حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   صالون الخيمة الثقافي (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=9)
-   -   أماهُ لا تبكي عليّ (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=77254)

السيد عبد الرازق 07-03-2009 07:15 PM

أماهُ لا تبكي عليّ
 
أماهُ لا تبكي عليّ



رسالة الشَّهيدِ إلى أمه الصامدة



حين وصلني الخبر، كانت هزَّةً عاطفيَّةً عنيفة، انتابتني مشاعر شتى، تهيج بي عواطف متباينة، لا أستطيع تمييز دوافعها، أو تحديد مواجعها.

أهوَ الشَّوقِ إلى لثم جراحهِ النّاَزفة، أم الحسرة على أني لن ألقاه بعد الآن.
تجيش بي رغبة إلى البكاء، لا أدري أهيَ من الغبطة على ما آل إليه، أم الحسرة على نفسي أني لم أدرك مُناه.

كأني بأمه الصابرة قد وقع لها ما ألمَّ بي، ولعلها مشاعر تجيش بي أيضا إلى أمي الحبيبة، فإذا قلمي يطبعُ هذه الكلمات:



لا تَبكِ يا أُماهُ واحتَسِب
ي


ولْتَحبسي مَوَّارة الغَضَبِ



ولْتَسألي الرَّحمنَ مَغفِرَةً



بِأَكُفَّ أَطهَرُ من نَدى السُّحُبِ



عَفواً وغُفراناً ويَقبلنَي



ويُزيلَ يَومَ الرَّوعِ مِنْ رَهَبي



هذي الأَكُفُّ أتوقُ ألثُمُها



وأَضُمُّها بِجَوانحٍ التَّعبِ



في دِفئِها ذُقتُ الحَنانَ وكمْ



مَسَحتْ غُبارَ الوَهن عن قَلبي



ما زِلتُ أشعُرُ لِينَ مَلمَسِها



في جَبهتي يَحنو كَلَمْسِ نَبي



* ** *

أماهُ قدْ أزفَ الرَّحيلُ فلا



تأسَي فحسبُكِ أنني بَطَلُ



فأنا صَنيعُكِ طاهراً نَضِراً



أضفى البهاءُ عليهِ والأملُ



غُصنٌ يَهيجُ على منابتِهِ



نَفْحُ الهُدى زَهراً فَيَشتعِلُ



كم ذا بَذَلتِ على رِعايَتِهِ



جُهداً وها قَدْ أثمَرَ العَملُ



يا دَوحَةَ الإيمانِ يَغمُرُها



فَيضُ التُّقى في رَيِّهِ الهَطِلُ



قدْ كُنتِ لي رَوضاً أطوفُ بهِ



بَينَ الغُصونِ كأنني ثَمِلُ



أفنانُه الفَيحاءُ زاهيَةً



بالخَيرِ تَغمُرُنني فأكتمِلُ



وأركِ قنديلَ الهَدى سَطَعَتْ



أنوارُهُ فأضاءتْ السُّبُلُ



أجني ثِمارَ الحُّبِّ نَضرَتُها



رَيّانَةٌ فإذا أنا رَجُلُ



* ** *

أماهُ إن الخُلدَ مَوعِدُنا



رَسَمَ الطَّريقَ لنا إليه أبي



كم كانَ طَيفُكِ باعثاً شَجَناً



في مهجَتي النَّشوى من الطَّرَبِ



طيفٌ أفاضَ ظِلالَ أجنحةٍ



وكأنَّها الأجفانُ للهُدُبِ



ويَهلُّ منه النُّورُ مُبتَسِماً



طُهراً يَفيضُ كَبارِقِ الشُّهُبِ



طَيفٌ أرقُّ من العَبيرِ شَذاً



وصَفاؤهُ أنقى منَ الذَّهبِ



روحي إليكِ تَطيرُ ضارعَةً



أماهُ فوقَ جَوانحِ السُّحُبِ



وإلى رُبوعِ مَواطني الوَلهى



بِرَحيقِ خَمرِ التّينِ والعِنَبِ



وأريجِ زَهرِ الزَّيزفونِ وقدْ



فاحتْ كَنَفحِ المجدِ في الكُتُبِ



أماهُ هذا كانَ لي نَسَباً



وبهِ أفاخرُ كلَّ مُنتسِبِ



* ** *

أماهُ فَيضُ هُداكِ عَلَّمني



أن لا أعيشَ بهامشِ الدُّنيا



هَمْلٌ على هونٍ تُدَغدِغُهُ



أهواؤهُ ويَهيمُ بالرُّؤيا



لكنَّني بَينَ الضُّلوعِ أرى



نَفسي تُنازِعُني إلى ألعَليا



تأبى الهوانَ وتَسْتَشيطُ إذا



ما عايَنَتْ بينَ الوَرى بَغيا



فَتَثورُ مُغضَبةُ الجَنانِ ولا



تَرضى منَ الآلامِ بالرُّقيا



فَتعيشُ شامخَةً بعِزَّتِها



وتَهبُّ فهي بدينِها العُليا



أو أن تَموتَ أبيَّةً وإذاً



هيَ لَنْ تَموتَ وإنَّما تَحيا



حُرَّاً وتَغلي بي دِماءُ أبي



وأرى الشَّهادةَ لي هيَ المُنيا



* ** *

أماهُ إنَّ النَّجمَ صافَحني



وحَنا يُقبِّلُ جُرحيَ الدَّامي



ويَمُدُّ من بَينِ الغيومِ يَداً



لِيَشُدَّني لِمقامِهِ السَّامي



بَيضاءَ بَدَّدَ نورُها جَزَعي



مُستأصِلاً حُزني وأوهامي



فأنا أحَلِّقُ في العُلا قَمَرٌ



أُضفي على الأكوانِ إلهامي



طَيفٌ يجوبُ الكَونَ في رَهَفٍ



وكأنَّهُ تَرجيعَ أنغامِ



وأهيجُ كالنَّسماتِ في وَلَهٍ



بينَ الجِنانِ ورَوضِها النَّامي



كالصُّبحِ فاضَ بِسِحرِهِ وسَرى



فَوقَ الرُّبا كَطُيوفِ أحلامِ



أغشى جِنانَ الخُلدِ يَغمُرُني



فيها الرِّضا وصَفاءُ أيّامي



لا ظُلمَ بينَ النَّاسِ يؤرقُني



أو بَغيَ سَعَّرَ فيَّ آلامي



أماهُ لا تبكي عليَّ فقدْ



جَفَّ النَّزيفُ بجُرحيَ الدَّامي




الرياض 15/ 7 / 2007 م

محمد نادر فرج

ياسر الهلالي 07-03-2009 08:38 PM

أماهُ فَيضُ هُداكِ عَلَّمني



أن لا أعيشَ بهامشِ الدُّنيا



هَمْلٌ على هونٍ تُدَغدِغُهُ



أهواؤهُ ويَهيمُ بالرُّؤيا



لكنَّني بَينَ الضُّلوعِ أرى



نَفسي تُنازِعُني إلى ألعَليا



تأبى الهوانَ وتَسْتَشيطُ إذا



ما عايَنَتْ بينَ الوَرى بَغيا



فَتَثورُ مُغضَبةُ الجَنانِ ولا



تَرضى منَ الآلامِ بالرُّقيا



فَتعيشُ شامخَةً بعِزَّتِها



وتَهبُّ فهي بدينِها العُليا



أو أن تَموتَ أبيَّةً وإذاً



هيَ لَنْ تَموتَ وإنَّما تَحيا



حُرَّاً وتَغلي بي دِماءُ أبي



وأرى الشَّهادةَ لي هيَ المُنيا

اخي الكريم عبد الرازق لله ما اخذ وما اعطى وكل شئ عنده بمقدار

تقبل الله شهيدكم واثابكم اجره وشفاعته
ورزقكم الصبر

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَـــةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ
رَاجِعونَ 156 أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّـــــهِمْ
وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ


قصيدة فعلا من الاعماق كلمات ووجدان ليس لها حدود
من اجمل ما سمعت

المشرقي الإسلامي 02-03-2010 01:12 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصيدة جميلة للغاية وفيها من الرقة والمشاعر الأسية ما يحرك الصخر وإن كانت تقليدية نوعًا ما . شتان بين التقريرية والتقليدية ، فالتقليدية أن تكون الأفكار والمعاني مكررة حتى وإن كانت شاعرية أما التقريرية فهي تعني أن تكون الأبيات جامدة صماء بعيدة عن دنيا الصور والفكر.
وهذه القصيدة قد أعجبني فيها العديد من الجوانب :
فَتَثورُ مُغضَبةُ الجَنانِ ولا

تَرضى منَ الآلامِ بالرُّقيا

جميل للغاية أن تكون الأماني مصورة على أنها ضمادة الآلام
فالدنيا هي الآلام وهذه الأماني هي التي تحاول إزاحتها نوعًا
ما ولكنها لا تفلح البتة في إزالتها .رؤية جيدة وفكرة ثرية.
كذلك في هذه الأبيات كان إعطاء النجم هذه الصفة الآدمية
والتي تشير إلى تفاعله مع الفاجعة -وليست فاجعة بإذن الله-كان
تعبيرًا مميزًا للغاية :
أماهُ إنَّ النَّجمَ صافَحني

وحَنا يُقبِّلُ جُرحيَ الدَّامي

ويَمُدُّ من بَينِ الغيومِ يَداً

لِيَشُدَّني لِمقامِهِ السَّامي

فالحياة لها شكل ثان وهذا الشكل أيضًا هو شكل غير بهيج لأنها هذه الغيوم التي يتوارى خلفها النور ، لذلك كان البيتان معبرَين عن الانتقال من الدنيا للآخرة بهذه الكيفية المائعة المميزة .
على ما كان في القصيدة من إطالة ومعان مكررة إلا أن هذه الأبيات شفعت لها لتكون القصيدة زفرة إنسانية بكل ما تحمله من معان ٍ ولتكون أنشودة يتغنى بها كل ذي خطب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل موتانا شهداء وأن يجزل لهم العطاء وأن يجعلنا على دربهم سائرين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا..آمين

نزار المصري 05-03-2010 02:55 AM

أفضل الدعاء*** ألحمد لله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

***

تزداد تألقاً وثراء كلما كتبت


أستاذي

وافر تقديري لقلمك وقلبك الفياض


***
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وأفضل الذكر*** لا إله إلا الله

المشرقي الإسلامي 05-03-2010 07:45 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
أهلاً بك أخانا العزيز ، وأشعر بالسعادة الغامرة لوجودك بيننا ، وأرجو أن يتم الله فرحتنا باكتمال عقد المجموعة ، وننتظر منك العديد من المشاركات التي تثري هذا الموقع والتي طالما كنت ركنًا أساسيًا فيها . لك مني أحر الشكر ووافر التحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.