![]() |
مهزلة جزائرية مصرية -عبد الباري عطوان
20/11/2009
تحتل اربع دول عربية المراتب الاولى على قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، اضافة الى افغانستان، حسب منظمة الشفافية الدولية، ولكن لم يخطر في بالنا مطلقا، ان تستخدم انظمتنا الرياضة من اجل تحويل الانظار عن فسادها ودكتاتوريتها القمعية، وبذر بذور الكراهية بين ابناء الأمة الواحدة، مثلما شاهدنا في الايام العشرة السوداء الاخيرة، التي بدأت وانتهت بمباراتي فريقي مصر والجزائر، في تصفيات نهائي كأس العالم الصيف المقبل في جنوب افريقيا. هذا المخزون الكبير من الكراهية الذي انعكس في تصرفات النخب السياسية والاعلامية في البلدين جاء مفاجئا بالنسبة الينا، وربما لمعظم العرب الآخرين، بحيث يدفعنا لاعادة النظر في الكثير من المقولات حول الاخوة والروابط المشتركة، والانتماء الواحد للعرق والعقيدة. نحن امام حرب حقيقية، وعمليات تجييش اعلامي ودبلوماسي لم يسبق لها مثيل، وكل هذا من اجل الفوز في مباراة كرة قدم بين فريقي دولتين وشعبين شقيقين، من المفترض ان الفائز من بينهما سيمثل العرب جميعا في هذه المسابقة الكروية الدولية. عندما قرأت انباء عقد الرئيس حسني مبارك اجتماعا طارئا لاركان دولته، ابتداء من مجلس الوزراء ومرورا بقائد جهاز المخابرات، وانتهاء برئيس هيئة اركان الجيش المصري، تبادر الى ذهني ان مصر على ابواب مواجهة مصيرية مع اعداء الأمة والعقيدة، ولم اصدق ان هذا الاجتماع غير المسبوق منذ الاعداد لحرب العاشر من رمضان اكتوبر المجيدة عام 1973، هو لبحث كيفية الرد على العدوان الجزائري المزعوم في الخرطوم، الذي اسفر عن اصابة عشرين مشجعا مصريا. هذه ليست مصر الكبيرة العظيمة، حاضنة الامة ورافعتها، وفخر العرب جميعا بتضحياتها وابداعاتها في الميادين كافة. هذه مصر اخرى لا نعرفها، وفوجئنا بها، وبعض سلوكيات اهل الحكم فيها، وحوارييهم خاصة، في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية. ' ' ' الحكومة المصرية لم تسحب سفيرها في تل ابيب عندما اعتدت اسرائيل على لبنان مرتين، الاولى عام 1982، والثانية في عام 2006، ولم تطرد السفير الاسرائيلي وتغلق سفارته في القاهرة، عندما اجتاحت قواتها قطاع غزة، واستخدمت الفوسفور الابيض لحرق اجساد الاطفال والنساء، رغم ان هذا القطاع يخضع حتى هذه اللحظة للادارة المصرية قانونيا، وثلاثة ارباع ابنائه يرتبطون بروابط الدم او النسب مع اشقائهم في مصر. ان يعتدي جزائريون على اشقائهم المصريين العاملين في عاصمة بلادهم، فهذا امر مستهجن ومدان وغير اخلاقي، وان يقذف مشجعون مصريون حافلة الفريق الجزائري وهو في طريقه من مطار القاهرة الى مقر اقامته، فهو امر معيب ايضا، ولكن لا هؤلاء، ولا اولئك يمثلون الغالبية الساحقة من ابناء الشعبين المصري والجزائري، وانما قلة منحرفة موتورة حاقدة. الشغب الكروي امر عادي يتكرر اسبوعيا في مختلف انحاء العالم، بما في ذلك اوروبا 'المتحضرة'، وهناك امثلة لا حصر لها عن اشتباكات بين مشجعين انكليز وفرنسيين او المان وروس، بل وبين مشجعي فريقين من المدينة الواحدة، يسقط فيها عشرات القتلى والجرحى، ولكن لا تتدخل الحكومات ولا تسحب سفراءها، وتترك الامور في نطاقها الكروي. في اليوم نفسه الذي كانت تدور فيه احداث الحرب الكروية المصرية الجزائرية على ارض ام درمان السودانية، تقابل منتخبا فرنسا وايرلندا، وفاز الاول بهدف من جراء لمسة يد من احد مهاجميه (تيري هنري) اظهرتها عدسات التلفزة بكل وضوح، واعيدت اللقطة مئات المرات على شاشات التلفزة العالمية، بل واعترف اللاعب نفسه انه مارس الغش ولمس الكرة متعمدا، ولكن لم نر التلفزيونات الايرلندية تستضيف الكتاب والشعراء والفنانين والرياضيين الايرلنديين لتوجيه اقذع انواع السباب الى الشعب الفرنسي او حكومته، او حتى للاتحاد الدولي لكرة القدم الذي رفض طلبا باعادة المباراة تقدم به رئيس وزراء ايرلندا. ' ' ' الحكومتان الجزائرية والمصرية تعمدتا صب الزيت على نار الاحقاد، وانخرطتا في عمليات تعبئة وتجييش لمشجعي شعبيهما ضد بعضهما البعض، لاسباب سياسية مريضة وغير اخلاقية. الحكومة المصرية كانت تريد فوزا يشغل الشعب المصري عن الظروف المعيشية المزرية التي يعيشها، جراء الفساد والبطالة، وبما يسهل عملية التوريث التي واجهت حملات شرسة عرقلت مسيرتها بعد دخول مدفعيات ثقيلة في المعركة ضدها، مثل السادة محمد حسنين هيكل، والدكتور محمد البرادعي، والسيد عمرو موسى. الحكومة الجزائرية ارادت تحويل انظار الشعب الجزائري عن النهب المنظم لثرواته، وتفاقم معاناته، وركوب ابنائه قوارب الموت بحثا عن لقمة عيش على الساحل الاوروبي من البحر المتوسط، بسبب استفحال البطالة في بلد يعتبر الاغنى في محيطه، لثرواته الهائلة من النفط والغاز والزراعة والصناعة. كان القاسم المشترك بين النظامين المصري والجزائري واضحا في استاد المريخ في ام درمان، حيث تصدر ابنا الرئيس مبارك جمال وعلاء منصة الشرف، جنبا الى جنب مع شقيقي الرئيس الجزائري اللذين مثلاه في المباراة. اليس هذا دليلا اضافيا على المحسوبية، والتوجه نحو التوريث، والضرب عرض الحائط بالدساتير، وتقاليد الانظمة الجمهورية المتبعة في العالم بأسره؟ وما نستغربه اكثر هو حال الغضب المصري الرسمي، وربما الشعبي ايضا، تجاه السودان الشقيق، الذي ليس له في هذه الحرب ناقة او جمل، ولم يستشر فيها، وانما جرى فرضها عليه من قبل اشقائه الشماليين ايمانا منهم بوحدة وادي النيل، الذين اختاروا الخرطوم كأرض اهلها اقرب اليهم لاستضافة المعركة الحاسمة. ' ' ' الحكومة السودانية يجب ان تتلقى كل الشكر، لا اللوم، من قبل نظيرتها المصرية، لانها نجحت، رغم امكانياتها القليلة، في توفير اجواء امنية طيبة، وسيطرت على حوالى اربعين الف مشجع من البلدين وانصارهما، ولم تحدث اي خروقات امنية داخل الملعب او خارجه، باستثناء اشتباكات محدودة ادت الى اصابة بعض المشجعين بجروح طفيفة، عولجت في حينها، ولم يمكث اي من المصابين ساعة واحدة في المستشفى. وحتى لو اصيب عشرون مشجعا مصريا نتيجة اعتداءات مشجعين جزائريين، وسكاكينهم، فإن هذا الرقم لا يذكر بالمقارنة مع مشاعر الكراهية المتأججة في اوساط الجانبين. كان من المفترض ان تقدر الحكومتان المصرية والجزائرية الادارة المتميزة لنظيرتهما السودانية للأزمة، ونجاحها في منع مذابح حقيقية على ارضها، لا ان تقدم الحكومة المصرية على استدعاء السفير السوداني لابلاغه احتجاجا على تقصير حكومته في حماية المشجعين المصريين بالشكل الكافي. ختاما نقول إننا شعرنا بالخجل، بل والعار، كأعلاميين ونحن نتابع الإسفاف الذي انحدرت اليه وسائل اعلام في البلدين، لم نتصور مطلقا ان يهبط مستوى بعض الزملاء الى هذه المستويات الدنيا، من الردح والتحريض ضد الطرف الآخر وحكومته وشعبه. انها سابقة خطيرة، يندى لها الجبين، نعترف فيها بان نظامي البلدين صدّرا ازماتهما مع شعوبهما من نافذة مباراة كرة قدم، بايقاع اقرب شعبين الى بعضهما البعض في مصيدة الكراهية والاحقاد. لقد نجح النظامان بامتياز في مكرهما هذا، بينما يدفع الشعبان الطيبان، والامة العربية ثمنه غاليا. |
عين الصواب
|
سبحان الله... العنوان عن مهزلة بين مصر و الجزائر و رغم ذلك لم نرى سوى نقدا و استهاجنا و سردا لمواقف مصر فقط؟؟!!!
أخى البدوى صدقنى لست مع استخدام الرياضة فى السياسة و لكن كما يقولون " اللى ايده فى النار مش زى اللى ايده المياه" حتى المباراة كنت أقول مجرد هوجة و سوف تنتهى و لكن لو انك تعيش فى مصر لرأيت ما يشيب شعرك و أكثر ما يحزننى هو العمال المصريين الذين رفض الرئيس الجزائرى السماح بقيام الطائرات المصرية بالذهاب للمجيئ بهم و بعضهم اضطر للمجيئ هربا عن طريق دمشق !!!!! ما ذنب هؤلاء العمال؟ و لماذا لم يذكر عنهم عطوان شيئا !! و لماذا لم يذكر شيئا عن الطائرات العسكرية التى جاءت بالمخربين الجزائريين للتشجيع ...لو كان الأمر كما يدعى البعض كذبا و زورا لاختلفت الروايات لكن جميع القادمين من الخرطوم و من الجزائر سواء من علية القوم او من فقراءهم يرون عجبا عن البلطجة الجزائرية؟؟ هل لأننا كبار يجب ان نهان؟!! هل لأننا لا نحارب اسرائيل يجب ان نهان؟ خبرونى بالله عليكم هل فى العرب دولة واحدة تحارب اسرائيل؟؟ فلماذا نحن نتحمل كل شيئ بدء من الحروب و حتى البلطجة الا يوجد رجل رشيد يقول كلمة حق فى حق مصر و المصريين ؟؟؟!!!! و ليذهب عطوان الذى كنت احترمه الى الجحيم و كم اندم على متابعتى له |
إقتباس:
أتفق الى ما لانهاية هنا و الله إننا نتأسف لما يحصل وما سيحصل إن تطور الأمر أكثر ونأسف على الإعلام الذي شغلنا عن قضايا تحدث متزامنة مع أيام هذه" المحنة"، في فلسيطين و العراق واليمن و السعودية أمة تعاني القهر وأنظمة تأجج القهر وتزيد الطين بلة. أخشى ان تكون مشاعر الكراهية البادية الآن دفينة في جميع الشعوب العربية وتنتظر الشعلة لتظهر. نتمنى ان تمر الأمور (وتطوى الصفحات)، |
إقتباس:
سبحان الله كل من ساهم فى النار يتبرأ منها أختى :هند المغرب و قنواته كان شريكا فيما حدث ناصرتم الجزائر و قلتم بحكم الجيرة و لكن ان تناصروها فى ظلمها فهذا هو الجور بعينه |
إقتباس:
ياسلاام يعني انت تتابع القنوات المغربية اذا كنا كشعب لا نتابعها الا نادرا، عندنا القناة الأولى ولا تعطي حتى اهتمام للرياضة المغربية و بالليل في مناطقنا يقلبوها قناة جهوية أو الدوزيم ولم أسمع في نشراتها وقت الغذاء شيئا سوى الاعلان عن نتائج المباراة فقط. نتمنى أن إعلامنا يتابع كباقي الدول الأحداث. |
أنت ضحية الاعلام يا محي الدين
نعم ضرب المصريون في السودان وهذا نستنكره لكن في حادثة واحدة فقط واذا رأيت اعلام العالم أجمع يؤيد هذة الرواية ماعدا الاعلام المصري فعليك أن تشك في اعلامك لا في اعلام العالم الفيديو الحقيقي الوحيد هو عندما هشم زجاج الحافلة التي تقل المصريين فهذه هي الحادثة الوحيدة حسبما أكده تكرارا ومرارا أعلى قيادات الأمن السوداني أنظر على ماذا يركز الاعلام المصري فيديو السكاكين فهي حادثة لم تحدث في السودان قط ولا من أجل المصريين قط فيديو اشعال النار والدخان في الملعب.. ألم يحدث ذلك في القاهرة فيديو البنت الجزائرية.. ألا يفعل هذا شواذ كل مجتمع حتى المصري فيديو مناصر جزائري واحد على وجهه علامات الاجرام.. ألا يوجد مثيله في مناصري العالم يقولون أن الدولة لم تكذب خبر الموتى في القاهرة..كذب ..فلقد كذبته في كل مقام ومقال لكن الهيستيريا التي أصيب بها الجزائريون والتي تشبه كثيرا ما تمرون به جعلت الجزائريين لا يصدقون الحكومة ويلعنونها هذه هيستيريا الذين خسرو المباراة من الطرفين وكأنهم خسرو الدنيا ويحاولون تبرير الخسارة |
أخي محيي الدين
أعتقد أنك أسأت قراءة ما كتبه عبد الباري وهو المعروف بنزاهته وعدم توفيره أي مسؤول عربي من أي قطر كان إن رآه في موقع الخطأ. وعبد الباري وجه نقدا محقا للنظامين في مصر والجزائر وذكر سبب دفعهما للشعبين ضد بعضهما لإخفاء فسادهما. وما قالته هند عن المغرب صواب وليتنا لا ندخل المغرب أيضا في المشكلة تكفي مهزلة مصر والجزائر:) |
سبحان الله... العنوان عن مهزلة بين مصر و الجزائر و رغم ذلك لم نرى سوى نقدا و استهاجنا و سردا لمواقف مصر فقط؟؟!!!
أستاذى الكريم محى ... هو ليس بسرد لمواقف مصرية .... لكنه التبكيت الذى لايمل منه .... فمصر لم ولن تفعل ... إذن فلترمو طوبتها على رأى المثل الشعبى ... وتقدموا أنتم وبلاها مصر الشريرة .... الحكومة المصرية لم تسحب سفيرها في تل ابيب عندما اعتدت اسرائيل على لبنان مرتين، الاولى عام 1982، والثانية في عام 2006، ولم تطرد السفير الاسرائيلي وتغلق سفارته في القاهرة، عندما اجتاحت قواتها قطاع غزة، واستخدمت الفوسفور الابيض لحرق اجساد الاطفال والنساء، رغم ان هذا القطاع يخضع حتى هذه اللحظة للادارة المصرية قانونيا، وثلاثة ارباع ابنائه يرتبطون بروابط الدم او النسب مع اشقائهم في مصر. أستاذى الكاتب ... رؤيتنا واضحة وما ننتظره من العدو هو جلى وواضح ....أما أن يغدر بك صديقك أو شقيقك فهو الذى يستحق التقييم وإعادة النظر ... وهو مايستوجب عدم الثقة بعد اليوم ... هذه هى النظرية لمن لم يدركها بعد الحكومة المصرية كانت تريد فوزا يشغل الشعب المصري عن الظروف المعيشية المزرية التي يعيشها، جراء الفساد والبطالة، وبما يسهل عملية التوريث التي واجهت حملات شرسة عرقلت مسيرتها بعد دخول مدفعيات ثقيلة في المعركة ضدها، مثل السادة محمد حسنين هيكل، والدكتور محمد البرادعي، والسيد عمرو موسى. عجباً بل كل العجب ... هى قضيتنا ومعيشتنا نحن ولا يحق لأحد تناولها سواء بالعرض أو الرأى ... ففى أحلك الظروف والمواقف هى بلدنا وهم أهلنا حتى وإن إختلفنا معهم .... وضيق ذات اليد فى بعض الأوقات ليس معناه إنهيار القيم والكفر بالإنتماء للوطن أو الهروب منه .... الغريب أن هناك من أعطى نفسه الحق للتحدث عننا بدون تفويض منا له ....لسنا قصر سيدى ورغم كل شيئ يجرى حب مصر منا مجرى الذم بمشكلاتها وزحامها ومعيشتها ونجتهد لتحقيق الأفضل .... وليس محسوباً منا المتاجرون بقضايانا والمزايدون علينا .... فقط منا من يتقى الله فى بلده وفى قيمه وفى ضميره |
على فكرة أختي آمال: "مجبر" في توقيعك يجب أن تكون مرفوعة لا منصوبة لأنها خبر واحدة من أخوات "إن" وهي "كأن"!
من جهة أخرى أهم: حين يتكلم عبد الباري عن مصر فلأنه يعدها واحدا من أوطاننا والمؤمنون إخوة وهذه النظرة الإقليمية التي تنطلقين منها هي نظرة جاهلية نرى الآن فعلا عقابيلها ونتائجها في هذه الحرب الغبية الجاهلة بين شعبين ليس بينهما أي تناقض بالمصالح ولا أي سبب للخلاف. لو أن حضرتك انطلاقا من هذه النظرة الأخوية نقدت "حكامي" ووضع شعبي لقبلت نقدك ولربما أيدته وزدت عليه. وفي حالي اختلافي مع رأيك أرد عليك لكني بالتأكيد لن أرد من المنطق الذي استعملته أنت. |
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.