حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة الاسلامية (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مدخل إلى مقاصد الشريعة. (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=74318)

ياسمين 13-10-2008 02:35 AM

مدخل إلى مقاصد الشريعة.
 
مدخل إلى مقاصد الشريعة

للدكتور أحمد الريسوني

:heartpump:heartpump

المسألة الأولى

في مصطلح ً مقاصد الشريعة ً

:heartpump:heartpump

المقصود، أو المقصد، هو ما تتعلق به نيتنا وتتجه إليه إرادتنا،

عند القول أو الفعل.

وعلى هذا فمقاصد الشريعة ـ أو مقاصد الشارع ـ هي المعاني

والغايات والآثار والنتائج، التي يتعلق بها الخطاب الشرعي

والتكليف الشرعي، ويريد من المكلفين السعي والوصول إليها.

فالشريعة تريد من المكلفين أن يقصدوا إلى ما قصدت هي، وأن

يسعوا إلى ما هدفت وتوخت.

وهذا يجعلنا أمام مصدرين للمقاصد: الشرع من جهة، والمكلفون

من جهة أخرى. ولكن يجمعهما اتحاد المصب، بحيث يجب أن

تصب مقاصد المكلف حيث تصب مقاصد الشارع.

وبالنظر إلى هذا الترابط بين مقاصد الشريعة ومقاصد المكلفين،

فإن أول تقسيم وضعه الإمام الشاطبي للمقاصد، هو تقسيمها إلى

صنفين: مقاصد الشارع ومقاصد المكلف ( انظر الموافقات ج2

ص5 ).

وإذا كان الصنف الثاني لا يعنينا كثيرا في هذا المدخل، ويكفينا

منه أن نعلم أن ً مقاصد الشارع ً لا يمكن أن تحقق إلا عبر

ً مقاصد المكلف ً، وبشرط أن تكون الثانية موافقة للأولى، فلنقف

قليلا مع الصنف الأول.

:heartpump:heartpump

يتبع

ياسمين 13-10-2008 03:10 AM

مقاصد الشارع

:heartpump:heartpump

بالنظر إلى الاستعمالات المتداولة لعبارة ً مقاصد الشارع ً ـ أو

في حالة الإفراد: مقصد الشارع ومقصود الشارع ـ يمكن

التمييز بين مستويين لهذه المقاصد: مقاصد الخطاب ومقاصد

الأحكام.

1 ـ مقاصد الخطاب:

:heartpump:heartpump

وقد يعبر عنها ـ تبعا للسياق ـ بمقصود النص، أو مقصود

الآية، أو مقصود الحديث، ويستعمل هذا الاصطلاح خاصة

عندما يتوارد على النص معنيان يكون أحدهما غير مقصود،

و الآخر هو المقصود. وقد يكون المعنى الأول هو الظاهر

وهو المتبادر إلى الفهم، ولكن بمزيد من التأمل والتدبر،

وبالاحتكام إلى القرائن التفسيرية المساعدة، يتبين أن للنص

مقصودا هو غير ما يتبادر إلى الذهن من ظاهر الألفاظ، فيقال

حينئذ: المقصود كذا، أو مقصود النص كذا..

:heartpump:heartpump

وبناء على هذا التقصيد للخطاب الشرعي، يتحدد الحكم المقصود

منه، وتتجلى مجالاته التطبيقية، كما يساعد ذلك على تلمس العلة

التي بني عليها والحكمة التي يرمي إليها.

ومما يجدر التنبيه عليه في هذا السياق، أن تفسير النصوص

الشرعية يتجاذبه عادة اتجاهان:

اتجاه يقف عند ألفاظ النصوص وحرفيتها، مكتفيا بما يعطيه

ظاهرها، واتجاه يتحرى مقاصد الخطاب ومراميه؛ ويستند هذا

الاتجاه إلى التسليم العام بكون الشريعة ذات مقاصد وحكم مرعية

في عامة أحكامها ( وهو ما سيأتي بيانه بعد قليل ) فيعمد أصحاب

هذا الاتجاه عند النظر في أي نص شرعي، إلى

استحضار تلك المقاصد والحكم، وأخذها بعين الاعتبار في

تحديد معناها ً المقصود ً.

يتبع


:heartpump:heartpump

ياسمين 13-10-2008 01:08 PM




2ـ مقاصد الأحكام:

:heartpump:heartpump

حين نعرف ً مقصود الخطاب ً على وجهه الصحيح، محترمين

في ذلك قواعد اللغة ومسلمات الشرع وغيرها من الأسس التي

يجب اعتمادها في تفسير النصوص الشرعية، حينئذ نكون قد

عرفنا ً مقصود الشرع ً في خطابه، وعرفنا المقتضى الصحيح

لذلك الخطاب، أي ما هو المطلوب منا بمتضى ذلك الخطاب.

ولكن يبقى علينا ـ ونحن نبحث عن المقاصد ـ أن نعرف

ما هي الغايات التي يرمي الخطاب الشرعي إلى تحقيقها وإيصال

الناس إليها؟ ما هي الفوائد التي يحققها لنا العمل بمقتضى الحكم

الشرعي؟ بعبارة أخرى: ما هي مقاصد ذلك التشريع؟

:heartpump:heartpump

فمثلا: إذا أخذنا قوله تعالى ً خذ من أموالهم صدقة ً سورة التوبة

103 ، أمكننا القول: إن ظاهر النص هو مخاطبة النبي صلى

الله عليه وسلم وتكليفه بأن يأخذ من أموال الناس قدرا ما ـ غير

محدد ـ على سبيل التصدق. هذا هو ظاهر الألفاظ فإذا انتقلنا

إلى البحث عن ً مقصود الخطاب ً تبين لنا أيضا أنه موجه إلى

عموم المكلفين، وأنه موجه بصفة خاصة إلى ولاة أمور

المسلمين، وأن المقصود بالأموال مقادير معينة من تلك الأموال

هي التي تسمى نصابا، وأن الأخذ منها يقع على وفق شروط

وقيود، منها أن القدر الذي سيؤخذ مطلوب على ً سبيل الوجوب

والإلزام ً، وأن المقصود من أخذها هو دفعها لمستحقيها الذين

سماهم الله تعالى في آية أخرى. فهذا هو ً مقصود الخطاب ً.

:heartpump:heartpump

لكن بقي أن نعرف مقاصد هذه الأحكام، وبصفة خاصة الركنين

الأساسيين فيها، وهما: الأخذ والدفع.

فلماذا يؤخذ من الناس قدر من أموالهم المملوكة لهم ملكا شرعيا؟

ولماذا يدفع القدر المأخوذ إلى الغير؟ وإلى أصناف مخصوصة

بعينها؟ وما هي الغايات المتوخاة من هذا التشريع...؟

الجواب على هذه الأسئلة وغيرها من جنسها هو الذي يتضمن

بيان ً مقاصد الأحكام ً بعد أن تبينا ً مقاصد الخطاب ً.

وهذا المستوى من المقاصد ـ أي مقاصد الأحكام ـ هو عادة

ما يقصده المتحدثون عن ً مقاصد الشريعة ً.

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 13-10-2008 01:50 PM

تقسيم مقاصد الشريعة

:heartpump:heartpump

مقاصد الشريعة بمعناها الأخير الذي تقدم ذكره، يمكن النظر إليها

على نطاق الشريعة كلها، فنكون حينئذ أمام مجمل مقاصدها.

ويمكن النظر إلى جانب معين ـ أو بضعة جوانب ـ من

الشريعة، فتظهر لنا مقاصد ذلك الجانب وقد ننظر إلى كل من

أحكام الشريعة ـ على حدته ـ لنتبين مقصوده الخاص به، أو

مقاصده إن كانت له مقاصد متعددة.

:heartpump:heartpump

وعلى هذا الأساس، يمكننا تقسيم مقاصد الشريعة إلى ثلاثة أقسام:

( انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية لابن عاشور:143 وما بعدها؛

ونظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي ص 7 ـ 8 ).

1 ـ المقاصد العامة:

:heartpump:heartpump

وهي المقاصد التي تمت مراعاتها وثبتت إرادة تحقيقها على

صعيد الشريعة كلها أو في الغالب الأعم من أحكامها، وذلك مثل

حفظ الضروريات الخمس ( الدين، والنفس، والنسل، والعقل،

والمال)، مثل رفع الضرر، ورفع الحرج، وإقامة القسط بين

الناس، وإخراج المكلف عن داعية هواه..( العبارة الأخيرة للإمام

الشاطبي، الموافقات ص168 ).

2 ـ المقاصد الخاصة:

:heartpump:heartpump

وأعني بها المقاصد المتعلقة بمجال خاص من مجالات التشريع،

كمقاصد الشريعة في أحكام الإرث وما يلحق به، ومقاصد

الشريعة في مجال المعاملات المالية، أو في مجال الأسرة.وقد

يدخل ضمن المقاصد الخاصة المقاصد المتعلقة بعدة أبواب

تشريعية لكنها متقاربة ومتداخلة، كمقاصد الولايات العامة،

ومقاصد العبادات. والذي لفت الأنظار إلى هذا القسم واعتنى به

هو الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في كتابه ً مقاصد الشريعة

الإسلامية ً وقد تناول منه:

ـ مقاصد الشارع في أحكام العائلة.

ـ مقاصد الشارع في التصرفات المالية.

ـ مقاصد الشارع في المعاملات المنعقدة على الأبدان (التشغيل).

ـ مقاصد القضاء و الشهادة.

ـ مقاصد التبرعات.

ـ مقاصد العقوبات.

3 ـ المقاصد الجزئية:

:heartpump:heartpump

وهي مقاصد كل حكم على حدته، من أحكام الشريعة، من إيجاب،

أو ندب، أو تحريم، أو كراهة، أو شرط...

مثال ذلك قولنا: الصداق في النكاح مقصوده إحداث المودة بين

الزوج والزوجة، والإشهاد مقصوده تثبيت عقدة النكاح دفعا

للتنازع والجحود...

:heartpump:heartpump

ومعلوم أن الإدراك الصحيح والكامل لمقاصد الشريعة لا يكون

إلا بالبحث عنها والنظر إليها من خلال هذه الأقسام الثلاثة كلها،

بحيث لا يمكن الحديث عن المقاصد العامة للشريعة من غير

إدراك لمقاصدها في كل باب من أبوابها، ولا يمكن إدراك مقاصد

الأبواب ولا المقاصد العامة إلا بفحص المقاصد الجزئية وتتبعها

واستخراج دلالاتها المشتركة. كما لا يصح تقرير العلل والمقاصد

الجزئية للأحكام في معزل عن المقاصد العامة.

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 14-10-2008 01:12 AM

المسألة الثانية

حاجتنا إلى مقاصد الشريعة

:heartpump:heartpump

إذا كانت ً المقاصد أرواح الأعمال ً كما يقول إمام المقاصد أبو

إسحاق الشاطبي رحمه الله، فإن العجب كل العجب أن يعيش

الناس بلا مقاصد، أي بلا أرواح، فالفقه بلا مقاصد فقه بلا روح،

والفقيه بلا مقاصد فقيه بلا روح، إن لم نقل إنه ليس بفقيه.

والمتدين بلا مقاصد متدين بلا روح، والدعاة إلى الإسلام بلا

بلا مقاصده هم أصحاب دعوة بلا روح. فأنى نتفقه حقيقة،

ونتدين حقيقة وندعو إلى الإسلام حقيقة؟!

:heartpump:heartpump

ـ فأما حاجة الفقيه والمتفقه إلى معرفة مقاصد الشريعة، فحسبنا

في ذلك أن الفقه ـ حتى في أصله اللغوي ـ لا يتحقق إلا

بمعرفة حقائق الأشياء، والنفوذ إلى دقائقها وأسرارها. فليس

الفقه ـ حقا ـ سوى العلم بمقاصد التشريع وأسراره. وفيه

يقول العلامة الكبير شاه ولي الله الدهلوي: ً وأولى العلوم

الشرعية عن آخرها ـ فيما أرى ـ وأعلاها منزلة وأعظمها

مقدارا، هو علم أسرار الدين، الباحث عن حجج الأحكام، وأسرار

خواص الأعمال ونكاتها...إذ به يصير الإنسان على بصيرة

فيما جاء به الشرع ً. ( حجة الله البالغة 21 ).

:heartpump:heartpump

وحين تجرد الفقه من مراعاة المقاصد، ومن بيانها وتوجيه

المكلفين إليها فهما وطلبا، حينذاك بدأ يتحول إلى مجرد قوانين

تتسم بالظاهرية والجفاف والبرودة، وبدأ يصاب بالشلل العلمي

والعملي. وقد عد الشيخ ابن عاشور ً إهمال النظر في مقاصد

الشريعة ً، ( أليس الصبح بقريب 200 )، واحدا من الأسباب

الرئيسية في تخلف الفقه وجموده. وقبله نجد الشيخ الشهيد محمد

بن عبد الكبير الكتاني يذهب أبعد منه، حيث كان يعتبر ً أن من

أسباب انحطاط الملة ذكر الأحكام مجردة عن أسرارها...ً

( ترجمة الشيخ محمد الكتاني الشهيد 35 ).

ـ وأما المتدين في تدينه وتطبيقه لأحكام الشريعة، فإنه ـ إذا

كان فاقدا للمقاصد ـ يبقى عرضة للسآمة والضجر، وعرضة

للتلكإ والانقطاع. وقد يتعرض حتى للحيرة والاضطراب. وأما

الإتيان بالأعمال على غير وجهها ودون إتقانها وإحسانها، فحدث

ولا حرج. وانظر يمنة ويسرة، فلن ترى غيرهذا وذاك إلا من

رحم ربك. وقليل ما هم.

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 14-10-2008 01:50 AM


حاجتنا إلى مقاصد الشريعة

:heartpump:heartpump

وعلى العكس من ذلك، فإن معرفة مقاصد الأعمال تحرك النشاط

إليها، وتدعو إلى الصبر والمواظبة عليها، وتبعث على إتقانها

والإحسان فيها. فمن وجبت عليه الزكاة وهو لا يدري لها مقصدا

ولا يرى لها فائدة يجنيها، كان إلى التهرب منها أقرب. فإن لم

يتهرب منها تحايل في تقليلها وتأخيرها، وأداها من أردإ ما

يملكه، وكان مع ذلك مستاء متحسرا. فإذا وضحنا له ما جاء في

القرآن الكريم من أن المزكي يستفيد من زكاته بأكثر مما يستفيده

آخذ الزكاة وقبله، وأن زكاته طهارة له وبركة لماله، وأنه يستحق

بها دعاء الرسول والمؤمنين، وأن ذلك يجلب له السكينة والرحمة

وجعلناه على بصيرة من قوله تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة

تطهرهم وتزكيهم بها، وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) سورة

التوبة 103 ، وجعلناه على بصيرة من سائر المصالح التي

تترتب على أداء الزكاة، فلا شك أن موقفه سيتغير وأن تطبيقه

سيرتقي. وهكذا يقال في سائر التكاليف.

:heartpump:heartpump

وفي القرآن الكريم والسنة النبوية نماذج عديدة من هذا القبيل،

ينبغي الاعتبار بها والاقتداء بها في تنبيه المكلفين على مقاصد

التشريع، وحضهم بذلك على اتباعه وابتغاء مقاصده. فمن ذلك

أيضا التنبيه الوارد في قوله تعالى: ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ

بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا

وعلى ربهم يتوكلون) سورة النحل:98 .

قال ابن عاشور: ً وجملة ( إنه ليس له سلطان...) تعليل للأمر

بالاستعاذة من الشيطان عند إرادة قراءة القرآن وبيان لصفة

الاستعاذة.

فأما كونها تعليلا فلزيادة الحث على الامتثال للأمر بأن الاستعاذة

تمنع تسلط الشيطان على المستعيذ، لأن الله منعه من التسلط على

الذين آمنوا المتوكلين. والاستعاذة منه شعبة من شعب التوكل على

الله، لأن اللجأ إليه توكل عليه. وفي الإعلام بالعلة تنشيط للمأمور

بالفعل على الامتثال؛ إذ يصير عالما بالحكمة ً ( التحريروالتنوير

278 ).

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 15-10-2008 12:15 AM


حاجتنا إلى مقاصد الشريعة

:heartpump:heartpump

وفيما يلي أذكر مثالا واقعيا من سيرة النبي صلى الله عليه

وسلم وصحابته رضي الله عنهم، فبعد غزوة حنين قسم

النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم، وكانت عظيمة جدا. وقد

أكثر عليه السلام من العطاء لأهل مكة وغيرهم من المؤلفة

قلوبهم ـ وكان إسلامهم حديثا جدا ـ ولم يعط الأنصار

شيئا. فتأثر الأنصار لذلك، حتى حسب بعضهم أن النبي

صلى الله عليه وسلم قد آثر قومه بالعطاء بعد أن عاد إليهم

وعادوا إليه.

:heartpump:heartpump

وفي رواية ابن سحاق عن أبي سعيد الخدري رضي الله

عنه، أن سعد بن عبادة ـ أحد زعماء الأنصار ـ دخل على

النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

ً يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في

أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في

قومك، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يكن

في هذا الحي من الأنصار منها شيء. قال: فأين أنت من

ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي ً. فأمره

بجمع الأنصار، فلما اجتمعوا دخل عليهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال: ً يا معشر الأنصار،

ما مقالة بلغتني عنكم ؟ وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟

ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم الله؟ ؟ وأعداء فألف الله

بين قلوبكم ؟ ". قالوا: بلى، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال ألا

تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ . قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله ؟

لله ولرسوله المن والفضل . قال: " أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم

ولصدقتم :أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ،

وعائلا فآسيناك ،أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لُعاعة من الدنيا ،

تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر

الأنصار ، أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله

إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ،

ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار.

اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار " .

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله قسما وحظا

( سيرة ابن هشام)

:heartpump:heartpump

فهؤلاء الأنصار، الفضلاء الأخيار، حين لم يدركوا مغزى ما

فعله رسول الله استاؤوا وتشوشوا. وحين بين لهم صلى الله

عليه وسلم مقاصده ومراميه انشرحوا ورضوا واطمئنوا.

ولقد كان من الممكن أن يقال لهم: هذا حكم الله ورسوله،

فارضوا به وسلموا تسليما، وليس لكم أن تتقدموا ولا أن

تتكلموا.

:heartpump:heartpump

وهذا كلام صحيح لا غبار عليه، ولكن حين يكون معززا

ببيان المقاصد والحكم، ولاسيما في موارد الاستشكال

والالتباس، يكون أصح وأتم، ويكون التصرف اللازم أنسب

وأسلم، ( قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)

سورة البقرة 260 .

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 15-10-2008 12:41 AM

حاجتنا إلى مقاصد الشريعة

:heartpump:heartpump

ـ وأما حاجة الدعاة إلى معرفة مقاصد ما يدعون إليه، فذلك

مما يقتضيه قوله تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على

بصيرة أنا ومن اتبعني ) سورة يوسف 108

فأول ما يدخل في ً الدعوة على بصيرة ً هو أن يكون

الداعي بصيرا بما يدعو إليه، ولا يكون بصيرا بما يدعو إليه

إلا بقدر ما يعرف من مقاصده ومراميه. وفي قوله عز

وجل: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

وجادلهم بالتي هي أحسن )، ما يقتضي الإحاطة بمقاصد

ما ندعو إليه، ومعرفة مواضعه ومراتبه، وما يجوز تأخيره

وما لا يجوز، وما يمكن التسامح فيه حتى حين، وما لا يمكن..

.وهذا كله يستفاد من معرفة مقاصد الشريعة والتمييز

بينها وبين ما هو من قبيل الوسائل، والتمييز بين ما هو ضروري

وما هو حاجي وما هو تحسيني من تلك المقاصد.

:heartpump:heartpump

كما أننا اليوم ـ في ظل التحديات الفكرية والثقافية والإعلامية التي تواجهنا

وتحاصرنا ـ أصبحنا أكثر اضطرارا إلى أن نعرض على الناس ونشرح لهم مقاصد

شريعتنا ومحاسن ديننا. فهذا هو الكفيل بإنصاف ديننا المفترى عليه،

وإبرازه بما هو عليه وما هو أهله، وهو

الكفيل بدفع الشبهات ورفع الإشكالات وإقامة الحجة كاملة

ناصعة، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

يتبع


:heartpump:heartpump

ياسمين 16-10-2008 01:47 AM

الفصل الأول

الشريعة بين التعبد والتعليل

:heartpump:heartpump

كل ما تقدم من تعريف وتوضيح حول مقاصد الشريعة ينبني على أساس التسليم بكون الشريعة لها مقاصد وغايات، وأن هذه

المقاصد والغايات راجعة إلى مصالح العباد. ومسألة بهذا الحجم وبهذا القدر من الأهمية لا ينبغي إطلاق القول فيها دونما

تقديم ما يكافئها من الاستدلال والإثبات. ويزداد هذا الأمر لزوما إذا علمنا أن بعض العلماء، وعددا من الناس، ينظرون إلى

الشريعة على أنها لا غرض لها سوى التكليف والابتلاء وإثبات عبودية المكلفين لربهم، مع ما يتبع ذلك ـ في الآخرة لا في

الدنيا ـ من ثواب أو عقاب، ومن جنة أو نار.

:heartpump:heartpump

والحقيقة أن إثبات كون الشريعة معللة بمصالح العباد في الدنيا والآخرة معا، أمر لا يحتاج إلى عناء وبحث كبير، فالآيات

الصريحة القاطعة متضافرة على إفادة هذا المعنى بشكل لا يبقى معه أدنى مجال للشك أو التردد.

ـ فمن هذه الآيات قوله سبحانه مخاطبا آدم وزوجه وذريتهما:

( فإما ياتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة

أعمى) سورة طه 123 ـ 124 فدلت هذه الآية على أن ما ينزله الله لعباده إنما هو ً هدى ً وأنه جاء ليجنبهم الضلال

والشقاوة، ويدفع عنهم ضنك العيش وعمى الآخرة. إن الآية عامة تصب في شأن الدنيا والآخرة، ولا يحق لأحد قصرها على

الآخرة إلا بدليل. بل إن الآية مشيرة بنظمها إلى الدنيا والآخرة معا، فقد قابلت بين الضلال والشقاوة، وين ضنك العيش

والعمى في الآخرة، فهما معا واردان مقصودان.

:heartpump:heartpump

ـ ومن هذه الآيات أيضا: قوله عز وجل ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا

الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) سورة الحديد 25 . فقد نصت هذه الآية على المقصد العام لبعثة الرسل جميعا ولما

أرسله الله معهم من البينات والموازين، فكل هذا إنما تم لأجل غاية جامعة هي أن يقوم الناس بالقسط. والقسط في المفهوم

الإسلامي يشمل كل شيء، فالعلاقة بين الإنسان وربه ينبغي أن تقوم على القسط، وكذلك علاقة الإنسان مع نفسه ومع غيره

من الناس ومن الكائنات. فكل شيء يصدر عن الإنسان يمكن أن يكون فيه قسط أو عدم قسط، فجاءت الشريعة لتضع

الموازين القسط لكل شيء، وتأمر الإنسان أن يلتزم القسط في كل شأن من شؤونه، فليس القسط كما يتبادر إلى الكثير من

الأذهان قاصرا على الحكم بين الناس، والتعامل فيما بينهم، بل في الأكل والشرب قسط أو عدم قسط، وفي النوم والراحة قسط

أو عدم قسط، وفي اللباس والزينة كذلك.

:heartpump:heartpump

وفي الحديث:

( لا يمشين أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعا أو ليحفهما جميعا ) رواه البخاري ومسلم ومالك في كتاب اللباس، وهذا لفظ

الموطأ.

فمن القسط التسوية بين القدمين إلا لعذر. وقال الفقهاء: إن تجاوز القدر المحدد في الوضوء ظلم وإسراف. وفي الحديث عن

عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ً قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ً ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ ً ، قلت:

إنني أفعل ذلك، قال: ً فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك، ونفهت نفسك، وإن لنفسك حقا ولأهلك حقا، فصم وأفطر، وقم ونم ً.

رواه البخاري ـ أعلام السنن لأبي سليمان الخطابي. وقوله هجمت عينك معناه غارت عينك وضعف بصرها. وقوله نفهت

نفسك أي أعيت وكلت، والنافه المعيي.

يتبع

:heartpump:heartpump



ياسمين 20-10-2008 03:10 PM

الشريعة بين التعبد والتعليل

:heartpump:heartpump

يقول الله تعال ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس )

بعد ذكره للمقصد العام من بعثة الرسل جميعا ألا وهو القسط ، فيه تنبيه لا يخفى على أن مقاصد الخالق في خلقه أن يجلب لهم

المنافع الدنيوية، ومن أعظمها ـ على مر التاريخ ـ منافع الحديد. ومعلوم أنه باجتماع القسط مع منافع الحديد وقوته تقوم الدول

والحضارات وتزدهر أحوال الشعوب والمجتمعات.

ـ وفي خصوص بعثة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم جاءت نصوص عدة تنص على مقاصدها بشكل صريح، كما في قوله

عز وجل: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )

سورة الأنبياء 107 . فهذه الآية الكريمة كسابقتها، تضمنت تعليلا صريحا قاطعا للبعثة النبوية، وهو أنها إنما جاءت لرحمة

الناس.. والرحمة تشمل الدنيا والآخرة، ولا دليل على حصرها في رحمة الآخرة. بل الأدلة قائمة على أن رحمة الله تشمل

الدنيا والآخرة، كما يشير إليه قوله تعالى: ( ورحمتي وسعت كل شيء ) سورة الأعراف 156 . ومن صفات الرب

سبحانه ً الرحمن الرحيم ً ، وقد روي في معنى هاتين الصفتين ً الرحمن: رحمان الدنيا والآخرة، والرحيم: رحيم الآخرة ً من

كتاب المحرر الوجيز لابن عطية 56 .

وقال الخطابي: ً الرحمن: ذو الرحمة الشاملة، التي وسعت الخلق في أرزاقهم ومصالحهم ً عن صفوة التفاسير للصابوني 25

:heartpump:heartpump

وأصرح من هذا كله قوله تعالى ( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ) سورة الشورى 28 . فمن رحمة

الله الغيث وما ينتج عنه من مصالح دنيوية، وعلى هذا فالرحمة التي بعث بها خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم تشمل مصالح

العباد في دنياهم وآخرتهم.


ـ ومما جاء أيضا في تعليل الرسالة المحمدية قوله سبحانه ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم

ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) سورة الجمعة 2 . وتزكية الناس وتعليمهم، هي مصلحة

دنيوية قبل أن تجنى ثمراتها الأخروية. والتزكية والتعليم كلمتان جامعتان لكل ما يحتاجه الناس من فضائل وخيرات وكل ما

تتوقف عليه حياتهم من مصالح. وفي هذا المعنى جاء قوله صلى الله عليه وسلم معللا بعثته تعليلا جامعا: ً إنما بعثت لأتمم

حسن الأخلاق ً موطأ مالك ـكتاب حسن الخلق.

قال ابن عبد البر: ً يدخل فيه الصلاح والخير كله، والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل، فبذلك بعث ليتممه ً نقله محمد

فؤاد عبد الباقي. هامش الموطأ ص 904 .

:heartpump:heartpump

وهكذا يظهر جليا أن الرسل جميعا بعثوا لأجل هداية الناس في دينهم ودنياهم، ولأجل إرشادهم ومساعدتهم لسلوك أقوم السبل

وأسماها في حفظ مصالحهم ودرء مفاسدهم، وليس هذا متنافيا مع مقصد التعبد الذي يعد من أسمى وأهم ما جاءت به الشريعة،

ذلك أن كل صلاح يتضمن نوعا من التعبد، وكل تعبد فيه أنواع من المصالح الدنيوية والأخروية، فليس هناك تضاد ولا

تعارض بين التعبد والتعليل.

يتبع


:heartpump:heartpump

ياسمين 05-11-2008 02:09 PM

تعليل العبادات

:heartpump:heartpump

يعتقد كثير من الناس أن التكاليف والأحكام الشرعية المندرجة في باب العبادات لا معنى لها ولا غرض منها سوى أداء حق الله

تعالى بالتعبد له سبحانه، ثم ابتغاء ثواب الدار الآخرة. وحتى القائلون من العلماء بتعليل الشريعة على وجه الإجمال، يذهب

كثير منهم إلى أن قسم العبادات منها غير قابل للتعليل، أو أن التعليل فيه استثناء.

وهذا تصور غير سديد، ويحتاج إلى المراجعة والتدقيق..

فأولا: ما تقدم من نصوص قرآنية وحديثية في تعليل بعثة الرسل وشرائعهم تعم وتشمل أحكام العادات والمعاملات والعبادات

على حد سواء، كما تعم وتشمل مصالح الدنيا والآخرة على حد سواء. والحق أنه ليس في الآخرة مصلحة إلا وهي امتداد

وثمرة لمصلحة ثم إنجازها وتحقيقها في هذه الدنيا، وكذلك المفسدة. فالقول بوجود مصالح أخروية أو مفاسد أخروية لم يكن

لها أصل وبداية وأثر في هذه الدنيا، هو مجرد قصور في فهم مقاصد الشريعة وإدراك مراميها.

وثانيا: لأن ً جميع التكاليف الشرعية ً التي سميت عبادات، قد جاءت في القرآن الكريم معللة ـ في أصولها وجملتها ـ تعليلات

مصلحية دنيوية وأخروية ، من غير تفريق ولا استثناء.

ـ الصلاة ـ

:heartpump:heartpump

ونبدأ بالصلاة أم العبادات: قال الله تعالى ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر. والله يعلم ما

تصنعون ). سورة العنكبوت 45 .

فها هنا عللت فريضة الصلاة بمصلحتين جامعتين عظيمتين، وإحداهما أعظم من الأخرى. المصلحة الأولى هي كونها تنهى

عن الفحشاء والمنكر. ولا يخفى على أحد أن النهي عن الفحشاء والمنكر، والإبعاد عنهما، والتخفيف منهما، إنما هي مصالح

فردية وجماعية في هذه الحياة الدنيا، مصالح تعود على الناس بالنفع في أبدانهم وعقولهم وأموالهم وأحوالهم النفسية

والاجتماعية.. ثم هي بعد ذلك ونتيجة له سبب لنيل ثواب الله تعالى في الدار الآخرة.

وأما المصلحة الثانية التي عللت بها الصلاة في هذه الآية، فهي ذكر الله، الذي هو أكبر من مصلحة النهي عن الفحشاء

والمنكر. ولذلك جاء التعليل به وحده في آية أخرى، هي قوله تعالى ( وأقم الصلاة لذكري ) سورة طه 14 .

وقد يقال إن ذكر الله مصلحة تعبدية أخروية خالصة، وقد جعل هو المقصد الأعظم للصلاة. فأقول: إن ذكر الله عز وجل من

أعظم المصالح الدنيوية.

أو ليس أسمى ما يرغب الناس فيه في حياتهم ويبحثون عنه ليلهم ونهارهم هو السعادة؟ وهل السعادة سوى الشعور بالارتياح

والابتهاج والطمأنينة والمتعة؟

إذا كان الأمر كذلك ـ وهو لا شك كذلك ـ فإن أعلى درجات السعادة الدنيوية وأسمى مقاماتها، هي التي يتحصلها الذاكرون لله،

الخاشعون في كنفه، يملؤهم اليقين، ويغمرهم الرضى والطمأنينة ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن

القلوب ).

ثم إن هذه الحالة القلبية الروحية السامية يكون لها انعكاس شامل على صاحبها، في بدنه ونفسه وفكره وسلوكه...ومن

انعكاساتها أنها تفضي إلى النهي عن الفحشاء والمنكر، فتصير هذه المصلحة فرعا عن الأخرى وثمرة من ثمراتها.

فلذلك كله كانت مصلحة ذكر الله هي كبرى مصالح الصلاة، واعتبرت المقصد الأول لها.

يتبع


:heartpump:heartpump

ياسمين 05-11-2008 03:30 PM

ـ الزكاة ـ

:heartpump:heartpump

وأما الزكاة: فمصالحها الدنيوية والتربية والاجتماعية، يدركها ويلمسها الخاصة والعامة، وهي أوضح

وأظهر من أن تحتاج إلى بيان واستدلال.

ـ الصوم ـ

:heartpump:heartpump

وأما الصوم: فقد وقع التنبيه على مصالحه في عدد من نصوص القرآن والسنة ، منها قوله عز وجل: ( كتب عليكم

الصيام...لعلكم تتقون ) سورة البقرة 183 . ً فقوله تعالى ( لعلكم تتقون ) بيان لحكمة الصيام وما لأجله شرع... والتقوى

الشرعية هي اتقاء المعاصي...فجعل الصيام وسيلة لاتقائها، لأنه يعدل القوى الطبيعية التي هي داعية تلك المعاصي، ليرتقي

المسلم به عن حضيض الانغماس في المادة إلى أوج العالم الروحاني. فهو وسيلة للارتياض بالصفات الملكية والانتفاض من

غبار الكدرات الحيوانية ً التحرير والتنوير 158 .

وفي الحديث الصحيح: ً الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل. فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم،

إني صائم ً رواه مالك في موطئه والبخاري ومسلم في صحيحيهما. فالمقاصد التربوية للصيام واضحة جلية في ألفاظ الحديث

وتوجيهاته. إلا أن وصفه الصيام بكونه ( جنة ) يحتاج إلى مزيد من التوضيح. فقد اشتهر تفسير ( الجنة ) ـ ومعناها

اللغوي الوقاية وما يستعمل لها ـ بأن الصيام وقاية من النار. وهذا صحيح إذا أريد به أن أعظم وقاية في الصيام هي وقايته

من النار. أما إذا أريد به حصر وقاية الصيام في الوقاية من النار، وأن هذا هو المعنى الوحيد لوصف ( الجنة )، فهذا ما لا

تساعد عليه قواعد اللغة ولا شهادة الواقع. يقول الإمام ابن عاشور: ً حذف متعلق ( جنة ) لقصد التعميم، أي التكثير

للمتعلقات الصالحة بالمقام... فأفاد كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أن الصوم وقاية من أضرار كثيرة. فكل ضر ثبت عندنا

أن الصوم يدفعه فهو مراد من المتعلق المحذوف...ً كشف المغطى من الألفاظ والمعاني الواقعة في الموطأ،17 .

وقد أصبحت فوائد الصيام الصحية معلومة بالتجربة والدراسة لدى المسلمين وغير المسلمين.

ـ الحج ـ

:heartpump:heartpump

وأما الحج فهو منجم لما لا يحصى من المصالح الدينية والدنيوية. فقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره. فمن حيث العبادة، ففيه

الصلاة والذكر والدعاء، وفيه الإنفاق بأشكال متعددة، وفيه الجهاد المالي والبدني، وفيه كبح الشهوات وتهذيب العادات. ومن

حيث المصالح الدنيوية المباشرة، ففيه فرصة نادرة للتبادل التجاري، والتداول السياسي والاجتماعي، وفيه ما في الأسفار

والرحلات من التجارب والخبرات والتداريب، ومن إغناء للعقل والعلم والمعرفة...

وإلى هذا كله يشير قوله وتعالى: ( وأذن في الناس بالحج... ليشهدوا منافع لهم...) سورة الحج 27 ـ 28 . ً وتنكير

( منافع ) للتعظيم المراد منه الكثرة. وهي المصالح الدينية والدنيوية، لأن في مجمع الحج فوائد جمة للناس ً التحرير

والتنوير لابن عاشور246 .

وإذا كان عموم المنافع في الآية لا ينكره أحد، فإن أكثر المفسرين ركزوا خاصة على ما نبهت عليه الآية من مشروعية ابتغاء

المنافع الدنيوية في الحج، وفي مقدمتها ممارسة الأعمال التجارية. قال ابن عطية ً والمنافع في هذه الآية: التجارة، في قول

أكثر المتأولين، ابن عباس وغيره ً المحرر الوجيز 195 .

وقد جاء التنصيص على مشروعية هذا المقصد في الحج بشكل أكثر خصوصية وصراحة في هذه الآية ( الحج أشهر

معلومات...) إلى قوله ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ). سورة البقرة 197 ـ 198 .

قال القرطبي ً ففي الآية دليل على جواز التجارة في الحج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج

المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه ً. الجامع لأحكام القرآن 413 .

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 06-11-2008 12:34 AM


:heartpump:heartpump

هذا عن التعليلات العامة لأصول العبادات، أما عن التعليلات الجزئية لتفاصيل العبادات، بما فيها من مواقيت زمانية ومكانية،

ومن مقادير وكيفيات وشروط... فهذه يطول الكلام فيها ويصعب. وأكثرها ليس فيه تنصيص على العلل والمقاصد، ولكني في

هذه العجالة أسجل الملحوظات التالية:

1 ـ الأحكام العامة والكلية تسري على جزئياتها، ولا يكون الحكم الكلي صحيحا إلا حين يصدق على جزئياته كلها أو معظمها

على الأقل. فإذا كانت العبادات معللة ـ في أصولها وعموميتها ـ بتعليلات مصلحية متعددة ومتنوعة، دنيوية وأخروية، فإن

تفاصيلها وأحكامها الجزئية واقعة على هذا المنوال، سواء ظهرت أو خفيت، علمت أو جهلت.

2 ـ كثير من الأحكام الجزئية التطبيقية قد لا تكون مقصودة لذاتها على وجه التحديد، ولكنها ترمي إلى تحقيق الانضباط

وسهولة التنفيذ للمكلفين. ذلك أن التفصيل والتحديد والضبط عناصر ضرورية لتنفيذ التكاليف والتشريعات. وحتى في القوانين

الوضعية نجد ما لا يحصى من التحديدات الزمانية والمكانية والمالية التي رسمت وقدرت على نحو ليس له معنى في ذاته

وبتمام حده، ولكن التحديد ـ من حيث المبدأ ـ هو المقصود، إذ به ينضبط الخلق ويتوحدون في تطبيق الأحكام. على أن القصد

التعبدي قائم ومعتبر في جميع الأحكام الشرعية، سواء تعلقت بالعبادات أو بغيرها، وسواء في ذلك ما عقلنا معناه وما لم نعقله.

وهو مقصد يضفي على الأفعال، وعلى الحياة المشكلة منها، المعنى الحقيقي والمعقولية الحقيقية التي بدونها تصير الحياة

أقرب إلى العبث والتيه.


3 ـ وبالإضافة إلى ما جاء في الفقرتين السالفتين، فإن عددا من فطاحل الفقهاء المجتهدين يقتحمون مجال التعليلات التفصيلية

للأحكام، ويغوصون وراء أسرارها وحكمها. وما ذلك إلا ليقينهم واطمئنانهم بأن وراء كل حكم حكمة ومصلحة. وأنقل فيما

يلي نموذجا لذلك النظر التعليلي والفقه المقاصدي الاستصلاحي.

:heartpump:heartpump

يقول الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله في باب التيمم من ذخيرته: ً وهو من خصائص هذه الأمة لطفا من الله تعالى بها

وإحسانا إليها، وليجمع لها في عبادتها بين التراب الذي هو مبدأ إيجادها، والماء الذي هو سبب استمرار حياتها، إشعارا بأن

هذه العبادة سبب الحياة الأبدية والسعادة السرمدية، جعلنا الله تعالى من أهلها من غير محنة...

وأوجبه لتحصيل مصالح أوقات الصلوات قبل فواتها، ولولا ذلك لأمر عادم الماء بتأخير الصلاة حتى يجد الماء. وهذا يدل

على أن اهتمام الشرع بمصالح الأوقات أعظم من اهتمامه بمصالح الطهارة.

فإن قلت: فأي مصلحة في إيقاع الصلاة في وقتها دون ما قبله وبعده مع جزم العقل باستواء أفراد الأزمان؟

قلت: اعتمد العلماء رضوان الله عليهم في ذلك على حرف واحد، وهو: أننا استقرأنا عادة الله تعالى في شرعه، فوجدناه جالبا

للمصالح ودارئا للمفاسد. وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: إذا سمعت نداء الله تعالى فارفع رأسك، فتجده إما يدعوك إلى

خير أو يصرفك عن شر.

فمن ذلك إيجاب الزكوات والنفقات لسد الخلات، وأروش الجنايات جبرا للمتلفات، وتحريم القتل والزنا والمسكر والسرقة

والقذف صونا للنفوس والأنساب والعقول والأموال، وإعراضا عن المفسدات، وغير ذلك من المصالح الدنيويات

والأخرويات. ونحن نعلم بالضرورة أن الملك إذا كان من عادته إكرام العلماء وإهانة الجهلاء، ثم رأيناه خصص شخصا

بالإكرام ونحن لا نعرف حاله، فإنه يغلب على ظننا أنه عالم، على جريان العادة. وكذلك ما تسميه الفقهاء بالتعبد: معناه أننا لا

نطلع على حكمته وإن كنا نعتقد أن له حكمة، وليس معناه أنه لا حكمة له ً. الذخيرة 334 ـ 335 .

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 06-11-2008 02:56 AM

الدعاء بين التعبد والتعليل

:heartpump:heartpump

معلوم أن الدعاء هو أحد أبرز المناسك والشعائر الدينية في جميع الديانات وهو من التكاليف الشرعية المصنفة بلا خلاف في

باب العبادات، بالإضافة إلى كونه حاضرا في سائر العبادات الأخرى. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يصرح أن ً الدعاء

هو العبادة ً. رواه أبو داود والترمذي.

ولا شك أن المقصد الأسمى للدعاء هو كونه يحقق أعلى وأرقى درجات العبودية والعبادة لله سبحانه وتعالى. ولذلك كان

الدعاء مطلوبا في كل حين وعلى كل حال، وكان مطلوبا بتذلل وتضرع وافتقار وعبودية ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية )

سورة الأعراف 55 ، وجاءت الأدعية النبوية طافحة بروح الضراعة والإجلال للباري جل وعلا

ً اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك...ً رواه البخاري والترمذي والنسائي. ً يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ً

رواه الترمذي. ً اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل

التوراة والإنجيل والفرقان...ً رواه مسلم وأبو داود والنسائي في ً عمل اليوم والليلة ً.

:heartpump:heartpump

والمقصد الآخر من المقاصد الكبرى للدعاء هو قضاء الحاجات واستجلاب الخيرات ودفع الشرور والآفات. يشير إلى ذلك

قوله تعالى ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) سورة النمل 62 . وقوله ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي

الآخرة حسنة ) سورة البقرة 201 . وما جاء في الأحاديث الكثيرة من مثل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: ً كان

النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

ً اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي...ً رواه مسلم. وما رواه طارق بن أشيم

رضي الله عنه قال: ً كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات ً اللهم

اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني ً رواه مسلم.

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 16-11-2008 10:56 PM

المقاصد التربوية للدعاء

:heartpump:heartpump

لقد جعل الدعاء في الإسلام وسيلة للتوجيه التربوي والتأثير السلوكي العملي. ولا شك أن الممارسين للتربية ـ من أساتذة

ومعلمين، ووعاظ مرشدين، وخطباء موجهين، وعلماء مفتين، ومن آباء وأمهات ـ لا شك أنهم كلما كانوا على بينة من الأبعاد

والتأثيرات التربوية للدعاء، كلما أمكنهم الاستفادة منه وتوظيفه فيما يرومونه ويضطلعون به من إصلاح وتهذيب وتزكية. بل

إن عموم الناس إذا نبهوا وتفطنوا لما تقتضيه أدعيتهم ـ والأدعية المأثورة خاصة ـ من لوازم وشروط وغايات، فإنهم يصبحون

أكثر تفاعلا مع الدعاء ومغزاه العملي. وفيما يلي نماذج للمضامين التربوية لبعض الأدعية المشروعة في القرآن والسنة.

1 ـ المساعدة على الطاعة والامتثال:

:heartpump:heartpump

ومن ذلك ما نبه عليه أبو بكر الطرطوشي، حيث قال وهو يسرد فوائد الدعاء: ً منها أن الدعاء إشغال الهمة بذكر الحق

سبحانه وتعالى، وذلك يوجب قيام الهيبة للحق عز وجل في القلوب، والزيادات في الطاعات، والانقطاع عن المعاصي...ً

الدعاء المأثور وآدابه.

ذلك أن من تعلق قلبه وفكره بربه داعيا مبتهلا، كان أقرب إلى طاعته والتجافي عن معصيته. وهذا أمر واضح ومجرب ولا

يحتاج إلى إثبات أو شرح.

ثم إن بعض الأدعية المأثورة تتضمن بألفاظها تذكير الداعي بطاعة الله وترغيبه فيها وتنفيره من العصيان، مثل ما جاء في سيد

الاستغفار ً ...وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت ً ومثل ما جاء في الوصية النبوية: ً

أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ً رواه ابن السني في ً

عمل اليوم والليلة ً. ومثل دعائه صلى الله عليه وسلم يعلمنا بقوله: ً اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ً رواه

مسلم.

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 16-11-2008 11:40 PM

المقاصد التربوية للدعاء

****

2 ـ توجيه العناية إلى الذات:

:heartpump:heartpump

كثير من الناس حين يتوجهون بالدعاء إلى ربهم، يرفعون أكفهم وأبصارهم نحو الأعلى، سائلين حاجاتهم، متعوذين من الشرور

النازلة بهم، تنصرف عقولهم وأذهانهم عن ذواتهم ونفوسهم، غافلين أو متغافلين عن مسؤولياتهم فيما جرى وما يمكن أن

يجري، وأن الأمور بأسبابها وشروطها. ولذلك جاءت الأحاديث والأدعية النبوية توجه عناية الداعين إلى ذواتهم وإلى مكامن

الداء في أنفسهم، حتى لا يكون الدعاء ـ الذي هو تعلق بقدرة الله وإرادته ـ صارفا عن الشعور بواجبهم وبدورهم وبتبعات

صفاتهم وتصرفاتهم. فعن شكل بن حميد رضي الله عنه قال: ( قلت يا رسول الله، علمني دعاء، قال قل: ً اللهم إني أعوذ

بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي ) رواه أبو داود و الترمذي.

فالحديث يحملنا على الالتفات والتفكير في الشرور التي تقع فيها، أو يمكن أن تقع فيها، أسماعنا وأبصارنا وألسنتنا وقلوبنا

وفروجنا، وغير ذلك من أعضائنا وأدوات تصرفنا. وقريب منه ما رواه زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول. كان يقول: ً اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، إنك وليها ومولاها. اللهم إني

أعوذ بك من قلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، وعلم لا ينفع، ودعوة لا يستجاب لها ً رواه مسلم. وفي الحديث ً ثم ذكر الرجل

يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب

له؟! ً رواه مسلم، وفي الحديث الآخر: ً يا سعد أطب مطعمك تجب دعوتك ً.

وهكذا يتخذ من الدعاء سبب ووسيلة لحمل الناس على التفكير في نفوسهم وتصرفاتهم وأحوالهم ومسؤولياتهم في ذلك كله.

ومن مثل هذه الأدعية والأحاديث استخلص الواعظ الزاهد إبراهيم بن أدهم رحمه الله كلمته الجامعة، حين قالوا له: ما لنا

ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ فقال: ً لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به،

وأكلتم نعمة الله فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه، بل

وافقتموه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم موتاكم فلم تعتبروا بهم، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس ً. الدعاء المأثور

للطرطوشي: 126 ـ 125 .

يتبع

:heartpump:heartpump

ياسمين 13-03-2009 05:40 PM


3 ـ التنفير من الآفات :

:heartpump:heartpump

وهذا امتداد لما جاء في النقطة السابقة وفرع له :

فهو من قبيل عطف الخاص على العام. وأعني بذلك

أن الأدعية النبوية كانت تركز على التشنيع والتنفير

من آفات معينة يكثر اتصاف الناس بها ووقوعهم

في أسرها. من ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال :

كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أسمعه

يكثر أن يقول :

ً اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل،

والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال ً متفق عليه.


وهذه الآفات كلها تجتمع في كونها تدفع إلى الشلل في

الإرادة والمبادرة والفعل، وتجعل المتصف بها كلا لا يقدر

على شيء فجاء الدعاء النبوي يحمل جرعات من التحذير

والتنفير من هذه الآفات، ويجعل من هذه الجرعات زادا

ودواء يوميا. وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

" يكثر " من التعوذ من هذه الآفات ، وهو أبرأ الناس منها

وأبعدهم عنها، فكيف بمن دونه، وكل الناس دونه؟!

:heartpump:heartpump

إن من شأن المداومة على هذا الدعاء مع تدبر معانيه

واستيعاب مراميه، أن يحدث في النفس نفورا واشمئزازا

من هذه الآفات المستعاذ منها. وهذا الاشمئزاز والنفور

يدفع إلى اتقائها وتجنب أسبابها ومقاومة مظاهرها وآثارها.

وغير خاف على أحد أن هذه الآفات هي من أكثر الآفات

انتشارا وتنغيصا للحياة الفردية والاجتماعية للناس : فهي

مصدر الاكتئاب والانهزام، ومصدر الضعف والتخاذل،

ومصدر الغش والتقاعس، ومصدر التدهور والانحطاط

في المعنويات الخلقية. ويوضح ذلك ـ أو بعضه ـ بيان

رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيل له :

ما أكثر ما تستعيذ من المغرم!! فقال :

" إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف "

متفق عليه.


يتبع

:heartpump:heartpump


جمال الشرباتي 13-03-2009 05:42 PM

لطيف جدا --


بارك الله بك

ياسمين 13-03-2009 05:45 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة جمال الشرباتي (المشاركة 632025)
لطيف جدا --


بارك الله بك

شكرا لمرورك الطيب

تحياتي

ياسمين 13-03-2009 06:45 PM


4 ـ تمتين الأخوة الإسلامية :

:heartpump:heartpump

هناك أدعية كثيرة في القرآن والسنة ترمي

إلى بث الأخوة والمحبة بين المسلمين، وتعمل

ـ من خلال تكرارها والمداومة عليها ـ إلى جعل

تلك الأخوة والمحبة في حالة توهج وتجدد

مستمرين،وتحرك بين المؤمنين عواطف الرحمة

والشفقة والتناصر والتآزر. وفيما يلي نماذج من

تلك الأدعية التي لا يسع مسلما أن يخلو من

نصيبه منها،قل أو كثر :

فمن القرآن الكريم :

:heartpump:heartpump

ـ ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا

ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في

قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم ).

ـ ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ).

ـ ( رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم

الحساب ).

ـ ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي

مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ).


ومعلوم أن الدعاء الذي يتكرر في سورة

الفاتحة مرات ومرات في كل يوم وليلة قد

جاء بصيغة الجماعة ( اهدنا الصراط المستقيم )

ليكون الشعور بالانتماء وما يقتضيه هذا

الانتماء من طلب جماعي وسعي جماعي

للهداية والتمسك بصراطها المستقيم، حيا

متجددا في نفس كل مسلم.

ومن السنة :

:heartpump:heartpump

نبدأ من حيث انتهينا، ومن أدعية الصلاة التي

يكررها المسلم يوميا مرات ومرات بصورة

جماعية وإلزامية.

ـ ففي دعاء التشهد : ً السلام علينا وعلى عباد

الله الصالحين
ً ، فالمصلي يدعو بالسلام

والسلامة والأمان والنجاة لكل عبد من عباد

الله الصالحين. ومن روائع التأملات ودقائق

الاستنباطات، ما حكاه تاج الدين السبكي

عن والده علي بن عبد الكافي من أنه

سمعه يقول :

لكل مسلم عندي وعند كل مسلم حق في

أداء هذه الصلوات الخمس، ومتى فرط مسلم

في صلاة واحدة كان قد اعتدى على مسلم

وأخذ له حقا من حقوقه...لأن المصلي يقول :

ً السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ً والنبي

صلى الله عليه وسلم يقول :

ً إن المصلي إذا قال هذا أصاب كل عبد صالح

في السماء والأرض...ً


معيد النعم ومبيد النقم 149 ـ 159 .

:heartpump:heartpump

ـ ومن هذا الباب صلاة الجنازة، التي هي في

جوهرها ومقصدها الأول دعاء للميت. غير أن

هذا الدعاء المسنون لهذه الصلاة التي تخيم

عليها الرهبة والخشوع، لم يقتصر على الدعاء

للميت وحده، وإنما امتد ليشمل كل مسلم، على

غرار دعاء التشهد : ً اللهم اغفر لحينا وميتنا،

وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا

وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على

الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ً

رواه الترمذي وأبو داود.


ـ وترغيبا في استحضار المؤمن لإخوانه

وتشجيعا على ذكرهم وتجديد عهدهم والدعاء

لهم، جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه

وسلم قال : ً من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال

الملك الموكل به : آمين ولك بمثل ً رواه مسلم.


يتبع

:heartpump:heartpump


البدوي الشارد 13-03-2009 11:59 PM

أختي ياسمين
هذا الموضوع هام جدا
وأتمنى لو رافق توثيق مادة الأستاذ الريسوني حفظه الله أمثلة ملموسة وبسيطة لتوضيح وجهة النظر المقاصدية في الفقه المعاصر لتصبح المادة حيوية وأقرب للفهم.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.