حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة الفـكـــريـة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=68)
-   -   وحي المكان وأثره في السلوك (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=81861)

ابن حوران 01-12-2009 09:44 AM

وحي المكان وأثره في السلوك
 
وحي المكان وأثره في نمط السلوك

لو فكر أحد مربي النحل بنقل إحدى الخلايا لمسافة مترين فقط، دون أن يتخذ الاحتياطات الواجبة، فإن أفراد الخلية التي خرجت من الخلية لن تستطيع العودة إليها مطلقاً.

ولو تعودت مجموعة من الأبقار الحلوب أن تقف أمام مدخل حظيرتها أو محلبها الأوتوماتيكي في ساعة محددة، فإن مربيها يستطيع أن يضبط ساعته على انضباط الأبقار، ولكنه لو بنا ذلك المدخل بالطوب وألغى الدخول منه، لبقيت الأبقار مدة طويلة تلتزم بالوقوف بذلك المكان حتى لو كان مغلق.

فالمكان ليس مجرد مساحة أو حيز يتواجد ضمن أبعاد معينة وإحداثيات مرسومة، بل هو محكوم بمجموعة من العوامل التي تتدخل في تشكيل الذاكرة المرتبطة به والموجهة للسلوك ضمنه.

يستطيع شخصٌ ما أن يتناول غذاءه بالطريقة التي تعود عليها في بيته، فهو قد يمزق قطعة اللحم بيديه كالوحش ويصدر صوتاً في المضغ، دون أن يبالي بما سيقوله أفراد أسرته، هذا إن قالوا! فهم قد يشاركونه في شكل وطريقة تناول الغذاء. لكنه هو أو أحد أفراد أسرته إذا ما تمت دعوتهم لوليمة عند آخرين، أو أنهم ذهبوا لتناول طعامهم في أحد المطاعم، فإن سلوكهم سيتغير في الغالب، ويصبح قائدهم في السلوك هو من ينتقد أخطائهم ويوجههم هامساً أن يهذبوا طريقتهم في تناول الطعام.

قد يخرق أحد وجهاء قرية أو مدينة صغيرة نظام (الطابور) المصطف أمام (فرن) لبيع الخبز، باعتبار أن الموجودين لن يعترضوا (علناً) على عدم التزامه، كونه شخصية معروفة، يجب تكريمها! ولكنه إن انتقل الى مدينة أخرى أو بلدٍ آخر سيتجنب مثل ذلك الخرق، أو حتى لا يفكر فيه.

نبرة الصوت وموضوع الحديث، لا تشذ عن تلك القاعدة، فالمكان الذي يجمع (صُحبة) تعودوا الحديث بحرية كاملة عن مختلف المواضيع، وبصوت عالٍ، خصوصا تلك التي تتناول أخطاء الموظفين في أجهزة الحكومة بتفاصيل كثيرة، سيتغير نمط حديثهم وعلو صوتهم تغيراً كبيراً، ويصبح المرتشي الذي كانوا يتناولونه بحديثهم، شخصاً خدوماً و(معشرانياً) وصاحب نكتة لطيفة!

الغناء المنفرد على ظهر بعير في بادية، وكسل العينين في مراقبة فضاء الصحراء، لا يكونان ذاتهما في مركبة عند إشارة ضوئية في شارع من ثمانية مسارب، ولنفس الشخص، فليس هناك وقت (للعتابة) ولن يكون ذلك البؤبؤ الذي كان في راحة كاملة في الصحراء، هو نفسه الذي يراقب السيارات من على الجانبين والتي أمام السيارة أو خلفها.

إن للمكان سلطة ووحي، يتعرف عليه الكائن الحي والإنسان، دون أن يدخل دورات متعددة لمعرفة أثره.

يوسف عبدالله الخوجه 01-12-2009 11:52 AM

فعلا اخي العزيز
ان للمكان سلطة في تغيير شخصية الفرد وصياغته
فلا ننسى ان البيئة جزء لايتجزأ من شخصية الإنسان وانها تغير من شخصيته حتى وإن لم يشعر

ابن حوران 02-12-2009 09:35 PM

أشكركم أخي يوسف عبد الله الخوجه على التفضل بالمرور الكريم

المشرقي الإسلامي 02-04-2010 06:51 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك أن للمكان ذلك الأثر الكبير في إظهار سلوك الفرد ، وما يقال للمكان يقال عن شيء آخر يصاحبه وهو التنشئة والثقافة ، فالأنماط التي تغير سلوكها وفقًا لتغير المكان هي موجهة بثقافة تعينها على فهم أهمية وضرورة تغيير السلوك ،أما إن كان المجتمع الذي خرج منه الفرد قليل الارتباط بالمدنية أو التعليم ، فمن الممكن أن نجد أنفسنا في الواقع أمام ما يشابه أحداث أفلام الراحل إسماعيل ياسين ، لا أدلّ على ذلك من شكل القروي الذي يدعون كذبًا أنه ساذج عندما يلتحق بالجيش مثلاً ، ويتسامر مع من هم في قريته حتى ينسى أنه تأخر عن العودة إلى غرفة الجنود -أو كما نسميها بالعامية المصرية العنبر- فيلقى جزاءه السجن .
كذلك في كثيرمن الأحيان ينسى المواطن العربي أنه خارج وطنه فليقي بسيجارة على الأرض فيلاحَق بالغرامة أو غيرها من العقوبات (شدة الأذن قد تعرفه بأهمية المكان واضطراره للتأثير في السلوك).
لكن السؤال : هل هذا التغيير دائم أم مؤقت ؟ الغالب أنه مؤقت ، وسواء كان من الأصح أن يكون التغير مؤقتًا (موقفيًا ) أو دائمًا ، فإنه يختلف باختلاف الحدث المتضمّن في هذا المكان.
موضوع هام للغاية أشكرك لطرحك إياه

ابن حوران 13-04-2010 08:56 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة المشرقي الإسلامي (المشاركة 685959)
لكن السؤال : هل هذا التغيير دائم أم مؤقت ؟ الغالب أنه مؤقت ، وسواء كان من الأصح أن يكون التغير مؤقتًا (موقفيًا ) أو دائمًا ، فإنه يختلف باختلاف الحدث المتضمّن في هذا المكان.

موضوع هام للغاية أشكرك لطرحك إياه

الأخ الفاضل المشرقي الإسلامي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم مداخلتكم الكريمة، وأشير الى تساؤلكم عن ديمومة أو موسمية ولحظية التغيير..

برأيي أن السلوك العام، تنظمه شواخص وعلامات ودلائل، من بينها حدود المكان ورموز تلك العلامات، فكما ذكرنا بمثال النحل، والأبقار، والتزامها برموز إنشائية ثابتة، دعنا نذهب الى الإنسان في مراحل مختلفة، جاعلين المكان متساوياً في حالات والمؤثرات الأخرى متحركة يؤدي تحركها الى تحريك طبيعة السلوك، مع اعتبار ضمني لقدسية المكان التي يهزها أثر أو آثار لعوامل متحركة تفقدها بعض قدسيتها.

في غرفة صف التلاميذ بالمدرسة، تتعزز قدسية المكان بهيبة المدير وقوة شخصية المعلم، فما أن يتغير المدير أو المعلم، أو يتغيبوا بشكل مؤقت، حتى تنفجر عربدات بعض التلاميذ، مستغلين غياب مكملات الهيبة لقدسية المكان.

في نظم الحكم والدول، التي تتبع نظاما شمولياً حاسماً يحدد شكل الاقتصاد ويتدخل في زي ملابس الطلاب في المدارس، ويتعقب مروجي المخدرات، نجد أن الناس يسلكون سلوكا ـ بغض النظر عن اعتقادهم بنفعيته من عدمها ـ متماشيا مع قسوة مراقب الدولة ونظامها. وما أن يتغير النظام حتى تنفجر كوابت من كانوا ينصاعون عن عدم قناعة، لتتصرف وكأن المكان (الوطن هنا) لم تعد مواصفاته هي التي كان عليها. هذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي وما حدث في العراق وما يحدث عند وفاة رب العائلة الذي لديه قائمة من الضوابط وتختفي باختفائه.

أشكركم مرة أخرى

عصام الدين 13-04-2010 02:17 PM

بعض الأمثلة على ردود الفعل أخي الكريم ابن حوران والواردة في موضوعك الرئيسي أعلاه تتعلق أكثر بنظرة الآخرين وترتبط تلك السلوكات بمدى اهتمامنا بآراء الآخرين، فتغير طريقة أكل البعض تختلف بسبب وجود عيون تراقب وتصدر أحكاما، بحيث أن تصرف الذي تعود الأكل بشراهة وبطريقة معينة لن يتغير من مكان مغلق، بيت، مكتب، غرفة بمستشفى، غرفة بفندق، إلخ.
ومن هنا يمكن القول أن العنوان الأقرب والأصدق سيكون، "نظرات الآخرين وأثرها في السلوك".
وأحيلك بالمناسبة على أحد مواضيعك السابقة، بعنوان "ماذا ستقول عيون الناس" :
"فعيون الناس تتكلم دون صوت، وتقول أكثر مما تقوله ألسنتهم، ويحاول كل شخص أن يُركِبْ عينيه في رأس غيره، وينظر لنفسه بالمرآة، متقمصاً عقل شخصٍ آخر، فيأخذ بتشريح نفسه" وأنا أضيف هنا، تشريح نفسه وتعديل سلوكه.

كما لدي ملاحظات على الأمثلة الأخرى ولكن أكتفي بهذه.

تحياتي لك.

ابن حوران 21-04-2010 09:22 AM

الأخ الفاضل عصام الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد يكون هناك وجه شبه، بين عيون الناس، وعيون الجمادات في التأثير على سلوك الإنسان، ولكن المكان هنا له وحيه المختلف والذي يكون قد ابتكره أصحاب العيون البشرية المؤثرة أصلاً في سلوك الآخرين.

سأذكر قصة حدثت مع أحد الأصدقاء، فهو يروي أنه ذات يوم سافر الى أحد البلاد العربية، وكان اسمه الثلاثي بل الرباعي يتشابه مع أحد الأسماء المطلوبة أمنياً، فتلقفته أجهزة الأمن من على الحدود (معصوب العينين)، وعندما فكوا عنه عصابة العينين، وقد أدخلوه مرتدياً سرواله الداخلي فقط..

يقول: كانت الغرفة طويلة، بطول ثمانية أمتار، وبعرض خمسة، وكان في صدر المكان منضدة تقل متراً واحداً عن عرض الغرفة، كان يجلس وراء المنضدة، رجلٌ ضخم حاجبا عينيه متصلان بشعرٍ أسود قنفذي غير سابل، وكان أمامه كل أدوات التعذيب، وكان يلعب بقدميه بمجموعة من العصي تخرج صوتاً كأنه صوت ثعبان أسطوري له أجراس.

كان صاحبنا ضئيل الحجم، وعندما فتح عينيه، هاله ما رأى، فبادر بالكلام للرجل الذي يجلس وراء المنضدة: سيدي أي تهمة تريدونها وبأي مكان بالعالم، حتى وإن سُجلت ضد مجهول، سأعترف فوراً بأنني كنت من فعلها، لكن لا تضربوني..

قال: ففوجئت أن ذلك الرجل يقهقه ويهون علي: ما بالك يا رجل؟ لماذا أنت مرعوب؟ نحن لا نظلم أحداً..
واستنتج صاحبنا أن جسمه الضئيل هو ما شفع له، حيث قد تكون التهمة التي اقتيد من أجلها تحتاج لرجلٍ بمواصفات لا تشبه مواصفاته. فسألوه عن اسم جدته لأبيه وجدته لأمه وأطلقوا سراحه!

شكراً لاهتمامكم

فسحة أمل 21-04-2010 01:43 PM

السلام عليكم ورحمة الله

نعم أخي الفاضل ابن حوران

الذي يؤثرعلى السلوك هو البيئة أي الوسط المحيط، وليست المنازل ولا المتاجرولا المرافق العمومية.

فوجود الإنسان في بيئة قامت على مفاهيم معينة كالتحرر والنفعية، تجعل سلوك الانسان مبنيا دوما على هذه النفعية، من هنا ترى أن الانسان المولود في البيئة المسلمة يأخذ مفاهيمه من بيئته وبالمثل يأخذ الغربي من مجتمعه مفاهيمه النفعية، وعلى أساسها يسلك، وهذا من المشاهد المحسوس، ويتميز الناس في المغرب مثلا ببعض الضوابط المختصة بسلوكهم توارثوها لا يوجد لها نظير في المشرق مثلا،والعكس صحيح, وهكذا يتأثر سلوك من يعيش هنا عمن يعيش هناك!


شكرا على موضوعك الراقي كرقي تواجدك

بارك الله فيك

ابن حوران 28-04-2010 10:05 AM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أختنا الفاضلة

أتفق معك في روحية ما أشرتِ إليه. وقد يؤثر عاملان على شكل السلوك هما: التعزيز الحاصل من العامل المتغير وما يحمله من ذكرى، والآخر الخضوع لهيبة ونظام المكان..

مثلاً، في حالة سفر فرد لوحده في حافلة أو طائرة، فإنه يقضي وقتاً حتى يتكيف مع المكان ومن يجلس بجانبه، في حين لو كان ركاب الحافلة أو الطائرة، هم من مجموعة متجانسة (وفد سياسي، فريق كرة قدم)، فإن أثر الوضع الطارئ (الجديد من المكان أو وسيلة النقل) حتى لو كان بعض هذه المجموعة أو كلهم يسافرون لأول مرة على الطائرة، فإن رهبة المكان ستكون محدودة، وقد يبادر هؤلاء بعد إقلاع الطائرة للغناء الجماعي أو تبادل النكات دون أن يتأثروا من رهبة المكان.

احترامي و تقديري أختنا الفاضلة

أميرة الثقافة 28-04-2010 03:34 PM


يقولون الطبع يغلب التطبع ...وباللهجة العامية الطبع غلاب

اخي ابن حوران :

الى اي مدى تؤثر هذه المقولة في الانسان الذي يضطر الى تغيير بيئته والتي اكسبته ثقافة معينة خضع لها سلوكه بكل المعايير


شكرا لك ..


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.