حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة السيـاسية (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=11)
-   -   الاتجاهات الإقليمية المتوقعة (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=82842)

ابن حوران 04-02-2010 02:29 PM

الاتجاهات الإقليمية المتوقعة
 
ترجمات مهمة

الاتجاهات الإقليمية المتوقعة في الربع الأخير من عام 2009

مؤسسة ستراتفور


أولاً: جنوب شرق آسيا

الاتجاه الإقليمي: الحرب الأمريكية ـ الجهادية

واضح أن الساحة الأفغانية/ الباكستانية أصبحت مركز نشاط الصراع بين الولايات المتحدة والجهاديين.

كانت سياسة كسب القلوب والعقول، وما تزال، مماثلة للعملية التي تمت بنجاح كبير في العراق: تهيئة بيئة أمنية تحرم (طالبان) إيجاد ملاذ، وتقطع علاقة طالبان بالقاعدة، وتجزئ مجال عمل الجهاديين بما يكفي إرغام أجزاء من طالبان على الجلوس الى طاولة المفاوضات.

لكن تطبيق الإستراتيجية تطبيقاً ناجحاً يتطلب من الوقت والرجال والمعدات، أكثر مما هو لدى الولايات المتحدة. فأفغانستان هي ببساطة صعبة المراس سياسيا وجغرافياً واقتصادياً وعسكرياً. وطالبان تدرك هذا فكان ردها ليس فقط مضاعفة هجماتها بالمتفجرات محلية الصنع في الأشهر الأربعة المنصرمة، وإنما توسيع نطاق عملياتها أيضاً ليشمل مناطق البلاد الشمالية والغربية.

هذا هو الفصل الذي ستعض الحقيقة فيه بنابها في أفغانستان، ناقلة (المعركة) من جنوب آسيا الى واشنطن. وإدارة أوباما لا تريد أن تُعرَف بهذه الحرب، غير أن التنفيذ الموفق سيتطلب على الأقل مزيداً من القوات ومزيداً من الوقت، وحتى لو سلمنا بذلك جدلاً، فربما أحسن ما يُمكن أن يُؤمل به هو مجرد الوصول الى جمود تام.

الأوروبيون يعون ذلك بصورة، ولهذا نراهم قد بدءوا العد العكسي وتثبيت إستراتيجياتهم المعنية بالخروج [من أفغانستان]. هكذا فإن الإستراتيجية برمتها ـ في الواقع، الالتزام الأساسي بالحرب ـ تخضع للمناقشات في الإدارة الأمريكية. هذه المناقشات، الى جانب شعور بعدم جدوى في المجهود الحربي، ستهيمن على الاتجاه في الربع الأخير.

طبعاً، إن المناقشة الأمريكية بشأن الإستراتيجية المعنية بأفغانستان، تشنف آذان طالبان، حيث إن أي شيء ما عدا زيادة كبيرة في التزام الناتو المشترك يصب في مصلحتها، ويقضي الى حدٍ بعيد على أي اهتمام بالمصالحة السياسية. وليس من شأن واقع أن الانتخابات الأفغانية أسفرت عن نتيجة معلقة ومتنازع فيها سوى أن تعمق ثقة طالبان بنفسها.

ليست القيادة السياسية ولا العسكرية في باكستان محيطة تماما بجدية النقاش الدائر في الولايات المتحدة في ما يخص الحرب في أفغانستان. ولطالما توجست إسلام أباد خيفة من أن تقدم الولايات المتحدة على المغادرة فجأة، ملقية أثقال الفوضى كلها على عاتق باكستان. من منطلق هذه الخشية ـ ومما يثير سخط واشنطن ونيودلهي حقاً ـ كانت باكستان حتى أواخر نيسان/أبريل 2009، مترددة بصورة غير عادية في مواجهة مشكلتها مع الجهاديين، متعامية عن معظم نشاط الجهاديين على أرضها، ومفسحة للمحاربين المرابطين في باكستان ـ لكن المُرَكِزين عملهم على أفغانستان ـ مجالاً أوسع للمناورة.

بيد أن شيئاً من التقدم قد تحقق هنا. فقد قتلت غارة جوية أمريكية قائد (طالبان/باكستان) بيت الله محسود. وأفسح الصراع على السلطة الذي تلا مقتل محسود فرصة لباكستان كي تزرع الشقاق في الحركة وتستثمر النشاطات العسكرية الباكستانية التي تحققت في سوات ووزيرستان. وعليه فإن الحركة أمتن من أن تنال منها مثل تلك الإنجازات.

هناك مجموعات قتالية أخرى ناشطة في باكستان. وقد كان لإسلام أباد حظ محدود في كبح وكلائها الكشميريين الذين تحولوا الى محاربين إسلاميين موطنين أنفسهم على شن هجمات داخل الهند. صحيح أن باكستان تقدم بعض المعلومات للهند (عن طريق طرف ثالث)، لكن ليس هناك ما يؤكد أن هذا التعاون الخجول سيكون كافياً للحيلولة دون نشوب أزمة حدود أخرى، ناهيك عن الحيلولة دون شن هجمات كالهجوم الذي استهدف مومباي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008.

أما الهند فستكون من جهتها منهمكة فعلاً بمحاولة تدبر أمر تمرد(الناكساليزم)*1 الذي يزداد بأساً في الهند.

سيكون الحديث عن (الشرق الأوسط) في المرة القادمة

يتبع

* الناكساليزم: تمرد ثوري يساري يقوم به الشيوعيون داخل الهند (من تصريح لرئيس وزراء الهند ماتموهان سينغ لوكالة شينخوا الصينية في 11/10/ 2009)

ابن حوران 05-02-2010 10:42 PM

ثانيا الشرق الأوسط

- الاتجاه العالمي: الانبعاث الروسي والشرق الأوسط

تبتغي روسيا على نحو مثالي أن ترى الولايات المتحدة الأمريكية تتعذب بصورة كافية إزاء الوضع في الشرق الأوسط بحيث لا تقدم قط على سحب قواتها، بحيث تتاح لروسيا حرية إعادة تشكيل الاتحاد السوفييتي على النحو الذي تراه مناسباً دون داع للشعور بالقلق من القوة العسكرية الأمريكية. وهكذا فإن مشاركة روسيا الأساسية في ساحة الشرق الأوسط تتجلى في دعمها لإيران.

فروسيا تُسَرِب معلومات مبيعات أسلحة ومساعدات تقنية الى مجموعة كبيرة من المشاريع الإيرانية ـ وصولاً الى جوانب من برنامج إيران النووي ضمناً ـ بهدف جعل أي ضربة أمريكية لإيران مكلفة الى أبعد حد ممكن. غير أن هناك حدود لمثل تلك المساعدة؛ فالروس لا يريدون إمداد إيران بأي شيء من شأنه أن يخل ميزان القوى بين إيران وروسيا؛ ذلك بأن لدى الولايات المتحدة في نهاية الأمر خيار العودة الى ديارها، في حين أن إيران تتاخم منطقة نفوذ روسيا.

لكن ما يزال هذا يتيح مجالاً واسعاً للتعاون المتين بين البلدين. فمن المتوقع أن تقوم روسيا سياسياً في مجلس الأمن، وعملياتياً بما تملكه من طاقة عالية في تكرير النفط ـ بوضع عراقيل أمام قدرة الدول الغربية على فرض عقوبات على إيران تخص مادة (البنزين).

وقد ثبت حتى الآن أن الثمن الذي تطلبه روسيا لقاء تعاونها مع الغرب ـ بسط سلطانها على الاتحاد السوفييتي السابق ـ أغلى من أن تستطيع الولايات المتحدة دفعه. لكن بعد التبدل الأمريكي في خطط الدفاع الصاروخي البالستي، ثمة إمكانية لأن تخوض واشنطن وموسكو في مفاوضات أكثر جدية قد تؤدي الى منع روسيا من أن تبذل من أجل إيران جهوداً أكثر مما هو متوقع، وبالتالي تجنبهما صراعاً عسكرياً في الخليج، غير أن هذا أمر غير مضمون بأي حال من الأحوال.

ـ الاتجاه العالمي: الاقتصاد العالمي والشرق الأوسط

يحذر الكاتب من أن أية مواجهة في الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، ستؤثر بالتأكيد في حركة النفط عبر (مضيق هرمز)، مع ما يحدثه مثل هذا العمل من تأثيرات جلية في الاقتصاد الإقليمي والعالمي.

ـ الاتجاه الإقليمي: الحرب الأمريكية ـ الجهادية

تراجع الحال بالحرب الجهادية في الشرق الأوسط دون أن يمنع ذلك من بقاء غليانه. ففي العراق أتاحت التوترات السياسية بين الفئات المتنافسة، للجهاديين لشن هجمات جديدة، لا سيما في بغداد والموصل وما جاورهما. وما تزال مستويات العنف منخفضة بما يكفي للولايات المتحدة أن تمضي بإستراتجيتها المعدة للخروج، غير أن عملية الانسحاب ستكون بطيئة وشاقة.

وستكون العراق ساحة للحصول على مكاسب من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، بين إيران التي تطمح بعودة قوية من خلال حلفائها في العراق وبين أمريكا وحلفائها العرب الكارهين لتلك العودة أن تتم بسهولة.

ولكن يبقى اهتمام إيران وأمريكا أقل حدة، بل وهابط المستوى لانصراف الطرفين الى قضية أخرى هي الملف النووي الإيراني.

وعلى صعيد القاعدة في جزيرة العرب، فإنها تبدو قوة متلجلجة لا تملك زمام المبادرة، خصوصا بعد محاولة اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي، وستحاول القاعدة استعراض قوتها بشكل غير متقن.

ـ الاتجاه الإقليمي: صعود تركيا

يواجه توسع تركيا بعض الاعتراض، والسبب يعود، الى حد بعيد، الى الأزمة التي تتلبد غيومها في إيران. إن للأتراك ارتباطات متينة مع الأطراف الأربعة المعنية بهذا الموضوع ـ الولايات المتحدة وروسيا وإيران وإسرائيل ـ لكن ليس في وسع تركيا أن تفعل الكثير كي يكون لها تأثير في هذه الأزمة الخاصة، الأمر الذي يترك لتركيا خيارات قليلة غير محاولة إقناع كل طرف بالحجة والاستعداد للعاصفة في حال فشل المحاولة. وبقدر ما تود تركيا تفادي نشوب حريق آخر في فنائها الخلفي، فإنها لن تمانع أيضاً في أن ترى إيران تتعرض لصدمات تقلل من غرورها.

من حسن الحظ أن تركيا تتصرف على نحو مرضٍ من الناحية الاقتصادية. وخلافا لمعظم باقي بلدان العالم، فإن النظام المصرفي التركي غني برأس المال الى حد أن بعض الأموال التركية انتهى به المطاف عملياً الى إعادة الاستقرار الى أجزاء من أوروبا. وها هو بعض النمو يعود، على الرغم من أن الطلب الأوروبي على الصادرات التركية ما زال ضعيفاً.

ـ الاتجاه الإقليمي: التطبيع الإسرائيلي ـ السوري

كانت المفاوضات بين سورية والولايات المتحدة والسعودية قبل شهور تسير بصورة حسنة، لكن واشنطن وجدت نفسها وقتذاك مشغولة بقضايا أخرى فأوقفت المحادثات. ردت سوريا بتكتيكات مضادة، فعرقلت مسيرة لبنان السياسية وسمحت مجدداً بعبور المقاتلين الى العراق. ولما كانت إيران تستغرق كل اهتمام أمريكي إضافي، فإن أي تطبيع يستدعي المشاركة الأمريكية سيتم تأخيره الى حد بعيد في الوقت المنظور، على الرغم من أن تقدم أمريكا قليلاً من المبادرات الدبلوماسية أملاً بإبقاء دمشق على الخط.

يتبع

ابن حوران 08-02-2010 01:45 PM

ثالثاً: أوروبا

ـ الاتجاه العالمي: الكساد العالمي في أوروبا

نمو أوروبا في الربع الثاني من عام 2009 فاجأنا، لكن ليس بمقدار ما فاجأ الحكومتين الفرنسية والألمانية. وفي ظننا أن الجزء الأكبر من النمو جاء من سلسلة خطط تحفيز يتيمة، مثل الخطة الألمانية لتحويل سيارات الى (خُردة) بما بلغت قيمته 7.4 مليار دولار (وهي الخطة التي ألهمت البرنامج الأمريكي المسمى (مبالغ نقدية في مقابل سيارات قديمة Cash for Clunkers). وقد انتهى أمد تلك البرامج خلال الربع الثالث من عام 2009، وما من سبب يُعتد به لتوقع استئناف نمو مستقر بسببها.

إن مشكلة أوروبا الأساسية هي أزمة مصرفية، وجهود التشخيص الحقيقية الأولى ـ ناهيك عن جهود المعالجة ـ لم يجرِ إتمامها حتى نهاية أيلول/ سبتمبر. والمصارف تُظهر من الميل الى الإقراض في أوروبا ما هو حتى أقل من الميل الى الإقراض في الولايات المتحدة، وبالنظر الى أن الشركات الأوروبية تحصل من المصارف على نسبة أموال دعم عملياتها واستثماراتها تفوق ما تحصل عليه نظيراتها الأمريكية بمعدل الضعف، فإن إمكان التكهن بمآل كل شيء، من النمو الى إنفاق المستهلك فإلى العمالة، ضعيف جداً حقاً. وفوق ذلك كله، قد يبدو (يورو) قوي إيذاء القطاع الوحيد الذي يبدي بصيصاً من الحياة، ألا وهو قطاع الصادرات.

إن الدَيْن هو التحدي الأكبر الذي يواجهه الأوروبيون في ما تبقى من العام الجاري (2009 في حين وضع التقرير) وحتى فيما بعد عام 2010ربما. وقد اختار معظم الدول الأوروبية تأخير اتخاذ أي قرارات صعبة بشأن الإنفاق أو بشأن الإصلاحات، ولهذا السبب تقع ميزانيات العديد منها الآن في حالات من العجز الكبير.

ولدى الكثير من الدول الأوروبية مشكلات جمع أموال في أي حال؛ فمع أنها تصدر سندات دين مقطوعة ومتعددة، فإنه ليس هناك ببساطة عددٌ كافٍ من المهتمين بشراء سندات. وسوف تواجه دول أوروبا الشرقية ودول البلقان معظم التعقيدات. من هنا، فإن هاتين المنطقتين بالذات ـ وبصورة مضاعفة في منطقة البلقان ـ نتوقع أن نرى معظم الاضطراب الاجتماعي.

ـ الاتجاه العالمي: انبعاث روسيا في أوروبا

بعد أعوام من قيام روسيا بتحفيز أوروبا وحثها بمجموعة متنوعة من الوسائل، تتركز جهود روسيا لتعميق نفوذها في ثلاثة مواقع محددة، نقدمها بترتيب تصاعدي، بناءً على النجاح الذي ستصيبه روسيا بتأثيرها في هذه المواقع.

الموقع الأول (بولندا)، الدولة المناهضة لروسيا بأشد ما يكون من الحماسة والثبات في الاتحاد الأوروبي ـ وهي من الضعف بما يكفي ألا يكون لها خيار في المسألة، ومن الكبر بما يكفي لأن تكون قادرة على فعل شيء ما بشأنها. ولقد كانت سياسة البولنديين للأمن القومي منذ نهاية الحرب الباردة بسيطة جداً: مصادقة الأمريكيين لضمان وضع بولندا الدفاعي، لأنهم يشعرون بأن الألمان والفرنسيين والبريطانيين غير جديرين بالثقة، وبأن الناتو غير كافٍ.

فاجأ الأمريكيون البولنديين بالتخلي عن منشأة قيد الإعداد من أجل الدفاع الصاروخي (البالستي) في بولندا، فزعزعوا ثقة البولنديين بالتزام الولايات المتحدة بأمن بولندا.

إن بولندا تكابد الآن ألم الإحساس بعدم الأمان وبالحيرة. فمن منظور البولنديين، أدت إزاحة نقاب الأمن الأمريكي، وهو نقاب رقيق بالأصل، الى انكشاف الانقسام التام للطيف السياسي البولندي. ومعظم البولنديين هم معادون للروس الى درجة وجوب أن تكون أي تحركات تأتي بها روسيا أن تكون ماكرة، لكن روسيا لم تلق منذ قرون أرضاً خصبة لنفوذها كما في بولندا.

الموقع الثاني هو (فرنسا). يمكن القول أن فرنسا هي الدولة التي لروسيا فيها أقل تأثير. فبعد الحظر النفطي العربي عام 1973، أطلقت باريس برنامجاً وطنياً للفاعلية وإيجاد بدائل للوقود كان من شأنه أن حَدَ كثيراً من ضعف البلد أمام الصدمات الناجمة عن أزمات الطاقة. ويعني هذا، الى جانب قرب مواقع دول كانت مستعمرات فرنسية ومنتجة للطاقة أيضاً، أن روسيا لا تستطيع استخدام أدواتها للتأثير في فرنسا كاستطاعتها استخدامها مع ألمانيا مثلاً. ولأن باريس حذرة من برلين بما يكفي لتسعى الى عقد شراكة متينة مع الولايات المتحدة، فإن فرنسا ـ دولة عنيدة وحاسمة ـ يصعب على روسيا التعامل معها.

لذا فإن الروس يجربون مقاربة تقوم على المنطق والرشوة؛ إذ أوضحت روسيا لفرنسا أن فرض عقوبات على إيران ليس له ببساطة حظ من النجاح دون التأييد الروسي، وروجت لبعض الأفكار حول كيف يمكن فرنسا أن تُعرض عن موقفها السياسي المتشدد والمناوئ لإيران في مقابل تحقيق أرباح. وتشير روسيا الى أنه إذا كان مصير العقوبات ـ التي قد تستهدف شركات طاقة كبرى مثل (توتال) ـ هو الفشل في أي حال. ومن قبيل الإغراء، تعرض روسيا على شركات فرنسية صفقات في قطاع الطاقة الروسية.

أخيراً هناك (ألمانيا). الروس كانوا قد أحرزوا من قبل نجاحاً كبيراً في حث حكومة المستشارة (أنجيلا ميركل) على سلوك دربٍ أقل تأييداً صريحاً للأمريكيين، حيث إنهم استخدموا مزيجاً من إجراءات لإنقاذ شركات ألمانية خلال فترة الركود الاقتصادي ووعود بزيادة عمليات تسليم موارد الطاقة ـ التي تعتمد ألمانيا عليها كثيراً.

طبعاً، لم يكن رفض واشنطن الاستجابة لما طلبته ألمانيا من مساعدات اقتصادية لينقذ علاقتها المتدهورة مع برلين. ولا ريب في أن موسكو ستحاول تعزيز هذا الوضع في المستقبل القريب، غير أن التقدم في هذا الصدد سيكون طفيفاً.

ـ الاتجاه الإقليمي: صراع قيادة الاتحاد الأوروبي

إن الشراكة الفرنسية ـ الألمانية التي تحكم الاتحاد الأوروبي ليست مستساغة في سائر أوروبا، الشراكة نفسها غدت أكثر حرجاً. فرنسا تدرك أن ألمانيا هي المركز المسيطر اقتصاداً وسكاناً، وحيث أن ألمانيا تستيقظ من سباتها أيام الحرب الباردة فإنها تشرع في تمثيل الدور. أما فرنسا، فقد سعت بغرض التعويض الى تقوية موقفها بالاصطفاف مع الأمريكيين بشأن مجموعة كبيرة من القضايا الدولية، ليس الموقف المتشدد من إيران إلا أبرزها. لكن باريس حصلت على مهلة لفترة قصيرة.

تعاني ألمانيا من عدم انسجام الفريق الحاكم في كل القضايا، فالحزب الديمقراطي الحر، لا يحبذ تقوية العلاقات مع موسكو، وهذا سيعقد الأمور بعض الشيء.

بينما يرتب الألمان بيتهم، سيكون لدى الفرنسيين بعض الوقت للتقرب من دول أوروبا ـ الأقل قوة ـ وأكثرها حرجاً هي السويد، التي تتولى حالياً رئاسة الاتحاد الأوروبي، وبولندا، التي تتطلع بعد تعامل واشنطن معها بازدراء الى تنويع الجهات الضامنة لأمنها. وبالنسبة للأمريكيين، فإنها تعني على الأقل أن أي مساعٍ ألمانية لتقييد السياسة الأمريكية ستُكبح بعض الشيء ولأسابيع قليلة قادمة.

يتبع

ابن حوران 14-02-2010 09:21 AM

رابعاً: شرق آسيا

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في شرق آسيا

لم تشهد الاقتصادات الآسيوية حتى الآن انعكاساً كبيراً للتراجعات الحادة الناجمة عن حالات الهبوط في أسواق المستهلكين في الخارج والواردات كجزء من المعالجة المتتابعة للطلب (الصادرات اليابانية، مثلاً، سجلت لتوها تراجعها الشهري المتواصل الحادي عشر). على العكس من ذلك، تدخلت الحكومات ووظفت مجموعات تحفيز ضخمة في محاولات لتفادي الإفلاس وللحفاظ على مستويات العمالة البالغة الأهمية.

وكان الأمل أن تستعيد الولايات المتحدة وأوروبا العافية وتعود الى مستويات الاستهلاك الضخم الذي كان في أواسط العام 2000، لكن لا يبدو هذا الأمر مرجحاً. وها هي البلدان الآسيوية الآن تقوم بإعادة تقييم برامج حوافزها وبنية اقتصاداتها لترى فقط الى أي مدى يستطيع الإنفاق المحفز إبقاء الأمور جارية، وكيف يعزز الطلب المحلي بصورة أوسع إذا ترك الانتعاش العالمي مستويات الاستهلاك أدنى كثيراً مما كانت عليه في السابق. وبما أن هذه الاقتصادات كلها موجهة بالصادرات، فما من حلول واضحة في هذا المجال.

الصين ـ حيث يتخذ الحافز شكل الإقراض المنتج بدلاً من شكل الإنفاق المنتج ـ أعادت النظر ثانية من قبل، وهناك إعادة للنظر للمرة الثالثة، فيما محاولات لإبطاء ذلك الإقراض يعيث في الثقة الاقتصادية الشاملة خراباً. إنها لمفارقة مستعصية: إقراض سريع وسهل ينهض بالنمو لكنه يلحق الضرر بالقطاع المالي بطريقة تجعل القروض الأمريكية ذات التصنيف الائتماني المنخفض (Subprime Loans ) تبدو مسئولة، بينما يؤدي فرض القيود على الإقراض الى إغلاق مؤسسات بصورة فورية والى حشود من العمال العاطلين عن العمل. هذا وسوف تتقلب الصين في موضوع الإقراض بين حالات انكماش مدفوعة بالخوف من الحاضر.

في هذا الوقت، تقوم الحكومة اليابانية الجديدة، كجزء من رغبتها المفهومة في إحكام قبضتها على اقتصاد اليابان المتدهور، بإنشاء غرفة مقاصة للموافقة على جميع الميزانيات وعلى الإنفاق، بل إنها تدعو الى إخضاع تلك التي سبق أن تمت الموافقة عليها لإجراءات المراجعة, لكن حتى لو سارت هذه الخطوة الإضافية على ما يرام وأعادت بعضا مما يشبه العافية والثقة الى الاقتصاد الياباني (ونحن في ستراتفور نشك في ذلك) فمن المؤكد أنها ستؤخر دفع الأموال وسيكون لها بالتالي تأثير سلبي في النمو الاقتصادي.

ـ الاتجاه الإقليمي: اندفاعة الصين في مجال الطاقة والمنافسة البحرية

ركزت الصين سياساتها بشأن أمن الطاقة في معظم فترات العام على تخزين الإمدادات، فيما كانت الأسعار منخفضة نسبياً، وإنشاء حلقات وصل بدول آسيا الوسطى الغنية بالطاقة للحصول على النفط والغاز الطبيعي، وذلك بناءً على نظرية مؤداها أنه بقدر ما تتوفر إمكانية تقصير مدة وجود نفط الشرق الأوسط على ناقلات مبحرة ـ أي عرضة للمنع البحري الأمريكي ـ يكون أفضل.

ثمة جانب آخر من جوانب مشاريع الصين بشأن الطاقة سيتضافر مع مساع لفك بنية التحالف الأمريكي في المنطقة: فالصين تعرض على جيرانها التعاون في مجالات عدة، منها التعاون على تطوير موارد الطاقة تحت سطح البحر، وبخاصة في بحر جنوب الصين.

الصين تعتبر النفاذ الى الموارد أمراً طيباً، وهي ترى أن في التعاون مع دول مثل الفلبين وفيتنام منافع أمنية تفوق منافع منافستها. أما البديل من التعاون مع الجيران، وهو بديل غير مرغوب فيه، فإنه المخاطرة بإخافتهم بحيث يناشدون الولايات المتحدة أن تساعدهم في ترويض الصين. وبما أن الصين تفضل إبقاء اهتمام واشنطن مشدوداً الى الشرق الأوسط، فإن بكين ستختار لهجة أخف وطأة للحيلولة دون تطور بيئة مشوبة بالتحدي بالمقام الأول.

ـ الاتجاه الإقليمي: كوريا الشمالية

صرفت كوريا الشمالية الربع الثالث من عام 2009 في اتخاذ مواقف عدوانية وإرسال إشارات مختلطة، لكنها الآن تمهد للعودة الى المفاوضات. ومن غير المرجح أن تتحقق خطوات متقدمة في هذا الشأن؛ فبيونغ يانغ تتبع مرة أخرى إستراتيجيتها الحقيقية والمجربة، وهي استغلال عملية المفاوضات كتكتيك للمماطلة وطريقة لإدارة الضغوط الخارجية. ومع أن أطراف المحادثات الآخرين يعون ذلك، فما يزال هناك دافع للتعامل مع كوريا الشمالية، فهو على الأقل يمنع بيونغ يانغ من أن تكون عدائية. من هنا، نتوقع أن يكون هناك الكثير من الدخان، لكن القليل من النار.

ـ الاتجاه الإقليمي: يابان جديدة؟

أحرزت اليابان تحولاً حكومياً ذا هدفٍ هو الأول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي حين إن هناك الكثير بشأن هذا التحول يدل على أن ليس ثمة تغيير في الأجواء ـ تغيير في شيخوخة مجلس الوزراء على سبيل المثال ـ فإن ثاني أكبر اقتصاد في العالم (وفوق ذلك مع واحدة من أكثر البحريات تقدماً) قد حصلت على قيادة جديدة. ولسوف تحاول الحكومة الجديدة أن تجد موطئاً لقدميها طوال فترة الربع الأخير من عام 2009، ونحن سنراقب عن كثب فيما طوكيو تحاول صوغ سياسات جديدة.

وثمة محطات أساسية سوف تكشف عن وجه جديد لليابان، منها لقاءات قمة بين القيادتين الصينية والكورية في بكين في 10/10/2009، فضلاً على قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في تايلاند في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، وقمة التعاون الاقتصادي في آسيا ـ المحيط الهادئ التي ستعقد في سنغافورة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.

يتبع

ابن حوران 17-02-2010 09:33 AM

خامساً: أمريكا اللاتينية

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في أمريكا اللاتينية

أن المسألة الأساسية المتعلقة بالركود في أمريكا اللاتينية هي فرصة الوصول الى رأس المال، وهذا يقسم المنطقة الى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: هي الدول التي تتمتع بقدرٍ كافٍ من حرية الوصول الى رأس المال بحيث أنها تمكنت ـ رغم الظروف الاقتصادية العالمية المضنية ـ من النجاة إبان الأزمة. والدول الوحيدة في هذه المجموعة هي البرازيل وبدرجة أقل بيرو وتشيلي.

تبرز البرازيل بين بلدان أمريكا اللاتينية بسبب قدرتها على سد حاجاتها من الاعتمادات. وكانت قد كابدت من التضخم المفرط في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الفائت، الى درجة أنها ترغم المصارف الآن على الاحتفاظ بقرابة نصف ودائعها في الاحتياط، فجعلت البلد غنياً برؤوس الأموال على نحو مثير للدهشة. هذا وحده يضع البرازيل في نادٍ عالمي مميز، نقصد نادي مُصدري صافي رأس المال، وسيستمر، ومعه حجم اقتصاد البرازيل وزخمه الصرف، في دعم الانتعاش البرازيلي في الشهور القادمة.

على الرغم من أن تشيلي وبيرو ما تزالان تعتمدان بشدة على الاستثمارات والصادرات الدولية ـ وهو ما يجعلها عرضة لأذى هبوط أسعار السلع ـ فإن ماضي حصافتهما المالية قد أسعفهما خلال الأزمة. فكلتاهما حافظت على علاقة متينة مع مستثمرين دوليين في أثناء الأزمة ( بل أن تشيلي تحصل من وكالة مودي (Moody) على زيادة في تقدير أسعار دَيْنها المطلق). وكان لديهما كلتيهما أيضاً موارد رأسمالية كافية لوضع سياسات دورية مضادة وسياسات حافزة جمعت بين مشاريع الأشغال العامة وتخفيضات في الضرائب المترتبة على الشركات. وقد تعززت شعبية الحزب الحاكم في تشيلي بفضل الطريقة التي عالج بها الأزمة، رغم أنه متخلف عن حزب المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها قريباً.

تتألف المجموعة الثانية من البلدان التي هي أقل قدرة على مستلزمات الائتمان أو السياسات الدورية المضادة، لكنها ليست موضع احتقار لدى مجتمع الاستثمارات الدولي. وتضم هذه المجموعة (أوروغواي وباراغواي والى حد ما كولومبيا). ومن سوء حظ هذه الدول أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً بأن تقنع الأجانب بأن تسرف في الإنفاق. لكن فيما أجواء الخوف تنحسر في العالم المتطور، فإن هذه البلدان سترى مرة أخرى الأموال وهي تسلك طريقها شيئاً فشيئاً ـ وهي عملية بدأت بالفعل، ومن المتوقع أن تزداد فعالية في الأشهر القادمة.

تضم المجموعة الثالثة والأخيرة البلدان المعزولة لحد بعيد عن المصادر الدولية حتى المستقبل المنظور ولديها رأس مال محلي غير كافٍ. هذه البلدان هي الإكوادور والأرجنتين وفنزويلا، التي لا يثق بها المستثمرون الأجانب ببساطة لأسباب تتعلق بالسياسة، ونتيجة لذلك، ستكون اقتصاداتها آخر اقتصادات تسترد عافيتها من الركود الراهن. وتنفرد الإكوادور بينها بأنها تشكل الحالة الأكثر صراحة ووضوحاً، حيث أنها أبعدت عن نفسها عن الأسواق الرأسمالية وكانت سريعة في التخلف عن تسديد ديونها نتيجة الأزمة.

تبقى الأرجنتين موسومة بتقصيرها عن سداد ديون 2001ـ2002 وبسياسات التبذير الشعبوية. وهي ستستغل الشهور القادمة لتحاول تهدئة نزاعات بارزة مع مستثمرين دوليين. لكن، حتى لو أفلحت في ذلك (وهو ما ليس مسلماً به)، فإن الفرصة في الحصول على اعتمادات دولية لن تؤدي إلا الى المزيد من الإنفاق الحكومي ومزيد من تراكم الديون.

في فنزويلا، قد يسبب مستقبلها الاقتصادي الكئيب (بما فيه من مشكلات في مجال إنتاج النفط) تسريعاً للاضطراب الحالي المتفاقم في الظروف السياسية المحلية. وسيستمر الاقتصاد في دفع الرئيس (هوجو شافيز) الى إثارة المتاعب على الصعيد الدولي (خصوصا مع الولايات المتحدة وكولومبيا) لصرف الأنظار عن المتاعب الداخلية.

ثمة دينامية أخرى إضافية ومهيمنة تشكل طالع أمريكا اللاتينية الاقتصادي، وهي اعتمادها النسبي على الولايات المتحدة. فالعلاقات المتينة مع الولايات المتحدة تعني أنه عندما يتراجع النمو الاقتصادي الأمريكي، تهبط اقتصاديات أمريكا اللاتينية هبوطاً مفاجئاً كبيراً. وينطبق هذا على المكسيك بصورة خاصة. فبالرغم من مرونة المكسيك النسبية في الأمور المصرفية (وهي جزئياً حصيلة اقتصادها الكبير والشديد التنوع، فضلاً عن المبالغ على المبالغ المالية الهائلة الناجمة عن تجارة المخدرات والمبيضة على الأرجح والمودعة في المصارف)، فإن المكسيك ما تزال تواجه تحديات ضخمة تهدد النمو .

تواجه المكسيك أيضاً أسباب تعطيلٍ أخرى مثل: إنفلونزا الخنازير وقضايا أمنية ملحة، ومع أن أحزاب المكسيك الرئيسية الثلاثة ستسعى الى صياغة ردٍ متماسك على الانكماش، فإنه دون تحقيق الإجماع عقبات يصعب تجاوزها. ولكن، حالما يخرج الاقتصاد الأمريكي من أزمته، ينبغي للمكسيك أن لا تتخلف عنه كثيراً.

ـ الاتجاه الإقليمي: عنف الكارتلات المكسيكية

ما زال العنف ينتشر في المكسيك، وفي الوقت الذي ستستمر جغرافية هذا العنف في التحول فيما الكارتلات تتصارع للسيطرة على مناطق رئيسية، لا تبدو أي مؤشرات على أن العنف سينحسر. ومع أن المكسيك تواصل مناقشة دور الجيش المكسيكي في القتال، فإنه ليس هناك ما يدل على تحول كبير في الأشهر القادمة. وبمقدار ما يبقى تهريب المخدرات تجارة مربحة وتتمنى الدولة المكسيكية محاربة الفساد (أو المشاركة فيه)، فإن حروب الكارتلات سستواصل.

ولعل من حسن الحظ أن هناك علامات تشير الى أن المسألة سترتفع فوق المستوى الحالي من الاهتمام بالنسبة الى تطبيق القانون على الجانب الأمريكي من الحدود ـ في المدى القصير على الأقل.

يتبع

ابن حوران 22-02-2010 03:17 PM

سادساً: إفريقيا ـ جنوب الصحراء الكبرى

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في إفريقيا ـ جنوب الصحراء

يتوقف الانتعاش الاقتصادي الإفريقي على استئناف الطلب على سلعها، بكل بساطة ووضوح. وستكون هذه المنطقة هي آخر منطقة في العالم تخرج من الركود، وهذا ما لن يحدث في الشهور القليلة القادمة.


ـ الاتجاه الإقليمي: التأهب للقتال في دلتا النيجر

سيشهد الربع الأخير من العام 2009، نهاية برنامج عفو الحكومة النيجيرية ونهاية وقف إطلاق النار الذي أعلنته حركة تحرير النيجر ـ المليشيا الرئيسية في دلتا النيجر. وسيلي ذلك تجدد العنف، كما هو متوقع. بيد أن على هذه الخلفية التي تزداد دموية، ستقوم حركة تحرير النيجر وحزب الشعب الديمقراطي الحاكم في الواقع بعقد عدة اتفاقيات تقاسم للسلطة، وغايتهما هي تشكيل البيئة السياسية تحضيراً لمؤتمرات الحزب في العام المقبل (2010) ومن ثم الانتخابات الوطنية في العام 2011. وستكون المرحلة الأولى استخدام العنف لمساندة مرشحي الحزب وتشويه سمعة أعدائهم وترهيبهم.

[ ملاحظة: لقد بدأ ما توقعه الكاتب في اضطرابات نيجيريا وانقلاب الحكم في النيجر في الأسبوع الفائت].

ـ الاتجاه الإقليمي: جنوب إفريقيا تبدأ تأدية عملها

أمضت حكومة جنوب إفريقيا الربع الثالث من عام 2009 في إعادة نسج روابط مع أصدقاء قدامى وإقامة اتصالات مع منافسين جدد، وسيكون معظم جهودها في الربع الأخير مركزاً على زمبابوي، حيث توشك الزعامة أن تبدأ انتقالها من روبرت موغابي. فلا يني نفوذ جنوب إفريقيا في هذا البلد يثبت أنه من العمق بحيث يستطيع التأثير مباشرة ـ وإن خلف الكواليس ـ داخل حزب موغابي نفسه، أي حزب الجبهة الوطنية لاتحاد زمبابوي الوطني الإفريقي، لإجراء التغييرات التي يريدها.

غير أن جنوب إفريقيا ترى أن أنغولا الناهضة تحاول الأمر ذاته ـ وبالطريقة عينها. قد يدلل الربع الأخير تماماً على بداية نوع من حرب بالوكالة بين هاتين الدولتين، مع تحول زمبابوي الى ساحة القتال الأولى.

سابعا: الاتحاد السوفييتي السابق

ـ الاتجاه العالمي: الاقتصاد العالمي والاتحاد السوفييتي السابق

الاقتصاد الروسي في حالة من الفوضى. فمن العام 2004 وحتى عام 2008 استهلكت شركات الحكومة الروسية ومصارفها وأعضاؤها اعتمادات أجنبية، فعرضوا البلد لموجة إثر أخرى من القروض الدولية، وأصبحوا عموما مولعين بتدفق الأموال ( بما يذكر بأسوأ مظاهر الإسراف في انهيار القروض الأمريكية ذات التصنيف الائتماني المنخفض. في الإجمال، دخل الى روسيا خلال تلك الفترة 500 مليار دولار، وعندما ضربت أزمة 2008 المالية ضربتها، كانت جميع أو معظم خطوط اعتمادات الشركات الروسية بمختلف أحجامها قد أُلغيت. وكانت النتيجة انهياراً اقتصادياً أسوأ في الواقع من تدهور الروبل في العام 1998.

لكن لا أحد لام الحكومة على الأزمة الحالية. في العام 1998، كانت حكومة بوريس يلتسين وقتذاك، وبتعبير ملطف، مشوشة. أما حكومة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، فإنها في كامل خصائصها القيادية ونجحت حتى الآن في تركيز السخط الجماهيري على الولايات المتحدة. إذن، مع أن الاقتصاد يتخبط في فوضى، فإن الحطام يولد دعما للكرملين.

وهكذا فيما الخوف من الركود يتلاشى والمستثمرون يبدءون يبحثون عن فُرص، يتطلع الكرملين الى جعل روسيا تبدو جذابة بقدر الإمكان من طريق إصلاح قوانين معينة ضد الاستثمار الأجنبي. لكن بدلا من التودد الى المصارف أو إصدار سلسلة طويلة من السندات المقطوعة، كما جرى في الأعوام الخمسة الماضية، يقوم العاملون في الكرملين بالتعاقد مع شركات دولية محددة لديها المبالغ النقدية والتكنولوجيا والأسواق اللازمة لجعل أصول روسية معينة عملة قانونية.

هذه المشاريع في معظمها تصب في مجال الطاقة. لكن بالنسبة الى الكرملين، ليست الخطوات الجارية متعلقة بإعادة شركات الطاقة الى البلد طمعاً بأموالها أو نفوذها، بل إن روسيا ترى مكاسب سياسية في أن تتمكن من مقايضة أصول الطاقة الخاصة بها بأصول شركات الطاقة الأجنبية في بلدان أخرى ـ مفسحة المجال لموسكو كي تواصل سعيها الحثيث الى امتلاك نفوذ في الخارج.

إن روسيا تخطط لعقد صفقات ثنائية محددة على قائمة قصيرة من أقوى شركات الطاقة في العالم بشروط أكثر إغراء بكثير مما تسمح به القوانين الحالية. وما زالت هذه الشروط في مرحلة الصياغة، إلا أن الموارد الطبيعية داخل روسيا كبيرة بدرجة كافية لإثارة الاهتمام ـ بالحد الأدنى ـ لدى كل من الشركات (شيفرون) و (كونوكوفيليبس) و (إكسونموبيل) و (رويال داتش/شل) و (ب بي) و (توتال) و (إني) و (إي أون) و (كوريا غاز).

انتهى




Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.