال تاء التأنيث بالاسم المقصور، لا يغيّر من القاعدة المطردة شيئاً،وعلى ذلك تقول: [صلوات وفتيات].

الثانية: أن القياس يقضي بأن تُجمَع كلمة (حياة) على (حَيَيَات)، لأن الأصل (حيي)، ولكنهم مع ذلك جمعوها على [حَيَوَات]، كراهية تتالي لفظِ ياءَين مفتوحَتين.

* * *


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:41 AM

الاسم الممدود وتثنيته وجمعه

الاسم الممدود: اسمٌ آخرُه ألِفٌ زائدة، بعدها همزة، نحو: [سماء - صحراء - بنّاء - قُرّاء (القُرّاء: هو القارئ الناسك)].

تثنيته وجمعه:

إذا ثنّيتَ الاسم الممدود أو جمعته:

· فإن كانت همزتُه أصليةً، بقيت على حالها قولاً واحداً(1) . نحو: [قرّاءان - قرّاءتان - قرّاؤون - قرّاءات].

· وإن كانت زائدةً للتأنيث قُلِبَت واواً قولاً واحداً نحو: [صحراء - صحراوان - صحراوات] و [حسناء - حسناوان - حسناوات] و[حمراء - حمراوان - حمراوات] (الأصل: صحر - حسن - حمر).

· وإن لم تكن أصلية ولا زائدة، بل منقلبة عن واو أو ياء، فلك الخيار: تبقيها همزة أو تقلبها واواً نحو: [كساء: كساءان أو كساوان]، [غطاء: غطاءان أو غطاوان]، [سماء: سماءان أو سماوان، وفي الجمع: سماءات أو سماوات](2).

استخلاص:

مَنْ كان يكره تشعيب القواعد، وتفريعَها، فليستمسك بما يلي:

- إذا كانت همزة الاسم الممدود أصلية لم تتغير عند تثنيته وجمعه قولاً واحداً: [الأصلي لا يتغير].

- فإن كانت زائدة للتأنيث، قُلبت واواً، قولاً واحداً.

- وأما في غير هاتين الحالتين، فلك الخيار: تبقيها همزة، أو تقلبها واواً.

فائدة:

الهمزة في كلمة [عشواء] ونحوها، مزيدة للتأنيث، وحكمها - إذاً - هو حكم [صحراء وحسناء...] أي: أن تقلب همزتها في التثنية والجمع واواً فيقال: [عشواوان - عشواوات]، لكنّ اجتماع واوين يفصل بينهما ألف، يثقل في اللفظ، ولذلك قالوا أيضاً: [عشواءان - عشواءات]. وكلا الوجهين جائز.


السيد عبد الرازق 14-12-2008 12:43 AM

الاسم المنقوص وتثنيته وجمعه

الاسم المنقوص: اسم آخرُه ياءٌ مكسورٌ ما قبلَها، نحو: القاضِي، الجانِي، المحامِي(1). وتُحذَف ياؤه في حالتين:

الأولى: أن يكون مفرداً، مجرّداً من [ألـ] والإضافة، فتُحذف ياؤه، وينون بالكسر، في حالة رفعه وجره فقط، نحو:

[حَكَم قاضٍ] (حالة رفع، إذ هو فاعل) [على جانٍ] (حالة جرّ، إذ هو مجرور بعلى).

وأما في حالة النصب، فإن ياءه تثبت، فيقال مثلاً: رأيتُ قاضياً وجانياً.

الثانية: أن يُجمع جمعَ مذكر سالماً، فتُحذف ياؤه قولاً واحداً، فيقال مثلاً: شكا المحامونَ الجانِينَ إلى القاضِينَ(2).

فإذا ثنّيته، أو جمعته ; جمع مؤنث سالماً، بقي على حاله، كما ترى:

المفرد المثنى جمع المؤنث السالم الحُكم

الداعي الداعيان / الداعيَيْن الداعيات لا تغيير



* * *

ياسر الهلالي 15-12-2008 01:14 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في جهدك وضاعف ثوابك اخي السيد عبد الرزاق
انا اراجع هذه القواعد وهي بالطبع مفيدة جدا
وتقبل شكري وتقديري والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:18 PM

الاسم الموصول



هو اسم لا يتمّ معناه إلاّ إذا وُصل بشبه جملة(1) أو جملة. فمِن وصْله بشبه الجملة قولك: [أعطني الكتاب الذي عندك]. و[أعرني الكتاب الذي في الدار]. ومن وصْله بالجملة قولك: [قرأت الكتاب الذي اشتريته].

واعلم أن الأسماء الموصولة صنفان:

¨ صنف تُفْرَد ألفاظه وتُثنى وتجمع وتذكّر وتؤنث (على حسب الحال). وهي: الذي (للمفرد المذكر)، اللذان - اللذَيْن (للمثنى المذكر)، الذِين (لجمع المذكر العاقل)، التي (للمفردة المؤنثة)، اللتان - اللتَيْن (للمثنى المؤنث)، اللاتي واللواتي واللائي (لجمع المؤنث)، الأُلى (لجمع المذكر، عاقلاً أو غير عاقل)(2).

¨ والصنف الثاني: أسماء تكون بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وهي: مَنْ (للعاقل)، نحو: [يستفيد مَنْ يقرأ]، ما (لغير العاقل)، نحو: [أقرأُ مِن الكتب ما يفيدني]، أَيّ (للعاقل وغيره)، نحو: [سأزور أيَّهم أَفْضَلُ] و[يزورني أيُّهم أَفْضَلُ] و[أسلِّم على أيِّهم أَفْضَلُ](3).

* * *


نماذج فصيحة من استعمال الاسم الموصول: [الأُلى]

· قال عبيد ابن الأبرص (الديوان /8):

ديارُ بني سعدِ ابنِ ثعلبةَ الأُلى أذاع بهمْ دهرٌ على الناس رائبُ

وقد استعمل [الأُلى] لجمع الذكور العقلاء، إذ أتى به نعتاً لبني سعد ابن ثعلبة.

· وقال المجنون (الديوان /170):

محا حبُّها حبَّ الأُلى كُنَّ قبلَها وحلَّتْ مكاناً لم يكن حُلَّ مِن قَبْلُ

فجاء بهذا الاسم الموصول: [الأُلى] لجمع الإناث العاقلات، إذ أراد بقوله [حبُّ الأُلى كنّ قبلها]: حبّ النساء اللواتي كنّ قبلها.

· وقال أبو ذؤيب (شرح أشعار الهذليين 1/192):

وتُبْلي الأُلى يَسْتَلْئِمون على الأُلى تَرَاهُنَّ يومَ الرَّوعِ كالحِدَأ القُبْل

(ذَكَر المنونَ (الموت) في بيت سابق، ويريد: المنون تُبلي. يستلئمون: يتدرّعون. الحِدَأ: جمعٌ مفرده حِدَأة: طائر معروف. القُبْل: ذوات الحَوَل.)

وقد أتى بـ [الأُلى] مرتين في البيت: مرة لجمع الذكور العقلاء، وذلك قوله: [الأُلى يستلئمون]: أي الفرسان. ومرة لجمع ما لا يعقل، وذلك قوله: [الأُلى تراهنّ]: أي الخيول.



* *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:19 PM

أسماء الأصوات

أسماء الأصوات: كلمات مبنيّة، خاطب بها العربُ الحيوانَ وصغار الأطفال. مثل: [حاي] لزجر الإبل، و[نَخْ نخ] لإناختها، و[بسّ] لتسكينها عند حلبها، و[عَدَسْ] لزجر البغل، و[هَجْ] لزجر الكلب، و[كِخ] لزجر الطفل(1).

أو قلّدوا بها أصوات الحيوان والأشياء؛ فقد حاكَوا صوت وقع الحجر مثلاً، فقالوا: [طَق]، وصوت الضرب، فقالوا: [طاق]...

تنبيه:

يقف النحاة حين يبحثون في أسماء الأصوات، عند مسألة الاشتقاق منها، فيذكرون أن العرب اشتقت من ذلك مصادر وأفعالاً... وأنهم قالوا: عَيَّط الصبيانُ، وطقطقوا بالحجارة، وجَهْجَهَ القومُ بالسَّبُع...

وقد اطّرحنا ذلك ولم نعرض له بالبحث، إذ كانت علاقته باللغة لا ببحوث القواعد. وإن منهجية البحث لتوجب التفريق بينهما، وقد أخذنا بما توجبه هذه المنهجية.



* * *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:20 PM

نماذج فصيحة من استعمال أسماء الأصوات

· قال القلاخ (شرح المفصل 4/85):

مُعاوِدٌ للجوعِ والإمْلاقِ يَغضَبُ إن قال الغرابُ: [غاقِ]

[غاقِ]: حكاية صوت الغراب.

· وقال بيهس الجرمي:

ألا ليت شعري هل أقولنْ لبغلتي [عَدَسْ] بعد ما طال السِّفارُ وكَلَّتِ

[عدسْ]: اسم صوت لزجر البغال.

· وقال الراجز (الخزانة 6/48):

إذا حملتُ بِزّتي على عَدَسْ على التي بينَ الحمارِ والفَرَسْ

فما أبالي مَنْ غَزا ومَنْ جَلَسْ

يلاحَظ أن الراجز سمّى البغلة باسم الصوت الذي تُزجر به، والمعنى: إذا حملتُ بزتي على البغلة التي يقال في زجرها [عدس]...



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:21 PM

أسماء الإشارة

أسماء الإشارة هي:

[ذا] (للمفرد المذكر) [ذِي - تِي - ذِه - تِه] (للمفرد المؤنث)

[ذانِ - ذَيْنِ] (للمثنى المذكر) [تانِ - تَيْنِ] (للمثنى المؤنث)

[أولاء] (لجمع العاقل وغير العاقل، مذكراً ومؤنثاً)

[هُنا - ثَمَّ] (1) ( للإشارة إلى المكان)



ملاحظات ثلاث:

1- كثيراً ما يسبق أسماءَ الإشارة حرفُ التنبيه [ها]، فيقال: [هذا - هذه - هؤلاء...]

2- قد يُفصَل بين [ها] التنبيهية واسم الإشارة، بضمير المشار إليه، فيقال مثلاً: [ها أنا ذا] و[ها أنتم أولاء]...

3- قد تلحق اللامُ بعضَ أسماء الإشارة للدلالة على البُعد، والكافُ للدلالة على الخطاب(2).

* * *


نماذج فصيحة من استعمال أسماء الإشارة

· قال المتنبي (الديوان 3/316):

ذِي المَعالي فلْيَعْلُوَنْ مَنْ تعالى هكذا، هكذا وإلاّ فلا، لا

(أراد: أن المعالي والمكارم هي هذه الأعمال التي نهض لها سيف الدولة حين علم بمحاصرة الروم لقلعة "الحَدَث". فمَنْ رام العلوّ فلينهض لمثل ما نهض له سيف الدولة، وإلاّ فليَدَعِ التعالي).

[ذي]: اسم إشارة للمفرد المؤنث(3).

· ]فذانِكَ برهانان من ربّك[ (القصص 28/32)

[ذانك]: ذان، اسم إشارة للمثنى المذكر، والكاف للخطاب.

· وقال خُفاف ابن ندبة (الخزانة 5/439):

فقلتُ له والرمحُ يأطِر مَتْنَهُ تَأَمَّلْ خُفافاً إنني أنا ذلِكا

[ذلكا]: ذا، اسم إشارة للمفرد المذكر، واللام للبعد، والكاف للخطاب، والألف للإطلاق.

· وقال الفرزدق (الديوان 1/418):

أولئك آبائي فجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ إذا جَمعتْنا يا جريرُ المجَامِعُ

[أولئك]: أولاء: اسم إشارة، وهو هنا للعقلاء: [آبائي]، والكاف للخطاب.

· وقال جرير (المقتضب 1/185):

ذُمَّ المنازلَ بَعدَ منْزلةِ اللِّوى والعَيْشَ بَعْدَ أولئك الأيَّامِ

(يتأسف على أيام مضت له بـ "اللّوى" لا تعدلها في حُسنها الأيام، ومنْزلٍ لا تعدِلُه في طِيبه المنازل).

[أولئك]: أولاء: اسم إشارة، وهو هنا لغير العقلاء: [الأيام]، والكاف للخطاب.

· ]ها أنتم أُولاءِ تُحبّونهم[ (آل عمران 3/119)

[ها]: التنبيهية، و[أولاء]: اسم إشارة، وهو هنا لجمع العقلاء، وقد فُصِل بين [ها] التنبيهية واسم الإشارة بضمير المشار إليه: [أنتم].

· ]إنّا هاهنا قاعدون[ (المائدة 5/24)

[هاهنا]: ها: التنبيهية، و[هنا]: اسم إشارة للمكان.

· ]وأزلفنا ثَمّ الآخَرِين[ (الشعراء 26/64)

(أزلفنا: قرّبنا)، [ثَمَّ]: اسم إشارة للمكان...



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:23 PM

الأسماء الخمسة

في العربية خمس كلمات، اصطلح النحاة على تسميتها بـ [الأسماء الخمسة]. تُرفَع بالواو وتُنصب بالألف وتُجَرّ بالياء. شريطة أن تُضاف إلى غير ياء المتكلم(1). وهي: [أبٌ - أخٌ - حمٌ - فو - ذو]. نحو: [جاء أخوك - رأيتُ أخاك - سلّمتُ على أخيك]، فقس على هذا.



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:24 PM

أسماء الزمان والمكان(1)

يُشتقّ اسم الزمان للدلالة على زمان الحدث، نحو: [اقترب مَذهَبُ القطار]، أي زمان ذهابه. ويُشتقّ اسم المكان للدلالة على مكان الحدث، نحو: [مَدخل المحطة واسع]، أي: مكان دخولها واسع.



صوغهما:

1- من الثلاثي:

تصاغ أسماء الزمان والمكان من الفعل الثلاثي، على وزن [مَفْعِل]، إذا كان مضارعه مكسور العين صحيحَ الآخر، نحو: [يجلِس - مجلِس، يغرِس - مغرِس، يرجِع - مرجِع]. وعلى [مَفْعَل](2) فيما عدا ذلك، نحو: [مَذْهَب - مَدْخَل - مَرْمَى - مَلْهَى...](3).

هذا، وقد أدخلَت العرب تاء التأنيث على اسم المكان، فقالت: [مَزرَعة -مَقبَرة - مَزلَّة - مَدبغَة...] لمكان: الزرع والقبر والزلل والدبغ...

2- من غير الثلاثي:

يصاغان من غير الثلاثي على وزن المضارع، مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل الآخر، وذلك نحو:

[يُدحرِج - مُدحرَج، يُسا فر - مُسافَر، يَستخرج - مستخرَج...]

3- من الأسماء:

يصاغ اسم المكان من الأسماء، على وزن [مَفْعَلة]، بفتح العين، للدلالة على المكان الذي يكثر فيه الشيء. نحو: [مَأْسَدة - مَسْبَعة - مَذْأَبة - مَرْمَلة - مَحْجَرة - مَقْطَنة - مَعْنَبة - مَبْطَخة...] للمكان الذي تكثر فيه الأُسود - السباع - الذئاب - الرمل - الحجر - القطن - العنب - البِطيخ...



* * *



نماذج من استعمال أسماء الزمان والمكان

1- من الثلاثي:

· مَجْلِس العلماء معمورٌ بالفوائد: (أي مكان جلوسهم معمور بها).

[مَجْلِس] اسم مكان وزنه [مَفْعِل] بكسر العين، لأن مضارعه [يَجْلِس] مكسورُها، وهو صحيح الآخر.

· وقد اختاروا يوم الغد مَجْلِساً لهم: (أي اختاروا يوم الغد زمانَ جلوسٍ لهم).

[مَجْلِس] - في هذا المثال - هو اسم زمان، وتلاحظ أنْ لا فرق بينه وبين اسم المكان المذكور قبله. فكلاهما [مَجْلِس]، وإنما يفرق بينهما سياقُ الكلام. وكذلك الشأن في الأمثلة الآتية كلِّها، فاسم الزمان واسم المكان، لفظُهما واحد، والذي يفرق بينهما هو السياق.

· هذه التربة مَغْرِس الشجرة: (أي مكان غرسها).

[مَغْرِس] اسم مكان، وزنه [مَفْعِل] بكسر العين، لأن مضارعَه [يغرِس] مكسورُها، وهو صحيح الآخر.

· وشهركانون الأول مَغْرِسها: (أي زمان غرسها).

[مَغْرِس] اسم زمان، وحكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...

2- من غير الثلاثي:

· هذا مُنْفَتَح باب المدرسة: (أي هذا مكان انفتاحه).

[مُنْفَتَح] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [يَنْفَتِح] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.

· والساعة السابعة مُنْفَتَحُه: (أي الساعة السابعة زمان انفتاحه).

[مُنْفَتَح] اسم زمان، وحكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...

· الملعبُ مُدحرَج الكرة، لا الطريقُ: (أي الملعب مكان دحرجتها).

[مُدحرَج] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [يُدَحْرِج] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.

· والصباح مُدَحْرَجُها: (أي الصباح زمان دحرجتها).

[مُدَحْرَج] اسم زمان، حكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...

· هنا مُسافَر زينب: (أي هنا مكان سفرها).

[مُسافَر] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [تُسافِر] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.

· وقد دنا مُسافَرها: (أي دنا زمان سفرها).

[مُسافَر] اسم زمان، حكمه حكم اسم المكان في المثال الذي قبله...

3- من الأسماء:

· سهول الجزيرة مَقْمَحَة: (أي سهولُها يكثر فيها القمح).

[مَقْمَحَة] اسم مكان، وزنه [مَفْعَلَة] بفتح العين؛ مصوغ من الاسم، وهو [القمح]، للدلالة على المكان الذي يكثر فيه.



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:26 PM

الاشتغال

الاشتغال: وقوعُ فِعلٍ بين اسمٍ وضميرِه، فيجوز رفع الاسم ونصبه.

فمثال الرفع: [خالدٌ ضربته]، على أنه مبتدأ، والجملة بعده خبرُه.

ومثال النصب: [خالداً ضربته] على أنه مفعولٌ به مقدَّم.

وأما الضمير (الهاء من ضربته) ففي محل نصب، لأنه توكيد لإيقاع الفعل على الاسم المتقدم(1).

تنبيه: إذا كان الفعل لازماً، نحو: [خالداً مررت به] قدَّرتَ أن المعنى [خالداً لقيته]، أي: قدّرت الفعل المناسب.

* * *



نماذج فصيحة مِن الاشتغال

· ]أبشراً منّا واحداً نتّبعُه[ (القمر 54/24)

في الآية اشتغال: [أبشراً ... نتّبعه]، وقد وقع الفعل [نتّبع]، بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [بشراً]، كما ترى. هذا على أنّ للآية قراءة أخرى بالرفع: [أبشرٌ....نتّبعه]. (مجمع البيان 9/190)، ودعْ عنك أنّ القراءتين واردتان، فإنّ الكلام لو لم يكن قرآناً لجاز ‎الوجهان: الرفع والنصب.

ولا التفات إلى قول كتب الصناعة: النصب بعد همزة الاستفهام أرجح؛ فمتى جاز وجهان في اللغة، لم يكن لترجيح أحدهما على الآخر مسوِّغ. اللّهمّ إلاّ أن يكون ذلك تعبّداً بصناعة نحوية عفا عليها الزمان.

· ]والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً[ (الإنسان 76/31)

في الآية اشتغال: [الظالمين...أعدّ لهم]، وقد وقع الفعل بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [الظالمين]. هذا على أنّ قراءة عبد الله بن الزبير وأبان بن عثمان بالرفع: [والظالمون أعدّ لهم]. ودعْ عنك أنّ القراءتين واردتان، فإنّ الكلام - حتى لولم يكن قرآناً - يجوز فيه الوجهان: الرفع والنصب. هذا، وقد عالج ابن جني القراءتين ووجّههما. (انظر: مجمع البيان 10/412)

· قال الربيع بن ضبُع الفزاري:

أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملِكُ رأس البعير إنْ نفَرَا

والذئبُ أخشاه إنْ مررتُ به وحدي وأخشى الرياحَ والمطرا

في قول الشاعر: [الذئب أخشاه] اشتغال، وقد وقع الفعل بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فارتفع الاسم: [الذئبُ]، على الابتداء، والجملة بعده خبره.

وللبيت رواية أخرى هي: [الذئبَ] بالنصب، على أنه مفعول به مقدّم. وأما الهاء، ففي محل نصب لتوكيد وقوع النصب على الاسم.

هذا، وستظلّ ترى في كل نموذج من هذه النماذج الفصيحة، التي نعالجها، أو التي تقع عليها مستقبلاً في بعض ما تقرأ، أنّ الرفع والنصب في الاشتغال جائزان دوماً. وقد يُظَنّ غير هذا، حيث يلتبس الاشتغال بغيره. ونبين ذلك مبسوطاً في الآية الآتية، وهي قوله تعالى:

· ]وكلُّ شيءٍ فعلوه في الزبر[ (القمر 54/52)، (الزبُر: الكُتُب).

ليس في الآية اشتغال، وإنْ ظُنَّ ذلك أول وهلة!! وبيان هذا أنّ جملة: [فعلوه]، صفة لما قبلها، ومن ثم فإنّ فِعْلها ليس مسلّطاً على كلمة: [كلّ]، أي لا ينصبها على أنها مفعول به. ومن القواعد الكلية، أنّ الصفة لا تعمل في الموصوف. ومن هنا كانت كلمة [كلّ] - بالضرورة - مبتدأ مرفوعاً، وشبه الجملة (الجارّ والمجرور): [في الزبر] خبر، والتقدير: [كلُّ شيء فعلوه ثابتٌ في الزبر](2).

هذا بيان المسألة من وجهةٍ إعرابية. وأما الوجهة المعنوية، فبيانها: أنّ هذا التركيب لو كان تركيب اشتغال، لكان المعنى: [وفعلوا كلَّ شيء في الزبر]. أي الزبر مكانٌ لكل شيء فعلوه. وهو معنى غير وارد، وغير معقول.

فإذا كان هذا - وهو كائن - فقد بقي أن نلخّص المسألة فنقول: ليس التركيب في الآية تركيب اشتغال، فيكونَ نصبُ الاسم المتقدم ورفعُه جائزين، وإنما هو تركيبُ مبتدأٍ وخبر، والاسمُ المتقدم فيه واجبٌ رفْعهُ !!

ونخلص من جميع ذلك إلى القول: ليس في الاشتغال وجوبُ رفعٍ ولا وجوبُ نصب، بل فيه - في كل حال - جواز الرفع والنصب.

· قال النمر بن تولب، يردّ لوم امرأته له على إتلاف ماله:

لا تجزعي إن مُنفِساً أهلكته فإذا هلكتُ فعند ذلك فاجزعي

(المنفِس: هو النفيس، ويريد به المال الكثير)

في البيت اشتغال. إذ وقع الفعل: [أهلكتُ] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [منفساً]. على أنه مفعول به مقدم. وأما الضمير [الهاء]، ففي محلّ نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم.

هذا، وللبيت رواية أخرى هي: [إنْ منفسٌ أهلكته] بالرفع، على أنّ الكلام مبتدأ وخبر(3). ومن ذلك، ومن مئات من مثل ذلك، تستيقن أن الاشتغال ليس فيه وجوبُ رفعٍ ولا وجوب نصب. بل فيه في كل حال جوازُ الرفع والنصب.

· ]الزانيةُ والزاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما... [ (النور 24/2)

(أي: الزانية والزاني اجلدوهما). ففي الآية اشتغال: وقد وقع الفعل [اجلدوا] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فارتفع الاسم: [الزانيةُ...] على أنه مبتدأ، خبره جملة: [اجلدوا].

هذا على أنّ للآية قراءةً أخرى بالنصب: [الزانيةَ والزانيَ]، وهي قراءة عيسى بن عمر الثقفي، أستاذ الخليل بن أحمد. [المحتسب- لابن جني 2/100].

ودع عنك أنّ القراءتين واردتان، فحتى لو كان للآية قراءة واحدة، لكان الوجهان - الرفع والنصب - في مثل هذا النموذج جائزين.

· ]وأما ثمودُ فهديناهم[ (فصّلت 41/17)

في الآية اشتغال: فقد وقع الفعل: [هدينا] بين الاسم المشتغل عنه وضميره، وجاء الاسم مرفوعاً على أنه مبتدأ: [ثمودُ].

هذا، وللآية قراءة أخرى بالنصب: [ثمودَ]، على أنه مفعول به مقدم، وأما الضمير: [هم]، ففي محل نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم. قال ابن هشام (أوضح المسالك 2/11): [وقرئ: ]وأما ثمودَ فهديناهم[ بالنصب على حدّ (أي: على حدّ قولك) زيداً ضربته].

· ]جناتُ عدْنٍ يدخلونها[ (الرعد 13/23)

في الآية اشتغال: إذ وقع الفعل: [يدخلون] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، وجاء الاسم مرفوعاً على أنه مبتدأ: [جناتُ عدن]. غير أنّ للآية قراءةً أخرى بالنصب: [جناتِ عدنٍ]، على أنّ [جنات] مفعول به مقدم، والضمير [ها]، في محل نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم. قال الأشموني (1/340): [ومنه قراءة بعضهم: جناتِ عدن يدخلونها، بنصب جنات]. ومثل ذلك في (قطر الندى / 196).

· قالت امرأة من بني الحارث بن كعب:

فارساً ما غادروه مُلحَماً غيرَ زُمَّيْلٍ ولا نِكسٍ وَكِلْ

[ما: زائدة. ملحماً: لم يجد مخلَصاً في الحرب. زمَّيل: ضعيف جبان. نكس وكِل: ضعيف متواكل].

في البيت اشتغال: فقد وقع الفعل: [غادروا] بين الاسم المشتَغَل عنه وضميره، وقد رواه ابن الشجري بالنصب، وفي ديوان الحماسة بالرفع [فارسٌ]. والروايتان على المنهاج.

* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:28 PM

الإضافة

إذا قلتَ: [هذا كتابُ خالدٍ]، فقد نسبتَ الأولَ: [كتاب] إلى الثاني: [خالد]. وبتعبير آخر: أضفت الأول، ويسميه النحاة: [المضاف]، إلى الثاني، ويسمّونه: [المضاف إليه].

والإضافة صنفان:

1- الإضافة اللفظية(1): وضابطها أن يَحلَّ مَحَلَّ المضافِ فِعْلُه، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. ففي قولك: [هذا طالبُ علمٍ، وهذا مهضومُ الحقِّ، وهذا حَسَنُ الخُلُقِ] يصحّ المعنى ولا يختلف، إذا أحْلَلْتَ الفعلَ محلَّ المضافِ فقلت: [هذا يَطلب عِلماً، وهذا يُهْضَمُ حقُّه، وهذا يَحْسُنُ خُلُقُه].

2- الإضافة المعنوية(2): وضابطها أن الفعل لا يحلّ فيها محل المضاف؛ ففي قولك مثلاً: [هذا كاتِبُ المحكمةِ] لا يحلّ فِعْلُ [يَكْتُبُ] محلّ [كاتِبُ]. ولو أحللتَه محلّه فقلتَ: [هذا يكتُب المحكمةَ]، لفسد المعنى. وفي قولك: [هذا مِفتاحُ الدارِ]، لو أحللت فِعلَ [يَفتحُ] محل المضافِ [مِفتاح] فقلت: [هذا يفتَحُ الدارَ] لاختلف المعنى؛ ولو أحللته في مثل قولك: [هذا مفتاحُ خالدٍ] لَتَجَاوَزَ المعنى الاختلافَ إلى الفساد.


أحكام الإضافة:

· المضاف إليه مجرور أبداً.

· المضاف لا يلحقه التنوين، ولا نونُ المثنى وجمعِ السلامة.

· لا يجوز أن يحلّى المضاف بـ [ألـ]، إلا إذا كانت الإضافة لفظية، نحو: [نَحتَرِم الرجُلَ الحسنَ الخُلُقِ].

· إذا تتابعت إضافتان، والمضاف إليه هو هو، جاز حذف الأول اختصاراً نحو: [استعرتُ كتابَ وقلمَ خالد = استعرتُ كتابَ خالدٍ وقلمَ خالد]. (انظر المصباح المنير /367) + (الخصائص لابن جني 2/407و409)

إضافة الصفةِ المشبهة واسمِ الفاعل:

· الصفة المشبهة: لا تتعرّف بالإضافة، بل تتعرّف بـ [ألـ]، وعليه قولُهم في تنكيرها: [زارنا رجلٌ حسنُ الأخلاق](3). فإذا أُريد تعريفها حُلِّيَت بـ [ألـ] فقيل: [زارنا الرجلُ الحسنُ الأخلاق](4).

· اسم الفاعل: إن دلّ على مُضِيّ، كانت إضافته حقيقية، فيتعرّف بإضافته إلى معرفة، نحو: [نحمد اللهَ خالقَ الكَونِ](5).

فإن دلّ على حال أو استقبال(6)، كانت إضافته لفظية، فلم يتعرّف بإضافته إلى المعرفة، كنحو قول قومِ (عاد) في الآية: ]هذا عارضٌ ممطِرُنا] (7).

وإن دلّ على استمرار جاز الوجهان. أي:

آ- جاز اعتبار جانب الماضي، فتكون الإضافة حقيقية، نحو: ]الحمد للهِ ... مالكِ يومِ الدين] (8) (الفاتحة 1/2)

ب- وجاز اعتبار جانب الحال والاستقبال (اليوم وغداً)، فتكون الإضافة لفظية، نحو: ]وجاعلُ الليلِ سكناً] (9) (الأنعام 6/96)

ملاحظتان:

آ- إضافة اسم الفاعل والصفة المشبهة، يكثر فيها التَّلَوّي والالتواء، هنا وهناك، في هذا الشاهد أو ذاك. ومن هنا أنّ قارئ كتب النحو واللغة، يظلّ يرى - ما سار معها - آراءً وشروحاً مختلفةً وتفاسير. ومع ذلك إنّ ما قرّرناه مؤسّس على شواهد من كتاب الله لا تُنْقَض.

ب- ما يراه القارئ من تكرار الشواهد في المتن والحواشي والنماذج، إنما الغاية منه تثبيت القاعدة بالتكرار.



* * *


نماذج فصيحة من استعمال الإضافة

· ]وقال الذين استُضْعِفُوا للذين استَكْبَروا بل مَكْرُ الليل والنّهَارِ[ (سبأ 34/33)

[مكرُ] مضاف، حُذف تنوينه - على المنهاج - إذ المضاف لا ينوّن. و[الليل] مضاف إليه مجرور، جرياً مع القاعدة المطلقة: [المضاف إليه مجرور أبداً].

· ]تبتْ يدا أبي لَهَب[ (المسد111/1)

[يدا]: مثنّى مضاف، والمضاف لا يلحقه التنوين ولا نون المثنى وجمعِ السلامة. ولذلك حذفت نون المثنّى، والأصل: [يدان]، و[أبي] مضاف إليه مجرور- جرياً مع القاعدة المطلقة: المضاف إليه مجرور أبداً - وعلامة جره الياء، لأنه من الأسماء الخمسة. و[لهبٍ] مضافٌ إليه ثانٍ مجرور أيضاً - جرياً مع قاعدة: المضاف إليه مجرور أبداً، وعلامة جره الكسرة.

· ]إنّا مرْسِلُو النّاقةِ فتنةً لهم[ (القمر 54/27)

[مرسلو] جمع مذكر سالم، وهو مضاف، والمضاف لا يلحقه التنوين ولا نون المثنى وجمعِ السلامة. ولذلك حُذفت نونه، والأصل [مرسلون]. و[الناقة] مضاف إليه مجرور بالكسرة جرياً مع قاعدة: المضاف إليه مجرور أبداً. والإضافة لفظية، لأنّ فعل : [نرسل] يصحّ حلولُه محلّ المضاف [مرسلو] فلا يفسد المعنى ولا يختلف.

· ]والصابرينَ على ما أصابهم والمقيمي الصلاةِ[ (الحج 22/35)

[المقيمي]: مضاف، حذفت نونه بسبب الإضافة، والأصل: [المقيمين]. وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يقيمون]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[الصلاة] مضاف إليه.

· قال عنترة (الديوان /154):

ولقد خَشِيتُ بأنْ أموتَ ولم تَدُرْ لِلحرب دائرةٌ على ابْنَيْ ضَمْضَمِ

الشاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُما والناذِرَيْنِ إذا لَمَ الْقَهُما دَمِي

[الشاتمي] مضاف مثنى حُذِفت نونه بسبب الإضافة. وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يشتم]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[عِرض] مضاف إليه.

· وقال زهير يمدح هَرِم بن سنان (الديوان /153):

القائدُ الخيلِ منكوباً دَوابِرُها فيها الشَّنُونُ، وفيها الزاهِقُ الزَّهِمُ

(الشنون: بين السمين والمهزول، والزاهق: السمين، والزهم: أسمن منه. أراد أنّ دَأْب خَيْلِه في السير أَضَرَّ بحوافرها).

[القائد]: مضاف، وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يقود]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[الخيل] مضاف إليه.

· وقال الفرزدق (شرح المفصل 3/21):

يا مَنْ رأى عارِضاً أَرِقْتُ لهُ بينَ ذِراعَيْ وجَبْهَةِ الأسَدِ

(العارض: السحاب. وذراعا الأسد وجبهته: من منازل القمر).

الأصل: [بين ذراعَيِ الأسدِ وجبهةِ الأسدِ]، لكنّ الشاعر حذفَ المضافَ إليه الأول؛ وهو في العربية جائز(10). وذلك أنه إذا تتابعت إضافتان، والمضاف إليه هو هو، جاز حذف الأول اختصاراً.

· وقال تعالى: ]وجاعلُ الليلِ سَكَناً[ (الأنعام 6/96)

[جاعل] اسم فاعل، مضافٌ إضافةً لفظية، وضابط ذلك أن يحلّ محلّ المضاف فِعلُه، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. وذلك متحقق في الآية، لصحة حلول فِعْل [جَعَلَ]، محلّ [جاعل]. و[الليل] مضاف إليه. وفي الكفّ برهانان على سلامة ما قلنا. الأول: أنّ الآية لها قراءة أخرى هي: [وجَعَلَ الليلَ سكناً]. والثاني: أنّ اسم الفاعل عَمِلَ فنصب كلمةَ [سكناً] مفعولاً به. ولو كانت الإضافة حقيقية لم يَجُز ذلك.



* * *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:30 PM

الإعلال

الإعلال: هو حذْف حرف علّة، أو قلبُه، أو تسكينه.

تنبيهان:

الأول: أنّ من القواعد الكلية التي لا تتخلّف في العربية، أنه لا يُبدأ بساكن ولا يوقَف على متحرك. واستمساكاً بهذه القاعدة، نظرنا إلى المفردات وعالجناها، موقوفاً عليها بالسكون.

والثاني: أن أصول الكلمات العربية، ليس فيها ألف(1)، وبناءً على هذا، فإن في اللغة حرفَي علة فقط - لا ثلاثة - هما الواو والياء. فإذا رأيت الألف في كلمة، فاعلم أنها منقلبة عن أحدهما، أو أنها ليست أصلية. بل زائدة. فإذا قلنا في تضاعيف البحث مثلاً: (يُقلب حرف العلة أو يُحذف حرف العلة....)، فإنما نعني بذلك الواو والياء.

الإعلال بالحذف:

¨ إذا التقى ساكنان، والسابق منهما ألِفٌ أو واو أو ياء، حُذِف السابق. وذلك نحو: [ياخالد نَمْ وقُمْ وبِعْ] والأصل قبل الحذف: نَاْمْ وقُوْمْ وبِيْعْ، فلما التقى ساكنان، حُذِف السابق. ومثلُ ذلك أن تقول عن النسوة: [هنّ يَنَمْن ويَقُمْن ويَبِعْن] والأصل: يَنَاْمْنَ ويَقُوْمْنَ ويَبِيْعْن. وهكذا...

¨ إذا كان أول الماضي واواً، حُذِفَت في مضارعه وأمره، نحو: [وعَد - يعِد - عِدْ، وقَف - يقِف - قِفْ...](2).

الإعلال بالقلب:

¨ يُقلب حرف العلة (الواو والياء) ألفاً، إذا تحرّك وقبله فتحة(3) نحو: [قَوَل - بَيَع]؛ وبعد القلب: [قَال - بَاع]. فإذا كان حرف العلة طَرَفاً كفى لقلبه، الشرطُ الثاني فقط، أي: انفتاح ما قبله، نحو: [دنَوَ الفتَيْ - فرمَيَ العصَوْ] وبعد القلب: [دنَا الفتَى فرمَى العصَا](4).

¨ تُقلب الواو ياءً: (ولكن اعلمْ من قبل أن نبسط القاعدة، أن هذا إنما يكون إذا سَبَقَت الواوَ كسرة). ودونك التفصيل:

أولاً: إذا سكنت الواو، وسبقتها كسرة، ودونك الأمثلة، وإلى جانبها ما تؤُول إليه بعد قلبها:



الواو ساكنة وقبلها كسرة
تقلب ياءً
ملاحظات

مِوْزان
مِيزان


رَضِوْ
رَضِي
(فعل ماض من الرضوان)

مِوْقات
مِيقات


يرتضِوْ
يرتضِي


قَوِوْ
قَوِي
(فعل ماض من القوّة)

الشَجِوْ
الشجِي


الداعِوْ
الداعِي


الغازِوْ
الغازِي(5)





ثانياً: إذا وقعت الواو بين كسرة وألف، شريطة أن يكون ذلك:

إما في مصدر أُعِلَّت عينُه وعين فعله نحو: [صِوام: صِيام، سِواق: سِياق، اِنقِواد: اِنقِياد...] فإنّ أفعالها معتلة العين أيضاً، وهي: [صَوَم: صام، سَوَق: ساق، اِنقوَد: اِنقاد...].

وإما في جمع وزنه [فِعال] أُعِلَّت عين مفرده أو سكنت. فإعلالها في المفرد نحو: [دَوَر: دار]، وتُقْلَب في الجمع: [دِوار: دِيار...]. وسكونها في المفرد نحو: [ثَوْب]، وتُقْلَب في الجمع: [ثِواب: ثِياب].

ثالثاً: إذا اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن. وتورد كتب الصناعة كلمة: [سيّد] مثالاً على هذا. فتقول: الأصل فيه [سيْوِد]، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق - وهو الياء - ساكن، قلبت الواو ياءً، وأدغمت في الياء، فقيل: [سيّد](6).

قلْب الياء واواً:

تُقلب الياء واواً في كلمات معدودة. نورد أشهرها فيما يلي:



قبل القلب
بعد القلب

يُيْسِر
مُيْسِر
يُوسِر
مُوسِر

يُيْقِن
مُيْقِن
يُوقِن
مُوقِن

يُيْئِس
مُيْئِس
يُوئِس
مُوئِس

يُيْقِظ
مُيْقِظ
يُوقِظ
مُوقِظ

يُيْنِع
مُيْنِع
يُونِع
مُونِع

يُيْفِع
مُيْفِع
يُوفِع
مُوفِع





إعلال الحرف الثالث مِن فَعْلَى وفُعْلَى، وتصحيحه:

1- فَعْلَى: إذا اعتل ثالثها، كان واواً في كل حال نحو: [دَعوى - نَشوى - تَقوى]، إلا في صفة - وأصله ياءٌ - فياءً يبقى، نحو: [خَزْيا (مؤنث خَزْيان) - وصَدْيا (مؤنث صَدْيان)].

2 - فُعْلَى: إذا اعتل ثالثها، كان ياءً في كل حال، نحو: [العُليا - الفُتيا - الوُليا (مؤنث الأَوْلى، أي الأجدر والأحقّ)]، إلا في اسمٍ - وأصله واو - فواواً يبقى، نحو: [حُزْوَى (اسم موضع)].

تسكين حرف العلة وحذفه:

يُسَكّن حرف العلة إذا تطرّف وقبله متحرك. فلا تظهر عليه ضمةٌ ولا كسرة، فلا يقال مثلاً: [يدعُوُ القاضِيُ بالجانِيِ]، بل يسكن في كل ذلك فيقال: [يدعوْ القاضيْ بالجانِيْ]. وأمّا فتحاً، فيُفتَح، فيقال مثلاً: [لن ندعُوَ القاضِيَ ليقضِيَ في الأمر].

ويُحذَف هذا المعتلُّ الساكنُ، إذا تلاه ساكنٌ آخر، وذلك نحو: [يرميْ+وْن]، فإن الياء تُحذَف هاهنا، دفعاً لالتقاء الساكنين، فيقال: [يرمُوْن](7).

إذا وقع حرف العلة في حشو الكلمة، نُقِلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله. وذلك نحو: [يَقْوُم]. وبعد نقل الحركة: [يَقُوْم]. ونحو: [يَبْيِن]، وبعد نقل الحركة: [يَبِيْن].


حكم: إذا لم يكن حرف العلة مجانساً حركتَه، انقلب حرفاً يجانسها.

ففي نحو: [أقْوَم]، لا تَجانُسَ بين الواو وفتحتِه، فينقلب ألفاً ليجانسها: [أقام]. وفي نحو: [يُقْوِم]، لا تَجانُسَ بين الواو وكسرته، فينقلب ياءً ليجانسها: [يقيم]. وفي نحو: [أبْيَن]، لا تَجانُسَ بين الياء وفتحته، فينقلب ألفاً ليجانسها: [أبان]. وهكذا...

تنبيه عظيم الأثر:

يمتاز وزن [أَفْعَل] بخروجه عن قواعد الإعلال، من قلب وحذف ونقل... ودونك بيان ذلك:

¨ لا يُعَلّ حرفُ العلة في [أفعل] اسمَ تفضيل. يقال مثلاً: خالد أَطْوَلُ من سعيد وأَبْيَنُ منه. ولو أعلّ لقيل: أطال من سعيد !! وأبان منه !! (وهذا لا يقال في العربية)

¨ ولا يُعَلّ في [أفعل] صفةً مشبهةً، ولا في فِعله أيضاً، ولا في مصدره. يقال مثلاً: فلان [أَحْوَل]، وقد حَوِلَ - يَحْوَلُ - حَوَلاً. ولو أُعلّ لقيل: أَحَال!! وهو: [أ صْيَد (رافع رأسه كبراً)]، وقد صَيِدَ - يَصْيَدُ - صَيَداً. ولو أعلّ لقيل: أصَاد!! (وهذا لا يقال في العربية)

¨ ولا يُعَلّ أيضاً في [ما أَفعله] و [أفعل به] تعجّباً. يقال مثلاً: [ما أصْيَده وأصْيِد به]، ولو أعلّ لقيل: ما أصاده، وأ صِيْدْ به = أصِدْ به !! (وهذا لا يقال في العربية)



* * *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:31 PM

التقاء الساكنين

لا يلتقي في العربية ساكنان(1) فإذا التقيا، تخلص العربي من ذلك بمعالجة الساكن الأول، وأبقى الثاني على حاله. فدونك أحكام ذلك:

1- أن يلتقي الساكنان في كلمتين:

نوع الساكن الأول
الحكم
المثال
اللفظ

حرف مدّ
يُحذف
حضرناْ الْيوم
حضرنَ لْيوم

ليس حرف مدّ
يُكسر
خذْ الْكتاب
خُذِ لْكتاب

ميم الجمع
يُضمّ
لهمْ الْبشرى
لهمُ لْبشرى

نُونُ حرف الجر [مِنْ]
يُفتح
منْ الْبيت
منَ لْبيت




2- أن يلتقي الساكنان في كلمة، والأول حرف مدٍّ، فيُحذف، نحو: قُلْ، بِعْ، سَعَتْ، مَشَتْ (الأصل في ذلك: قُوْلْ - بِيْعْ - سَعَاْتْ - مَشَاْتْ)...

3- إذا اجتمع على حرف العلة سكونان حُذِف(2) نحو: لم يمْشِ، ولم يسْعَ، ولم يغزُ. (الأصل:لم يمشيْْ - لم يسعىْْ - لم يغزوْْ)(3) ونحو: اِمشِ، اِسْعَ، اُغزُ. (الأصل: اِمشِيْْ - اِسعَىْْ - اُغْزُوْْ)(4).

4- الفعل المضارع المجزوم، وأمرُه أيضاً، يجتمع على آخرهما سكونان، فيُتَخَلَّص من التقائهما، بالفرار إلى الفتح، نحو: [لم يشُدَّ وشُدَّ](5).

وفيما يلي جدول يعبّر عن الحالات الثلاث الأخيرة:

الحالة
الحُكم
المثال

الساكن الأول منهما حرف مدّ
يحذف
سَعَىْتْ

دَنَاْتْ

مَشَىْتْ

قُوْلْ

بِيْعْ









سَعَتْ

دَنَتْ

مَشَتْ

قُلْ

بِعْ

أن يجتمع السكونان على حرف علة:



بسبب الجزم:


يُحذف


لم يَسْعَىْْ

لم يَغْزُوْْ

لم يمشِيْْ









لم يَسْعَ

لم يَغْزُ

لم يَمْشِ



بسبب البناء:
اِسْعَىْْ

اُغْزُوْْ

اِمْشِيْْ





اِسْعَ

اُغْزُ

اِمْشِ

أن يجتمع السكونان على آخِر الفعل المضعّف:

بسبب الجزم:


يُفتح آخِره


لم يَشُدْدْ





لم يَشُدَّ

بسبب البناء

شُدْدْ

شُدَّ




* * *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:33 PM

أوزان الأفعال وإيقاعها

(مجتمع) الأفعال في العربية، يتألف من أُسر، في كل أسرة منه ثلاثة أفراد، هي: الماضي والمضارع والأمر. وتمتاز كل أسرة من سائر الأسر الأخرى، بتنغيم وإيقاع، هما كالهويّة لها، فلا هما يفارقانها، ولا هي تفارقهما. ومتى سمعتَ تنغيم وإيقاع أحد أفراد الأسرة، فقد عرفت بالضرورة، تنغيم وإيقاع أخويه.

ونورد هذه الأسر - فيما يلي - أسرة أسرة، مصحوبةً بما يمثّل حركاتها وسكناتها، موقوفاً على آخرها بالسكون (1) - عملاً بما توجبه قواعد اللفظ في العربية. وذلك ما يفعله بعض التلاميذ، إذا أرادوا تقطيع بيت من الشعر. فالدائرة عندهم تمثّل الحرف الساكن، والخط المائل يمثّل الحرف المتحرك - مهما تكن حركته - كما ترى مثلاً، في الكلمتين الآتيتين والخطوطِ والدوائرِ التي تمثّلهما:

اِستغفرْ /5/5/5

ينطلقْ /5//5

فدونك ذلك(2):

أولاً - الثلاثي:

الوزن
فَعَلْ
يَفْعَلْ
اِفْعَلْ

الإيقاع
//5
/5/5
/5/5

مثال
مَنَع
يَمْنَع
اِمْنَع


وقس على هذا كل فعل ثلاثي نحو: فتح ونصر وجلس، وانتبه إلى أن حركة عين المضارع سماعية، تُعرَف بالرجوع إلى المعاجم، وأن حركة عين الأمر هي حركة عين المضارع نفسها. ويتبين لك ذلك من الأمثلة الثلاثة الآتية:

(يفتَح - اِفتَح، ينصُر - اُنصُر، يجلِس - اِجلِس).

ثانياً - غير الثلاثي:

1- الأسرة الأولى:

الوزن
أَفْعَلْ
يُفْعِلْ
أَفْعِلْ

الإيقاع
/5/5
/5/5
/5/5

مثال
أَطْعَم
يُطْعِم
أطْعِم

مثال
أَلْبَس
يُلْبِس
أَلْبِس




2- الأسرة الثانية:

الوزن
فَعَّلْ
يُفَعِّلْ
فَعِّلْ

الإيقاع
/5/5
/ /5/5
/5/5

مثال
عَظَّم
يُعَظِّم
عَظِّم

مثال
فَرَّح
يُفَرِّح
فَرِّح




3- الأسرة الثالثة:

الوزن
فاعَلْ
يُفاعِلْ
فاعِلْ

الإيقاع
/5/5
/ /5/5
/5/5

مثال
سامَح
يُسامِح
سامِح

مثال
قاتَل
يُقاتِل
قاتِل




4- الأسرة الرابعة:

الوزن
اِنْفَعَلْ
يَنْفَعِلْ
اِنْفَعِلْ

الإيقاع
/5/ /5
/5/ /5
/5//5

مثال
اِنْطَلَق
يَنطلِق
اِنطلق

مثال
اِجْتَمَع
يَجتمِع
اِجتمع




5- الأسرة الخامسة:

الوزن
تَفَعَّلْ
يَتَفَعَّلْ
تَفَعَّلْ

الإيقاع
//5/5
///5/5
//5/5

مثال
تَعَلَّم
يَتَعَلَّم
تَعَلَّم

مثال
تَحَدَّر
يَتَحَدَّر
تَحَدَّر




6- الأسرة السادسة:

الوزن
تَفَاْعَلْ
يَتَفَاْعَلْ
تَفَاْعَلْ

الإيقاع
//5/5
///5/5
//5/5

مثال
تَصالَح
يَتَصالَح
تَصالَح

مثال
تَسابَق
يَتَسابَق
تَسابَق




7- الأسرة السابعة:

الوزن
اِسْتَفْعَلْ
يَسْتَفْعِلْ
اِسْتَفْعِلْ

الإيقاع
/5/5/5
/5/5/5
/5/5/5

مثال
اِستغفَر
يَستغفِر
اِستغفِر

مثال
اِعشَوْشَب
يَعْشَوْشِب
اِعشَوْشِب




8- الأسرة الثامنة:

الوزن
فَعْلَلْ
يُفَعْلِلْ
فَعْلِلْ

الإيقاع
/5/5
//5/5
/5/5

مثال
دَحْرَج
يُدَحرِج
دَحْرِج

مثال
سَيْطَر
يُسَيْطِر
سَيْطِر




9- الأسرة التاسعة:

الوزن
تَفَعْلَلْ
يَتَفَعْلَلْ
تَفَعْلَلْ

الإيقاع
/ /5/5
///5/5
//5/5

مثال
تَدَحْرَج
يَتَدَحْرَج
تَدَحْرَج

مثال
تَكَوْثَر
يَتَكَوْثَر
تَكَوْثَر




ثالثاً- المنتهي بإدغام:

1- الأسرة الأولى:

الوزن
اِفْعَلَّ
يَفْعَلُّ
اِفْعَلَّ

الإيقاع
/5/5/
/5/5/
/5/5/

مثال
اِسْوَدَّ
يَسْوَدُّ
اِسْوَدَّ

مثال
اِحْمَرَّ
يَحْمَرُّ
اِحْمَرَّ




2- الأسرة الثانية:

الوزن
اِفْعَاْلَّ
يَفْعَاْلُّ
اِفْعَاْلَّ

الإيقاع
/5/55/
/5/55/
/5/55/

مثال
اِدْهَامَّ
يَدْهَامُّ
اِدْهَامَّ

مثال
اِسْوَادَّ
يَسْوَادُّ
اِسْوَادَّ




3- الأسرة الثالثة:

الوزن
اِفْعَلَلَّ
يَفْعَلِلُّ
اِفْعَلِلَّ

الإيقاع
/5//5/
/5//5/
/5//5/

مثال
اِقْشَعَرَّ
يَقْشَعِرُّ
اِقْشَعِرَّ

مثال
اِسْتَعَدَّ
يَسْتَعِدُّ
اِسْتَعِدَّ




ملاحظة لا يجوز إغفالها:

إن وزن الفعل وموسيقاه، إنما يرسخان في عقل الطالب، بالإعادة والتكرار، إلى أن يغدُوَا من سليقته.

فيرجى أن يدعوَ الأستاذ طلابه إلى أن يرددوا - مرّات - ترديداً جماعياً كلَّ أسرة من الأسر التي عرضنا لها، حتى يستقر في أذهانهم ما يرددون، ويستوطن واعيتَهم، فيصبح من رصيدهم اللغوي، يستعملونه كلما احتاجوا إليه، عن غير وعي، عفو الخاطر.

* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:35 PM

البَدَل

البدل: تابعٌ لما قبله، رفعاً ونصباً وجرّاً. غير أنه خلافاً للتوابع الأخرى، هو المقصود بالحكم دون ما قبله، نحو: [قرأت خطبة الإمامِ عليٍّ](1). فـ [عليّ]: بدل من [الإمام]، وهو المقصود بالحكم المنسوب إلى [الإمام]...



صنوف البدل أربعة هي:

· [بدل كلّ من كلّ]، نحو: [سافر سعيدٌ جارُك].

· [بدل بعض من كلّ]، نحو: [أسفت على ضياع كتابين: كتابٍ في اللغة، وكتاب في الأدب].

· [بدل اشتمال]، نحو: [قُتِلَ أصحابُ الأُخدودِ النارِ ذات الوقود] (2)

· [البدل المباين]، نحو: [جاء المعلّمُ... التلميذُ](3).



أحكام:

¨ يُبدَل كلٌّ من الجملة والفعل والاسم من مثله:

- ففي الآية: ]أمدّكمْ بما تعلمون أمدّكم بأنعام وبنين[ إبدال جملة من جملة(4).

- وفي الآية: ]ومَنْ يفعلْ ذلك يلقَ أثاماً يضاعَفْ له العذاب[ إبدال فعل من فعل(5).

- وفي قولك: [جاء زهيرٌ أخوك] إبدال اسم من اسم.

¨ يُبدَل كلّ من النكرة والمعرفة من مثله، ومن ضدّه أيضاً:

- ففي الآية: ]اِهدنا الصراطَ المستقيم صراطَ الذين أنعمتَ عليهم[ إبدال معرفة من معرفة(6).

- وفي قول كثيّر عزّة (الديوان /99):

وكنتُ كذي رِجلَين: رِجلٍ صحيحةٍ ورِجلٍ رمَى فيها الزمانُ فشلَّتِ

إبدال نكرة من نكرة(7).

- وفي الآية: ]وإنكَ لَتَهْدي إلى صراطٍ مستقيمٍ صراطِ الله[ إبدال معرفة من نكرة(8).

- وفي الآية: ]لنسفعاً بالناصية ناصيةٍ كاذبة[ إبدال نكرة من معرفة(9).


¨ يُبدَل الاسم من الضمير: ومنه الآية: [وأسَرّوا النجوى الذين ظلموا] (10)

¨ الضمير لا يكون بدلاً(11).

تنبيه ذو خطر:

إنْ كان المبدَلُ منه اسمَ استفهام، سَبَقَ البدلَ - وجوباً - همزةُ استفهام. نحو: [مَنْ زارك]؟ أزهيرٌ أم خالدٌ؟(12)

أو كان المبدَلُ منه اسمَ شرط، سَبَقَ البدلَ - وجوباً - [إنْ] الشرطية. نحو: [مَا تقرأْ إنْ كتاباً وإنْ صحيفةً يُفِدْكَ](13).

ملاحظة:

رأينا النماذج الفصيحة، التي أوردناها في البحث، مغنية عن مزيد منها بعده.



* *

السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:36 PM



التحذير والإغراء



أولاً: التحذير، وهو أسلوبٌ تُنَبِّه به مَن تخاطبه ليحترز. وهو نوعان:

آ: أن تحذّر المخاطَب بضمير النصب المنفصل: [إيّاك]، وأخواته(1)، نحو:

إيّاك النارَ، [وإذا أكّدت كرّرت: إيّاك إيّاك النارَ].

إيّاك والنارَ.

إيّاك من النارِ.

ب: أنْ تحذِّر المخاطَبَ بلفظ المحذَّر منه، نحو:

النارَ !! [وإذا أكّدت كررت: النارَ النارَ].

النارَ والغرقَ !! [وذلك إذا حذَّرتَ من شيئين فتعطف بالواو، دون غيرها].

ثانياً: الإغراء، وهو دعوة المخاطَب إلى الأخذ بما يُرغَب فيه. وليس للإغراء أحكامٌ خاصّة به، بل أحكامه هي أحكام التحذير نفسها المذكورة آنفاً في الفقرة [ب]. وعلى ذلك تقول:

الوفاءَ !! [وإذا أكّدت كررت: الوفاءَ الوفاءَ].

الوفاءَ والأمانةَ !! [وذلك إذا أَغريتَ بشيئين. فتعطف بالواو، دون غيرها].


ملاحظة:

تقول كتب الصناعة: إنّ المحذَّر منه، والمغرى به، هما صنفان من صنوف المفعول به، يُنصَبان بفعل مضمَرٍ وجوباً(2) معناه التحذير في الأول، والإغراء في الثاني.

* * *

نماذج فصيحة مِن التحذير والإغراء

· ]ناقةَ الله وسُقْياها[ (الشمس 91/13)

في الآية أسلوب تحذير. يدل عليه استعمال كلمة [ناقة] منفردةً، قائمةً برأسها، منصوبة بغير ناصب يُرى. وكذلك كلمة [سقياها]. ولو لم يكن الأسلوب أسلوب تحذير، لأُظهر الفعل فقيل مثلاً: [احذروا ناقةَ الله، وذَرُوا سقياها].

وذلك أن أسلوب التحذير لا يظهر فيه الفعل، فإذا ظهر فيه، فاعلم أن الأسلوب ليس أسلوب تحذير، وإن كان المعنى معنى تحذير. ومما يفرّق بينهما: أنّ التحذير يكون بالفعل كنحو قولك: اِحذرِ النارَ وباعدِ الكذبَ وتجنّب الحفرة، وأما أسلوب التحذير فيكون بالمفعول به وحده، لا بالفعل !! كنحو قولك: النارَ، والكذبَ، والحفرةَ.

ولما كان المحذَّر منه في الآية شيئين، فقد عطف الثاني على الأول بالواو، إذ لا يكون العطف في هذا الأسلوب إلاّ بالواو حصراً، دون أدوات العطف الأخرى.

· قال الفضل بن عبد الرحمن القرشيّ لابنه:

فإيّاكَ إيّاكَ المِراءَ فإنّه إلى الشرِّ دَعّاءٌ، ولِلشرِّ جالبُ

في البيت مسائل:

الأولى: أن الأسلوب أسلوبُ تحذير، بضمير النصب المنفصل: [إيّاك]. والفعل فيه مضمَرٌ على المنهاج.

الثانية: أنه كان يكفي لتحقق التحذير أن يُذكَر الضميرُ: [إيّاك] مرة واحدة، غير أنّ الشاعر لما أراد التوكيد كرر فقال: [إيّاكَ إيّاكَ].

الثالثة: أنّ فريقاً من النحاة يوجب أن يقال: [إيّاك والمراءَ]، أي: يوجب الإتيان بواوٍ بين [إ يّاكَ] و[المراء]، والحقّ أنّ ذلك ليس بالواجب، بل يجوز هذا ويجوز ذاك. والبيت شاهد على ذلك.

· قال مسكين الدارمي:

أخاكَ أخاكَ، إنّ مَن لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ

في البيت أسلوب إغراء. يدلّك على ذلك استعمال كلمة [أخاكَ] منفردةً قائمةً برأسها منصوبةً بغير ناصب يُرى. وإنما أراد الشاعر: [اِلزَمْ أخاكَ]، لكنه لما أراد أن يعبّر عما في نفسه بأسلوب الإغراء، أضمر الفعل. وقد كرر المُغْرى به: [أخاكَ أخاكَ]، إذ أراد التوكيد.

· ]قُوْا أنفسَكم وأهليكم ناراً[ (التحريم 66/6)

في الآية أمرٌ للمؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار. والتحذير فيها جليٌّ، مستغنٍ عن كل إيضاح. ومع ذلك لا بدّ من توجيه النظر، إلى أنّ ما في الآية هو [تحذير]، [لا أسلوب تحذير] !! وبين هذا وذاك فرقٌ: فمتى أُظهِر الفعل الناصب (أي: المحذَّرُ به، وهو هنا: قُوْا)، فقد لزم أن يكون الكلام [تحذيراً]، وبطل أن يكون أسلوب تحذير، لأنّ أسلوب التحذير لا ظهورَ للفعل فيه.

وقد يتّجه ذهن القارئ، إلى أنّ مادّة الفعل ذات تأثير في المسألة، وأنها لو لم تكن مِن [وقى - يقي] كما هي الحال هنا في الآية، بل كانت من [حذر - يحذر] لاختلف الأمر!! ونقول: لا شأن للمادّة اللغوية في المسألة أصلاً، وكيف يكون لها شأن فيها، والمحذَّرُ به (أي: الفعل الناصب) لا يجوز أن يظهر في أسلوب التحذير مهما يكن لفظه، ومهما تكن مادّته؟!

ومع ذلك، ولقطع الشكّ باليقين، نورد للاستئناس - لا للحصر - آيتين تدلاّن على ذلك هما: ]يعلم ما في أنفسكم فاحذروه[ (البقرة 2/235)، و]إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم[ (التغابن 64/14). ففي الآيتين استعمالٌ لمادّةِ [حذر - يحذر]، ومع ذلك ليس فيهما أسلوب تحذير.

ولقد كنا عرضنا في مطلع هذه النماذج، لقوله تعالى ]ناقةَ الله وسقياها[ وقلنا: إنّ مما يفرّق بين التحذير وأسلوب التحذير، أنّ التحذير يكون بذكر الفعل، وأما أسلوب التحذير فيكون بذكر المفعول به وحده، لا بالفعل. وهذا ضابط كالشمس في رائعة النهار، ولكنّ كتب الصناعة تهمل ذكره !!

· قال الشا عر:

اِتّقِ الأحْمَقَ، أنْ تَصحَبَهُ إنما الأحْمَقُ كالثوب الخَلَقْ

كلَما رقَّعْتَ منهُ جانباً حَرَّكتْهُ الريحُ وهْناً فانخرَقْ

وفي قوله: [اتّقِ الأحمقَ]، تحذير واضح، ومادّة الفعل هنا، هي نفسها، مادة [قُوْا] في الآية المتقدم ذكرها آنفاً. وكلّ ما قيل هناك يقال هو نفسه هنا، فلا نكرر، ولكن ندعو إلى التأمل، ونوجّه النظر، إلى أن التحذير شيء، وأسلوب التحذير شيء. والفرق بين الاستعمالين لا لقاء معه أبداً!!



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:39 PM

التصغير



¨ التصغير لغةً، هو: جَعْلُ الشيء صغيراً. وهو عند النحاة: تغيير في بناء الاسم، للدلالة على معان شتى. منها: التحقير، نحو: شُوَيْعِر، والتقليل، نحو: دُرَيْهِمات، والتصغير، نحو: كُتَيِّب، والتقريب، نحو: بُعَيْد الظهر...

والتصغيرُ للأسماء فحسب، وما جاء مصغَّراً من فعل أو حرف فشاذّ.

¨ للتصغير أوزانٌ ثلاثة هي:

1- فُعَيْل: ويُصَغَّر عليه كل اسم ثلاثي، نحو: جبل وقمر، فيقال في تصغيرهما: جُبَيْل وقُمَيْر.

2- فُعَيْعِيل: ويُصَغّر عليه كل اسم من خمسة أحرف، رابعُها حرفُ علّة. ففي تصغير نحو: قنديل وعصفور وقرطاس، يقال: قُنَيْدِيل وعُصَيْفِير وقُرَيْطِيس.

3 - فُعَيْعِل: ويصغَر عليه كل اسم رباعي الأحرف، نحو: درهم وجعفر (من أسماء النهر)، فيقال في تصغيرهما: دُرَيْهِم وجُعَيْفِر. فإن كانت حروفه أكثر من أربعة، تعذّر تصغيره، حتى تُصيِّره بالحذف أربعة - كما ذكرنا في بحث جموع التكسير(1).

فمن: سفرجل وفرزدق مثلاً، تحذف الحرف الخامس، ثم تصغّر فتقول: سُفَيْرِج وفُرَيْزِد.

ومن: غضنفر وفَدَوْكَس مثلاً، تحذف النون من الأول، والواو من الثاني، لأنهما زائدان - وذلك أنّ الزائد أولَى بالحذف - ثم تصغّر فتقول: غُضَيْفِر وفُدَيْكِس. ومن مستخرج، تحذف السين والتاء، لأنهما أقلّ قيمة من الميم، فتقول: مُخَيْرِج.

ومن: عندليب وخندريس، تحذف الخامس والسادس، ثم تصغِّر فتقول: عُنَيْدِل وخُنَيْدِر وهكذا...



أحكام:

¨ ما خُتِم من الأسماء بحرف زائد على الأصل، أو أكثر، لا يعتدّ - عند تصغيره - بزوائده، كعلامة التثنية وجمع السلامة وياء النسب وتاء التأنيث وألف التأنيث الممدودة والألف والنون الزائدتين، فتبقى الزيادة على حالها لا تُمَسّ، ويجري التصغير على ما قبلها. ودونك من ذلك نماذج، فَصَلْنا بين كلماتها، وبين الأحرف الزائدة عليها بثلاث نقاط، هكذا [...] لمزيد إيضاح:



الكلمة
تصغيرها
الكلمة
تصغيرها
الكلمة
تصغيرها

تمر...ة
تُمَيرة
حنظل...ة
حُنَيْظلَة
خضر...اء
خُضَيْراء

زعفر...ان
زُعَيْفران
عبقر...يّ
عُبَيْقريّ
عثم...ان
عُثَيْمان

عَطْش...ان
عُطَيْشان
سكر...ان
سُكَيران
كاتب..ان
كُوَيْتِبان

كاتب..ون
كُوَيْتِبون
كاتب..ات
كُوَيْتِبات
...
...



ولا يستثنى من هذه القاعدة، إلا الألف المقصورة، فإنها تثبت إن كانت رابعةً، وتُحذَف إن وقعت خامسةً فصاعداً. ففي تصغير نحو: [حبلى]، تثبت فيقال: [حُبَيْلَى]، وفي تصغير نحو: [خَوْزَلَى]: (مشية في تثاقل)، تُحذَف فيقال: [خُوَيْزِل]...

¨ كل اسم ثلاثي مؤنث، خالٍ من تاء التأنيث، إذا صغّرته ألحقتها به:

ففي تصغير: عين وأذن وسن ودار وشمس وهند، تقول: عيينة وأذينة وسنينة ودويرة وشميسة وهنيدة.

¨ يجوز التعويض عن المحذوف:

ما تَحذف منه لتصيّره أربعة أحرف، يجوز أن تزيد قبل آخره ياءً للتعويض عن المحذوف. مثال ذلك [سفرجل]، وبالحذف [سفرج]، ثم بالتصغير [سُفَيْرِج]، ثم بزيادة الياء جوازاً [سفيريج]. ومثله: [عندليب]، فبالحذف [عندل]، ثم بالتصغير [عُنَيْدِل]، ثم بزيادة الياء جوازاً [عنيديل]...

إذا صغّرت اسماً منتهياً بحرفٍ منقلبٍ عن أصل، فأَعِدْه عند التصغير إلى أصله. وذلك نحو: [المَلْهَى]، فإن الألف في الآخر، أصلها الواو: [المَلْهَو]، لأنه من [اللهو]، وتصغيرُه: [المُلَيْهِو]، ولكن الواو تطرّفت بعد كسرة، فقُلِبت ياءً، فصارت [المُلَيْهِي]، فإذا نكّرت ونوّنت قلت: [مُلَيْهٍ].

وكذلك [الأعمى]، فإنّ الألف في آخره أصلها الياء، لأنه من [عمِي]، فتعاد عند تصغيره ياءً على الأصل أي [الأُعَيْمِي]. فإذا نكّرت ونوّنت قلت: [أُعَيْمٍ].

¨ إذاصغَّرت اسماً ثانيه حرف علّة، قلبته واواً في الحالات الأربع الآتية دون غيرها:

أ- إذا كان زائداً نحو: شاعر وخاتم، فتقول في تصغيرهما: شويعر وخويتم.

ب- إذا كان أصله واواً نحو: باب وميزان، فتقول في تصغيرهما: بويب ومويزين.

ج- إذا كان مجهول الأصل نحو: عاج وصاب، فتقول في تصغيرهما: عويج وصويب.

د- إذا كان مبدوءاً بمدّة نحو: آدم وآخر، فتقول في تصغيرهما: أويدم وأويخر.

وأما في غير ذلك، فليس إلا قلب حرف العلة ياءً بغير تردد في كل حال، مهما يكن موقع حرف العلة من الكلمة، ومهما يكن أصله.

ودونك من هذا نماذج، نذكر فيها: الاسم ثم تصغيره ثم شيئاً من التعليق لمزيد إيضاح:

الاسم
تصغيره
ملاحظات

ناب
نُيَيب
وقع حرف العلة ثانياً، لكنّ أصله الياء لا الواو، بدليل جمعه على أنياب، فيقلب ياءً.

عصا
عُصيّة
حرف العلة أصله الواو (عُصَيْوَة)، بدليل تثنيته على عَصَوَيْن، لكنه وقع ثالثاً لا ثانياً، فيُقلب ياءً.

ظَبي
ظُبَيّ
حرف العلة ياء، وقد وقع ثالثاً لا ثانياً، فظلّ ياءً على الأصل، وأُدغم في ياء التصغير.

جَمِيل
جُميّل
وقع حرف العلة - وهو الياء - ثالثاً لا ثانياً، فظلّ ياءً، وأدغم في ياء التصغير.

منشار
مُنَيْشِير
وقع حرف العلة - وهو الألف - رابعاً لا ثانياً - فقلب ياءً.

أرجوحة
أُرَيْجِيحة
حرف العلة واو، لكنه وقع رابعاً لا ثانياً، فقلب ياءً.

قنديل
قُنيديل
وقع حرف العلة - وهو الياء - رابعاً لا ثانياً، فظلّ ياءً على الأصل.




¨ ما حُذف من الاسم، يُرَدّ عند تصغيره:

مثال ذلك: زِنة ولُغة وعِدة، فـ [زِنة] محذوف منها واو، إذ الأصل [وزن]، و[لغة] محذوف منها واو أيضاً إذ الأصل [لغو]، و[عدة] محذوف منها واو كذلك، إذ الأصل [وعد]. فعند تصغيرها، يعاد إليها ما حُذف منها فيقال: [وُزَيْنَة - لُغَيَّة(2) - وُعَيْدَة]...



تصغير الجمع

- في العربية أربعة جموع تُصَغَّر على لفظها:

أوزانها: أَفْعُل وأَفْعال وأَفْعِلَة وفِعْلَة

وأمثلتها: أنفُس وأصحاب وأعمِدة وغِلْمَة (جمع غلام)

وتصغيرها: أُنَيْفس وأُصَيْحاب وأُعَيْمدة وغُلَيْمة

وأما غيرها من الجموع، فيؤخَذ مفرده، فيُصغَّر، ثم يُجمع جمع سلامة. ودونك نماذج:

- تصغير جمعِ مذكرٍ عاقل:

الجمع
المفرد
التصغير
جمع السلامة

رجال
رجل
رُجَيْل
رُجَيْلون

كُتّاب
كاتب
كُوَيتِب
كُوَيْتِبون

شعراء
شاعر
شُوَيْعِر
شُوَيْعِرون




- تصغير جمْعِ مؤنثٍ أو غير عاقل:

الجمع
المفرد
التصغير
جمع السلامة

كاتبات
كاتبة
كُوَيْتِبة
كُوَيْتِبات

شواعر
شاعرة
شُوَيْعِرَة
شُوَيْعِرات

دراهم
درهم
دُرَيْهِم
دُرَيْهِمَات

عصافير
عصفور
عُصَيْفِير
عُصَيْفِيرات




- تصغير الترخيم:

وهو تصغير الاسم بعد تجريده من كل حرف زائد؛ فإن كان ثلاثي الأصول، صُغّر على [فُعَيْل]، فأبلق ومنطلق ومحمود ومعطف، تُجرَّد من كلّ زيادة فتغدو: بلق وطلق وحمد وعطف. ثم تصغَّر على: بُلَيْق وطُلَيْق وحُمَيْد وعُطَيْف... فإن أردت التأنيث زدتَ في آخر ما تصغّره تاء التأنيث، فتقول مثلاً: حُمَيدة وعُطَيفة...

وإن كان الاسم رباعي الأصول، صُغّر على [فُعَيْعِل] نحو: قِنديل وقِرطاس وعصفور، فهذه إذا حُذِفت زياداتها غدت: قندل وقرطس وعصفر، ثم تُصّغَّر على: قُنَيْدِل وقُرَيْطِس وعُصَيْفِر...



* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:40 PM

التعجّب

التعجب هو استعظامُ فِعْلِ فاعِل، وله صيغتان قياسيتان هما: [ما أَفْعَلَهُ] و[أَفْعِلْ بِه](1). مثال استعمالهما قولك في التعجب من حُسن الربيع: [ما أَجْمَلَ الربيعَ] و[أَجْمِلْ بالربيع]. فإذا تعذّر صوغ هاتين الصيغتين أمكن التوصل إلى التعجب بأن يُؤتى بمصدرٍ، بعد [أَكْثَر] أو [أَعْظَم] ونحوهما. فيقال مثلاً: [ما أَعْظَمَ إنسانيّةَ زهير، وأَعْظِمْ بإنسانيته]، و[ما أَكْرَمَ استقبالَه، وأَكْرِم باستقباله].

أحكام:

¨ لا تَعَجُّبَ إلا من معرفة، وأما النكرة فلا يتعجب منها، فلا يقال مثلاً: ما أجمل ربيعاً، ولكن إذا تخصّصتْ جاز ذلك. نحو: [ما أجمل ربيعاً تَكْثُر أزهارُه].

¨ صيغتا التعجب هما هما، لا تغيير فيهما، ولا تقديم ولا تأخير. تقول:

يا رجل ويا رجلان ويا رجال أَجْمِلْ بالربيع

يا امرأة ويا امرأتان ويا نساء أَجْمِلْ بالربيع

¨ الفعل المضعّف مثل: عزّ وحبّ وشدّ وعدّ وقلّ... يُفَكّ إدغامه في صيغة [أفعِلْ به]، فيقال: أَعْزِز وأَحْبِبْ وأشدد وأعدد وأقلل...


¨ في صيغتي التعجب تُصَحَّح عينُ المعتلّ، نحو: [ما أطْوَلَ ليلَ المريض، وأطوِلْ به].



تذييل:

قد يكون التعجب من الشيء بواسطة [يا]، في تراكيب ثلاثة، لا تتغيّر ولا تتبدّل. مثالها أن تتعجّب من روعة البحر فتقول: يا بَحر، يا لَلْبحرِ، يا بَحْرا.

وقد يستعمل العربي في تعجّبه، كلمةَ [العجَب] نفسها، فيقول:

[يا عَجَبَا] و[يا لَلْعَجَب].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال التعجب

· قال جميل بثينة (الديوان /179):

وتثاقلتْ لمّا رأتْ كلفي بها أَحْبِبْ إليَّ بذاك مِن مُتَثاقِلِ

[أَحْبِبْ]: الصيغة هذه صيغة أمر. والأمر إذا كان مبنياً على السكون - كما ترى هنا - جاز فيه وجهان: الفكّ والإدغام، أي: [أحبِب وأَحِبَّ]. لكنّ المُجمَعَ عليه، أن صيغة التعجب: [أفعِلْ به] من الفعل المضعّف نحو: [عزّ وحبّ وشدّ إلخ...] لا يجوز فيها إلا الفكّ. فيقال: [أعزِزْ وأَحبِبْ وأشْدِدْ إلخ...]. وعلى ذلك قول جميل: [أحببْ]. فالإدغام إذاً هنا ممتنع، وإن كان في غير صيغة التعجب جائزاً. ومنه قول عليّ كرم الله وجهه وقد رأى عمارَ بن ياسر - أبا اليقظان - صريعاً يوم صفين (همع الهوامع 5/61): [أَعْزِزْ عَلَيَّ - أبا اليقظان - أن أراك صريعاً مُجَدَّلاً].

· وقال رضي الله عنه (نهج البلاغة - د. الصالح /277): [ما أَطْوَلَ هذا العناءَ وأبعد هذا الرجاءَ].

[ما أطوَلَ]: هاهنا مسألة إعلالية، إذ القاعدة أن حرف العلة إذا وقع في حشو الكلمة، نُقلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله. ولكن يستثنى من هذه القاعدة صيغتا التعجب: [ما أَفعلَه وأفعِلْ به] فلا تُعَلاّن. ولولا تصحيح الواو في قوله: [ما أطول...] لقُلبت ألفاً فقيل: ما أطال هذا العناء...!!

· قال الطغرائي:

أُعَلِّل النفسَ بالآمال أَرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأَمَلِ

يقال هاهنا ما قيل آنفاً في قول عليّ، ولولا تصحيح الياء لقيل: ما أضاق...!!

· قال امرؤ القيس (الديوان /69):

أرى أُمّ عمروٍ دمعُها قد تحدّرا بكاءً على عمروٍ، وما كان أَصْبَرا

[ما كان أصبرا] فيه مسألتان:

الأولى: زيادة [كان] بين [ما] التعجبية وصيغة [أفعل]. وقد عالجنا ذلك في بحث [كان وأخواتها]، وذكرنا جوازه.

والثانية: أن الشاعر حذف المتعجب منه وهو الضمير [ها]، إذ الأصل: [وما كان أصبرها]، وإنما حذفه لدلالة السياق عليه، وحذفُ ما يعلم جائز.

ومنه قول عليّ كرّم الله وجهه:

جزى اللهُ قوماً قاتَلوا في لقائهم لدى الرَّوع قوماً ما أعزّ وأكرما

فقد حذف المتعجب منه مرتين وهو الضمير [هم]، إذ الأصل: [ما أعزهم وأكرمهم].

* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:42 PM

تعليق شبه الجملة (الظرف والجار والمجرور)



تبيين للشداة وغير المتخصّصين:

إذا لم يَرْبِط شبهَ الجملة: (الظرف والجارّ والمجرور)، رابطٌ معنويٌّ، بما قبلَه أو بعدَه، كان شبه الجملة في العبارة لغواً أو إحالة(1).

فمِن اللغو والإحالة أن يقال مثلاً: [شَرِبَ خالدٌ بالقلم]. وذلك أنّ [بالقلم] لا يربطهما بـ [شرب] ولا بـ [خالد] رابطة معنوية. إذ الشُّرب لا يكون بالقلم.

وليس كذلك قولك: [كتب خالد بالقلم]، فهاهنا ارتباط معنوي بين [كتب] و[بالقلم]، وذلك أن الكتابة تتحقق بواسطة القلم. ومن هنا أن المعربين يقولون: [بالقلم: جار وجرور متعلّقان بكتب].

ومن اللغو أيضاً والإحالة أن يقال: [نام سعيدٌ تحت الماء]، وذلك أن [تحت الماء] لا يربطه بـ [نام] رابط معنوي، إذ النوم لا يكون تحت الماء.

وليس كذلك قولك: [نام سعيدٌ تحت السقف]، فهاهنا ارتباطٌ معنوي، لأنّ النوم ممكنٌ تحقُّقُه تحت السقف. ولذا يقول المعربون: [تحت: ظرفُ مكان متعلقٌ بنام].

فإذا قيل: إن العربي يقول: [خالد في البيت]، وشبه الجملة هنا لا يرتبط معنويّاً بخالد. وليس هاهنا كلمة أخرى يرتبط بها.

ففي الجواب نقول: إنّ شبه الجملة لما كان - في هذه الحال - هو الذي أتمّ معنى المبتدأ، استقلّ بنفسه فاستغنى عن التعلّق والارتباط بسواه. فشبه الجملة إذاً يفتقر إلى رابط معنوي، في نحو: [كتبت بالقلم] لأن الكتابة تتحقق بالقلم، وأما إذا كان شبه الجملة في موضع الخبر فتمّ به معنى المبتدأ، في نحو: [خالدٌ في البيت] أو [الكتاب على الطاولة]، فإنّ شبه الجملة هو نفسه، يكون الخبر.

وأمّا موضع التعليق (أي: بمَ نعلّق شبه الجملة؟) ويسمّيه النحاة: [المتعَلَّق]، فإنه إدراك عقليّ؛ وصحّةُ المعنى وحدَها، هي الحَكَمُ والفَيْصَلُ، في تعيينه.



البحث

¨ تعليق شبه الجملة (الظرف والجارّ والمجرور)، هو ربطٌ معنويّ بما قبله أو بعده في العبارة، نحو: [خالدٌ جالسٌ فوق السطح (التعليق بجالس)، يستدفئ بحرارة الشمس (التعليق بيستدفئ)، وبعد قليل يذهب إلى السوق (التعليق بيذهب)].

¨ إذا كان شبه الجملة في موضع الخبر، كان هو نفسه الخبر، فاستغنى عن التعليق، نحو: [العلم في الصدور] و[الجنة تحت أقدام الأمهات].

* * *



نماذج من تعليق شبه الجملة لمزيد من الإيضاح:

يقال مثلاً في نَقْد ممثِّل، لا يؤثِّر دورُه في حركته ولا في نُطْقه: [فلانٌ خشبةٌ على المسرح]: شبه الجملة [على المسرح] يتعلّق بـ [خشبة].

وتقول مثلاً في حديثك عن سفرك بالطائرة:

أُفٍّ للسيارة (التعليق باسم الفعل أفّ)،

فقد سافرتُ بالطائرة (التعليق بالفعل سافرت)،

فكانت مُتْعَة سفري عليها (التعليق بالمصدر سَفَر)،

كمتعة إنسان على بساط الريح (التعليق بإنسان)،

أو طفل في المهد (التعليق بطفل)، وهكذا...

ويتبين من هذه الأمثلة أنّ التعليق (الربط)، مسألةُ فهمٍ وإدراكٍ للمعنى، وليس شيئاً وراءَ ذلك.

* * *


السيد عبد الرازق 16-12-2008 10:44 PM

التمييز

التمييز: اسمٌ نكرةٌ فضلةٌ منصوب، يرفع إبهامَ ما تقدّمه مِن مفرد نحو: [عندي رِطلٌ - عسلاً]، أو جملة نحو: [حَسُنَ خالدٌ - خُلُقاً] (1).

وهو نوعان:

الأول: أن يتقدّم المضافُ إليه على المضاف، فيصير المضاف إليه فاعلاً أو مفعولاً به، ويصير المضافُ تمييزاً. وذلك نحو: ]واشتعل الرأسُ - شَيباً] (2) والأصل: [اشتعل شيبُ الرأس](3). و ]وفجّرنا الأرضَ - عيوناً] (4) والأصل: [فجّرنا عيونَ الأرض](5).

والنوع الثاني: أن تحتاج الكلمة المفردة، أو الجملة، إلى تبيينٍ يُزيل ما فيهما من الإبهام، فيؤتى باسم هو التمييز، يرفع ذلك الإبهام ويُزيله، نحو:

عندي مِتْرٌ - جوخاً:

لو اجتزأنا بـ [عندي مترٌ]، لكان كلامنا من الوجهة الصناعية تامّاً، إذ هو مؤلف من مبتدأ وخبر. ولكن الإبهام هاهنا يعتري قولنا، فلا يُدرَى: أمتر حرير هذا المتر، أم متر كتان، أم متر حديد تُقاس الأطوال به؟

فإذا أُتِيَ بالتمييز، فقيل: [جوخاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.

لي قصبةٌ - أرضاً:

ما قلناه في المثال الأوّل، يقال هنا. فقولنا: [لي قصبةٌ]، كلام تامّ، إذ هو من الوجهة الصناعية، مؤلف من مبتدأ وخبر. ولكن الإبهام يعتريه، فلا يُدرَى: أهذه القصبة قصبةٌ مما تُنبت الأرض، أم قصبة مما يُكتَب به، أم قصبة تقاس بها الأراضي عند مسحها؟ فإذا أتينا بالتمييز، فقلنا: [أرضاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.

خالدٌ أكبر منك - سِنّاً:

قولنا: [خالدٌ أكبر منك]، هو من الوجهة الصناعية،كلام تامّ، مؤلّف من مبتدأ وخبر. ولكنّ الإبهام يعتريه، فلا يُدرَى أخالدٌ أكبر منك حجماً، أم عُمراً، أم قَدْراً ؟ فإذا أُتِيَ بالتمييز، فقيل: [سِنّاً]، زال الإبهام، واتّضح القصد.

امتلأ قلبُ زهير - سروراً:

جملة: [امتلأ قلب زهير]، تصدق على أشياء كثيرة يمتلئ بها القلب، من فرح وسعادة وحُزن وغبطة إلخ... وذلك مدعاةُ إبهام، وللتبيين والإيضاح، أُتِيَ بكلمة [سروراً]، فأوضحتْ وفسّرتْ، وأزالت الإبهام، وبيّنتْ أنّ قلب زهير إنما امتلأ بالسرور، لا بغيره مما يمتلئ به في الحالات المختلفة.

وقس على ذلك قولَك: [عندي ذراعٌ - حريراً]، و[لك قنطارٌ - عسلاً]، و[أعطِ الفقير صاعاً - قمحاً]، و[ما في السماء قَدْرُ راحةٍ - سحاباً]، و[عندي جَرَّةٌ - ماءً]، و[لنا مثل ما لكم - خيلاً، ولنا غير ذلك - غنماً]، و[عندي خاتمٌ - ذهباً]، و[كفى بالشيب - واعظاً]، و[عَظُمَ عليٌّ - مقاماً]، و[ارتفع سعيدٌ - رتبةً]، و[ملأتُ بيتي - كتباً]، و[سموتَ - أدباً]، و[ما أكرمكَ - رجُلاً]، و[أَكرِمْ بسليم - خطيباً] إلخ...



تنبيهات:

1- قد يتقدّم التمييز على فعله، نحو: [نفساً يطيب خالدٌ]، إلاّ أن يكون فعلاً جامداً نحو: [ما أحسنه فارساً]، فيمتنع ذلك.

2- لا يتقدّم تمييز المفرد على المميَّز، قولاً واحداً. فلا يقال مثلاً: [نجح طالباً عشرون].

3- التمييز اسمٌ جامد، ولكن قد يكون مشتقاً نحو: [لله درّه فارساً].

فوائدُ تجلوها مقابلةُ الحالِ بالتمييز:



الحال
التمييز

الأصل في الحال أنها مشتقّة
الأصل في التمييز أنه جامد

الحال على معنى [في]
التمييز على معنى [مِن]

قد تحذَف الحال فيفسد المعنى
يُحذَف التمييز فلا يفسد المعنى

الحال تفسِّر هيئة صاحبها
التمييز يفسِّر ما انبهم من مفرد أو جملة

الحال تكون اسماً وجملة وشبه جملة
التمييز لا يكون إلاّ اسماً




* * *


نماذج فصيحة من استعمال التمييز

· ]رأيتُ أحدَ عشَرَ كوكباً[ (يوسف 12/4)

[أحدَ عشرَ كوكباً]: تجري كتب الصناعة على أنْ تُعرِب الاسم المنصوب [أي: المعدود]، بعد العدد تمييزاً، من الأحد عشر إلى التسعة والتسعين. وترى نموذج ذلك في كلمة [كوكباً] مِن الآية، فإنها المعدود بعد العدد: [أحد عشر] فتُعرَب تمييزاً منصوباً(6).

ومثل ذلك، قوله تعالى: ]إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً[ (ص 38/23)، فالتمييز هنا هو: [نعجةً]. وقوله أيضاً ]فانفجرت منه اثنتا عشْرةَ عيناً[ (البقرة 2/60)، فالتمييز هنا هو: [عيناً].

· قال الشاعر:

إذا المرء عيناً قرَّ بالعيش مُثرِياً ولم يُعْنَ بالإحسان، كان مذمَّما

[المرءُ عيناً قرّ]: الأصل في التركيب هو: [قرّتْ عينُ المرءِ]، ثم يُقدّم المضاف إليه [المرء]، فيكون فاعلاً لـ [قرّ]، ويؤخَّر المضاف [عين] فيكون تمييزاً. هذا هو الأصل؛ لكنّ الشاعر قدّم كلمة [عيناً] على الفعل فقال: [عيناً قرّ]. والتمييز يجوز أن يتقدم على فعله، إلاّ أنْ يكون فعلاً جامداً فيمتنع ذلك.

· قال المتنبي (الديوان 2/75):

فهنَّ أَسَلْنَ دماً مُقلتِيْ وعذَّبن قلبيْ بطول الصدودِ

[أسلنَ دماً مقلتي]: الأصل في التركيب هو: [هنّ أسلْنَ مقلتي دماً]، غير أنّ الشاعر قدّم التمييز وهو: [دماً]، فأتى به بين الفعل ومفعوله. ولقد قدّمنا آنفاً أنّ التمييز يجوز أن يتقدم على فعله، وإذا جاز تقديمه على الفعل، فتقديمه على المفعول أحرى.

· ومن تقديم التمييز أيضاً قول الشاعر:

أنَفْساً تطيب بنَيْلِ المنى وداعِيْ المَنُون ينادي جِهارا

[أنفساً تطيب]: الأصل في التركيب هو: [أتطيب نفساً؟]، غير أنّ الشاعر قدّم التمييز وهو: [نفساً]، على الفعل. وذلك جائز كما ذكرنا آنفاً.

· ومن التقديم أيضاً قول الشاعر:

ولستُ - إذا ذَرْعاً أَضِيقُ - بضارعٍ ولا يائس عند التعسُّرِ من يُسْرِ

البيت بعد حلِّه يصير إلى: ((إذا ضقتُ ذرعاً، فلست بضارعٍ (لست بمتذلّل)، ولا يائسٍ من يُسرٍ عند التعسّر)). والذي نريده من البيت هو [ذرعاً أضيق]، فإنّ الأصل تأخير التمييز، فيقال: [أضيق ذرعاً]. غير أنّ الشاعر قدّمه فقال: [ذرعاً أضيق]، وقد كررنا القول: إنّ ذلك جائز.

· ]قُلْ لو كان البحرُ مداداً لكلمات ربي لنفِدَ البحرُ قبل أنْ تنفَدَ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً[ (الكهف 18/109)

تعبِّر كتب الصناعة عن مجيء كلمة [مثل] وكلمة [غير] مبهمتين في الكلام، بقولها: [ما دلَّ على مماثلة، وما دلّ على مغايرة]. فأما المماثلة فمنها ما نحن بصدده، وهو قوله تعالى: [جئنا بمثله مدداً]، وذلك أنّ كلمة [مِثل] يعتريها الإبهام، فإذا سمعك امرؤ تقول: [خالدٌ مثل الجبل] لم يدرِ أهو مثله في التَوَطُّد أم الثبات أم الارتفاع إلخ... حتى إذا أتيتَ بالتمييز فقلتَ: [مثل الجبل ثباتاً]، ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

وقُل الشيءَ نفسه في الآية. فإنّ المرء لا يدري أمماثلةُ البحر هنا بالكميّة، أم بسهولة الاستمداد، أم بالاتّساع؟ فلما قيل: [مدداً]، ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

وكذلك الشأن - طِبقاً - في استعمال [غير]. تقول مثلاً لمن تحدّثه: [عندي خيلٌ وغير ذلك]، فلا يدري ما الذي عندك غير الخيل، حتى إذا أتيت بالتمييز فقلت: [وغير ذلك غَنَماً] ارتفع الإبهام واتّضح القصد.

· قال جرير (الديوان /89):

ألستم خيرَ مَن ركب المطايا وأندى العالمين بطونَ راحِ

قول الشاعر: [ألستم....أندى العالمين] - من الوجهة الصناعية - كلامٌ تامّ، غير أنّ الإبهام يعتريه، إذ لا يُعرَف بمَ كانوا أندى العالمين، أَهُمْ أنداهم نباتاً (مِن نَدِيَ النبات إذا أصابه الندى)؟ أم هم أنداهم صوتاً، (مِن نَدِيَ الصوتُ إذا علا وامتدّ)؟ حتى إذا أتى الشاعر بالتمييز فقال: [بطونَ راح] ارتفع الإبهام وتبيّن أنّ الشاعر أراد: ألستم أندى الناس كفّاً؟ (مِن النَدى، أي: الكَرَم).

· ]فلن يُقبَل مِن أحدهم مِلءُ الأرض ذهباً[ (آل عمران 3/91)

[لن يُقبلَ ملءُ الأرض]: الكلام مِن الوجهة الصناعية تامّ، مؤلَّف من فعل ونائب فاعل، غير أنّ الإبهام يعتريه، فلا يُدرى: أهذا الذي لن يُقبَل هو ملءُ الأرض نحاساً أم فضةً أم جواهرَ إلخ... حتى إذا جيء بالتمييز فقيل: [ملْءُ الأرض - ذهباً]، زال الإبهام واتّضح القصد.

* * *


nihad 16-12-2008 10:44 PM

جزاك الله خيرا اخي عبد الرزاق على مجهودك الطيب

جعلت هذا المتصفح منهلا طيبا لقواعد اللغة

ساستفيد منه كثيرا فجزاك الله عني خير الجزاء

دمت في رضا الرحمن


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.