حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة الاسلامية (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=8)
-   -   :: تحويــل القبلــة واستقــلال الأمــة :: (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=73380)

النسري 17-08-2008 02:14 PM

:: تحويــل القبلــة واستقــلال الأمــة ::
 
تحويل القبلة واستقلال الأمة



اليوم يصادف ذكرى تحويل القبلة في السنة الثانية للهجرة فدعونا نتوقف عندها ونرى الأهداف والدروس والعبر منها ...

القبلة هى رمز وحدة الأمة، ودليل هويتها، وقد تعرضت القبلة للتحويل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام مرة ثانية، حيث استقرت تلك القبلة وصارت قبلة المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلماذا كان هذا التحويل؟

لقد أراد الله عز وجل أن يجرد قلوب المؤمنين له، ويستخلصها لذاته، فلا يكون فيها إلا حبه، ولا يحركها سوى رضاه، فكان أن أمرهم بالاتجاه فى قبلتهم إلى المسجد الأقصى، لأن النفوس كانت مهيأة لاستقبال المسجد الحرام لا لسبب دينى، وإنما لأن المسجد الحرام يمثل بالنسبة لهم رمزا للمجد القومى لما كان له من قدسية فى الجاهلية يستجلبون به التجارات، وينالون به الشرف والمكانة بين العرب جميعا، لكن الله يريد أن يربط قلوب المؤمنين به وحده فلا قدسية لمكان بذاته، إلا أن يضفى الله عليه من قدسيته وأنواره، ولا توجه لأى جهة إلا بأمر الله الذى له ملك السماوات والأرض وله المشرق والمغرب، وقد أشار الله جل شانه لهذه الحكمة بقوله: "وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه"

ولما تمت الحكمة، واستخلص الله قلوب المؤمنين له جاء الأمر الإلهى بتحويل القبلة: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" ليتم للأمة استقلالها، وليكون لها طابعها الخاص وشخصيتها المستقلة عن غيرها من الأمم، حتى فى قبلتها وفى ذلك يقول الحق جل وعلا: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" فأمة الإسلام يجب أن تكون متبوعة لا تابعة، لأنها الأمة التى فضلها الله واجتباها لتحمل أعظم رسالة فى هذا الوجود رسالة الإسلام "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" وحتى تقوم الأمة برسالتها، فتبلغ الرسالة وتحمل مشعل الهداية، وتقود البشرية إلى الخير، لابد لها من الشعور بالعزة والتميز، لا عزة الفخر الكاذب والبغى الجائر، ولكن عزة الإنتساب إلى الله ورسوله والإسلام .

وهذه العزة لا تنمو فى نفوس أمة تابعة لغيرها فى كل شىء، لأن التبعية للغير تشعر بالدونية، فكيف لتابع أن يقود، وكيف لمتشبه بغيره أن يوجه ويرشد، وما الحالة التى وصلت إليها الأمة الآن من الضعف والهوان، والإنحسار من موقع التوجيه والإرشاد إلى موقع التبعية والإنقياد، إلا بسبب الشعور بالدونية والعجز الناشئان عن التشبه بأمم الغرب فى كل شىء، وتتبع طريقتهم فى كل صغيرة وكبيرة شبرا بشبر وذراعا بذراع، وهذا ما حذرنا منه رسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم - عن أبي سعيد رضى الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن). صحيح البخاري، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

فكان تحويل القبلة درسا للأمة فى الاستقلال والتميز فى كل شىء، فى العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملات، والسلوكيات، حتى فى المظاهر والكلمات "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم".




Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.