قصة قصيرة ( مستقبل بلا رحمة)
 

قصة قصيرة
من الخيال العلمي
مستقبل بلا رحمة

لم يكن قد أطلعني على ما ينوي فعله عندما أقبل وأنا أتناول طعام الإفطار، لم يكن لدي أي حجة حتى أقنعه بالبقاء أو قل كنت أخشى مناقشاته لأنه دائما بل وأبدا كان يتخير الوقت المناسب لرحلاته .
لم يترك لي فرصة للحديث وقام بإعدادي للذهاب معه ولم يستغرق ذلك الكثير من الوقت فقد اعتدت ذلك من رحلاتي السابقة ، ثم قال وهو يضع الترتيبات النهائية :
- آسف على مجيئي في وسط تناولك لإفطارك...
- لا عليك فقد تناولت منه ما يكفي ، ولكن ما وجهتنا في رحلتنا هذه ؟
- ستعلم ، فالنقطة الزمنية التي نرجوها لا تبعد كثيرا عما كنت تفعله الآن ، ليس الكثير من الأحداث على الأقل...
- أهي....، ..... في المستقبل ؟
- نعم ، ... ها قد وصلنا ...
- لم أتوقع أن نصل بمثل هذه السرعة......!!
- قلت ليس الكثير من الأحداث ..... ، والآن انظر إلى هذا المنظر هناك ....!
- يا لروعة هذا المنظر...! أعلم أنك كنت تنوي لي على رحلة كهذه ، فهذا أفضل مكان أفضل أن أقضي فيه إجازة آخر العام ، مياه رقراقة ، ورود فيحاء ، وخضرة في كل مكان ، بل إن غدير المياه مع حفيف الأشجار إلى جانب غناء الطيور، ويكأني أستمع إلى سيمفونية رائعة داخل أحد جنات الفردوس.....
- هه ...هه..!!
- لماذا تسخر مني ... طلبت مني وصف المكان وفعلت ...!!
- أنا يا عزيزي لست منك ساخرا ولكن من لعبة هؤلاء الأوغاد أسخر ... هذا يا عزيزي واقع أسوأ بكثير مما قد يراودك في أشد أحلامك سوءا بل وأكثرها وحشية ...
ثم وقف قليلا واستطرد في لهجة مضطربة حزينة قائلا :
- هذه قرية قد نسفت من أولها إلى آخرها بمن عليها من نساء وأطفال بل وحتى الطيور والوحوش ، لا أحد قد نجا ، لا أحد نجا...
- ولكن ما أراه عكس ذلك تماما ...!!!!
- نعم .. ولكنك لا ترى إلا ما يريده فاعل هذه الفعلة النكراء ...فقد استطاع أن يجعلك ترى ما يريده هو لا ما تريده أنت ... لقد قام بعد فعلته هذه بإطلاق مجموعة هائلة من الجزيئات تعمل كأجهزة نانونية غاية في التعقيد أحاطت بكل جزء ..بل وكل جزيء في هذا المكان .. وهي مبرمجة على هذا المنظر الذي تراه ، بل والأدهى من ذلك أن هذا المنظر يمكنه التكيف مع الطبيعة والتغير كما لو كان طبيعيا ... لعلك قد شاهدت السينما ثلاثية الأبعاد أو حتى سمعت عنها ، إن فكرتها لا تعدو مجرد شيء يسير من أحد أفكار هذا النظام .... إنه بهذه الجزيئات يستطيع التحكم في الأطوال الموجية للضوء بما لها من خواص.. تضخمها ، تصغرها ،وحتى تعكسها في الفراغ ، بل وتجعلها تمر في الأجسام المعتمة دون أدنى انعكاس أو حتى انكسار ....
- آه .... ، إنه نظام عبقري ...ولكن ....
- ولكن ماذا ..؟
- ألا ترى أن حقيقة ذلك ستكشف سريعا عند محاولة لمس أو تذوق تلك التفاحة هناك...
- أو تعتقد عزيزي أن من استطاع أن يتحكم فيما ترى ، سيعجز عن التحكم في مستقبلاتك الحسية لكي تلمس أو تتذوق ، او حتى ما تسمعه .. أنت نفسك قد أشدت بأن ما تسمعه الآن هو سيفونية رائعة...
- إذا هذا هو مستقبل البشرية .....
- نعم ...، من يمتلك التقنية ... سيقدم لك الجمر في صورة فاكهة طازجة....لذيذة...

بقلمه / دكتور يوسف